طهران- خلافات ظهرت إلى العلن في البيت المحافظ بإيران، لا سيما بعد أن تمكنوا من السيطرة على جميع أركان النظام من سلطات قضائية وتنفيذية وتشريعية، إضافة إلى المؤسسات التابعة للمرشد الأعلى مباشرة مثل الحرس الثوري والإذاعة والتلفزيون.

وستكشف الأيام القادمة السابقة للانتخابات الرئاسية عما إذا كان الأصوليون تغلبوا على الخلافات واتفقوا على مرشح واحد من بين الأربعة الذين يمثلونهم، أو أن الخلافات ستطفو على السطح وتقلل من حظوظهم بالفوز.

وتترقب إيران انتخابات رئاسية مبكرة مقررة يوم 28 يونيو/حزيران الجاري، بعد رحيل الرئيس إبراهيم رئيسي إثر تحطم المروحية التي كانت تقله شمال غربي البلاد.

ظاهرة الانسحاب

ويتنافس في هذه الانتخابات 4 مرشحين أصوليين وهم محمد باقر قاليباف وسعيد جليلي وعلي رضا زاكاني وأمير حسين قاضي زاده هاشمي، إلى جانب مرشح إصلاحي وهو مسعود بزشكيان وآخر مستقل وهو مصطفى بور محمدي.

وفي ظل انتشار ظاهرة انسحاب مرشحي التيار الواحد ما عدا أحدهم لصالح المرشح المتبقي، يسعى بعض الأصوليين للوصول إلى إجماع بين مرشحيهم، ويقود هذه الحملة عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام محسن رضائي.

ويتم الانسحاب والتحالف بعد انتهاء المناظرات التلفزيونية، حيث يظهر المرشحون في المناظرات دون خطة لتقديمها ويركزون على مهاجمة مرشح التيار المنافس، فحسب.

وحتى اللحظة، لا توجد بوادر أمل للجمهور الأصولي بشأن التحالف، بل ما يلاحظ هو خلافات في البيت الأصولي.

ويعتقد التيار الأصولي بضرورة الحفاظ على مبادئ ثورة 1979 ويرفض الحوار مع الغرب ويُصنف باليميني. بينما يرى التيار الإصلاحي ضرورة إجراء تعديلات وإصلاحات على الدستور والسياسات العامة للنظام على الصعيدين الداخلي والخارجي، ويصنف باليساري.

احتمال التحالف

في هذا السياق، أوضح المحلل السياسي الأصولي محمد مهاجري أن الأصوليين حضروا هذه الانتخابات بـ4 مرشحين، وكان المعتقد في البداية أن 3 منهم سينسحبون لصالح المتبقي لكي ينافس الإصلاحي بزشكيان والمستقل بور محمدي.

وفي حديثه للجزيرة نت، أضاف مهاجري أنه مع اقتراب موعد الانتخابات، هناك خلافات بين الأصوليين، حيث لم يتمكنوا -حتى اللحظة- من الاتفاق على مرشح واحد، ومن إقناع أحد المرشحين اللذين لديهما حظوظ متقاربة، وهما جليلي وقاليباف، بالانسحاب لصالح الآخر.

ولكن خلال الأيام القليلة المتبقية، إذا استطاع بزشكيان إيصال نسبة المشاركة المتوقعة إلى 55%، سينسحب أحد الأصوليين الأهم أي جليلي أو قاليباف لصالح الآخر، وفق رأي مهاجري.

وتوقع أن تذهب الانتخابات إلى جولة ثانية بين بزشكيان وقاليباف أو جليلي في كلتا الحالتين، أي انسحاب الأصوليين لصالح أحدهم أو عدم الانسحاب، حيث إنه في حال الانسحاب أيضا لن يتمكن الأصوليون من الحصول على نصف أصوات الناخبين.

وفي حال تأهل بزشكيان وقاليباف للمرحلة الثانية، فستكون حظوظ الأخير أكثر، بينما في حال تأهل بزشكيان وجليلي ستكون حظوظ بزشكيان أكثر، حسب مهاجري.

قاعدة أصوات ثابتة

وأوضح المحلل السياسي أن قاعدة آراء الأصوليين تقليدية ثابتة، وتضم الآن ما بين 15 و18 مليون صوت أي ما بين 25% إلى 30% من إجمالي الأصوات، وهي الأصوات التي حصل عليها رئيسي في انتخابات 2017 و2021.

بينما قد تشكل قاعدة الأصوات الثابتة للإصلاحيين 15% فقط، لكن هناك أصواتا صامتة عددها 15 مليونا ونسبتها 25% تشارك في حالات خاصة فقط، وتكون مشاركتها في سلة الإصلاحيين دائما كما حدث بانتخابات 2013 و2017 التي أدت إلى فوز الرئيس السابق حسن روحاني.

يشار إلى أن روحاني ترشح عن التيار المعتدل بزعامة هاشمي رفسنجاني آنذاك. والأيام الأخيرة قبل موعد الانتخابات تحالف الاعتدال مع الإصلاح، وانسحب المرشح الإصلاحي محمد رضا عارف لصالح روحاني ودعمه التيار الإصلاحي بزعامة محمد خاتمي، مما أدى لفوز روحاني بأصوات الإصلاحيين والفئة الصامتة.

يُذكر أن الاعتدال في إيران لا توجد له قاعدة أصوات لافتة.

من جانبه، استبعد أستاذ السياسة علي رضا تقوي نيا أن ينسحب -الأيام القادمة- أي من المرشحين الرئيسيين للتيار الأصولي أي قاليباف وجليلي لصالح الآخر. وأوضح للجزيرة نت أن هذا يجعل الطريق صعبة للأصوليين حيث إن الإصلاحيين لديهم مرشح واحد وسيَجمعون أصواتهم له، بينما ستنقسم الأصوات الأصولية.

وتوقع الأكاديمي الإيراني انسحاب المرشحين الأصوليين الأقل حظا وهما زاكاني وقاضي زاده هاشمي، على الرغم من تأكيده أن هذا الانسحاب -في حال حدوثه- لن يكون مؤثرا بالقدر المطلوب، وأن تكون الانتخابات بجولتين وأن يتأهل بزشكيان إلى جانب قاليباف أو جليلي إلى الجولة الثانية، وأشار إلى أهمية المناظرات قائلا إنها ستحسم الأمر بشأن بزشكيان فإذا ظهر قويا فيها سيكون الرئيس القادم.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات فی حال

إقرأ أيضاً:

توحّش الميليشيات الحوثية يتجاوز الخطوط.. مؤيدوها تحت سيف القمع بعد الخصوم

في مشهد يعكس اتساع دائرة القمع الحوثي وتحول سلطتهم إلى كيان لا يرحم أحدًا، بات الموالون أنفسهم في مرمى العنف والانتهاك، كما حدث مؤخرًا مع الناشط المؤيد للجماعة فارس أبو بارعة، الذي تعرّض لاعتداء مسلح مروّع أمام منزله في صنعاء، على يد مجهولين يُعتقد أنهم مرتبطون بقيادات نافذة في الجماعة، بعد أيام فقط من منشور انتقد فيه فساد أحد أركانها.

الحادثة فتحت كشفت حقيقة ما يدعيه النظام القائم في صنعاء، وسلوكه القمعي الذي لم يعد يفرّق بين خصومه ومن كان بالأمس جزءًا من أدواته الإعلامية والدعائية.

فارس أبو بارعة، ناشط موالٍ للحوثيين ومرتبط إعلاميًا بميليشيا الحوثي المدعومة من إيران، نشر قبل أيام منشورًا على حسابه في "فيسبوك" هاجم فيه القيادي في الجماعة عبد المجيد الحوثي، رئيس هيئة الأوقاف، متهمًا إياه بتعيين زوج ابنته مديرًا لمكتب الهيئة في محافظة إب، عقب ما وصفه بـ"تصفية معنوية" للمدير السابق أثناء احتجازه.

لم يمضِ على المنشور أكثر من ثلاثة أيام، حتى تعرّض أبو بارعة لهجوم مسلح من قبل سبعة رجال مدججين بالسلاح والهراوات، هاجموه أمام منزله وأمام عيني طفله الصغير، البالغ من العمر ست سنوات، والذي طاله الاعتداء أيضًا أثناء محاولة والده حمايته بجسده.

زوجة أبو بارعة، وفي منشور مقتضب على حساب زوجها، وصفت حالته الصحية بأنه "بين الحياة والموت"، مؤكدة أنه نُقل إلى المستشفى وهو يعاني كسورًا في اليد والأصابع وجراحًا متعددة، وسط غياب تام لأي تحرك أمني أو رسمي من سلطات صنعاء.

ما يلفت الانتباه أن الجهات الأمنية التابعة للجماعة، كعادتها، لم تعلن فتح أي تحقيق، في حين تتوالى الأسئلة بشأن هوية الجناة، الذين استقلوا سيارة "مجهولة الهوية" ثم فرّوا من موقع الجريمة دون أن يتعرضوا للملاحقة أو التعقب، الأمر الذي يُغذّي الشكوك بوجود توجيه أو غطاء رسمي للاعتداء.

يتفق متابعون وناشطون يمنيون على أن الحادثة تمثل نموذجًا صارخًا لطبيعة الحكم القائم في صنعاء، والذي يُدار وفق ما وصفه البعض بـ"المزاج النزق"، حيث يغدو القمع خيارًا دائمًا، يتخذ أشكالًا شتى: من إرسال مسلحين لتأديب المعارضين، إلى تفجير البيوت، ومداهمات المنازل، والاعتقال التعسفي، والتشهير والتشريد... وكلها أدوات تستخدمها الجماعة ضد من يعارضها أو حتى ينتقدها نقدًا داخليًا.

الكاتب والسياسي المعروف محمد المقالح، علّق على الاعتداء قائلًا إن ما تعرّض له أبو بارعة يختلف في الشكل فقط عن اعتداءات سابقة، بينها الاعتداء على الدكتور إبراهيم الكبسي، والذي أُخذ إلى قسم الشرطة بعد تعرضه لضرب مبرح وتحطيم سيارته، ثم خُيّر بين السجن والصمت، فاختار الصمت.

واعتبر المقالح أن أبو بارعة لم يُؤخذ إلى قسم الشرطة ولم يُعرض عليه الخيار ذاته، لأن "الجهة المعتدية في حالته لا تزال مجهولة"، مضيفًا بسخرية: "ربما السيارة فقط مجهولة، لا المعتدون"، قبل أن يعلن تضامنه الكامل مع الناشط المصاب.

لكن ناشطين آخرين رأوا أن التفرقة بين مسلحين بزي أمني وآخرين مدنيين باتت بلا معنى، طالما أن الجميع يتحركون تحت مظلة سلطة واحدة، وصفوها بـ"العصابة التي تحكم بلا قانون ولا مساءلة".

في أول منشور له بعد الحادث، كتب أبو بارعة – رغم آلامه وإصاباته – أنه لن يتراجع عن كشف الفساد مهما كان الثمن، مؤكدًا أن هدفه ليس الانتقام، بل محاسبة المعتدين في إطار القانون. وخاطب قادة الأمن الحوثيين قائلًا: "الأمن ليس شعارات.. بل فعل. والعدالة لا تأتي بالتمني، بل بالإرادة والقرار".

لكنه لم يوجّه الاتهام لأي جهة مباشرة، معتبرًا أن "من الصعب استبعاد أحد، في ظل غياب أي تحرك أمني حقيقي"، في إشارة ضمنية إلى البيئة الأمنية المختنقة في صنعاء، التي أصبحت غير آمنة حتى للموالين للجماعة.

الكثير من النشطاء الموالين في صنعاء أصبحو تحت مطرقة الانتهاكات الحوثية، فالولاء لم يعد كافيًا لحمايتهم، فإن خالفت مزاج المتنفذين أو لامست ملفاتهم الحساسة، فمصيرك الاعتداء أو الاختفاء".

في الوقت الذي تواصل فيه ميليشيا الحوثي الحديث عن "الدولة والعدالة ومحاربة الفساد"، تتسع قائمة ضحاياها لتشمل معارضين، وأكاديميين، وناشطين، وأخيرًا مؤيدين حاولوا ممارسة النقد الذاتي... ليجدوا أنفسهم بين الحياة والموت.

وما يفاقم خطورة الانتهاكات التي تمارسها ميليشيا الحوثي بحق حتى الموالين لها، هو الطابع العنصري والطبقي الذي بات واضحًا في تعاملها مع المنتقدين. فبينما يتم تجاهل الانتقادات الصادرة عن نشطاء محسوبين على عائلات هاشمية أو من يُعرفون بـ"آل البيت"، بل وتُعامل على أنها "نقدٌ بنّاء"، يُقابل نفس النقد حين يصدر عن نشطاء من خلفيات اجتماعية "دونية" – وفق التصنيف الحوثي – أو ممن لا ينتمون لصعدة أو للسلالة الحاكمة، بـالعنف والتأديب والإذلال.

قضية فارس أبو بارعة تمثل هذا الواقع بوضوح، إذ لم يشفع له ولاؤه السياسي والإعلامي للجماعة، لأنه لا ينتمي لدوائرها الطبقية المغلقة، مما جعل انتقاده يُعامل كجريمة تستحق العقاب، بعكس ما يحدث مع آخرين من داخل "السلالة" تُغض الطرف عن مواقفهم الأكثر حدة.

ويرى ناشطون أن هذا التمييز العنصري داخل صفوف الموالين أنفسهم يعكس بنية فكرية عنصرية تتعامل مع اليمنيين وفق مبدأ "السيد والخادم"، ويؤكد أن الجماعة لا تسعى لبناء دولة أو مشروع وطني، بل إلى تثبيت منظومة سلالية ترى النقد امتيازًا لا يُمنح إلا لـ"الصفوة"، بينما يعامل غيرهم كخونة أو خصوم في حال تجرؤوا على الكلام. 

ويصف أحد النشطاء في صنعاء أن المشهد في المدينة مرعب، ليس فقط للرافضين للحوثيين، بل حتى للمؤمنين بهم، فالجماعة لم تعد تسمح بوجود أي رأي، حتى لو كان نابعًا من قلب مؤيديها. فارس أبو بارعة ليس أول من يدفع ثمن كلمة، وقد لا يكون الأخير، ما لم يُرفع الصوت مجددًا ضد سلطةٍ لم تعد ترى أمامها سوى سلاحها، ولا تسمع إلا صدى بطشها.

مقالات مشابهة

  • النقض تصدر حكمها النهائي في دعوى اللاعب عبد الله السعيد والأهلي
  • تركيا: استمرار الاحتلال أكبر عقبة أمام دولة فلسطين
  • وزير الخارجية العراقي: الحوار والتفاوض هما السبيل الأمثل لحل الخلافات الإقليمية
  • توحّش الميليشيات الحوثية يتجاوز الخطوط.. مؤيدوها تحت سيف القمع بعد الخصوم
  • برناوي يلتحق بمعسكر الاتحاد بعد تجاوز عقبة الهلال
  • مجموعة جديدة من العملاء تعمل لصالح جيش الاحتلال شمال قطاع غزة
  • تدخل رئاسي لإنتشال شركة الخطوط الجوية اليمنية يفضي للكشف عن الجهة التي تسببت في تدهورها الكبير
  • يربط البصرة بإيران.. العراق يستعد لتنفيذ مشروع سككي استراتيجي جديد
  • بغداد وأربيل.. عقدان من الفرص الذهبية قوضتها الخلافات والتشظي
  • وزير الخارجية: توجيه رئاسي بالاهتمام بغرب أفريقيا لأهميتها الاستراتيجية