سقوط الأقنعة .. مناصرو القدس بالأمس شركاء الصهيونية اليوم
تاريخ النشر: 3rd, August 2025 GMT
لعقود طويلة، تصدّرت جماعة الإخوان المسلمين واجهة الخطاب الإسلامي بشأن القضية الفلسطينية، وقدّمت نفسها كمدافع شرعي عن القدس والمسجد الأقصى، وجمعت مئات الملايين من الدولارات باسم الجهاد والمقاومة ودعم الأقصى، لكن، وبعد مراجعة لمسار الجماعة منذ منتصف القرن العشرين وحتى اليوم، تبرز معالم تحول خطير من المساندة الرمزية إلى التواطؤ العملي مع المشروع الصهيوني نفسه الذي لطالما رفعت شعارات مقاومته.
يمانيون / تقرير/ طارق الحمامي
في هذا التقرير نسلّط الضوء على الخلفية التاريخية لدور الإخوان في تأطير الخطاب الإسلامي حول فلسطين، واستغلال التبرعات والمساعدات لتحويلها إلى مشاريع سياسية خاصة، وكذلك التحوّل من مساندة المقاومة إلى معاداتها، خاصة ضد حماس وجهادها المسلح، والعلاقة بين هذا التحول ومواقف الأنظمة العربية المطبّعة مع إسرائيل، والتقاطع الاستراتيجي بينهما.
خلفية تاريخية .. دعم ظاهري واستثمار سياسي
منذ الأربعينيات، قدّمت جماعة الإخوان المسلمين نفسها كحركة مناصرة لفلسطين، كما أنشأت الجماعة شبكات لجمع التبرعات باسم “دعم المجاهدين في فلسطين” و”إنقاذ القدس”، مستغلة العاطفة الدينية الجارفة لدى الشعوب العربية.
لكن بمرور الوقت، تحوّل هذا الدعم من نشاط تضامني إلى أداة لجمع الأموال وتوسيع النفوذ السياسي في البلدان العربية، خصوصًا في مصر، السودان، الأردن، سوريا، والجزائر، واليمن ، الأموال التي جُمعت باسم فلسطين، لم تصل أبدًا بمعظمها إلى المقاومة، بل صُرفت على بناء شبكات إعلامية (قنوات، صحف، مراكز دراسات) للترويج لخطاب الجماعة، وتمويل الحملات الانتخابية والوصول إلى مفاصل الحكم، وكذلك شراء ولاءات زعماء القبائل والمجتمعات المحلية في دول مثل اليمن والسودان تحديداً ، ودعم مشاريع اقتصادية واجتماعية تضمن النفوذ الشعبي، تحت شعار ’’الإغاثة باسم فلسطين’’.
تأميم قضية فلسطين لخدمة التنظيم الدولي
لم يكن الاهتمام بفلسطين قائمًا على أسس استراتيجية طويلة الأمد أو دعم حقيقي للمقاومة، بل كانت القضية مجرد غطاء سياسي واجتماعي للجماعة أمام جماهيرها، فعبر المساجد، الجمعيات، ووسائل الإعلام، جرى تأميم القضية الفلسطينية وتحويلها إلى ملكية تنظيمية حصرية، حيث احتكر الإخوان خطاب “القدس” واستثمروا فيه داخليًا، لكن حين برزت قوى مقاومة فلسطينية مستقلة، خصوصًا حركة حماس التي نشأت من رحم الإخوان لكنها اختارت طريق العمل العسكري الجاد ضد العدو الإسرائيلي، بدأت تظهر التناقضات، فسرعان ما حاولت الجماعة الأم احتواء حماس، وعندما لم تخضع، بدأت حملات التحريض والشيطنة، خاصة بعد تحالفات حماس مع إيران ومحور المقاومة.
من الدعم إلى العداء .. انقلاب الإخوان على حماس
شهدت السنوات الأخيرة تطورًا صادمًا في موقف الإخوان المسلمين من المقاومة الفلسطينية، ففي مصر، خلال فترة حكم الرئيس محمد مرسي، لم تُفتح معبر رفح بشكل دائم لدعم غزة، بل وُضع في سياق ضغوط سياسية، ما أثار تساؤلات حول التزام الجماعة الحقيقي بالقضية، وبعد الانقلاب في مصر، التزم الإخوان الصمت حيال الحصار المفروض على غزة، وركزوا على معاركهم الداخلية مع النظام.
وفي الأردن ودول الخليج، شاركت شخصيات إخوانية في تحريض سياسي على حماس بدعوى ارتباطها بإيران.
وفي تركيا وقطر، أقيمت علاقات أمنية وتجارية مع الكيان الصهيوني، برعاية أنظمة تدعم تنظيم الإخوان، بينما استُغلت فلسطين مجرد ديكور دعائي.
وأخطر ما في الأمر، أن بعض المواقف الإخوانية الإعلامية باتت تبرّر العدوان على غزة ضمنيًا، من خلال تحميل حماس مسؤولية التصعيد، أو الحديث عن ’’حسابات المقاومة الخاطئة’’، بل وظهر إعلاميون محسوبون على الجماعة يروجون لمقولة أن ’’غزة تدفع ثمن مغامرات إيران’’، في تماهٍ واضح مع الرواية الصهيونية والغربية.
علاقة الإخوان بالموقف الرسمي العربي المؤيد للعدو الإسرائيلي
التحول في موقف الإخوان المسلمين لا يمكن فصله عن المناخ العام الذي صنعته الأنظمة العربية المؤيدة للتطبيع مع العدو الإسرائيلي، ففي السنوات الأخيرة، شهدنا تقاطعًا بين خطاب الجماعة وخطاب الأنظمة الخليجية في تبرير الصمت أو حتى التحريض على المقاومة، ورغبة مشتركة بين الإخوان وبعض الزعامات العربية في محاصرة مشروع المقاومة المسلحة، بحجة ’’عدم جر الشعوب إلى الحروب، واستعداد قيادات من الإخوان للدخول في تسويات سياسية إقليمية، تتطلب السكوت عن الجرائم الصهيونية مقابل تسهيلات مالية أو سياسية.
بهذا المعنى، أصبح العداء للمقاومة الفلسطينية المسلحة، والتماهي مع المشروع الصهيوني، ليس مجرد انحراف فكري، بل خيارًا استراتيجيًا لجماعة أرادت أن تضمن لنفسها البقاء السياسي بأي ثمن، حتى وإن كان الثمن هو دماء الفلسطينيين في غزة والضفة.
من شعار ( القدس لنا ) إلى الصمت على الإبادة
إن مراجعة موقف جماعة الإخوان المسلمين من القضية الفلسطينية، تكشف بوضوح كيف يمكن لتحويل الدين إلى أداة سياسية أن يؤدي إلى خيانة القيم الكبرى، فالجماعة التي رفعت شعار ’’القدس لنا’’ لعقود، تقف اليوم في الصفوف الخلفية، أو الصامتة، أو حتى المعادية للمجاهدين في غزة، وتجد نفسها على الضفة نفسها مع أنظمة مطبّعة، وتيارات تمهد علنًا لبناء شرق أوسط جديد يكون فيه العدو الإسرائيلي شريكًا لا عدوًا، ولم يعد بالإمكان تجاهل هذه الحقيقة، أن فلسطين لم تكن يومًا ضمن أولويات الجماعة، بل كانت وسيلة، وعندما تعارضت مع مصالحهم، اختاروا خذلانها.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الإخوان المسلمین
إقرأ أيضاً:
تخريب وتآمر.. عضو الهيئة العليا لحزب الوفد: الإخوان واليهود إيد واحدة
شدد حمادة بكر، عضو الهيئة العليا لحزب الوفد، على خطورة دور الإخوان في المشهد السياسي وما يمثله وجودهم من خطر دائم على استقرار الوطن.
وأكد بكر أن هذه الجماعة الإرهابية منذ نشأتها وحتى اليوم لا تتوقف عن محاولات التخريب والتآمر، بل اعتادت المتاجرة بمصير الأوطان لتحقيق مصالح سياسية ضيقة ولو كان ذلك على حساب دماء أبناء الوطن.
وأضاف عضو الهيئة العليا لحزب الوفد أنه في سياق الأزمات والمحن، يظهر الفرق جليًا بين المعارضة الوطنية التي تنحاز للوطن وللمصالح العليا للدولة والجماعات التي تتخذ الأزمات فرصة للفتنة وتأجيج الصراعات الداخلية.
وأكد "بكر " أهمية الدور الذي ينبغي أن تؤديه المعارضة الوطنية في مثل هذه الظروف الحرجة، حيث تصبح الأولوية للدفاع عن الدولة ودعم القيادة السياسية في مواجهة أي تهديد خارجي. معتبرا أن التخلي عن المصالح الشخصية الضيقة ووضع الوطن في المقام الأول هو السمة الأساسية للمعارضة البناءة، التي تسعى للحفاظ على الجبهة الداخلية وتوحيد الصفوف في مواجهة المخططات الهدامة.
وشدد على أن الإخوان دائمًا ما يحاولون استغلال كل أزمة أو كارثة لضرب استقرار الوطن من الداخل. فلا يتوانون عن التحريض وإثارة الفوضى وزعزعة الأمن الداخلي بشتى السبل لتحقيق أهدافهم المشبوهة.
وتابع: أثبتت الأحداث التي وقعت أمام السفارة المصرية في تل أبيب بما لا يدع مجالًا للشك أن الإخوان لا يعملون منفردين، بل تربطهم علاقات خفية مع أطراف خارجية تسعى للنيل من مصر وعلى رأسها الكيان الصهيوني.
وأشار إلى التواطؤ بين الإخوان واليهود باعتباره دليلًا دامغًا على خيانة هذه الجماعة للوطن. فالمواقف العدائية التي تتبناها الجماعة تجاه الدولة المصرية لا تأتي من فراغ، بل هي جزء من منظومة أكبر تعمل على إضعاف مصر والنيل من سيادتها وأمنها القومي.
ودعا جميع القوى الوطنية للتكاتف والتصدي لمثل هذه المحاولات الدنيئة، والاستمرار في كشف المخططات التي تهدف لضرب استقرار البلاد وزعزعة وحدتها الداخلية.
ورأى حمادة بكر أن التحديات التي تواجهها مصر اليوم تكشف المعدن الحقيقي للإنسان الوطني، الذي يخشى على وطنه ويكرّس جهده لحمايته، مقابل أطراف تسعى لتخريب البلاد ونشر الفتنة خدمة لأجندات خارجية معادية للأمن والاستقرار.