لقد أحدثت المناظرة الرئاسية الأخيرة بين الرئيس الحالي جو بايدن والرئيس السابق دونالد ترامب موجات صادمة عبر المجتمع الدولي، حيث أعرب حلفاء الولايات المتحدة الرئيسيون عن قلقهم العميق بشأن تداعيات النتيجة. وقد سلط التركيز في المناظرة على القضايا العالمية الحرجة، مثل الصراع المستمر في أوكرانيا والعلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، الضوء على التناقض الصارخ بين نهجي المرشحين في السياسة الخارجية والقيادة العالمية.



وواجه الرئيس بايدن، المعروف بتركيزه على تعزيز التحالفات الدولية والنفوذ العالمي للولايات المتحدة، أداء باهتا ترك العديد من أقرب شركاء أمريكا يشعرون بعدم الاستقرار. في المقابل، قرعت دعوة الرئيس السابق ترامب إلى تطبيق نهج "أمريكا أولا" أجراس الإنذار بين حلفاء الولايات المتحدة؛ الذين يخشون العودة المحتملة إلى العلاقات المتوترة والسياسة الخارجية غير المتوقعة التي ميّزت ولايته السابقة.

مخاوف الحلفاء الأوروبيين

لقد ترك تركيز المناظرة على الأزمة الأوكرانية العديد من حلفاء أمريكا الأوروبيين، وخاصة أولئك الذين يقفون على خطوط المواجهة في الصراع، يشعرون بقلق عميق إزاء العواقب المحتملة لفوز ترامب. وأثار احتمال رئاسة ترامب، التي ينظر إليها على أنها أكثر تعاطفا مع طموحات بوتين الإقليمية، مخاوف حلفاء الولايات المتحدة من ضعف التحالف عبر الأطلسي وتضاؤل الالتزام الأمريكي بأمن شركائها الأوروبيين.

عدم الارتياح في الشرق الأوسط

بالمثل، تسببت المقاربات المختلفة للمرشحين في العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل أيضا في عدم الارتياح بين الحلفاء الرئيسيين في الشرق الأوسط. ففي حين أعرب كلا المرشحين عن دعمهما القوي لإسرائيل، فإن مزاعم ترامب بأنه كان بإمكانه منع الصراعات الأخيرة وانتقاده لطريقة تعامل بايدن مع الصراع في غزة؛ أثارت تساؤلات حول إمكانية حدوث تحول في السياسة الأمريكية تحت إدارة ترامب.

التداعيات المترتبة على فوز ترامب المحتمل

لقد أحدث احتمال عودة ترامب موجة من الصدمة في المجتمع الدولي، حيث أبدى العديد من الحلفاء قلقهم إزاء احتمال العودة إلى السياسة الخارجية غير المتوقعة والمواجهة التي ميزت ولايته السابقة. فخلال فترة رئاسته، أدى نهج ترامب "أمريكا أولا" واستعداده لتحدي التحالفات التقليدية والمؤسسات الدولية، مثل حلف شمال الأطلسي ومنظمة التجارة العالمية، إلى توتر العلاقات مع شركاء الولايات المتحدة الرئيسيين. وقد أدى إعجاب الرئيس السابق بزعماء مثل بوتين، وشي جين بينج، وكيم جونج أون، فضلا عن تشككه في التعاون المتعدد الأطراف، إلى تفاقم هذه التوترات.

وتتمثل المخاوف بين حلفاء الولايات المتحدة في أن فوز ترامب في عام 2024 قد يشير إلى تراجع دور الولايات المتحدة كزعيم عالمي وبطل للقيم الديمقراطية، مما قد يخلق فراغا في السلطة يمكن أن يملأه خصوم مثل الصين وروسيا. وهذا القلق يتصاعد بشكل خاص في مناطق مثل أوروبا وآسيا والمحيط الهادئ، حيث لعبت الولايات المتحدة تقليديا دورا حاسما في الحفاظ على الاستقرار وتعزيز المصالح المشتركة.

إضعاف التحالفات والمؤسسات

من المرجح أيضا أن تؤدي رئاسة ترامب إلى مزيد من إضعاف التزام الولايات المتحدة بالمؤسسات والتحالفات الدولية، التي كانت حجر الأساس للنظام العالمي بعد الحرب العالمية الثانية. وقد أثار ازدراء الرئيس السابق للتعددية وتفضيله للعمل الأحادي؛ مخاوف من أن فترة ولايته الثانية قد تشهد ابتعاد الولايات المتحدة بشكل أكبر عن منظمات مثل حلف شمال الأطلسي، والأمم المتحدة، ومنظمة التجارة العالمية.

تأثير المناظرة على حملة بايدن

كما أثارت تداعيات أداء بايدن في المناظرة مخاوف داخل الحزب الديمقراطي، حيث شكك بعض أعضاء الحزب وأنصاره في قدرة الرئيس على قيادة البلاد بفعالية لولاية أخرى. وقد أثارت لحظات التعثر التي أبداها الرئيس وصوته المرتجف أثناء المناظرة الشكوك حول قدرته البدنية والعقلية، مع تلميح بعض الحلفاء والقادة الديمقراطيين إلى الحاجة إلى تغيير محتمل في المسار. كما دفعت عواقب المناظرة إلى مراجعة الذات داخل الحزب، مع طرح أسئلة حول طريقة التعامل مع المناظرة واستعدادات الرئيس.

على الرغم من النكسة، ظلت حملة بايدن ثابتة في التزامها بترشيح الرئيس، حيث أكد المستشارون على أهمية مشاركة الناخبين والمرونة اللازمة للتنقل في المشهد الانتخابي. ومع ذلك، فإن تأثير المناظرة خلق بلا شك شعورا بالفوضى داخل معسكر بايدن، حيث قاد الموظفون الصغار المناقشات بعد المناظرة والإحباط يتصاعد بين أقرب مساعدي الرئيس.

الطريق إلى الأمام

بينما يتصارع العالم مع تداعيات المناظرة الرئاسية لعام 2024، يراقب المجتمع الدولي عن كثب الأحداث الجارية في الولايات المتحدة. وإن المخاطر كبيرة، إذ من المحتمل أن تؤدي نتائج الانتخابات إلى تشكيل مسار الشؤون العالمية لسنوات قادمة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه بايدن ترامب الانتخابات امريكا انتخابات بايدن الرئاسة ترامب مدونات مقالات مقالات مقالات صحافة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حلفاء الولایات المتحدة الرئیس السابق

إقرأ أيضاً:

الولايات المتحدة والصين تستأنفان محادثاتهما التجارية في لندن

بدأت اليوم الاثنين محادثات تجارية رفيعة المستوى بين الولايات المتحدة والصين في قصر لانكستر هاوس بلندن، في محاولة لإعادة إحياء الاتفاق الأولي الذي تم التوصل إليه في جنيف الشهر الماضي، والذي هدّأ مؤقتًا التوترات بين البلدين بسبب فرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسوم جمركية عالية على البضائع الصينية، ردت عليه بكين بفرض رسوم على البضائع الأميركية.

وقال متحدث باسم الحكومة البريطانية أمس الأحد "ستعقد الجولة المقبلة من المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين في بريطانيا يوم الاثنين… إننا أمة تدعم التجارة الحرة ولطالما كنا واضحين بأن الحرب التجارية ليست في مصلحة أحد، ولذلك نرحب بهذه المحادثات".

ويشارك في المحادثات وفد أميركي يقوده وزير الخزانة سكوت بيسنت ووزير التجارة هوارد لوتنيك والممثل التجاري الأميركي جيميسون جرير، فيما سيرأس وفد الصين نائب رئيس مجلس الدولة خه لي فنغ.

ويأتي هذا التطور بعد أربعة أيام من اتصال هاتفي أجراه الرئيس الأميركي دونالد ترامب بنظيره الصيني شي جين بينغ، في أول تواصل مباشر بينهما منذ تنصيب ترامب في 20 يناير/ كانون الثاني الماضي، أعرب خلاله الطرفان عن استعدادهما لاستئناف التعاون الاقتصادي وتخفيف القيود.

إعلان

وخلال الاتصال الذي استمر لأكثر من ساعة، طلب شي من ترامب التراجع عن الإجراءات التجارية التي ألحقت الضرر بالاقتصاد العالمي وحذره من اتخاذ خطوات تتعلق بتايوان من شأنها أن تمثل تهديدا، وفقا لتفاصيل صدرت عن الحكومة الصينية.

لكن ترامب قال على وسائل التواصل الاجتماعي إن المحادثات ركزت في المقام الأول على التجارة وأدت إلى "نتيجة إيجابية للغاية" بما يمهد الطريق لاجتماع اليوم الاثنين في لندن.

وتتهم كل من واشنطن وبكين الطرف الآخر بالتراجع عن اتفاق جنيف في مايو/أيار الماضي، والذي نصّ على خفض مؤقت للرسوم الجمركية التي تجاوزت 100%.

وكانت الصين قد أعلنت السبت الماضي عن موافقتها على بعض طلبات تصدير المعادن النادرة، دون تحديد البلدان أو القطاعات المستفيدة. ويُعد هذا التلميح خطوة أولى لإعادة تدفق المواد الخام الحيوية التي تسيطر عليها الصين عالميًا، والمستخدمة في صناعات دقيقة كالدفاع والطاقة والسيارات الكهربائية.

قلق أميركي من تباطؤ الإمدادات

وقال كيفين هاسيت، رئيس المجلس الاقتصادي الوطني الأميركي، أمس الأحد عبر شبكة سي بي إس: "نحن نصرّ على عودة تدفق المعادن النادرة والمغناطيس دون تأخير، كما كانت قبل أبريل/نيسان الماضي، دون أن تعيق التفاصيل التقنية هذا الانسياب. وقد بات هذا واضحًا للجانب الصيني."

ويحاول الطرفان معالجة توتر تصاعد منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني، إذ فرضت واشنطن رسومًا إضافية على واردات صينية، وردّت بكين بتقييد صادرات حيوية. كما شملت الخلافات قضايا أخرى تتعلق برقائق الذكاء الاصطناعي، وتأشيرات طلاب صينيين، ومنع تصدير مكونات حساسة إلى شركات صينية كبرى.

وقد تدهورت العلاقات التجارية مجددًا في الأشهر الماضية بعد أن فرضت إدارة ترامب رسومًا جمركية إضافية على المنتجات الصينية، وردّت بكين بتقييد صادرات المعادن النادرة والمغناطيس، في حين انتقدت الصين قيود واشنطن على رقائق الذكاء الاصطناعي من شركة "هواوي"، وبرمجيات تصميم الشرائح، ومحركات الطائرات، وتأشيرات آلاف الطلاب الصينيين.

بيسنت (يسار) ونائب وزير المالية الصيني لياو مين خلال لقائهما في جنيف الشهر الماضي (رويترز) آمال محدودة رغم الاتصالات المباشرة

وعلى الرغم من الإشارات الإيجابية التي نتجت عن الاتصال بين ترامب وشي، فإن التفاؤل في "وول ستريت" ظل محدودًا. فترامب، الذي وعد بإعادة تشكيل العلاقات التجارية الأميركية، لم يُبرم حتى الآن سوى اتفاق واحد جديد، مع المملكة المتحدة وفقا لبلومبيرغ.

إعلان

وينتهي قرار ترامب بتجميد الرسوم على السلع الصينية في أغسطس/آب المقبل، وإذا لم يتم التوصل إلى اتفاق، تخطط الإدارة لإعادة فرض الرسوم التي أُعلن عنها في أبريل/نيسان الماضي، والتي قد تتجاوز النسبة الحالية البالغة 10%.

وأوضح جوش ليبسكي، رئيس قسم الاقتصاد الدولي في مجلس الأطلسي في حديث للوكالة، أن فشل اتفاق جنيف ناتج عن الغموض: "لقد تُركت العديد من البنود مفتوحة للتأويل، ودفع الطرفان الثمن خلال الأسابيع التالية. الآن، يريد الجانبان فقط العودة إلى ما تم الاتفاق عليه في سويسرا، ولكن بتفاصيل أوضح بشأن ما يُرخّص وما يُمنع."

الجولة الحالية من المحادثات أكثر تعقيدًا من مفاوضات جنيف السابقة بحسب خبراء بلومبيرغ (شترستوك) فرصة لتحقيق المكاسب

ومع تزايد الضغوط الاقتصادية الداخلية في الصين، مثل الانكماش المستمر ومعدلات البطالة المرتفعة، يبدو أن بكين ترى في استئناف المحادثات فرصة لتحقيق مكاسب ملموسة.

وفي تعليق نشرته وكالة الأنباء الرسمية "شينخوا"، وُجّه انتقاد لواشنطن بسبب التعامل مع القضايا الاقتصادية من منظور أمني، محذّرة من أن "هذا التفكير سيُشكل العقبة الأكبر أمام التعاون المتبادل إذا لم يتم تصحيحه."

ورغم النقد، أبقت الوكالة الصينية الباب مفتوحًا لتحسّن العلاقات، مؤكدة أن "الولايات المتحدة والصين تتقاسمان مصالح مشتركة واسعة النطاق، وأن جوهر العلاقة الاقتصادية بينهما يقوم على المنفعة المتبادلة."

وفي لفتة رمزية، نقلت الخارجية الصينية عن ترامب ترحيبه بالطلاب الصينيين في الجامعات الأميركية، قائلًا إن "استقبالهم سيكون شرفًا له."

لكن المحللين في بلومبيرغ إيكونوميكس، ومنهم آدم فارار ومايكل دينغ، حذروا من أن الجولة الحالية من المحادثات ستكون أكثر تعقيدًا من سابقاتها.

وأوضحوا في تقريرهم أن "الفرص السهلة لتحقيق اختراقات أصبحت نادرة هذه المرة، ومع وجود ملفات حساسة على الطاولة، سيكون من الصعب الخروج بنتائج ملموسة."

إعلان

مقالات مشابهة

  • الولايات المتحدة تحذر من اغتيال الرئيس الشرع
  • احتجاجات الهجرة تنتشر في الولايات الأمريكية وآلاف المارينز يقمعون المتظاهرين
  • ترامب: الصين تسرق من الولايات المتحدة منذ سنوات ونريد فتح أسواقها
  • عضوة الحزب الجمهوري الأمريكي: الفوضى في كاليفورنيا قد تمتد لباقي الولايات الأمريكية
  • أهم الولايات الأمريكية تغرق في حرب الشوارع .. مظاهرات لوس أنجلوس تتسع إشتعالا وترامب يهدد بإرسال المارينز وحاكم كاليفورنيا يهدد بمقضاته
  • الولايات المتحدة والصين تستأنفان محادثاتهما التجارية في لندن
  • محادثات تجارية في لندن بين الولايات المتحدة والصين
  • بدء تنفيذ قرار ترامب بحظر دخول مواطني 12 دولة إلى الولايات المتحدة
  • الصين توافق على تصدير بعض المعادن النادرة قبل المحادثات مع الولايات المتحدة
  • الولايات المتحدة تنشر 2000 جندي من الحرس الوطني في لوس أنجلوس