لجريدة عمان:
2025-07-08@06:18:22 GMT

هل تعيد فرنسا سيناريو عام 2002؟

تاريخ النشر: 3rd, July 2024 GMT

بداية الأسبوع المقبل ستكون حاسمة لتحديات سياسية - وربما وجودية - خطيرة تمر بها فرنسا اليوم؛ وهي تحديات من تلك القماشة التي لا تهدد السلطة السياسية وتحولاتها الطبيعية بين يمين ويسار الوسط فحسب، بل تهدد كذلك ما تمثله هوية فرنسا وكيانيتها في العالم الحديث.

فأمام النتائج المفزعة في الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية التي أسفرت بداية هذا الأسبوع عن تقدم كبير لأقصى اليمين المتطرف، وأفزعت الكثيرين في أوروبا والعالم من احتمالات خطرة أمام مستقبل فرنسا الوجودي، يبدو الوضع اليوم - والقياس مع الفارق - أشبه بحال فرنسا العام 2002 حين أسفرت الانتخابات الرئاسية، لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية، عن حصد الجبهة الوطنية لليمين المتطرف بقيادة جان ماري لوبين (والد مارين لوبين الزعيمة الحالية لحزب التجمع الوطني) ما نسبته 18% من أصوات مقترعي الانتخابات الرئاسية، فكان ذلك الحدث، بحد ذاته، مؤشرا خطيرا اضطرت معه كل القوى السياسية الفرنسية بيمينها - غير المتطرف - ويسارها إلى الاصطفاف خلف برنامج الرئيس الديغولي جاك شيراك، ونجح المجتمع السياسي الفرنسي آنذاك في الحد من وصول اليمين المتطرف إلى السلطة.

اليوم، هل يمكن القول إن ذلك السيناريو في صيف العام 2002 قابل للتجديد في ظل مياه كثيرة جرت تحت الجسر؟ لعل الإجابة على هذا السؤال تبدو أكثر صعوبةً حيال السيولة السريعة لتقلب الأوضاع السياسية في فرنسا، وهي سيولة نتوقع معها تحالفات دراماتيكية قد تسفر عنها ترتيبات القوى السياسية المختلفة للحيلولة دون وصول اليمين المتطرف إلى السلطة.

تنهض الدعاية السياسية لليمين المتطرف على تمثيلات شعبوية تتوهم صفاءً للهوية الفرنسية كنموذج احتذائي للتميَّز الذي عكس فرادة الشعب الفرنسي في مخيال محازبي ذلك اليمين، إلى جانب تسويق الضجر من الوعود غير المتحققة لسياسات الرئيس الفرنسي ماكرون، والزعم بطرح برنامج اقتصادي ذي سياسات إنفاق تختلف عن أولويات الإنفاق على قضايا الاندماج وسياسات الهجرة، والتخفف من الالتزام بقضايا الاتحاد الأوروبي، حيث وعد اليمين المتطرف في برنامجه السياسي «بإنهاء سيادة القوانين الأوروبية،» فضلاً عن قضايا أخرى مثل؛ الإسلاموفوبيا والعولمة وغيرها من القضايا التي تعكس طابعًا للإثارة والقابلية للتهييج الإعلامي الشعبوي، لكنها في الوقت ذاته، لا تنطوي على تصورات تضمر حلولاً واقعية أو موضوعية في محتوى البرنامج السياسي لليمين المتطرف، فضلاً عن أن تلك المشكلات المعقدة؛ مشكلات ذات طابع عمومي في أوروبا جميعا.

هكذا سنجد في بعض وعود البرنامج السياسي لمرشح اليمين المتطرف جوردان بارديلا ما يقوم على رفض تعيين الفرنسيين مزدوجي الجنسية الذين قال عنهم: «إنه يريد منعهم من تولي مناصب استراتيجية حسّاسة» واصفا إياهم بـ «أنصاف الوطنيين» وهو أمر يضمر تمييزا خطيرا نابعا من توهم صفاء الهوية!

سياسي «التيك توك» هذا (جوردان بارديلا) - كما يطلقون عليه في فرنسا - يحرك بسهولة وسائل التواصل الاجتماعي «التي قاد حزبه خلالها حملات ناجحة تحت شعارات وأفكار بسيطة، تلعب على مخاوف بسطاء الناس من خسارة هويتهم الفرنسية» قال عنه بعض الأكاديميين الفرنسيين: «لا تعلم تحديدا ما الذي يقترحه، لكنك تجد الكثير من مقترحاته». ولعل في هذا الوصف - تحديداً - يكمن خداع الدعاية السياسية لليمين الشعبوي المتطرف، فذلك اليمين إذ يستهلك قيم الديمقراطية دون أن يلتزم بقيمها واستحقاقاتها، فهو كذلك يعجز عن وضع الحلول المعقدة للمشكلات المعقدة.

ولعل فشل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في معالجة تحديات وباء كورونا الذي كان في قائمة أهم أسباب عدم التجديد له لولاية ثانية في انتخابات العام 2020 بالولايات المتحدة، خير دليل على ذلك.

هناك مشكلات حقيقية لعبت فيها سياسات العولمة الاقتصادية دورا كبيرا في تقليص دور الرعاية والرفاهية للدولة القومية في أوروبا ما بعد الحرب العالمية الثانية، وهي مشكلات يزعم اليمين المتطرف وعودا لمعالجتها في دعايته الشعوبية خلال الانتخابات، لكنها أبعد ما تكون عن ذلك.

من يطلع على كتاب «المثقفون المزيفون» للمفكر الفرنسي باسكال بونيفاس الذي وضع له عنوانا جانبيا: «الانتصار الإعلامي لصناعة الكذب» وتعرض فيه لنقد التزييف الذي يمارسه «فلاسفة» شعبويون في الإعلام الفرنسي، ربما سيدرك طرفا من طبيعة ذلك الرواج الذي تنهض عليه الدعاية السياسية لليمين المتطرف.

محمد جميل أحمد كاتب من السودان

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الیمین المتطرف للیمین المتطرف

إقرأ أيضاً:

نيوم يتعاقد مع الفرنسي غالتييه لتدريب الفريق

أعلن نادي نيوم الصاعد حديثًا إلى دوري روشن السعودي، يوم السبت، تعاقده رسميًا مع الفرنسي كريستوف غالتييه لتدريب الفريق خلفًا للبرازيلي بريكلس شاموسكا.

وكان نيوم أعلن يوم الخميس إنهاء العلاقة التعاقدية بالتراضي مع المدرب شاموسكا الذي قاده للصعود من دوري "يلو" لأندية الدرجة الأولى إلى دوري روشن السعودي.

تشواميني يُشيد بتشابي ألونسو ويُقارن بينه وبين أنشيلوتي قبل مواجهة دورتموند في كأس العالم للأندية مدرب باريس سان جيرمان السابق يقود نيوم السعودي

وسبق لغالتييه أن تولى تدريب أندية سانت إيتيان وليل ونيس وباريس سان جيرمان في فرنسا، بينما كانت آخر محطاته مع الدحيل القطري.

وتوج غالتييه بالدوري الفرنسي مرة مع ليل ومثلها مع باريس سان جيرمان الذي توج معه أيضًا بالسوبر المحلي، بالإضافة إلى تحقيق كأس الرابطة مع سانت إيتيان.

مقالات مشابهة

  • مارسيليا الفرنسي يضع نايف أكرد على رأس أولوياته
  • بعد حلقة مها الصغير.. الفنان الفرنسي يرد على اعتذار منى الشاذلي
  • منى الشاذلي تعتذر للفنان الفرنسي بعد اتهامه مها الصغير بسرقة لوحاته
  • الحضري: ياسين بونو بيكلمني.. وتصديه اللي كله بيتكلم عليه عملته في 2002
  • شمبش يناقش مع سفير فرنسا قضايا حقوق الإنسان والأوضاع السياسية
  • مجلس النواب يودّع السفير الفرنسي في بنغازي
  • نيوم يتعاقد مع الفرنسي غالتييه لتدريب الفريق
  • عاجل | الأمير فيصل بن الحسين يؤدي اليمين الدستورية نائبا للملك
  • هل يجوز الجمع في الصوم بين نية كفارة اليمين وعاشوراء؟.. الإفتاء تجيب
  • الأوقاف: خطورة الفكر المتطرف.. موضوع خطبة الجمعة المقبلة