دير البلح - خــاص صفا

للمرة الثالثة على التوالي؛ غيّب العدوان على غزة المستمر منذ 36 أسبوعًا طقوسًا مُحببةً لدى أهالي القطاع في احتفالاتهم البسيطة بالأجواء الرمضانية وما يلحقه من عيدين.

فاستمرار وقع المجازر المرتكبة، التي حصدت وأخفت تحت الأنقاض نحو 47 ألف فلسطيني وجرحت ضعف ذلك الرقم تقريبًا، بدد أي شغفٍ للاحتفال بالمناسبات الدينية الثلاث.

ذلك العدوان الذي لم يسبق له مثيل في تاريخ القضية الفلسطينية المُثخنة بالمجازر الإسرائيلية؛ تسبب بشللٍ تام في مناحي الحياة كافة؛ سواءً باقتصادها أو اجتماعها أو تعليمها، عدا عن تنوع الاستهداف الذي طال حتى الرُضّع والمسنين والمنازل، فيما لم تسلم المقابر من الإيغال في التخريب.

غياب تحضيرات الأضحى

جولةٌ خاطفة فيما كانت أسواقًا أو ما تبقى منها في محافظات القطاع غزة، تُعطي صورةً كارثيةً للحقيقة.

حبال الزينة المنيرة التي تعدُ أول الحاضرين في الشهر الفضيل والأعياد؛ اختفت تمامًا من الأسواق، فحتى إن وُجدت فإنها لن تجد قابسًا كهربائيًا لإنارتها إثر انقطاع التيار بعد ساعات من بدء العدوان السافر العام الماضي. 

حبال الإنارة تلك التي يتسابق الأهالي لتعليقها وتنافس ربّات البيوت في اقتناء أشكالٍ بهيجةٍ منها كل عيد ليست كل شيء؛ فدُمى الخراف وأطباق ضيافة الحلوى والكعك المحشو بالتمر غابت هي الأخرى عما تبقى من منازل في غزة.

فبحسب إحصائية الجهات الحكومية في غزة، فقد أبقى جيش الاحتلال 28% من تلك المنازل صالحةً للسكن، ما يعني أن نحو 592 ألف وحدةٍ سكنية تعرضت للهدم الكامل أو الجزئي باستخدام 80 ألف طنٍ من القنابل الفتّاكة.

في سوق دير البلح الشعبي وسط القطاع القريب من مخيم النصيرات الذي شهد مجزرةً مروّعة قبل أيام راح ضحيتها نحو 300 شخص؛ اختفى سوق "الحلال" تقريبًا من باعته ومتسوقيه بسبب شبه انعدام الأضاحي التي لم يسمح الاحتلال بإدخالها منذ الأيام الأولى للعدوان.

ذلك "الجفاف" في سوق الأضاحي أصاب بعدواه المتاجر المخصصة لعرض المكسرات والحلوى والعصائر والحلوى الشرقية وملابس العيد؛ فأي مكوّن أساسيّ مما سبق سيكون إما غائبًا تمامًا أو أن أسعاره قفزت 7 - 10 أضعاف ثمنه الحقيقي.

مراسل "صفا" التقى متسوقين قالوا إنهم يتبضعون للاحتياجات اليومية العادية وليس لتجهيزات عيد الأضحى الذي يوافق الـ16 من الشهر الجاري.

مروى أبو سمرة (38 عامًا) التي كانت في سوق دير البلح قبيل العيد تقول إنها لم تفكّر أصلاً بشراء ملابس لطفلتيها، "حتى متاجر الملابس نفد ما لديها من معروض ولم يبقَ على الأرفف سوى ملابس النوم".

وتضيف أبو سمرة، وهي ابنة المدينة: "قِس على ذلك، لن أصنع الكعك ولن أشتريه بضعفي ثمنه.. العيد لم يعد موجودًا وحولك شهداء وخلفك جرحى وذاك فقد منزله وتلك شيّعت كل أسرتها".

وبالرجوع إلى أشهرٍ طويلة وحتى سنوات خلت، فإن مظاهر الاحتفاء بالأعياد الدينية لم يكن يختفي تمامًا؛ بل تتراجع طقوسها بحسب شدة حالة العدوان، لكنها في الحالة الراهنة وأدت أي فكرةٍ لدى الفلسطينيين بالقطاع للاحتفال.

وراج بين الأهالي وعلى مواقع التواصل الاجتماعي منذ شهر شعبان الماضي أنهم سيرفضون فكرة المعايدة الشفهية الشهيرة القائلة: "كل عام وأنتم بخير"، والسبب: "أننا كفلسطينيين لسنا بخير.. وسنكتفي بالقول: "تقبّل الله طاعتكم".

وما أضاف مزيدًا من العزوف عن محاولة الاحتفال بالعيد؛ هو حالة النزوح بمئات الآلاف التي يعيشها أكثر من نصف سكان القطاع البالغ عددهم قبل العدوان أكثر من مليوني نسمة.

ذلك التشريد الأبشع من نظيره الذي عاشه الفلسطينيون قبل 76 سنةً والمعروف بـ"النكبة"، كان مُثخنًا بالجراح والازدحام والفقر والذُعر والمرض والألم النفسي والجسدي. 

في آخر السوق الشعبي على مشارف مخيّم دير البلح، التقينا إسماعيل أبو وردة الذي كان يبتاع قطعًا صغيرة من الحلاوة الطحينية.

يقول أبو وردة (57 عامًا): "اعتاد شعبنا على التجهز للعيد قبل أسبوعٍ أو اثنين من قدومه، أما اليوم فلا مكان للفرحة التي قتلها اليهود فينا وسوّوا منازلنا بالأرض وأبادوا أرحامنا وأقاربنا.. عن أيّ فرحة نتحدث؟ عمومًا هذه الحلاوة لعائلتي ليُفطرونها صباحًا ولا علاقة لها بالعيد".

المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية

كلمات دلالية: عيد الأضحى حرب غزة طوفان الأقصى دیر البلح

إقرأ أيضاً:

آلة الحرب الإسرائيلية لا تتوقف عن استهداف المناطق بغزة .. والمسيرّات تحلق بكثافة

قال بشير جبر، مراسل القاهرة الإخبارية من دير البلح، إن آلة الحرب الإسرائيلية لا تتوقف عن استهداف مختلف مناطق قطاع غزة، مشيرًا إلى أن الطائرات الحربية والمُسيّرات الإسرائيلية تواصل تحليقها بكثافة فوق القطاع، وتنفذ غارات متتالية على مناطق عدة، خاصة في المحافظة الوسطى.

رئيس الوزراء البريطاني: يجب على إسرائيل السماح بإدخال المساعدات لإنهاء مأساة غزةأكسيوس: إدراة ترامب تدرس تغيير استراتيجيتها في غزة

وأوضح خلال رسالة له على الهواء، أن غارات استهدفت قبل قليل مخيم النصيرات أسفرت عن وقوع شهداء ومصابين، بالتزامن مع قصف مدفعي عنيف يطال مخيم البريج وشرق مدينة دير البلح.

وأضاف أن مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، شهدت مجازر جديدة، بعد استهداف الاحتلال خيام نازحين في منطقة المواصي، التي يُفترض أنها منطقة إنسانية آمنة، ما أدى إلى استشهاد سبعة فلسطينيين وإصابة آخرين بجراح متفاوتة.

كما استهدفت غارات أخرى منطقة بني سهيلا، أسفرت عن استشهاد ثلاثة مواطنين. وأشار إلى أن محيط مركز المساعدات الأميركية جنوب خان يونس لا يزال يتعرض لإطلاق نار مباشر من الآليات الإسرائيلية، ما أسفر عن استشهاد تسعة فلسطينيين حتى اللحظة.

وأكد جبر أن الاحتلال الإسرائيلي يسعى لتقسيم قطاع غزة عبر محاور عسكرية، أبرزها "محور ماجين عوز" الذي يشطر مدينة خان يونس إلى شطرين، شرقي وغربي، إلى جانب "محور مراج" الذي يفصل رفح عن خان يونس.

 إنشاء محور جديد 

كما يعمل الاحتلال حاليًا على إنشاء محور جديد في جنوب دير البلح، تمهيدًا لعزل خان يونس عن المحافظة الوسطى.

 ولفت إلى أن هناك تحركات إسرائيلية لفصل المحافظة الوسطى عن مدينة غزة، في إطار خطة ممنهجة لتفكيك النسيج الجغرافي والاجتماعي للقطاع.

طباعة شارك غزة قطاع غزة دير البلح الحرب الإسرائيلية الطائرات الحربية إسرائيل مخيم النصيرات

مقالات مشابهة

  • زواري ينضم إلى اتحاد الحراش
  • فضيحة مدوية.. شاهد ما الذي كانت تحمله شاحنات المساعدات الإماراتية التي دخلت غزة (فيديو+تفاصيل)
  • شهيدة ومصابون في قصف إسرائيلي على منزل بدير البلح
  • أدم رجم ينضم إلى مودرن سبورت المصري
  • تعليق العمليات العسكرية في مدينة غزة ودير البلح ومنطقة المواصي
  • استشهاد 9 مواطنين فلسطينيين بقصف العدو خيام النازحين في خان يونس ودير البلح
  • 9 شهداء بقصف الاحتلال خيام النازحين في خان يونس ودير البلح
  • آلة الحرب الإسرائيلية لا تتوقف عن استهداف المناطق بغزة .. والمسيرّات تحلق بكثافة
  • فُقد منذ أمس.. تواصل البحث عن غريق بشاطئ صخر البلح بجيجل
  • الاحتلال يمنع دخول الغذاء والدواء.. والمستشفيات في غزة على وشك الانهيار