سواليف:
2025-12-07@18:17:25 GMT

ماذا تبقى من الشارع العربي؟

تاريخ النشر: 6th, July 2024 GMT

ماذا تبقى من #الشارع_العربي؟

د. #فيصل_القاسم

هل مازال لدى الإنسان العربي قضايا وطنية أو قومية يتحمس لها أو تشغل باله يا ترى؟ هل مازال هناك هَمٌ وطني داخلي مشترك فيما يسمى بالدول العربية؟ هل مازال هناك رأي عام أو شأن عربي مشترك؟ كم ألف مرة سمعنا مصطلح (الشارع العربي) على مدى عقود؟ آلاف المرات طبعاً.

لكن هل هناك فعلاً شارع عربي أم شوارع وزواريب وحارات؟ هل مازال لدى من يسمون بالعرب قضية مركزية، أم إن الجميع بات منشغلاً بقضاياه الداخلية الخاصة التي باتت أحياناً تتفوق بمأساويتها وفظاعتها على ما كان يُسمى قضايا مركزية؟ ألم يتحول البلد الواحد إلى ملل ونحل متناحرة؟ لماذا مازال بعض المغفلين إذاً يتحدث عن عالم عربي أو وطن عربي أو قضية عربية أو جامعة عربية وسياسة عربية وحقوق عربية وشعوب عربية وأنظمة عربية ومنطقة عربية؟ بالله عليكم دعكم من هذه التسميات الخرافية السخيفة، فكلها مجرد أساطير. ليس هناك لا شعوب عربية ولا أنظمة ولا جامعة ولا قضية عربية مركزية ولا منطقة عربية ولا حتى وطن عربي. هناك ألف شعب وشعب ووطن ووطن وسياسة وسياسة وقضية وقضية، والجامعة المزعومة عبارة عن حاوية شراذم متصارعة متآمرة متعددة الألوان والأشكال، والأنظمة لها علاقة بالعرب كعلاقتي بكمبوديا. وإذا أردت أن تقلب على ظهرك من الضحك على شعار: (أمة عربية وإسلامية واحدة) فقط انظر اليوم إلى عدد المظاهرات الشعبية المناصرة لقضية عربية، وعدد الحفلات الفنية التي يرقص عليها الملايين في العواصم العربية، أو انظر إلى عدد الذين يشاركون في مظاهرة من أجل قضية محلية أو عربية عامة وعدد الماجنين الذين يتراقصون ويترنحون هذه الأيام في الحفلات الغنائية كثلة من السكارى.
ما هو الشغل الشاغل اليوم للجماهير العربية من المحيط إلى الخليج؟ إياك أن تقول لي إنهم مشغولون بغزة أو بالسودان أو بسوريا واليمن. سأزعل منك كثيراً. هل شاهدتم كيف يتدفق ملايين العرب على المهرجانات الغنائية هذه الفترة؟ هل شاهدتموهم وهم يتراقصون بمئات الآلاف على أنغام أغاني هذا المغني أو ذاك؟ ولو نظرت إلى عدد الفيديوهات المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي لهذه الفتاة العربية أو تلك وهي تحضن هذا المطرب أو ذلك على مسارح المهرجانات لوجدت أنها تنتشر كانتشار النار في الهشيم، بعد أن وصل عدد مشاهداتها إلى عشرات الملايين.

الشعوب فقدت الحماس للقضايا الكبرى، وصار لديها ألف قضية وقضية داخلية، ولم تعد تصدق الشعارات القومية والوطنية والدينية الكاذبة

مقالات ذات صلة تأملات قرآنية 2024/07/04

والأنكى من ذلك أن المواقع العربية لا هم لها اليوم إلا التركيز على حركات هذه الراقصة أو تلك وهي تتمايل أمام هذا المطرب أو ذلك في هذا المهرجان الفني أو ذاك. لقد انتشر خبر وفيديو إحدى الفتيات وهي تقبل وتعانق مطرباً ثم ترقص أمامه بطريقة مثيرة في أحد المهرجانات، انتشر بشكل رهيب بين الشباب العربي، وأصبح حديث الشارع لا بل الشغل الشاغل لمواقع التواصل. نعم نحن اليوم في العطلة الصيفية وهي موعد المهرجانات الغنائية التي تتكاثر اليوم كالفئران والأرانب في عموم ما يسمى بالوطن العربي زوراً وبهتاناً، لكن نحن أيضاً نشاهد في الوقت نفسه واحدة من أكبر المآسي التي حلت بمن يسمون بالعرب منذ عقود وعقود. مدن تُسمى عربية تحترق وشعوب تتهجر بالملايين وقتلى بمئات الألوف على مسافات قصيرة من الحفلات الفنية الراقصة هنا وهناك. ثم تحدثونا عن عروبة وإسلام. (عروبة مين والناس هايمين). طبعاً البعض سيقول إن الشارع العربي مستعد أن يخرج في عشرات المظاهرات لمناصرة القضايا العربية الساخنة، لكن الأنظمة تمنعه. وهذا صحيح جزئياً فقط، لكن في الوقت نفسه لا ننسى أن الشعوب أيضاً فقدت الحماس للقضايا الكبرى، وصار لديها ألف قضية وقضية داخلية، ولم تعد تصدق الشعارات القومية والوطنية والدينية الكاذبة. ولا ننسى أن أبناء البلد الواحد لم يعودوا يتضامنون مع بعضهم البعض، ففي سوريا مثلاً كان سكان دمشق قبل سنوات يدخنون الشيشة في المقاهي، بينما كانت الغوطة تُقصف بالغازات الكيماوية على بعد ضربة حجر. وفي لبنان قبل أيام احتشد عشرات الألوف في بيروت للاستمتاع بحفلة غنائية لأحد النجوم، بينما كان الجنوب اللبناني يحترق وعشرات الألوف من سكانه ينزحون. وكي لا نذهب بعيداً، ماذا فعلت الضفة لغزة وأهلها على مدى شهور؟ وإذا كان ذلك ديدن (الشقيق العربي) القريب فما بالك بالشقيق العربي البعيد الذي يبكي على ليلاه؟
من يتابع اليوم أخبار غزة أو السودان أو كارثة السوريين يا ترى؟ من بربكم؟ ألا يشيح مئات الملايين من العرب اليوم بأنظارهم بعيداً عن المآسي العربية ليتفرغوا لمشاهدة حفلات الرقص والنقص والمجون؟ أليست أخبار هذا الفنان أو ذاك أهم بالنسبة لهم أكثر بمرات من أخبار أي قضية عربية؟ قبل أيام فقط نسي من يسمون بالعرب أنفسهم أنهم يتعرضون يومياً لملايين الصفعات في عموم الشرق الاوسط وافريقيا، وانشغلوا بصفعة أحد المطربين لأحد المعجبين. وقد غطى هذا الحدث على كل الأخبار والمآسي العربية الأخرى لأسابيع.
أليس من حق البعض إذاً أن يتساءل اليوم: أين العرب والمسلمون المزعومون من القول الكريم: «إنما المؤمنون أخوة» أو مصطلح «كالبنيان المرصوص» أو حديث «المسلم أخو المسلم» أو أين هم من شعار «أمة عربية واحدة»؟ ألم يستبدلوه بشعار: رقصني يا جدع؟

كاتب واعلامي سوري
[email protected]

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: الشارع العربي فيصل القاسم الشارع العربی قضیة عربیة هل مازال

إقرأ أيضاً:

كالاس: الولايات المتحدة تبقى الحليف الأكبر للاتحاد الأوروبي

أكدت كايا كالاس، نائبة رئيس المفوضية الأوروبية والممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، اليوم السبت، أن الولايات المتحدة لا تزال الشريك الأبرز للاتحاد الأوروبي. 

 

وجاء تصريحها عقب نشر استراتيجية الأمن القومي الأمريكية الجديدة التي وُصفت بأنها ذات طابع قومي واضح.

 

ونقلت صحيفة بروكسل تايمز عن كالاس قولها خلال مؤتمر يُعقد في الدوحة بقطر: "هناك بالفعل العديد من الانتقادات بشأن هذه الوثيقة، وأعتقد أن جزءًا منها مُحق".

 

وأضافت: "تظل الولايات المتحدة حليفنا الأقوى، ورغم اختلافنا أحيانًا حول بعض الملفات، إلا أن الأساس يبقى ثابتًا.. نحن أقوى الحلفاء ويجب أن نواصل العمل المشترك".

 

وأوضحت الصحيفة أن الاستراتيجية التي صدرت عن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تحذّر من احتمالية حدوث "طمس حضاري" لأوروبا، وتتوقع أن تصبح القارة "غير مميزة" خلال عشرين عامًا أو أقل في حال استمرار السياسات الراهنة.

 

كما تشير الوثيقة، الممتدة على 33 صفحة، إلى ضرورة "استعادة الهيمنة الأمريكية" في أمريكا اللاتينية، وتطرح خطة لإعادة تنظيم الوجود العسكري الأمريكي عالميًا، بما يتيح التركيز على التهديدات المباشرة للقارة الأمريكية مقابل تقليص التدخل في مناطق تُعد أقل أهمية للأمن القومي خلال السنوات أو العقود المقبلة.

مقالات مشابهة

  • لقاءات كروية حافلة اليوم الأحد بمواجهات عربية وأوروبية قوية (مواعيد المباريات)
  • “المنطقة تدرك نوايا إسرائيل”.. ماذا وراء التحرك العربي والإسلامي لدعم مصر؟
  • ميدو: منتخب مصر مازال يمتلك فرصة قوية للتأهل بكأس العرب.. بشرط
  • مركز حقوقي: بعد شهرين من وقف إطلاق النار مازال معظم سكان غزة نازحين
  • كالاس: الولايات المتحدة تبقى الحليف الأكبر للاتحاد الأوروبي
  • بث مباشر.. مباراة مصر والإمارات اليوم في مواجهة عربية قوية تترقبها الجماهير قبل الاستحقاقات المقبلة
  • بث مباشر.. مشاهدة مباراة مصر والإمارات اليوم في مواجهة عربية قوية استعدادًا للاستحقاقات القادمة
  • المشنقة لا تشيخ.. من محمود محمد طه إلى هباني
  • رانيا المشاط تشهد فعاليات جوائز التميز العربي وتهنئ وزارة الصحة بفوزها بالجائزة ضمن فئة «أفضل مبادرة عربية لتطوير القطاع الحكومي»
  • أفضل موظفة عربية.. القابضة لمياه الشرب تهنئ لمياء مصطفى بفوزها بجائزة التميز العربي 2025