يمانيون | تقرير
في صمتٍ دولي مخزٍ، وفوضى ضمير إنساني مستمرة، يواصل جنود حرس الحدود السعودي ارتكاب جرائم إبادة ممنهجة بحق فقراء اليمن القادمين من مناطق أنهكها الجوع والحصار.

آخر فصول هذه المأساة كان الشاب عبد الله علي قاسم الشمري، الذي خرج من قريته بمديرية حيدان في محافظة صعدة، بحثًا عن عمل بسيط يقي أسرته الموت جوعًا، ليعود جثة متفحمة، بعد أن حوّله النظام السعودي إلى هدف مباح للحديد والنار.

“برمودا الحدود السعودية”… مصيدة الفقراء اليمنيين
لم يكن عبد الله مجرمًا أو متسللًا كما تروّج الآلة الإعلامية السعودية، بل كان واحدًا من آلاف اليمنيين الذين هجّرهم الحصار، ودفعهم الفقر إلى عبور حدود “الأمل الموهوم”، حيث كانت السعودية تقدم نفسها قبل الحرب كدولة جاذبة للعمالة اليمنية، لكنها تحوّلت بعد العدوان إلى مثلث موت شبيه ببرمودا، لا يخرج منه اليمني حيًّا غالبًا.

بحسب إفادات الشهود الناجين من المذبحة، فإن جنود الحرس السعودي اقتادوا عبد الله ورفاقه إلى مراكز احتجاز سرّية، وهناك بدأت فصول التعذيب بالنار، والكيّ بالحديد، والإجبار على المشي فوق الجمر، وانتهت بصرخات عبد الله الأخيرة قبل أن يلفظ أنفاسه متفحمًا.

شهادات الناجين: “كانوا يحرقوننا… وكنا أحياء”
صلاح الجرفي، أحد الناجين، تحدث وهو يئن من آثار الحروق:

“كانوا يضعون الحديد المحمّى على أجسادنا، كأننا لسنا بشرًا… أجبرونا على المشي فوق الجمر، وقتلوا عبد الله أمام أعيننا.”

أما عادل سالم، الناجي الآخر، فكان أكثر ألمًا:

“كنا نبحث عن رزق لا عن معركة… عبد الله احترق وهو يصرخ: (ما عملنا شيء)… وما زال صوته يطاردنا حتى اليوم.”

هؤلاء الشهود عادوا محمّلين بجراح جسدية ونفسية، في وقت بقي فيه جثمان عبد الله ملقى في وادٍ على الجانب السعودي من الحدود، دون أن يُسلّم، أو يُوثّق كجريمة حرب، أو حتى تُثار قضية إنسانية باسمه.

جرائم ممنهجة لا حوادث فردية
ما جرى ليس استثناءً، بل تكرار لنمط دموي بدأ منذ بدء العدوان على اليمن عام 2015.

قوات حرس الحدود السعودية ارتكبت مئات الجرائم المشابهة على امتداد الشريط الحدودي، حيث تم توثيق حالات قتل عمد، تعذيب بالنار، إطلاق نار مباشر على مجموعات من العمال والمهاجرين، بل وصل الأمر إلى إطلاق النار على نساء وأطفال في مناطق حدودية مثل رازح ومنبه.

تقديرات حقوقية تشير إلى سقوط أكثر من 2,000 ضحية خلال السنوات الأخيرة في جرائم مماثلة، معظمهم فقراء أو عمال أو أشخاص يبحثون عن اللجوء.

السعودية والحرب الاقتصادية: من التجويع إلى الحرق
السعودية لم تكتف بالحرب العسكرية والقصف والتجويع والحصار، بل وسّعت أدوات الحرب لتشمل العقاب الفردي بالحديد والنار.
هذا النمط من القتل لا يخرج عن سياق حرب اقتصادية منظمة ضد اليمن، تتضمن:

إغلاق المنافذ أمام المسافرين والمغتربين. منع تصدير العمالة اليمنية التي كانت تشكّل شريان حياة للاقتصاد المحلي. استهداف العملة اليمنية والتلاعب بأسعار الصرف. قصف البنية التحتية وقطع طرق الإغاثة.

وفي ظل هذا الحصار، أصبحت “الهجرة من أجل البقاء” خيارًا إجباريًا، و”الحدود” مصيدة موت جماعي.

مفارقة الحرب: طرف واحد يقتل، والعالم أخرس
من اللافت أن كل الجرائم تُرتكب بحق يمنيين على الجانب السعودي، بينما لم تُسجل حالات قتل لمواطنين سعوديين على الطرف اليمني، رغم أن المناطق الحدودية تشهد توترًا مستمرًا.

وهذه الحقيقة تُظهر أن هذه حرب من طرف واحد، تستهدف الفقراء، وتستخدم فيها كل وسائل الإبادة الصامتة: الجوع، الحرق، التعذيب، الصمت، والخذلان الدولي.

جرائم ضد الإنسانية وصمت دولي
ما جرى لعبد الله الشمري، ومن قبله المئات من اليمنيين، لا يُصنَّف كـ”حالة فردية” أو “حادثة حدودية”، بل هو جريمة حرب مكتملة الأركان:

تعذيب بالنار قتل خارج القانون احتجاز سري إنكار وجود الضحايا صمت وتواطؤ دولي

وفقًا للقانون الدولي الإنساني، فإن قتل المدنيين، وتعذيبهم أثناء الاحتجاز، يُعد من الجرائم الجسيمة التي تستوجب الملاحقة الجنائية الدولية.

من “تنومة” إلى “الشمري”: مجازر تتكرر
ما جرى لعبد الله يذكّر بمجزرة حُجاج تنومة عام 1923، حين أبادت السلطات السعودية أكثر من 3,000 حاج يمني، في واحدة من أسوأ المجازر التي لم تُحاسب حتى اليوم.

الفرق الوحيد أن عبد الله لم يكن حاجًا، بل فقيرًا يبحث عن الحياة، فكان نصيبه الاحتراق حيًا.

إلى متى؟
عبد الله الشمري لم يُقتل في معركة، ولم يمت بالخطأ، بل تم قتله متعمدًا وبدم بارد، داخل سجون لا تحمل أسماء، وبأيدي جنود يمثلون نظامًا ينتهك القانون والكرامة.

إن ما يحصل على الحدود السعودية اليمنية هو وصمة عار في جبين الإنسانية، ولن تُغسَل بصمت الإعلام ولا بصمت المنظمات الدولية.

إنه ملف يجب أن يُفتح دوليًا، وتُطلق فيه حملة عدالة دولية للضحايا الذين يُقتلون فقط لأنهم يمنيون وفقراء.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: الحدود السعودی عبد الله الله ا

إقرأ أيضاً:

“السعودي الألماني” تفتتح عيادة جديدة في الشارقة

 

 

شهد الشيخ سعود بن سلطان القاسمي، مدير عام هيئة الشارقة الرقمية، افتتاح «السعودي الألماني الصحية» لعيادتها الجديدة في منطقة السيوح داخل «سيتي سنتر السيوح»، وعدد من القيادات التنفيذية في المجموعة.

ويأتي افتتاح العيادة الجديدة لتعزيز سهولة وصول العائلات إلى خدمات الرعاية الصحية الأساسية ضمن واحد من أسرع المجتمعات السكنية نمواً في الشارقة، حيث تُعد المنشأة الطبية الوحيدة الواقعة داخل مجتمع السيوح السكني.

وتقدّم العيادة مجموعة واسعة من الخدمات متعددة التخصصات تشمل: طب الأسرة والطب العام، طب الأطفال، أمراض النساء والتوليد، الأمراض الجلدية، طب الأسنان، وغيرها. وقد صُمّمت لتلبية الاحتياجات الصحية اليومية للسكان، مثل الاستشارات الطبية الروتينية، صحة الأطفال والمرأة، التطعيمات، الخدمات الجلدية والتجميلية، والعناية بالأسنان، إضافة إلى متابعة الأمراض المزمنة، بما يوفّر عليهم عناء التنقل لمسافات طويلة.

وتعمل العيادة بساعات عمل ممتدة خلال الفترة المسائية، مع توفير خيارات حجز رقمية سهلة، بالإضافة إلى قنوات تحويل مباشر إلى مستشفى السعودي الألماني الشارقة ومستشفى السعودي الألماني عجمان لإجراء الفحوصات التشخيصية المتقدمة والحصول على الرعاية التخصصية وخدمات الطوارئ.

وقال الدكتور أحمد عيسى، الرئيس التنفيذي لمجموعة «السعودي الألماني الصحية» في الإمارات:«يشكّل افتتاح عيادة السيوح خطوة مهمة في تقريب الرعاية الصحية عالية الجودة من العائلات التي تحتاج إليها. فالمجتمعات اليوم تتطلع إلى خدمات طبية موثوقة ومتاحة داخل أحيائها، بدلاً من قطع مسافات طويلة للحصول عليها. ويسعدنا دعم مجتمع السيوح والمناطق المحيطة عبر تقديم رعاية السعودي الألماني الموثوقة على مقربة من منازلهم».

وعقب الافتتاح الرسمي، نظّمت «السعودي الألماني الصحية» فعالية شملت: أنشطة توعوية لصحة الأطفال، ومحطات للفحوصات الوقائية، إلى جانب إتاحة الفرصة للسكان للقاء أطباء العيادة والتعرّف إلى الخدمات المقدّمة.


مقالات مشابهة

  • أحمد موسى: جرائم الاحتلال في القنيطرة مرفوضة.. وسوريا لن تكون أفغانستان جديدة
  • صور.. مساعدات سعودية جديدة لإغاثة المتضررين من السيول في غزة
  • ليبيا تشارك بـ«المنتدى العالمي لتحالف الحضارات» في السعودية
  • البنك السعودي الأول يتوج كأول بنك في المملكة يحصل على شهادة المعيار العالمي في تجربة العملاء ICXS-2019
  • “الشعبية”: العدو الصهيوني يرتكب جريمة حرب جديدة في غزة ويؤكد إصراره على تفجير اتفاق وقف النار
  • "الشعبية": الاحتلال يرتكب جريمة حرب جديدة في غزة ويقوض اتفاق وقف إطلاق النار
  • “السعودي الألماني” تفتتح عيادة جديدة في الشارقة
  • لجان المقاومة بفلسطين: قرار إقامة 19 مستوطنة جديدة بالضفة خطوة في سباق جريمة التطهير العرقي
  • هيئة الآثار تنشر قائمة جديدة بالآثار اليمنية المنهوبة
  • الخواطر … بوابة إلى الوعي القرآني وسمو الروح