ممثل «الفاو» الإقليمي لـ«الاتحاد»: جهود الإمارات رائدة وملهمة عالمياً في مواجهة تغير المناخ
تاريخ النشر: 22nd, June 2024 GMT
شعبان بلال (القاهرة)
أشاد الدكتور عبدالحكيم الواعر، مساعد المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، والممثل الإقليمي لمنطقة الشرق الأدنى وشمال إفريقيا، بجهود ومبادرات دولة الإمارات العربية المتحدة الرائدة في مجال الاستدامة البيئية، والتزاماتها وأهدافها الطموحة ومشاريعها المبتكرة التي تمثل نهجاً استباقياً نحو التصدي لتغير المناخ وتُسلط الضوء على الدور الحاسم للزراعة، محذراً من تداعيات تغير المناخ على الأمن الغذائي العالمي.
وقال الواعر في حوار مع «الاتحاد»، إن جهود الإمارات رائدة في مواجهة تغير المناخ وتحسين نظم الزراعة والحفاظ على البيئة والاستدامة، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة والتصدي للتغير المناخي، مع التركيز على التحديات في قطاعات مثل التصنيع والزراعة.
وأوضح أن الشراكة بين «الفاو» والإمارات جزء من الجهد الجماعي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، حيث يعد القضاء على الجوع أولوية قصوى، وتُعتبر مساهمات الإمارات في هذا المجال حيوية لتحقيق عالم خالٍ من الجوع.
ولفت إلى تطلع «الفاو» ومكتبها الخاص بدول مجلس التعاون الخليجي واليمن إلى تعاون أوسع مع الإمارات لدعم الاستثمار في الزراعة، وهو أمر حاسم لتحقيق التنمية المستدام، خاصة وأن الدولة تُعزز التنمية المستدامة من خلال الاستثمار الاستراتيجي في الزراعة، وتعمل على تعزيز جهود التكيف مع التغيرات المناخية لتحقيق الأمن الغذائي العالمي.
وأوضح المسؤول الأممي أن الإمارات تُسهم بشكل فعال في الاستدامة البيئية والمساعدة الإنسانية والأمن الغذائي العالمي، وتُعتبر خطواتها الاستباقية والتزامها الثابت مصدراً للأمل في مستقبل أكثر إشراقاً، منوهاً بجهود الإمارات في مواجهة تغير المناخ وتحسين نظم الزراعة والحفاظ على البيئة والتي تُعتبر رائدة وملهمة على مستوى العالم، وتتبنى أنماطاً زراعية مستدامة تستند إلى التقنيات الحديثة وتولي أهمية كبيرة للدراسات والبحوث العلمية.
وقال الواعر إن الإمارات تشهد توجهاً متنامياً نحو تطوير المزارع العمودية والزراعة الذكية مناخيًا، والتي تهدف إلى زيادة الإنتاجية والعائد الاقتصادي، والتكيف مع تغير المناخ والحد من انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري، حيث تُظهر الإمارات التزامًا قويًا بالابتكار الزراعي كجزء من جهودها لمواجهة التغير المناخي، حيث أطلقت مبادرات استراتيجية مثل «مبادرة الابتكار الزراعي للمناخ» بالشراكة مع الولايات المتحدة لحشد الدعم والاستثمارات للزراعة الذكية مناخيا.
وشدد على أن مبادرات الإمارات تسعى إلى تسريع وتيرة الابتكار الزراعي العالمي من خلال تكثيف جهود البحث والتطوير، وتسليط الضوء على الحلول الزراعية المستندة إلى البيانات العلمية من أجل الحد من تداعيات تغير المناخ والتكيف معه، بالإضافة إلى ذلك، تُظهر الإمارات التزاماً بتحقيق الحياد المناخي بحلول العام 2050، وتركز على تحسين الكفاءة وزيادة مصادر الطاقة المتجددة في القطاع الزراعي.
المجاعة في غزة
وحول تداعيات الحرب في غزة، ذكر المسؤول بمنظمة «الفاو» أن انعدام الأمن الغذائي الحاد يزيد من حيث الحجم والشدة في القطاع، وهو ما يستدعي العمل بشكل ملح للعمل على منع المجاعة قبل أن تتفاقم، حيث إن غزة تصنف على أنها أخطر الأماكن من بين الـ«نقاط الساخنة» للجوع في العالم.
وحذر الواعر من أن الصراع سيؤدي إلى تزايد عدد الضحايا بشكل غير مسبوق بجانب الدمار والتشريد الواسع النطاق للسكان في غزة، إلا أن التحرك السريع يمكن أن ينقذ الأرواح، ويقلل من نقص الغذاء، ويحمي سبل العيش بتكلفة أقل لو حدث في الوقت المناسب.
التغير المناخي
ودق الدكتور عبدالحكيم الواعر ناقوس الخطر من أن تغير المناخ يؤدي إلى زيادة وتكثيف المخاطر التي يتعرض لها الأمن الغذائي العالمي، خاصةً البلدان الأكثر ضعفاً، بما في ذلك المناطق القاحلة، والدول الجزرية الصغيرة النامية، والمناطق المنخفضة من دلتا الأنهار، وسيكون لتغير المناخ تأثيرات أوسع نطاقاً على التدفقات التجارية والمواد الغذائية والأسعار، ويمكن أن يؤدي إلى مخاطر جديدة على صحة الإنسان، لذلك فإن الحاجة كبيرة الى جهود الاستجابة لتغير المناخ على الفور لحماية النظم الغذائية والأمن العالمي.
توافر المياه.
وأشار المسؤول الأممي إلى أن تطور أزمة المناخ، وتفاقم آثاره، مثل العواقب المترتبة على ارتفاع درجة حرارة الأرض والمحيطات ومستوى سطح البحر، سيؤثر على هطول الأمطار وذوبان الجليد، ونوعية المياه، وكذلك على المياه الجوفية في العديد من مناطق العالم، وستصبح ندرة المياه هي التحدي الرئيسي.
ويرى أنه من المرجح أن يؤثر تغير المناخ على تواتر وشدة الأحداث المتطرفة واختلالات الطقس، وتشير تحليلات منظمة الأغذية والزراعة أن حجم تأثيرات الأحداث المتطرفة على الزراعة مرتفع جداً، وأن 25% من الخسائر والأضرار الاقتصادية فى قطاعات الزراعة فى البلدان النامية ناجمة عن المخاطر المناخية، مثل الجفاف والفيضانات والعواصف.
وأضاف أن التوقعات المناخية تشير إلى انخفاضات مستقبلية في هطول الأمطار في منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، وقد تصبح نقاطًا ساخنة للجفاف خلال القرن الحالي، ولأن نسبة كبيرة من سكان المنطقة، وخاصة الأفقر والأكثر ضعفاً، يعتمدون على الزراعة للحصول على الغذاء والدخل، فمن المرجح أن يتفاقم انعدام الأمن الغذائي، وتستمر الانتاجية في الانخفاض، وزيادة الهجرة الريفية نتيجة للفقد المستمر فى سبل العيش لهذه المجتمعات الهشة.
وأشار الواعر إلى أن ملياري شخص يفتقدون إلى المغذيات الدقيقة الأساسية التي يحتاجون إليها ليعيشوا حياة صحية، إذ يؤدي تغير المناخ إلى تعميق التحديات والتفاوتات الاجتماعية والاقتصادية والمكانية الحالية.
نظم زراعية مستدامة
وشدد مسؤول «الفاو» على أن أنظمة الإنتاج الغذائي والزراعي في العالم تواجه تحديات غير مسبوقة من الطلب المتزايد على الغذاء، بسبب الآثار السلبية لتغير المناخ، والإفراط في استغلال الموارد الطبيعية، وفقدان الأغذية وهدرها، ويمكن لهذه التحديات أن تقوض قدرة العالم على تلبية احتياجاته الغذائية الآن وفي المستقبل، وقد تفشل الأنظمة الغذائية والزراعية الحالية في التصدي للتحديات، في حين لا يزال الملايين يعانون من الجوع وسوء التغذية.
جهود «الفاو»
وحول برامج «الفاو» لمواجهة تداعيات تغير المناخ، أكد الدكتور عبدالحكيم الواعر، أن المنظمة تركز على جعل أنظمة الأغذية الزراعية الشاملة جزءا من حل المشكلة، ومنها تعزيز سياسة المناخ والحوكمة، عبر العمل على دمج الأمن الغذائي والتغذية وأنظمة الأغذية الزراعية والموارد الطبيعية وسبل العيش في جداول الأعمال الدولية الخاصة بالمناخ، وتعبئة الموارد والتنفيذ عبر العديد من التقييمات والدراسات وتوفير البيانات والإحصائيات حول مدى تأثُر النظم الزراعية بتغير المُناخ وعرض الحلول المبتكرة والتي تسهم بدورها في حشد الموارد لتنفيذ مشروعات لتخطى عقبات المناخ.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: تغير المناخ التغير المناخي المناخ التغيرات المناخية أزمة المناخ الاحترار المناخي الإمارات الفاو الأمن الغذائی العالمی لتغیر المناخ تغیر المناخ فی غزة
إقرأ أيضاً:
يوم البيئة العالمي بين الرمزية والشعارات وصرخة الفزع
يأتي اليوم العالمي للبيئة هذا العام، بمزيد من الخوف والرجاء والأمل، إذ تزداد التحديات البيئية والمناخية، وترتفع معدلات الحرارة العالمية وتتواتر الكوارث وتزيد الضغوط على النظم البيئية والمناخية وصحة الإنسان والاقتصاد العالمي، مع تعاظم النداءات للحؤول دون دخول الكوكب إلى عتبة اللاعودة.
وتستضيف كوريا الجنوبية فعاليات هذا الحدث العالمي تحت شعار "إنهاء التلوث البلاستيكي"، الذي يرمز للتحرك السريع لمواجهة أحد أخطر الملوثات والعوامل المؤدية للتدهور البيئي المتسارع وتغير المناخ، إضافة إلى مخاطر أخرى كثيرة تهدد فعليا مستقبل الحياة على كوكب الأرض.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4كيف يؤثر الذكاء الاصطناعي على البيئة؟list 2 of 4"التمويه الأخضر".. التزام زائف بالاستدامة البيئيةlist 3 of 4كيف تتعافى النظم البيئية بعد الحرائق؟list 4 of 4فعاليات متنوعة لوزارة البيئة القطرية إحياء لليوم العالمي للبيئةend of listفي ذروة الاتجاه العالمي إلى التصنيع واسع النطاق وتراكم انبعاثات غازات الدفيئة في الغلاف الجوي والتلوث بأنواعه على الأرض، كان عام 1972 بمثابة نقطة تحول في تطوير السياسات البيئية الدولية، حيث رعت الأمم المتحدة، المؤتمر الرئيسي الأول حول القضايا البيئية، في الفترة من 5 إلى 16 يونيو/حزيران في ستوكهولم بالسويد.
ولم تكن خطوة أزمة البيئة والمناخ بارزة كما هي عليه الآن، لكن المؤتمر المعروف بمؤتمر البيئة البشرية أو مؤتمر ستوكهولم، سعى لصياغة رؤية أساسية مشتركة حول كيفية مواجهة تحدي الحفاظ على البيئة البشرية وتعزيزها.
إعلانوفي 15 ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، يوم 5 يونيو/حزيران سنويا كيوم عالمي للبيئة.
ورغم مرور أكثر من نصف قرن تواصل المؤشرات البيئية دق ناقوس الخطر، مع تفاقم التلوث، وذوبان الجليد، وحرائق الغابات، وارتفاع درجات الحرارة لمستويات قياسية، ووصول نقاط التحول المناخي إلى عتبات حرجة.
ليس التلوث البلاستيكي -وهو شعار يوم البيئة العالمي لعام 2025- هو الهاجس البيئي والمناخي للبشرية والكوكب، لكن المنتج الذي كان ثوريا عام 1907 وبات سمة العصر يلف حبائله حول الكوكب.
ينتج العالم نحو 430 مليون طن من البلاستيك سنويا، يُستخدم ثلثاها فقط في منتجات قصيرة العمر تتحول سريعا إلى نفايات لا يعاد تدوير سوى 9% منها فتلوث الأراضي والمحيطات وتدخل السلسلة الغذائية للحيوانات والبشر.
ويتسبب تلوث البلاستيك في كوارث بيئية وصحية ومناخية هائلة، ويدمر التنوع البيولوجي، لكن العالم لم يتوصل إلى اتفاق لوضع قوانين ملزمة للحد من التلوث البلاستيكي.
وتعارض دول وشركات كبرى، تسهم بالقدر الأكبر من التلوث البلاستيكي وانبعاثات الوقود الأحفوري إصدار قانون ملزم يمنع إنتاج البلاستيك حفاظا على مصالح اقتصادية تجارية واسعة، تغذيها النزعة الاستهلاكية التي صنعتها وسوقت لها خلال عقود.
وتشير التقديرات إلى أن الانبعاثات الكربونية ارتفعت في عام 2024 بنسبة 1.1% رغم التزامات الدول باتفاق باريس للمناخ لعام 2015.
وكان العام 2024 هو الأكثر حرارة على الإطلاق (تجاوز عام 2023) وفق بيانات منظمة "كوبرنيكوس" الأوروبية، مع تجاوز درجات الحرارة العالمية المعدلات الطبيعية بـ1.48 درجة مئوية.
وبين مايو/أيار 2024 ومايو/أيار 2025، تعرض نحو 4 مليارات شخص لشهر إضافي من الحرارة الشديدة بسبب التغير المناخي، مما أدى إلى زيادة الأمراض والوفيات وتضرر المحاصيل الزراعية، وتشير التوقعات إلى أن درجات الحرارة ستزداد طردا.
إعلانوزادت -تبعا لارتفاع الاحترار العالمي جراء الاحتباس الحراري- معدلات ذوبان الجليد في القطب الشمالي والقارة القطبية الجنوبية، وغرينلاند بمعدلات غير مسبوقة ومقلقة، كما يتسارع ذوبان الأنهار الجليدية بشكل كبير مما سيؤدي خلال عقود قليلة إلى كوارث بيئية واقتصادية واجتماعية هائلة.
وتبعا للتغيرات المناخية، الناجمة بالأساس عن الأنشطة البشرية والنمط الاستهلاكي والبحث عن الرفاهية على حساب الطبيعة، بات أكثر من 3.6 مليارات شخص يعيشون في مناطق مهددة بيئيا بشكل مباشر، بحسب تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.
كما تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن نحو مليون نوع من الكائنات الحية مهدد بالانقراض، وفق الأمم المتحدة، بسبب فقدان المواطن الطبيعية والتلوث وتغير المناخ، كما تموت الشعاب المرجانية نتيجة حرارة المحيطات الزائدة، وهو ما يمثل ضربة قاصمة للتنوع البيولوجي.
وتشير التقديرات أيضا إلى أن 9 من كل 10 أشخاص في العالم يتنفسون هواء ملوثا، ويموت سنويا نحو 7 ملايين شخص حول العالم جراء ذلك، يتباطأ التوجه نحو الطاقة المتجددة، وتقليص الاعتماد على الوقود الأحفوري.
بالمحصلة تزداد المحيطات، التي تعد خزانا رئيسيا للكربون حرارة وحموضة، وتزال آلاف الهكتارات من الغابات الاستوائية والحرجية التي تمتص غازات الدفيئة، وتدهورت التربة وأكثر من 40% من أراضي العالم، مما يؤثر عمليا على حياة 3 مليارات شخص على الأقل ويهدد الأمن الغذائي العالمي.
وفي هذا السياق الذي يؤشر إلى دخول الكوكب إلى العتبات الحرجة للتغير المناخي قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش: إن"الإنسانية تحفر قبرها بيديها، لا يمكننا أن نستمر في حرق الوقود الأحفوري كأن لا شيء يحدث.. نحن نطلب الكثير من كوكبنا للحفاظ على أنماط حياة غير مستدامة.. نحن نفشل في حماية صحة الغلاف الجوي وتنوع الحياة على الأرض".
إعلانأما أندريه كوريا دو لاغو، رئيس مؤتمر المناخ (الأطراف) المقبل في البرازيل "كوب 30" (COP30) فقد أكد أننا "نواجه شكلا جديدا من الإنكار الاقتصادي يعيق العمل المناخي، حيث يشكك البعض في جدوى التحول إلى اقتصاد منخفض الكربون".
وهو يشير بذلك إلى نكوص الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة دونالد ترامب عن السياسات والالتزامات المناخية الإيجابية وانسحاب بلاده من اتفاق باريس للمناخ وإغلاق الكثير من الهيئات المناخية ببلاده، وتشجيعه على إعادة الطفرة الاقتصادية بالاعتماد على الوقود الأحفوري وفق شعار "احفر يا صغيري احفر".
ويشير أيضا إلى أن بلدانا أخرى قد تتخلى عن التزاماتها المناخية أسوة بالولايات المتحدة، وكذلك الشركات الكبرى التي تلعب دورا أساسيا في تلويث الكوكب ودفعه إلى نقطة اللاعودة.
يرى عالم البيئة الأميركي جيمس هانسن- وهو أحد أوائل من دقوا ناقوس خطر التغير المناخي في الثمانينيات- إن الاحتفال هذه السنة يأتي في ظل تناقض صارخ: التزامات دولية كثيرة، وخطابات قوية، لكن التنفيذ على الأرض بطيء، بل أحيانًا منعدم. وهو ما يظهر في المفاوضات الدولية الطويلة والشاقة منذ عام 2022 لإقرار اتفاقية البلاستيك.
ويبرز ذلك أيضا في قضية الحد من الانبعاثات وتعويضات الكربون وديون المناخ واللاعدالة المناخية، فالدول النامية (الجنوب) التي تتحمل تاريخيا أقل من 20% من الانبعاثات تواجه معظم الكوارث المناخية والبيئية، لكن تقاعس الدول الملوثة عن دفع 100 مليار دولار لمواجهة ذلك جعل قدرتها على الصمود محدودة.
وحسب تقرير، لمنظمة "أكشن أيد" (actionaid) بعنوان "من يدين لمن؟" فإن أكثر الدراسات منهجية، تشير إلى أن دين المناخ الذي يتعين على الدول الغنية الملوثة دفعه للدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط الأدنى يقدر107 تريليونات دولار، من بينها 36 تريليون دولار لأفريقيا، وهذا يزيد بأكثر من 70 مرة عن إجمالي الدين الخارجي لهذه الدول مجتمعة، والبالغ 1.45 تريليون دولار.
إعلانوإضافة إلى الدول، تظهر دراسة أن 100 شركة عالمية في مجال النفط والغاز والوقود الأحفوري تتحمل نسبة 70% من الانبعاثات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري منذ أواخر ثمانينيات القرن الماضي، فيما تتحمل شركات أخرى متعددة الجنسيات (معظمها في الغرب) مثل شركات المشروبات والألبسة والأغذية والنقل وزر تلويث البيئة وزيادة الاحترار العالمي.
بشكل عام، تبدو صورة البيئة العالمية قاتمة، لكن نقاط ضوء تبرز في شكل مبادرات ملهمة، على صعيد العمل البيئي وتنامي الوعي العالمي الرسمي أو الشعبي بضرورة التحرك العاجل لحماية الكوكب، كما أن التحول إلى الطاقات المتجددة يتسارع عالميا خصوصا في بلدان مثل الصين والهند والبرازيل.
كذلك المبادرات والاتفاقات التي ترعاها الأمم المتحدة، مثل اتفاقية حماية التنوع البيولوجي التي أقرّت عام 2024 لحماية 30% من كوكب الأرض بحلول 2030، أو اتفاقية مكافحة التصحر، أو عقد المحيطات، أواتفاقية الحد من تلوث البلاستيك وغيرها، وخصوصا اتفاق باريس للمناخ رغم تعثرها تعطي مساحة.
ولم يفلح المجتمع الدولي في كبح جماح النزعة الاستهلاكية المفرطة لثروات الأرض، والتدمير الممنهج للنظام البيئي بحثا عن مزيد من الرفاهية غير المتوازنة عالميا، ولم تفرض الحلول اللازمة مبكرا التي تجنب البشرية الدخول إلى نقطة اللاعودة في الحول المناخي.
وبذلك لا يعد اليوم العالمي للبيئة 2025 مجرد يوم رمزي يقف على ذكرى تمتد لـ50 عاما، بل هو تذكير صارخ بأن الكوكب على تحول خطير، ولم تعد خطة الإنقاذ تحتمل التأجيل والخلافات ونزعات تسخير الطبيعة ومواردها للأغراض الاقتصادية والتجارية الصرفة، بل هو إرادة فاعلة وقوانين ملزمة وتغيير جوهري في الوعي وأنماط الإنتاج والاستهلاك، واستثمار هائل في الاقتصاد الأخضر.