هل يجوز الجمع في الصوم بين نية كفارة اليمين وعاشوراء؟.. الإفتاء تجيب
تاريخ النشر: 5th, July 2025 GMT
تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا مضمونه: ما حكم الجمع في الصوم بين نية كفارة اليمين وعاشوراء؟ فهناك رجلٌ عليه صيام كفارةِ يمينٍ، وقد اعتاد صيام يوم عاشوراء ويوم قبله ويوم بعده، أي: أيام التاسِع، والعاشر، والحادي عشر من شهر الله المُحرَّم، فهل يجوز له أن يجمع بين نية صيام الكفارة مع نية صيام عاشوراء في هذه الأيام، فيجزئه ذلك عن الكفارة شرعًا، ويُكتب له أجر صيام عاشوراء كذلك، أم أن عليه أن يخص كل عبادة بنية مستقلة؟
وأجابت دار الإفتاء عبر موقعها الرسمى عن السؤال قائلة: إنه يجوز للرجل المذكور أن يجَمع في الصيام بين نِيَّةِ صيام كفارةِ اليمين -حيث تعيَّن عليه الصيام لعدم قدرته على إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم- ونية صيامِ عاشوراء، ويجزئه صومه هذا عن الكفارة، ويحصل له به أيضًا ثواب التطوُّع بصيام عاشوراء، إلا أن الأكمل والأكثر ثوابًا أن يصوم أيام كفارة اليمين في غير عاشوراء لينال أعظَم الأجر وأجزَل الثواب وأتَم العمل.
الجمع في الصوم بين نية كفارة اليمين وعاشوراء
ونوهت ان الجمع بين نيَّة صيام كفارة اليمين حيث تعيَّن الصيام، وبين نية التطوع بصيام عاشوراء، متفرعٌ عما قرَّره الفقهاء في مسألة التشريكِ في النيةِ بين الواجبِ والنَّفل عند أداء الطاعة، حيث اختلفوا في أن ينوي المكلف مع العبادة المفروضة أو الواجبة عبادةً أخرى مندوبة، والمختارُ للفتوى جواز ذلك شرعًا، ومن ثم فإن الصوم يجزئ عن الكفارة وعاشوراء معًا، ويحصُلُ للصائِمِ بذلك ثوابُ التطوُّع، إضافةً إلى صوم الكفارة، وهو مذهب المالكيةِ، والشافعية في المعتمد.
قال العلامة العَدَوِي المالكي في "حاشيته على شرح الخَرَشِي على مختصر خليل" (2/ 241، ط. دار الفكر): [قال البدر: انظر لو صام يوم عرفة عن قضاءٍ عليه، ونوى به القضاء وعرفة معًا، فالظاهر أنه يجزئ عنهما معًا؛ قياسًا على مَن نوى بغُسله الجنابةَ والجمعةَ فإنه يجزئ عنهما معًا، وقياسًا على مَن صلَّى الفرض ونَوَى التحيَّة] اهـ.
وقال الإمام السُّيُوطِي الشافعي في "الأشباه والنظائر" (ص: 21- 22، ط. دار الكتب العلمية): [القِسم الثاني: أَن ينوِيَ مع العبادةِ المفروضَةِ عبادةً أخرى مندوبة، وفيه صُوَر: منها ما لا يقتضِي البُطلان ويحصُلانِ معًا.. لو صام في يومِ عرفةَ مثلًا قضاءً أو نذرًا أو كفارة، ونوى معه الصوم عن عرفة، فأفتى البَارِزِيُّ بالصحة والحصولِ عنهما] اهـ.
وقال الإمام الرَّمْلِي الشافعي في "نهاية المحتاج" (3/ 208- 209، ط. دار الفكر) عن جواز الجمع بين الصوم الواجب وصوم التطوع: [ولو صام في شوال قضاءً أو نذرًا أو غيرهما، أو في نحو يوم عاشوراء، حصل له ثواب تطوُّعها، كما أفتى به الوالدُ رحمه الله تعالى تبعًا لِلبَارِزِيِّ، وَالأَصفُونِيِّ، وَالنَّاشِرِيِّ، والفقيه علي بن صالحٍ الحَضرَمِيِّ، وغيرهم] اهـ.
ومع ذلك فإنَّ الأعظَم أجرًا، والأجزَل ثوابًا، والأتَم عملًا: أن يصوم المكلَّف أيام كفارة اليمين التي عليه في غير أيام تطوُّعه؛ لما تقرر في قواعد الشرع الشريف من أن "ما كان أكثر فعلًا كان أعظَم فضلًا"، كما في "الأشباه والنظائر" للإمام السُّيُوطِي (ص: 143).
ودليل هذه القاعدة: ما روي عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لها في عُمرتها: «إِنَّ لَكِ مِنَ الأَجرِ عَلَى قَدرِ نَصَبِكِ وَنَفَقَتِكِ» أخرجه الإمام الحاكم في "المستدرك"، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وله شاهد صحيح".
وأكدت بناءً على ذلك أن جَمع الرجل المذكور في الصيام بين نِيَّةِ صيام كفارةِ اليمين -حيث تعيَّن عليه الصيام لعدم قدرته على إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم- ونية صيامِ عاشوراء -جائزٌ شرعًا، ويجزئه صومه هذا عن الكفارة، ويحصل له به أيضًا ثواب التطوُّع بصيام عاشوراء، إلا أن الأكمل والأكثر ثوابًا أن يصوم أيام كفارة اليمين في غير عاشوراء لينال أعظَم الأجر وأجزَل الثواب وأتَم العمل.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: كفارة اليمين يوم عاشوراء صيام يوم عاشوراء عاشوراء عاشوراء 2025 يوم عاشوراء 2025 صیام عاشوراء یوم عاشوراء عن الکفارة صیام کفارة نیة صیام ثواب ا ة صیام
إقرأ أيضاً:
هل يجوز قول عليه السلام بعد ذكر سيدنا الحسين؟.. الإفتاء توضح الحكم الشرعي
تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالًا من أحد المتابعين عبر موقعها الرسمي، يستفسر فيه عن حكم قول "عليه السلام" بعد ذكر سيدنا الحسين بن علي رضي الله عنه، مشيرًا إلى أن والده اعتاده على ذلك منذ صغره، لكنه تعرّض للإنكار من أحد أصدقائه الذي اعتبر الأمر نوعًا من الغلو، فما هو الحكم الشرعي؟
أجابت دار الإفتاء بأن إطلاق عبارة "عليه السلام" بعد ذكر سيدنا الحسين هو أمر مشروع، لما يتضمنه من الأدب مع آل بيت النبي ﷺ، وإظهار المحبة والولاء لهم، وهو من علامات التوقير والبرّ بآل البيت الكرام.
وأكدت الدار أن هذا الأسلوب قد جرى عليه كثير من علماء الأمة في كتبهم ومصنفاتهم، وتلقاه أهل العلم بالقبول دون إنكار.
وأوضحت أنه لا مانع شرعًا من قول "عليه السلام" عند ذكر سيدنا الحسين، إلا إذا ورد في سياق قد يفهم منه توهم تخصيص أو تفضيل على غير وجه مشروع، وفي هذه الحالة يُستحسن استخدام ألفاظ مثل "رضي الله عنه" أو "رحمه الله" اتقاءً لأي لبس.
وذكرت الدار بمكانة الإمام الحسين، سبط النبي ﷺ وريحانته، مستدلة بما ورد عن الصحابي الجليل أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه حين دخل على رسول الله ﷺ ووجد الحسن والحسين يلعبان بين يديه، فقال له النبي: «وكيف لا أحبهما وهما ريحانتاي من الدنيا، أشمهما».
كما شددت الإفتاء على أن محبة آل البيت وتكريمهم واجبة في الشريعة الإسلامية، مستشهدة بقوله تعالى:
﴿قُل لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ﴾ [الشورى: 23].
وفي ختام فتواها، نقلت دار الإفتاء كلام الإمام ابن كثير في تفسيره، حيث أكد أن الإحسان إلى آل البيت واحترامهم أمر لا يُنكر، فهم من أنقى البيوت نسبًا، وخصوصًا إذا كانوا متمسكين بهدي النبي وسنته، كما كان عليه العباس وأبناؤه، والإمام علي وأبناؤه وذريته، رضي الله عنهم أجمعين.