النائب علاء عابد يكتب: الرئيس السيسي.. مواقف تاريخية من أجل فلسطين
تاريخ النشر: 14th, June 2024 GMT
اتخذ الرئيس القائد عبدالفتاح السيسى منذ اليوم الأول للعدوان الإسرائيلى البربرى على غزة، موقفاً تاريخياً، بالوقوف ضد محاولات تصفية القضية الفلسطينية ومخططات تهجير أهل غزة، محذراً من عدم الاستقرار فى المنطقة، والذى سوف يؤدى إلى توسيع دائرة الحرب إقليمياً.
وحذر الرئيس القائد من خطورة التصعيد فى قطاع غزة، مشدداً على أن مصر «لن تسمح بتصفية القضية على حساب أطراف أخرى، وأنه لا تهاون أو تفريط فى أمن مصر القومى تحت أى ظرف».
وقال الرئيس السيسى، خلال فعاليات المؤتمر الدولى للاستجابة الإنسانية الطارئة فى غزة، الذى عُقد مؤخراً فى الأردن، إن أبناء الشعب الفلسطينى الأبرياء فى غزة المحاطين بالقتل والتجويع والترويع والواقعين تحت حصار معنوى ومادى مخجل للضمير الإنسانى العالمى ينظرون إلينا بعين الحزن والرجاء، متطلعين إلى أن يقدم اجتماعنا هذا لهم أملاً فى غد مختلف، يعيد لهم كرامتهم الإنسانية المهدرة، وحقهم المشروع فى العيش بسلام، ويسترجع لهم بعض الثقة فى القانون الدولى وفى عدالة ومصداقية ما يسمى بالنظام الدولى القائم على القواعد.
وأضاف الرئيس أن مسئولية ما يعيشه قطاع غزة من أزمة إنسانية غير مسبوقة تقع مباشرة على الجانب الإسرائيلى، وهى نتاج متعمد لحرب انتقامية تدميرية ضد القطاع وأبنائه وبنيته التحتية ومنظومته الطبية يتم فيها استخدام سلاح التجويع والحصار لجعل القطاع غير قابل للحياة وتهجير سكانه قسرياً من أراضيهم دون أدنى اكتراث أو احترام للمواثيق الدولية أو المعايير الإنسانية الأخلاقية.
وبنظرة تاريخية نجد أنه كما بنى «المشروع الصهيونى» احتلاله للأراضى الفلسطينية بديلاً عن الاحتلال البريطانى، حسب ما ذكر المؤرخ الفرنسى ماكسيم رودنسون فى دراسته «فلسطين: حالة فريدة فى تاريخ إنهاء الاستعمار»، تمتع «المشروع الصهيونى» بحماية بريطانيا، التى ساعدت المستوطنين الجدد على تكوين وجود خاص بهم بشكل منفصل ومهيمن، وذلك بالتوازى مع قمع الوجود الفلسطينى واضطهاده.
واليوم، نرى ازدواجية المعايير والتحيز الأمريكى الأعمى للاحتلال الإسرائيلى، والذى أظهر بوضوح تعاظم وقوة اللوبى اليهودى الممول الرئيسى للحملات الانتخابية فى الولايات والكونجرس وانتخابات الرئاسة الأمريكية، وأصبحت الولايات المتحدة الأمريكية لا تعرف الحياد فيما يخص الاحتلال الإسرائيلى.
فمنذ اليوم الأول للعدوان الإسرائيلى (7 أكتوبر 2023)، ونحن نرى انحيازاً كاملاً وبشكل فج فاق الحدود من جانب أمريكا لإسرائيل ومنحتها «الحق الكامل فى الدفاع عن النفس»، وأسفر هذا «الحق» عن سقوط 37164 شهيداً و84832 جريحاً، بمباركة أمريكية.
إن حكومة نتنياهو تُعد من أكثر الحكومات تطرفاً وعنصرية منذ قيام دولة الاحتلال، وقد جاءت فى وقت يعانى فيه الداخل الإسرائيلى من الانقسام أكثر من أى وقت مضى، وتشير كل التنبؤات والشواهد إلى التفكك والزوال بانتهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، فمنذ السابع من أكتوبر الماضى، وموجات الهجرة خارج الأراضى المحتلة تتصاعد بشكل كبير، وبأرقام مفزعة.
يقول أبراهام بورغ، رئيس الكنيست الإسرائيلى السابق: «هناك احتمال حقيقى أن يكون جيلنا هو الجيل الصهيونى الأخير».
بورغ يرى أن «المشروع الصهيونى» الذى بدأ فى القرن التاسع عشر قد شارف على نهايته، ولم يعد له مكان فى القرن الحادى والعشرين.
وقد تنبأ رئيس الكنيست بذلك فى مقال له نشر عام 2003، فى خضم الانتفاضة الفلسطينية الثانية بصحيفة «الجارديان» البريطانية بعنوان «نهاية الصهيونية».
ورغم مرور أكثر من عشرين عاماً على هذا المقال، فإن التنبؤات نفسها تردَّدت على لسان المؤرخ الإسرائيلى المناهض للصهيونية إيلان بابيه، عندما صرح فى بداية العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، قائلاً إن إسرائيل ليست مجرد دولة، بل «مشروع استيطانى» إحلالى، مشيراً إلى أننا نشهد حالياً بداية النهاية لهذا المشروع.
وقد أظهرت استطلاعات الرأى التى أجرتها «مؤسسة غالوب» عام 2023 تصاعداً غير مسبوق فى دعم أجيال الشباب الأمريكى للقضية الفلسطينية، ووفق المؤرخ الإسرائيلى فإن التحول فى الرأى العام العالمى جعل أغلب المتضامنين مع القضية الفلسطينية على استعداد لتبنى سيناريو إنهاء «دولة الفصل العنصرى».
إن حرب غزة قلبت كل الموازين داخل الاحتلال وفى العالم أجمع، وإذا لم تتوقف الحرب البربرية الهمجية على الشعب الفلسطينى، والجنوح نحو حل الدولتين لينعم الشعب الفلسطينى بالحياة الكريمة فستكون دولة الاحتلال إلى زوال.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الرئيس السيسى القضية الفلسطينية صمود أهل غزة الانتهاكات الإسرائيلية قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
كريم وزيري يكتب: الكلاب تعوي وقافلة الوصاية تسير!
في زمن الارتجال السياسي، وحفلات البطولة الورقية التي تُقام على منصات السوشيال ميديا، خرجت علينا "قافلة الصمود" في ثوبها الأبيض وهي تحمل شعار "سننقذ غزة"، وكأن غزة تنتظرهم تحديدًا، ورفض مصر هو العائق الوحيد في مواجهة الاحتلال!.
خرجت القافلة من تونس مرورًا بليبيا، تحمل فوق ظهور حافلاتها أعلامًا كثيرة وأحلامًا أكبر من حدود الخرائط، رافعين شعارًا قديمًا "سنفرض الأمر الواقع على مصر، فهي بوابة المعبر الوحيد " كأن مصر تحولت فجأة إلى "موقف ميكروباصات" لكل من أراد المجد السياسي السريع.
لكن مهلا، مصر ليست ساحة لمراهقات البطولة، مصر دولة لها سيادة وحدود وقوانين، وليست فندقًا بـ "الريسيبشن المفتوح" يستقبل ضيوف الحملات الإعلامية الموسمية، ولا هي طاولة "ترندات" قابلة للمزايدات في زمن التنافس على بطولات تويتر وفيسبوك.
والسؤال هنا هل جاء هؤلاء لنجدة غزة حقًا؟! التوقيت يضع عشرات علامات الاستفهام، القافلة تظهر فجأة بعد شهور طويلة من المجازر والمذابح في القطاع، مع أن مصر طوال هذه الفترة فتحت معبر رفح أمام الجرحى والمرضى والإغاثة، وتحركت دبلوماسيًا وإنسانيًا في كل الاتجاهات، أين كانت القافلة أثناء المجازر الكبرى في أكتوبر ونوفمبر وديسمبر؟ أين كانت يوم كانت قوافل الأشلاء تجوب شوارع غزة؟
تظهر القافلة اليوم بالتزامن مع تعقيدات التهدئة والمفاوضات، وبالتحديد في لحظة مصرية شديدة الحساسية إقليميًا، كأن المقصود ليس غزة، بل إحراج القاهرة في توقيت تفاوضي دقيق للغاية، خاصة في ظل اشتباك المصالح الإقليمية والدولية في الملف الفلسطيني.
الطريقة التي سارت بها القافلة منذ إعلانها تعكس إصرارًا على تجاوز سيادة مصر لا تنسيق مسبق جدي مع السلطات المصرية، لا التزام بالآليات القانونية لدخول الأراضي المصرية، لا احترام لمعادلة الأمن القومي المعقدة التي تديرها مصر في التعامل مع هذا الملف.
بل على العكس، هناك محاولات مكشوفة للتصعيد الإعلامي بمجرد أن طالبت القاهرة بتطبيق القوانين والضوابط التي تطبق على أي وفود أجنبية تدخل أراضيها، فهل المطلوب أن تسمح مصر بدخول مئات الأشخاص والمركبات بلا مراجعة أمنية؟ هل المطلوب أن تتحول الحدود المصرية إلى نزهة سياحية تحت لافتة "دعم غزة" بينما لا يعلم أحد من يقف فعلًا خلف كل حافلة ومن فيها؟
لو كانت هذه القافلة دخلت عبر مطار باريس أو برلين أو واشنطن بلا تنسيق، هل كانت هذه الدول ستترك لها الحبل على الغارب تحت شعار قضية إنسانية ؟
مصر التي تحملت وحدها عبء النزوح الفلسطيني في 1948 و1967 و2007، لا تحتاج لمن يمنحها دروسًا في دعم غزة، مصر التي فتحت معبر رفح في عز القصف، وتفاوضت مع أطراف لا يتحدث معها أحد في العالم، وتلقت جرحى ومصابين يوميًا منذ أكتوبر الماضي، لا تُزايد عليها قافلة تُبَثُ صورها عبر كاميرات دعائية في شوارع تونس وطرابلس.
مصر لا تتاجر بالقضية الفلسطينية، بل تحملها في ضميرها الاستراتيجي منذ أكثر من 70 عامًا، وما لا يفهمه أصحاب البطولات الموسمية أن القاهرة ليست مجرد معبر حدودي، بل دولة تتحرك في موازين دقيقة جدًا بين تعقيدات الملف الفلسطيني الإسرائيلي، ومناورات قوى إقليمية، وحسابات أمن قومي لا مكان فيها للاستعراض.
لو كانت النوايا صافية فعلًا، لكان بالإمكان ببساطة التنسيق مع وزارة الخارجية المصرية وتقديم كشوف الأسماء وخطط التحرك للسلطات الأمنية كما يحدث مع أي قافلة رسمية والالتزام الكامل بالإجراءات القانونية التي تطبق حتى على القوافل المصرية ذاتها.
لكن الهدف هنا لم يكن غزة، بل كان الصورة أمام الكاميرا نحن نحاول، لكن مصر تمنع، فإذا أغلقت مصر الباب طبقًا لقوانينها، أصبحت في نظر هؤلاء فجأة المعوق لدعم غزة، أما إن سمحت دون مراجعة، أصبحت رهينة ابتزاز مستقبلي لكل من أراد تكرار السيناريو.
في النهاية، أقول لهؤلاء جميعًا مصر ليست ملزمة أن تدفع ثمن رغبتكم في تسجيل هدف في مرمى الشعوب تحت شعار "الوصاية على فلسطين" مصر دولة تعرف متى تدعم وكيف تدعم وأين تدعم، دون حاجة لطبول الاستعراض الجوفاء أما نحن، فنردد وبثقة "الكلاب تعوي وقافلة السيادة المصرية تسير".