أكمل الإنجليز ما بدأه الأتراك في 1821 من تحديث للدولة المسماة السودان بحدودها التي استمرت حتى 2011 … وكان يمكن أن يكون اسمها غير السودان وتكون حدودها ليس تلك ولكن حدث ما حدث.. وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى…
من سمات الدولة الحديثة غير حدودها المعترف بها دولياً وعاصمتها وعملتها وعلمها ونشيدها الوطني وحاجات تانية حامياني أن يكون فيها طبقة سياسية بشقيها حاكمة ومعارضة وهذا يعني بالضرورة وجود أجندة سياسية متعارضة وكلما تقاربت هذة الأجندة المتعارضة كلما كان هناك استقراراً سياسياً وكلما تباعدت يحدث العكس.
الطبقة الوطنية السياسية السودانية عند النشأة كان التعارض في أجندتها حول الاستقلال الكامل أم الاتحاد مع مصر.. فاستقل السودان ولكن رغم ذلك استمر الخلاف على أجندة جديدة لا تعدو أن تكون طق حنك…
ثم ظهرت الحركة الشيوعية فحاولت أن تفرض أجندة جديدة.. فرفعت شعار الصراع الطبقي… وبما أن الطبقات لم تتبلور بعد في السودان حاولوا طرح برامج توعوية أخرى كالحداثة والتقدمية والذي منه فأخدوا عرضتهم..
ثم ظهرت الحركة الإسلامية كحركة أممية أخرى مناهضة للشيوعية… فطرحوا شعار الدولة الإسلامية مقابل الدولة العلمانية… ومثلما فشل جند الصراع الطبقي فشل جند الصراع الديني ولكن ظلت الحركة تمارس السياسة بتكتيكات مختلفة قائمة على قوة التنظيم فأخدت عرضتها وكانت عرضة صقرية مازالت كتاحتها معكلبة..
ثم جاءت الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة جون قرنق.. فطرحت صراع المركز والهامش ونجحت في تغيير حدود السودان.. ولكنها لم تنجح في إيجاد استقرار في البلدين.. مما يشي بأن النظرية لحقت بنظرية الصراع الطبقي والصراع الديني أي دخلت التلاجة هي الأخرى..
السياسيون الذين تحاشوا النظريات الثلاثة ظلوا يتخبطون في برامج سياسية.. قومية عربية.. قومية أفريقية وكلها دخلت التلاجة والآن في الساحة الأجندة السياسية المطروحة تترواح بين المدنية و الليبرالية الحديثة وهذة من الضعف بمكان وهناك الجهوية والمناطقية وتنحدر إلى العنصرية والقبلية وكل هذة مختلطة مع بقايا من الثلاثة المذكورة أعلاه
فنحن اليوم في السودان المتبقي نعيش راهنا سياسيا في غاية البؤس، كل الأجندة السياسية أصابها الاهتراء فأصبحت عجفاء. َ… ويا ميلة بختك يا أمة السودان.
السياسة مثل الطبيعة لا تعرف الفراغ فطالما الأجندة الداخلية أصابها البوار كان لابد من أن تزحف أجندة خارجية لتملأ هذا الفراغ ولعل هذا ما حدث إذ يدفع الشعب السوداني الفضل. ََ.. دمه وروحه وماله وعرضه نتيجة هذة الأجندة الخارجية … لقد أصبحنا عشباً تتعارك فوقه الأفيال… ويا ميلة بختك يا أمة السودان
ولكن ؟؟
د. عبد اللطيف البوني
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
نتنياهو يستقوي بترامب.. تقرير بريطاني يحذر من مرحلة الإفلات من العقاب
قال مركز أبحاث بريطاني إن الثقة المطلقة التي يبديها الاحتلال الإسرائيلي تجاه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ترتبط مباشرة بإحساسها المتزايد بالإفلات من العقاب، في ظل استمرار الغارات الإسرائيلية على غزة رغم مرور شهرين على إعلان "وقف إطلاق النار"، الذي وصفه التقرير بأنه "مضلل" ولا يعكس الواقع الميداني.
التقرير الصادر عن مركز “أوبن ديموكراسي” في لندن، سلط الضوء على مشاهدات ميدانية وآليات سياسية تكشف حجم الانتهاكات الجارية، إلى جانب التحولات التي تشهدها الخطة الأمريكية الخاصة بإدارة غزة، وما رافقها من تغييرات مفاجئة طالت شخصيات محورية مثل توني بلير.
غارات مستمرة رغم وقف النار
ذكر التقرير أن الفلسطينيين في غزة واصلوا دفع ثمن الغارات الإسرائيلية، سواء عبر المقاتلات أو الطائرات المسيرة التي استهدفت مباني وخرائب وحتى المخيمات المؤقتة، رغم الإعلان عن وقف إطلاق النار.
وأشار إلى أن هذه الهجمات أسفرت عن سقوط شهداء فلسطينيين بشكل شبه يومي، بما يؤكد أن "وقف النار" بات مصطلحا لا يعكس حقيقة العمليات العسكرية الإسرائيلية.
وفي الوقت ذاته، يؤكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو استعداد "تل أبيب" للانتقال إلى المرحلة التالية من خطة ترامب الخاصة بغزة، بينما تشير تقارير أمريكية إلى أن الخطة ذاتها تخضع لتعديلات جوهرية.
إقالة توني بلير
فيما أشار تقرير فايننشال تايمز أشار إلى أن توني بلير، رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، قد أُقيل هذا الأسبوع بهدوء من "مجلس السلام" التابع لإدارة ترامب، وهو المجلس الذي كان مكلفا بالإشراف على إدارة غزة. وكان يتوقع أن يلعب بلير دورا مركزيا وربما قياديا في البرنامج، إلا أن اعتراضات عربية وإسلامية — على خلفية دوره في غزو العراق عام 2003 — جعلت تعيينه "غير لائق سياسيا"، وفق الصحيفة.
وبحسب المركز البحثي البريطاني، تجلت ثقة نتنياهو بنفسه في إجراءات ميدانية جسيمة، أبرزها ضم فعلي لأكثر من نصف قطاع غزة دون إعلان رسمي.
فقد حشر نحو مليوني فلسطيني داخل شريط ضيق على الساحل يعرف بـ"المنطقة الحمراء"، بينما تسيطر قوات الاحتلال على "المنطقة الخضراء" التي تمثل 58% من مساحة القطاع.
وتظهر أعمدة خرسانية صفراء رسمتها قوات الاحتلال الحدود الفاصلة بين المنطقتين، وتعاملها المؤسسات الأمنية الإسرائيلية كحدود جديدة بحكم الأمر الواقع.
تجسس على القوات الأمريكية
في خطوة أخرى توثق الاستهتار الإسرائيلي، كشف التقرير أن "إسرائيل" تجسست على القوات الأمريكية داخل مركز التنسيق المدني العسكري (CMOC)، وهو غرفة عمليات مخصصة لمراقبة وقف إطلاق النار أنشأتها واشنطن في كريات جات جنوب الأراضي المحتلة٬ على مسافة 20 كيلومتراً من غزة. ويؤكد المركز أن التجسس بدأ منذ 10 تشرين الأول/أكتوبر، من دون أي تبعات سياسية حتى الآن.
خارج غزة، يشير التقرير إلى أن الجيش والشرطة الإسرائيليين يتمتعان بحصانة شبه كاملة في تعاملهم مع ثلاثة ملايين فلسطيني يعيشون في الضفة المحتلة والقدس. ومن الأمثلة الحديثة، قتل فلسطينيَين أعزلاً بالرصاص بعد استسلامهما.
ومنذ بدء الحرب على غزة قبل عامين، استشهد أكثر من ألف فلسطيني في الضفة الغربية وحدها، بينما أجبر 32 ألفا على النزوح من مخيمات شمال الضفة خلال العام الأخير.
وفي القدس، تواجه 34 عائلة تضم 175 فردا خطر الإخلاء القسري من حي بطن الهوى لصالح جمعيات استيطانية.
عنف متصاعد يهدد جيلا كاملا
ونقل المركز عن منظمة "أنقذوا الأطفال" أن حملات الجيش الإسرائيلي أجبرت مجتمعات بأكملها في شمال الضفة على البقاء داخل منازلهم، ما أدى إلى تعطيل تعليم الأطفال وتعريض الأسر لخطر فقدان الدخل، وزيادة احتمالات تعرض الأطفال للعنف أو الاعتقال.
وأكدت المنظمة أن "مستقبل جيل كامل بات مهددا"، في ظل القيود على المساعدات، وتوسع العنف الاستيطاني، وعمليات الهدم، ومصادرة الأراضي، وتدمير البنية التحتية.
ويرى مركز “أوبن ديموكراسي” أن إصرار نتنياهو على البقاء في السلطة حتى الانتخابات المقبلة يجعل من الصعب تصور أي انفراجة قريبة للأزمة الفلسطينية.
كما يتوقع المركز أن تمتد آثار الحرب على غزة إلى أجيال قادمة، وأن تترك تداعيات سياسية واجتماعية واقتصادية طويلة الأمد.
تحوّل في المزاج الأمريكي
تقرير لوموند ديبلوماتيك الذي استشهد به المركز، أشار إلى تحول كبير في الرأي العام الأمريكي، حيث "لا تؤيد غالبية الأمريكيين الآن عمليات الجيش الإسرائيلي في غزة"، وللمرة الأولى "يحظى الفلسطينيون بتأييد أكبر من إسرائيل" في استطلاعات الرأي.
ويحذر المركز من أن استمرار تراجع الدعم الشعبي الأمريكي للاحتلال الإسرائيلي قد ينعكس سريعا على موقف ترامب نفسه، إذا شعر بأن هذا الدعم بات يهدد صورته أو حساباته الداخلية.