براكين أيسلندا.. حمم من اللهب تجوب الطرقات لعقود أو ربما قرون - صور
تاريخ النشر: 27th, June 2024 GMT
براكين المنطقة كانت خاملة طوال 800 عام تقريبًا
حذّر علماء وباحثون من ثلاث جامعات من أن الموجة الجديدة من الانفجارات البركانية، التي بدأت معظمها في عام 2021 في شبه جزيرة Reykjanes بأيسلندا، "قد تستمر لعقود أو ربما لقرون"، متسببة في اضطرابات كبيرة ومتنوعة.
وذلك وفقًا لما نقلته وسائل إعلام محلية ودولية، بما فيها صحيفة "التايمز" البريطانية في عددها اليوم الخميس.
اقرأ أيضاً : وفاة وإصابات بسقوط تلفريك في كولومبيا "صور"
وتعد شبه الجزيرة موطنًا لـ 70% من سكان أيسلندا، البالغ عددهم 400 ألف نسمة، وتحتضن المطار الدولي الوحيد العامل فيها على مدار العام وعددًا من محطات الطاقة الحرارية الأرضية.
وقد شهدت المنطقة ثمانية ثورات بركانية في السنوات الثلاث الماضية.
يُذكر أن براكين المنطقة كانت خاملة طوال 800 عام تقريبًا، منذ فترة تعرف بحرائق ريكيانيس بين عامي 1210 و1240. لكنها عادت إلى النشاط قبل ثلاث سنوات، حيث بدأ أحدثها في 29 مايو الماضي، ولم يتم الإعلان عن انتهائه إلا يوم الاثنين من هذا الأسبوع، مما أدى إلى إجلاء آلاف السكان والسياح من البلدات والمنتجعات في المنطقة.
اقرأ أيضاً : كوريا الشمالية: اختبرنا بنجاح صاروخًا متعدد الرؤوس الحربية
جاء ذلك بحسب ما أفاد به علماء من جامعة أيسلندا، وجامعة أوريغون الأمريكية، ونظراؤهم من جامعة أوبسالا في السويد، في تقرير حللوا فيه البيانات الجيوكيميائية والزلازل، وتوقعوا أن الانفجارات "قد تستمر وتتوقف لسنوات وإلى عقود"، محذرين من أن الإطار الزمني يمكن أن يمتد إلى "ربما قرون".
وسعى العلماء إلى التحقق مما إذا كانت الانفجارات البركانية في شبه الجزيرة ناتجة عن مصدر واحد مشترك للصهارة أو عدة مصادر أصغر، بالإضافة إلى محاولة تقدير عمق مصادر الصهارة.
من خلال تحليل التركيب الكيميائي للحمم البركانية من بركانين مختلفين في شبه الجزيرة، التي تضم ثمانية مواقع بركانية، خلص الباحثون إلى أن البراكين لديها "منطقة تخزين صهارة مشتركة أسفل شبه الجزيرة"، مما يشير إلى وجود خزان كبير من الصخور المنصهرة في القشرة الأرضية، والذي "يتم تغذيته عن طريق ذوبان الصخور بشكل أعمق في الوشاح".
وأشار الباحثون إلى أن موقع أيسلندا فوق سلسلة جبال وسط المحيط الأطلسي النشطة بركانيًا بين صفيحتين قاريتين، مع النقطة البركانية الساخنة الموجودة أسفل الجزيرة والمعروفة باسم عمود أيسلندا، "لن تواجه مشكلة في ضخ" الصهارة إلى السطح.
وقال علماء جامعة أوريغون في بيان صحافي، نقلاً عن بحث أجراه عالم البراكين إيليا بيندمان، ونُشر في مجلة Terra Nova العلمية، إن هذا قد يتسبب في "ثورانات تستمر عقودًا، مع ظهور مئات الأميال المربعة من الصهارة".
تشير الدراسة إلى أن هناك "نشاطًا ثورانيًا متجددًا على حزام ريكيانيس البركاني بعد 781 عامًا من السكون"، وتحذر: "استنادًا إلى السلوك البركاني السابق، من المرجح أن يستمر هذا النمط خلال القرون القادمة، مما يشكل خطرًا كبيرًا على السكان المحليين والبنية التحتية الهامة في شبه جزيرة ريكيانيس والمناطق المجاورة لها".
مع ذلك، فإن التنبؤ بتوقيت ومدة النشاط البركاني أمر بالغ الصعوبة. قال بيندمان: "الطبيعة ليست منتظمة أبدًا. لا نعرف كم من الوقت وكم سيستمر هذا النشاط خلال السنوات العشر أو حتى المائة القادمة، وسيظهر نمط ما، لكن الطبيعة لديها دائمًا استثناءات ومخالفات".
المصدر: رؤيا الأخباري
كلمات دلالية: بركان ثوران بركان انفجارات أمريكا علماء شبه الجزیرة فی شبه
إقرأ أيضاً:
لأول مرة.. علماء يلتقطون صورة للصوت الثاني
إذا كنت تملك خزانا من مادة تعرف باسم "السائل الفائق"، وقمت بتسخين أحد طرفيه ليقترب من الغليان، فقد تلاحظ أمرا غريبا، إذ يبدأ الطرف الآخر في السخونة، رغم أن السائل يبدو ساكنا تماما، ثم تعود الحرارة إلى الطرف الأول في حركة متبادلة، وكأن الحرارة ترتد ذهابا وإيابا، بينما السائل لا يتحرك على الإطلاق.
هذا النوع غير المعتاد من انتقال الحرارة، الذي حير العلماء لعقود منذ أن تنبأ به الفيزيائي لازلو تيزا عام 1938، لا يحدث في السوائل العادية، بل في حالات فيزيائية نادرة جدا، تعرف باسم "السوائل الفائقة"، حيث تتزاوج الذرات وتتحرك دون احتكاك تقريبا، مما يغير تماما الطريقة التي تنتقل بها الحرارة.
من أمثلة هذه المواد، الهليوم-4 السائل، الذي يتحول إلى سائل فائق عند تبريده إلى أقل من 2.17 كلفن، والليثيوم-6 والصوديوم، وهي غازات ذرية يمكن تحويلها إلى الحالة الفائقة باستخدام تقنيات تبريد فائقة الدقة تعتمد على الليزر، وتجرى عادة في المختبرات المتخصصة.
عندما تُبرد هذه المواد إلى درجات حرارة قريبة للغاية من الصفر المطلق (نحو سالب 273.15 درجة مئوية)، فإن سلوكها يتغير كليا، فالسائل الفائق يمكنه أن يتدفق دون أي مقاومة أو احتكاك، وإذا وضعته في أنبوب دائري، فسيظل يدور فيه إلى الأبد دون أن يتوقف، كما يمكنه تسلق جدران الحاوية والخروج منها دون أي قوة خارجية، وهو أمر مستحيل في السوائل العادية.
إعلانأما الخاصية الأبرز، فهي أن الحرارة في هذه الحالة لا تنتقل عشوائيا، بل تسير على هيئة موجة، مثل الصوت تماما، وهذا ما يُعرف علميا باسم "الصوت الثاني" ، وهي ظاهرة لطالما حاول العلماء رصدها بصريا، لكن دون نجاح يذكر.
والمشكلة التي حالت دون ذلك تتمثل في أن الغازات فائقة البرودة لا تُصدر إشعاعا حراريا يمكن تتبعه بالأشعة تحت الحمراء، كما تفعل المواد العادية، ولهذا، طور باحثون من "معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا" طريقة جديدة تم الإعلان عنها في دورية "ساينس"، تعتمد على مراقبة ذبذبات الذرات، بدلا من حرارة الأشعة تحت الحمراء.
وفي قلب مختبر بالغ البرودة، استخدم الفريق ذرات الليثيوم-6، ووجدوا أنه عندما تسخن هذه الذرات قليلا، تبدأ بالاهتزاز بترددات أعلى، وباستخدام موجات راديوية دقيقة، تمكن العلماء من "جعل الذرات تهتز" بطريقة واضحة يمكن تتبعها، وكأنها تومض تحت المجهر، كاشفة عن رحلتها الحرارية الفريدة.
ولتقريب الصورة، يمكن تخيل أن كل ذرة تشبه وترا صغيرا في آلة موسيقية، وعندما تكون باردة، تهتز ببطء، وعندما تسخن، تهتز بسرعة، ومن خلال ضبط الموجات الراديوية على ترددات هذه الاهتزازات ذاتها، تمكن الباحثون من جعل الذرات "تعزف" بحرارة، مظهرة حركة الحرارة بشكل مرئي.
وهذا الرنين مكن العلماء من تصوير حركة الحرارة داخل السائل الفائق إطارا تلو الآخر، كما لو كانوا يصورون فيلما بطيئا، لكنهم لم يروا الحرارة تتحرك بالطريقة التقليدية، بل على هيئة موجة صوتية ترتد بين الجدران، كما لو كانت الحرارة نفسها "تتحدث".
ويقول البروفيسور مارتن زويرلاين، المشرف على الدراسة، في بيان أصدره معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا: "لأول مرة، يمكننا رؤية هذا الانتقال الحراري الغريب وتوثيقه صورة بصورة، فقد رأينا كيف تتحول المادة من سائل عادي إلى سائل فائق تُعامل فيه الحرارة كما لو كانت صوتا يرتد بين الجدران".
إعلانويضيف أن أهمية هذا الاكتشاف لا تقتصر على الجانب النظري، بل قد تفتح آفاقا جديدة لفهم سلوك أكثر الكيانات غرابة في الكون، مثل النجوم النيوترونية فائقة الكثافة، أو المواد الخارقة التي تنقل الكهرباء دون فقدان للطاقة، وهو الحلم الذي يسعى العلماء لتحقيقه منذ عقود من أجل ثورة في عالم الطاقة النظيفة".
ويختم بالقول: "ما نرصده هنا في ذرات أخف من الهواء بمليون مرة، يشبه إلى حد كبير سلوك الإلكترونات في الموصلات فائقة التوصيل، أو حتى النيوترونات في قلب نجم نيوتروني، فلدينا الآن نافذة نادرة تسمح لنا بقياس سلوك الحرارة بدقة لم تكن ممكنة من قبل".
وهكذا، فإن ما أنجزه هؤلاء الباحثون لا يعيد تعريف انتقال الحرارة فحسب، بل يفتح الباب لفهمها كظاهرة ديناميكية، نابضة، وربما كما يقول البعض، كـ"لغة خفية" تتردد داخل أعماق المادة.