سواليف:
2025-10-13@09:33:55 GMT

ماذا تبقى من الشارع العربي؟

تاريخ النشر: 6th, July 2024 GMT

ماذا تبقى من #الشارع_العربي؟

د. #فيصل_القاسم

هل مازال لدى الإنسان العربي قضايا وطنية أو قومية يتحمس لها أو تشغل باله يا ترى؟ هل مازال هناك هَمٌ وطني داخلي مشترك فيما يسمى بالدول العربية؟ هل مازال هناك رأي عام أو شأن عربي مشترك؟ كم ألف مرة سمعنا مصطلح (الشارع العربي) على مدى عقود؟ آلاف المرات طبعاً.

لكن هل هناك فعلاً شارع عربي أم شوارع وزواريب وحارات؟ هل مازال لدى من يسمون بالعرب قضية مركزية، أم إن الجميع بات منشغلاً بقضاياه الداخلية الخاصة التي باتت أحياناً تتفوق بمأساويتها وفظاعتها على ما كان يُسمى قضايا مركزية؟ ألم يتحول البلد الواحد إلى ملل ونحل متناحرة؟ لماذا مازال بعض المغفلين إذاً يتحدث عن عالم عربي أو وطن عربي أو قضية عربية أو جامعة عربية وسياسة عربية وحقوق عربية وشعوب عربية وأنظمة عربية ومنطقة عربية؟ بالله عليكم دعكم من هذه التسميات الخرافية السخيفة، فكلها مجرد أساطير. ليس هناك لا شعوب عربية ولا أنظمة ولا جامعة ولا قضية عربية مركزية ولا منطقة عربية ولا حتى وطن عربي. هناك ألف شعب وشعب ووطن ووطن وسياسة وسياسة وقضية وقضية، والجامعة المزعومة عبارة عن حاوية شراذم متصارعة متآمرة متعددة الألوان والأشكال، والأنظمة لها علاقة بالعرب كعلاقتي بكمبوديا. وإذا أردت أن تقلب على ظهرك من الضحك على شعار: (أمة عربية وإسلامية واحدة) فقط انظر اليوم إلى عدد المظاهرات الشعبية المناصرة لقضية عربية، وعدد الحفلات الفنية التي يرقص عليها الملايين في العواصم العربية، أو انظر إلى عدد الذين يشاركون في مظاهرة من أجل قضية محلية أو عربية عامة وعدد الماجنين الذين يتراقصون ويترنحون هذه الأيام في الحفلات الغنائية كثلة من السكارى.
ما هو الشغل الشاغل اليوم للجماهير العربية من المحيط إلى الخليج؟ إياك أن تقول لي إنهم مشغولون بغزة أو بالسودان أو بسوريا واليمن. سأزعل منك كثيراً. هل شاهدتم كيف يتدفق ملايين العرب على المهرجانات الغنائية هذه الفترة؟ هل شاهدتموهم وهم يتراقصون بمئات الآلاف على أنغام أغاني هذا المغني أو ذاك؟ ولو نظرت إلى عدد الفيديوهات المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي لهذه الفتاة العربية أو تلك وهي تحضن هذا المطرب أو ذلك على مسارح المهرجانات لوجدت أنها تنتشر كانتشار النار في الهشيم، بعد أن وصل عدد مشاهداتها إلى عشرات الملايين.

الشعوب فقدت الحماس للقضايا الكبرى، وصار لديها ألف قضية وقضية داخلية، ولم تعد تصدق الشعارات القومية والوطنية والدينية الكاذبة

مقالات ذات صلة تأملات قرآنية 2024/07/04

والأنكى من ذلك أن المواقع العربية لا هم لها اليوم إلا التركيز على حركات هذه الراقصة أو تلك وهي تتمايل أمام هذا المطرب أو ذلك في هذا المهرجان الفني أو ذاك. لقد انتشر خبر وفيديو إحدى الفتيات وهي تقبل وتعانق مطرباً ثم ترقص أمامه بطريقة مثيرة في أحد المهرجانات، انتشر بشكل رهيب بين الشباب العربي، وأصبح حديث الشارع لا بل الشغل الشاغل لمواقع التواصل. نعم نحن اليوم في العطلة الصيفية وهي موعد المهرجانات الغنائية التي تتكاثر اليوم كالفئران والأرانب في عموم ما يسمى بالوطن العربي زوراً وبهتاناً، لكن نحن أيضاً نشاهد في الوقت نفسه واحدة من أكبر المآسي التي حلت بمن يسمون بالعرب منذ عقود وعقود. مدن تُسمى عربية تحترق وشعوب تتهجر بالملايين وقتلى بمئات الألوف على مسافات قصيرة من الحفلات الفنية الراقصة هنا وهناك. ثم تحدثونا عن عروبة وإسلام. (عروبة مين والناس هايمين). طبعاً البعض سيقول إن الشارع العربي مستعد أن يخرج في عشرات المظاهرات لمناصرة القضايا العربية الساخنة، لكن الأنظمة تمنعه. وهذا صحيح جزئياً فقط، لكن في الوقت نفسه لا ننسى أن الشعوب أيضاً فقدت الحماس للقضايا الكبرى، وصار لديها ألف قضية وقضية داخلية، ولم تعد تصدق الشعارات القومية والوطنية والدينية الكاذبة. ولا ننسى أن أبناء البلد الواحد لم يعودوا يتضامنون مع بعضهم البعض، ففي سوريا مثلاً كان سكان دمشق قبل سنوات يدخنون الشيشة في المقاهي، بينما كانت الغوطة تُقصف بالغازات الكيماوية على بعد ضربة حجر. وفي لبنان قبل أيام احتشد عشرات الألوف في بيروت للاستمتاع بحفلة غنائية لأحد النجوم، بينما كان الجنوب اللبناني يحترق وعشرات الألوف من سكانه ينزحون. وكي لا نذهب بعيداً، ماذا فعلت الضفة لغزة وأهلها على مدى شهور؟ وإذا كان ذلك ديدن (الشقيق العربي) القريب فما بالك بالشقيق العربي البعيد الذي يبكي على ليلاه؟
من يتابع اليوم أخبار غزة أو السودان أو كارثة السوريين يا ترى؟ من بربكم؟ ألا يشيح مئات الملايين من العرب اليوم بأنظارهم بعيداً عن المآسي العربية ليتفرغوا لمشاهدة حفلات الرقص والنقص والمجون؟ أليست أخبار هذا الفنان أو ذاك أهم بالنسبة لهم أكثر بمرات من أخبار أي قضية عربية؟ قبل أيام فقط نسي من يسمون بالعرب أنفسهم أنهم يتعرضون يومياً لملايين الصفعات في عموم الشرق الاوسط وافريقيا، وانشغلوا بصفعة أحد المطربين لأحد المعجبين. وقد غطى هذا الحدث على كل الأخبار والمآسي العربية الأخرى لأسابيع.
أليس من حق البعض إذاً أن يتساءل اليوم: أين العرب والمسلمون المزعومون من القول الكريم: «إنما المؤمنون أخوة» أو مصطلح «كالبنيان المرصوص» أو حديث «المسلم أخو المسلم» أو أين هم من شعار «أمة عربية واحدة»؟ ألم يستبدلوه بشعار: رقصني يا جدع؟

كاتب واعلامي سوري
falkasim@gmail.com

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: الشارع العربي فيصل القاسم الشارع العربی قضیة عربیة هل مازال

إقرأ أيضاً:

اليوم.. استكمال محاكمة 124 متهم في قضية الهيكل الإداري للإخوان بالتجمع

تستكمل الدائرة الثانية إرهاب، اليوم السبت، محاكمة 124 متهمًا في القضية رقم 12924 لسنة 2024 جنايات التجمع، في القضية المعروفة بالهيكل الإداري للإخوان بالتجمع.

وجاء في أمر الإحالة أنه خلال الفترة من عام 1992 وحتى 11 أغسطس 2024، المتهمون من الأول وحتى التاسع عشر، تولوا قيادة جماعة أُسست على خلاف أحكام القانون، الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها، والاعتداء على الحرية، بأن تولوا قيادة الهيكل الإداري بجماعة الإخوان.

ووُجه للمتهمين من العشرين وحتى الأخير تهم الانضمام للجماعة موضوع الاتهام مع علمهم بأغراضها، ووجه لبعض المتهمين تهم تمويل الإرهاب.

اقرأ أيضاًاعرف طريقك.. انتظام حركة السيارات بشوارع وميادين القاهرة والجيزة

دون إصابات.. اندلاع حريق يلتهم شقة سكنية بمنطقة مينا البصل بالإسكندرية

مقالات مشابهة

  • اليوم.. استكمال محاكمة 54 متهمًا في قضية «خلية الهيكل الإداري للإخوان»
  • سعد: في زمن التيه الطائفي المذهبي البغيض تبقى صيدا منارة الرقي
  • فيديو - متى تُبنى منازلنا من جديد؟.. سكان غزة يعودون إلى أحياء مدمّرة
  • العربية للتنمية الإدارية تنظم غدا بتونس الملتقى العربي السابع للحوكمة
  • انطلاق فعاليات النسخة الثالثة من نموذج محاكاة برلمان الشباب العربي بالجامعة العربية
  • هل تعود الأجواء الحارة فيما تبقى من أكتوبر ؟
  • بمشاركة 13 دولة عربية.. انطلاق النسخة الثالثة من برلمان الشباب العربي بالقاهرة برعاية الرئيس السيسي
  • «بخط يده».. ماذا كتب رئيس الوزراء في رسالته لـ مجموعة العربي؟
  • الشباب والرياضة تستقبل وفود الدول العربية المشاركة في نموذج محاكاة برلمان الشباب العربي
  • اليوم.. استكمال محاكمة 124 متهم في قضية الهيكل الإداري للإخوان بالتجمع