"الموت البطيء" يتربص بالأسرى الفلسطينيين تحت وطأة التعذيب الوحشي المُمنهج
تاريخ النشر: 2nd, July 2024 GMT
◄ تعذيب وتنكيل وضرب مبرح وحرمان من أساسيات الحياة في معتقلات الاحتلال
◄ اغتيال معنوي يومي للأسرى عبر الشتائم والإهمال الطبي والتغذوي
◄ شهادات مروعة حول الأوضاع المأساوية للأسرى في سجون الاحتلال
◄ "حماس": أوضاع الأسرى تؤكد السلوك الإجرامي لحكومة الاحتلال الفاشية
◄ مدير مستشفى الشفاء بعد الإفراج عنه: العدو يتعامل بإجرام مع الجميع بمن فيهم الطواقم الطبية
◄ آلاف المعتقلين يتعرضون لـ"الإخفاء القسري" في ظروف غير إنسانية
الرؤية- غرفة الأخبار
بعيدًا عن عدسات الكاميرات ووسط غياب تامٍ لأي رقابة أو مساءلة، يقبع الآلاف من الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، في زنزانات ضيقة للغاية أو في أقبية تحت الأرض، وحتى في مواقع غير معلومة؛ حيث يتعرضون لأشد أنواع التعذيب والتنكيل والإذلال، خاصة بعد اندلاع عملية "طوفان الأقصى" وبدء الاحتلال عدوانه على قطاع غزة؛ إذ لم يكتفِ بسقوط قرابة 38 ألف شهيد، وعشرات الآلاف من المصابين والمفقودين، فأمعن في الاعتقالات الظالمة وأسر المدنيين العُزل.
وتعزل سلطات الاحتلال الأسرى عن العالم الخارجي، وتمعن في تعذيبهم، والاعتداء عليهم بالضرب المُبرح، والتنكيل، وحرمانهم من الزيارات العائلية والملابس والمستلزمات الأساسية، وكذلك منعهم من اللقاء بالمحامين، والإبقاء عليهم على مدار 24 ساعة تقريبًا في الزنازين وغرف الأقسام المكتظة ومنعهم من الاستراحة.
وكشفت شهادات وتصريحات لأسرى مُفرج عنهم، حجم التنكيل الذي يتعرضون له داخل السجون؛ سواء من حيث تكبيلهم بالأصداف الحديدية، أو توجيه الشتائم، بل وسب الذات الإلهية، والتهديد بالقتل والإعدام، والتفتيش اليومي للغرف، وحرمان الأسرى من العلاج، والإهمال المتعمد لحالة الأسرى المرضى الذين يعيشون الموت البطيء.
ويُعاني الأسرى من ظروف حياتية صعبة، ويواجهون ممارسات قمعية واستفزازية صعبة، منها التعذيب، والضرب المستمر، والتجويع، فوجبة الطعام المخصصة لأسير واحد على سبيل المثال تُقَدَّم إلى 7 أو 10 أسرى، ناهيك عن أن نوعية الطعام سيئة والوجبات رديئة. ويُحرم الأسرى من الشراء من دكان السجن "الكانتين"؛ حيث لا تتوافر أبسط الاحتياجات الأساسية وضمنها الملابس، يضاف إلى ذلك الاكتظاظ بالغرف وأقسام السجون المختلفة، والكثير من الأسرى يفترشون الأرض عند النوم. ويتعمد الاحتلال استفزاز الأسرى عبر إسماعهم النشيد الإسرائيلي "هتيكفا" عبر مكبرات الصوت، بهدف النيل من معنويات الأسرى وكسر إرادتهم، بينما يُرْفَع العلم الإسرائيلي داخل الأقسام، وعلى مداخل الزنازين.
وكشفت أرقام رسمية إسرائيلية، وجود 9 آلاف و623 أسيرًا فلسطينيًا في السجون الإسرائيلية. وقال مركز الدفاع عن الفرد الحقوقي الإسرائيلي "هموكيد": "اعتبارًا من 1 يوليو 2024 تحتجز إسرائيل 2059 سجينًا محكومًا عليهم، وألفين و783 موقوفًا، و3 آلاف و379 معتقلًا إداريًا دون محاكمة. كما تحتجز إسرائيل 1402 شخص باعتبارهم مقاتلين غير شرعيين"، حسب وصفهم، وهو تعبير تستخدمه إسرائيل للفلسطينيين من سكان قطاع غزة الذين جرى اعتقالهم بدءًا من 7 أكتوبر الماضي. وأشار المركز إلى "إن معاملة إسرائيل للسجناء الأمنيين تنتهك حقوقهم في المساواة والكرامة والحياة الأسرية والتعليم وغير ذلك، وهو ما يتعارض مع القانون الدولي". وبحسب بيان للمركز فإن "احتجاز السجناء والمعتقلين من الأراضي الفلسطينية المحتلة داخل إسرائيل يشكل انتهاكًا صارخًا لاتفاقية جنيف الرابعة، التي تحظر نقل الأسرى والمعتقلين خارج الأراضي المحتلة، وينتهك أيضًا حقوق الإنسان الأساسية المنصوص عليها في القانون الإسرائيلي، من بين أمور أخرى". وأضاف مركز الدفاع عن الفرد: "تم توفير البيانات من قبل مصلحة السجون الإسرائيلية، وتشمل جميع النزلاء الأمنيين في السجون الخاضعة لسلطة مصلحة السجون الإسرائيلية؛ بما في ذلك سجن "عوفر" الواقع في الضفة الغربية.
وأمس، أفرج الاحتلال الإسرائيلي عن مدير مجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة، الدكتور محمد أبو سلمية، بعد أكثر من 7 أشهر من احتجازه في الأَسْرِ، برفقة أعداد من الكوادر الطبية التي اعتقلها الاحتلال من مستشفيات قطاع غزة. وأبو سلمية هو طبيب أطفال فلسطيني بارز، تولى منصب المدير الطبي لمستشفى النصر عام 2007، ثم تولى إدارة مستشفى الرنتيسي عام 2015، وبعدها أصبح مديرًا لمستشفى الشفاء عام 2019 حتى اعتقاله في 23 نوفمبر 2023. وأفادت مصادر بأن الجيش الإسرائيلي أفرج عن نحو 50 أسيرًا وصلوا إلى شرق منطقة القرارة بخان يونس جنوب قطاع غزة صباح أمس الاثنين. وأكد أبوسلمية- خلال مؤتمر صحفي- أن "الاحتلال يعتقل الآن الجميع بمن فيهم الكوادر الطبية، وهناك من استشهد داخل السجون الإسرائيلية"، مشيرا إلى أن "العدو المجرم أثبت مدى إجرامه بتعامله مع الطواقم الطبية".
من جهتها، أصدرت حركة "حماس" بيانًا أمس قالت فيه إن "الحالة التي ظهر عليها الأسرى الذين أفرج عنهم جيش الاحتلال الفاشي وما أدلَوا به من شهاداتٍ مُرَوِّعة حول الأوضاع المأساوية التي يعيشها المختطفون من قطاع غزة يؤكّد السلوك الإجرامي لحكومة الاحتلال الفاشية، وتعتبر هذه الجرائم المستمرة بقرار من حكومة الاحتلال ضمن سياستها الفاشية باستهداف الشعب الفلسطيني وإبادته، بغطاء كامل من الإدارة الأمريكية المتواطئة مع انتهاكاتٍ فاضحة للقوانين الدولية، تتم على مرأى ومسمع من العالم أجمع". وطالبت "حماس" المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومؤسساتها، "بالعمل الفوري على وقف هذه المجزرة التي تنفّذها حكومة الاحتلال النازية، وضرورة حماية الأسرى والمعتقلين، والمدنيين في مناطق الصراع". كما دعت الحركة اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى ضرورة التحرك وكشف مصير آلاف المعتقلين الفلسطينيين الذين اختطفهم جيش الاحتلال من قطاع غزة، ويعمل على إخفائهم قسرًا في ظروف لا إنسانية.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: السجون الإسرائیلیة قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
مسؤول عسكري إسرائيلي سابق يتهم نتنياهو بتوريط إسرائيل في مأزق غزة
اتهم يسرائيل زيف، رئيس العمليات السابق في جيش الاحتلال الإسرائيلي، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإدخال "إسرائيل في مأزق إنساني ولوجستي" في قطاع غزة.
وأكد زيف، أن القطاع يشهد "فوضى، وأن المسؤول الوحيد عنها هو إسرائيل"، قائلا: "إسرائيل تغرق في مستنقع بأعين مفتوحة ودون منفذ للنجاة".
وأضاف أنه "بعد 600 يوم من الحرب، لم نقترب خطوة واحدة من النصر الكامل"، مشيرا إلى أن جنود الاحتياط "منهكون ومستنزفون وأن الجيش يقترب من التحول إلى ميليشيا من حيث الانضباط".
كما لفت إلى أن الجيش يُطلب منه "الاستمرار دون هدف واضح أو استراتيجية خروج"، واصفا "الشعارات الداعية إلى القضاء على حماس بأنها جوفاء ومنفصلة تماما عن الواقع".
ووفق تقديرات مصادر إسرائيلية مطلعة، فإنه "لا يتوقع أن تعارض إسرائيل اتفاق وقف إطلاق نار لمدة 60 يوما وإفراج حماس عن أسرى إسرائيليين، بينهم 10 أحياء ونصف الأسرى الأموات، مقابل الإفراج عن عدد غير معروف حاليا من الأسرى الفلسطينيين، بموجب مقترح المبعوث الأمريكي، ستيف ويتكوف".
وطوال المفاوضات بين الاحتلال والمقاومة بوساطة أمريكية وقطرية ومصرية، أصرت الحركة على وقف إطلاق دائم وانسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة كله، ورفضت إسرائيل هذا المطلب بالمطلق.
وعقب اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى السابق، في الفترة بين 19 كانون الثاني/ يناير و18 آذار/ مارس من العام الحالي، استأنف الاحتلال الحرب وأعلن أنها تسعى إلى تحقيق الأهداف نفسها التي وضعتها في بداية الحرب، قبل حوالي 20 شهرا، وهي القضاء على حماس وإعادة الأسرى من غزة.
وفشل الاحتلال بتحقيق أي من الهدفين، فيما ترفض حكومة نتنياهو حتى الآن الحديث عما يسمى "اليوم التالي" في غزة بعد الحرب، وتعلن في الوقت نفسه أن الحرب لن تتوقف، وأنها تسعى إلى تنفيذ مخطط طرد سكان غزة إلى خارج القطاع، فإنه أصبح واضحا أن الحرب ليست ضد حماس فقط، وإنما هي بالأساس ضد سكان غزة المدنيين، الذين يشكلون الغالبية العظمى من القتلى والجرحى والمهجرين الذين دمرت بيوتهم وحياتهم كلها.