الذي قاله الوزير عن السوريين _ #ماهر_أبوطير
يواجه السوريون خارج سورية، حملات غير مسبوقة، تحرض ضدهم في تركيا، والمانيا، ولبنان، واحيانا في مصر لكن بشكل منخفض، وفي العراق ايضا، وكأنهم اصل البلاءات.
لم ينقص هؤلاء ايضا الا التقارب التركي السوري، في ظل مناخات معادية للسوريين في تركيا، وهذا تقارب قد يؤدي الى نتائج وخيمة على حياتهم، فلا بقيت بلادهم كما هي، ولا قدرة لديهم للعودة، ولا يعرفون ماذا يفعلون وسط شعوب اغلبها عربي ومسلم، تشهر الضيق منهم.
في الاردن القصة مختلفة تماما، والسوريون الذين كانوا ينتقدون الاردن في يوم ما، تراجعوا اليوم علنا، ويقولون ان حياتهم هنا هي الاكثر طمأنينة لان الاردنيين لا يعتدون على احد، برغم الضنك الذي نراه في بيوت الاردنيين، ولا تسمع هنا عن موجات كراهية أو عداء او اعتداء.
مقالات ذات صلةهذه الحالة تجد عوامل واقعية تعكرها، فالظروف الاقتصادية صعبة، والمعالجة السياسية والاقتصادية والامنية لملف السوريين في الاردن، حذرة جدا، وتتجنب التجريح، او الاساءة للاشقاء بأي طريقة دون ان يلغي هذا النمط المقدر اخلاقيا، وجود ازمات عميقة، لكن الاردن في النهاية لا يريد تصنيع موجات عداء، بقدر كونه يريد حل الازمة السورية ذاتها.
يخرج وزير الداخلية المخضرم والمسيّس مازن الفراية، ويقول قبل يومين ويقول إن حجم المساعدات المقدمة للأردن في هذا الشأن لم ترتق للمستوى المطلوب، وإن الأردن يتحمل مسؤولياته واستمرار تقديم هذه الخدمات مرتبط ارتباطا مباشرا بحجم الدعم الدولي.
يشير الوزير إلى رقم مذهل حقا حين يقول إن الاشقاء السوريين يعانون من تدني مستوى الدعم المقدم لهم من الجهات المانحة، حيث أن نسبة الدعم المالي ضمن خطة الأردن بلغ 5.8 بالمئة من نسبة التمويل المطلوبة للنصف الأول من هذا العام، في ظل استضافة الاردن قرابة المليون و350 ألف لاجئ، فيما بلغ عدد المولودين منذ عام 2011 لغاية الآن 233 ألف سوري مما يجعل الأردن أكبر بلد مستضيفه للاجئين مقارنة بعدد السكان، بما يعنيه ذلك.
وفي اخطر فقرة يشير الوزير الى دراسة أعدتها المفوضية السامية لشؤون اللاجئين والبنك الدولي والتي كشفت عن مؤشرات خطيرة منها احتمالية عودة ظهور أزمة إنسانية جديدة للاجئين وارتفاع نسبة الفقر والبطالة في مخيمات اللاجئين وخارجها وزيادة عمل القُصر.
القصة هنا ليست تصنيعا لموجات عداء ضد الاشقاء السوريين، وليست تكسبا لجمع المال، لكن ظهر الاردن انحنى بسبب اثقال هذه الازمات، فيما اللافت الانتباه ان المجتمع الدولي تخلى علنا عن السوريين، وترك ملفاتهم باعتبارها مجرد ملفات داخلية في كل بلد مستضيف.
في الوقت ذاته تنعدم اسباب عودة السوريين لبلادهم، بسبب الظروف الاقتصادية السيئة جدا، وبسبب المخاوف الامنية من الملاحقة او الاعتقال كما جرى مع الاف السوريين العائدين، وتتعمد دمشق الرسمية ترك كتل السوريين في الدول المستضيفة للتخلص منهم ديموغرافيا.
في المقابل يقول أمين عام المجلس الأعلى للسكان أن عدد سكان الأردن قد تضاعف في أقل من عشرين سنة، فارتفع عددهم بمقدار 6 ملايين شخص بين سنة تعداد 2004 حيث كان عددهم نحو 5.6 مليون وسنة 2024 حيث عددهم اليوم 11.6 مليون، وساهم الإنجاب وقدوم اللاجئين في هذا النمو في عدد سكان المملكة، حيث سُجل في دائرة الأحوال المدنية والجوازات نحو 2.7 مليون مولود بين عامي 2010-2022 بمتوسط مليون مولود كل 5 سنوات.
الاردن الرسمي لا يحرض شعبه ضد السوريين، ولا يبدو انه سيتخذ اجراءات مباشرة لاجبارهم على المغادرة، لكنه بالتأكيد ايضا امام ملفات ثقيلة يجهد بسببها هذه الايام، حتى لو ظن البعض بسذاجة او سوء نوايا ان الاردن يريد جمع المال بذريعة وجودهم، فهذا ظن كله اثم.
“بصر الاردن” الرسمي يتركز على ملف السوريين، فيما بصيرة “الاردن” تتوجس سراً من نشوب حرب كبرى في لبنان، قد تؤدي لتدفق اعداد كبيرة من الاشقاء اللبنانيين الى هنا، طلبا للنجاة من حرب قد تقع في اي لحظة، فوق مخاوف التهجير التقليدية من الضفة الغربية.
حلول الازمة السورية في الاردن، تبدو غائبة، في ظل كل هذه التعقيدات.
الغد
المصدر: سواليف
إقرأ أيضاً:
4 أسئلة تشرح كيف يؤثر إلغاء قانون قيصر على معيشة السوريين؟
دمشق – اعتبر خبراء ومسؤولون حكوميون سوريون أن موافقة مجلس النواب الأميركي أمس الأربعاء على إلغاء قانون قيصر، الذي يفرض حزمة كبيرة من العقوبات الأميركية على سوريا منذ العام 2019، محطة مهمة على طريق التعافي الاقتصادي وعودة سوريا إلى النظام المالي العالمي.
وأشار خبراء اقتصاديون إلى أن أثر إلغاء قانون قيصر سيكون ملموسا للسوريين في المدى المتوسط سواء على مستوى الدخل أو سعر الصرف أو التجارة أو غيرها من الجوانب الاقتصادية المؤثرة على معيشة السوريين.
وارتفعت قيمة الليرة السورية مقابل الدولار اليوم الخميس بنحو 6% (في وقت إعداد التقرير) وسط توقعات بتحسن مستمر لأداء الليرة خلال الأيام القليلة المقبلة.
ما الأثر الفوري لإلغاء قانون قيصر؟
ويرجّح خبراء انخفاض أسعار السلع الأساسية بالتوازي مع تحسن سعر صرف الليرة السورية خلال الأسابيع القليلة المقبلة، وبالتالي تحسن النشاط التجاري في الأسواق السورية.
ويتوقع الباحث الاقتصادي ملهم جزماتي أن تتقدم "العوامل النفسية" بعد إلغاء قانون قيصر على أي تطور اقتصادي فعلي على المدى القصير، إذ سيُنظر إلى هذا الإلغاء بوصفه "إشارة سياسية أكثر منه تحولا بنيويا في الاقتصاد السوري".
وفي حديث للجزيرة نت، يرجح جزماتي أن ينعكس هذا المناخ الإيجابي بعد رفع قيصر بشكل فوري على سوق الصرف وسلوك المتعاملين، مشيرا إلى أن الناس والمؤسسات المحلية تميل إلى تخفيف الاندفاع نحو الدولار مع تراجع عنصر الخوف المرتبط بالعقوبات، مما يؤدي إلى تحسن سعر صرف الليرة.
غير أنه يعود ليؤكد أن هذه الموجة من الإيجابية بطبيعتها قصيرة الديمومة لأنها لا تستند إلى زيادة في الإنتاج أو تحسن في مؤشرات السوق الحقيقية، بل تستند إلى التوقعات وحدها.
أما الخبير الاقتصادي والباحث في كلية لندن للاقتصاد زكي محشي، فيشير إلى أن إلغاء عقوبات قيصر يؤدي إلى رفع وتيرة النشاط الاقتصادي، ويمنح أصحاب الأعمال قدرة كبرى على توفير مستلزماتهم من البضائع والخدمات.
إعلانويتوقع محشي، في حديث للجزيرة نت، زيادة في حجم المستوردات خلال الفترة المقبلة، مما سيؤدي إلى درجة من التنافس وفائض في العرض، وبالتالي انخفاض أسعار بعض السلع الاستهلاكية.
ويلفت الخبير أيضا إلى أن سوريا ستشهد زيادة التحويلات والمعاملات المالية مما سيخلق فرص عمل داخل القطاع المالي، في وقت يدفع فيه انفتاح الأسواق الخارجية أمام المنتجين المحليين إلى توجيه جزء من إنتاجهم نحو التصدير، مما يفتح مساحات إضافية للعمل.
ويربط محشي بين تدفق الاستثمارات واستقرار سعر الصرف وضبط التضخم ضمن حدود معينة، معتبرا أن ذلك ينعكس مباشرة على مستوى المعيشة في الداخل السوري.
كيف ينعكس إلغاء قانون قيصر على معيشة السوريين في المدى المتوسط؟
ويؤكد الباحث ملهم جزماتي أن أي انخفاض حقيقي في الأسعار يجب ترقّبه على المدى المتوسط وليس القريب، إذ إن انخفاض الأسعار سيبقى مرتبطا بعوامل أعمق من مجرد تحسن في سعر الصرف مثل: تراجع تكاليف الاستيراد فعليا، وتحسن المنافسة في السوق، واستقرار السياسات المالية والنقدية لمدة طويلة تتيح انتقال "أثر التراجع في الدولار من دفاتر المستورد إلى رفوف المتاجر".
ويتفق مع هذا الرأي الخبير الاقتصادي والمصرفي الدكتور إبراهيم قوشجي، الذي يشير إلى أن أثر رفع العقوبات سيظهر تدريجيا في المدى المتوسط، أي خلال عام إلى عامين، عبر تحسن محتمل في الدخل والقدرة الشرائية مع استقرار سعر الصرف وتراجع التضخم نتيجة تدفق السلع والتمويل.
وفي حديثه للجزيرة نت، بيّن قوشجي أن مشاريع إعادة الإعمار والاستثمارات الجديدة التي ستتدفق إلى سوريا بعد إلغاء قانون قيصر بإمكانها أن توفر آلاف الوظائف في قطاعات البناء والصناعة والخدمات، وأن تحسّن القدرة على الحصول على تمويل خارجي يمكّن الحكومة من تطوير شبكات الكهرباء والمياه والصحة والتعليم بما يرفع مستوى الخدمات والمعيشة.
ويصف قوشجي إلغاء قانون قيصر بأنه "لحظة فارقة في التاريخ الاقتصادي السوري، إذ لا يقتصر على تحرير القطاع المصرفي أو فتح تجارة أوسع، بل يضع الأساس لمرحلة إعادة إعمار شاملة تعيد بناء الدولة والمجتمع".
وحول توقيت ملامسة المواطن السوري لأثر إلغاء قانون قيصر معيشيا، يتوقع قوشجي أن ذلك سيبدأ خلال فترة قصيرة نسبيا عبر تحسن الدخل وتوفر الوظائف وعودة الخدمات الأساسية.
كيف يؤثر إلغاء "قيصر" على الاقتصاد السوري في مرحلة التعافي؟يتفق الخبراء على أن أبرز مكاسب الاقتصاد السوري من إلغاء قانون قيصر تتمثل في تخفيف تشدد المؤسسات المالية تجاه سوريا، وخفض تكاليف التأمين والامتثال القانوني للشركات، وبالتالي سهولة تدفق الاستثمارات.
ويرى زكي محشي أن هذه الخطوة تخفف من حالة الالتزام المفرط التي كانت تبديها المؤسسات المالية الدولية تجاه سوريا، خاصة مع توجه البنوك الخارجية إلى موقف أكثر حيادا بعد سنوات من النظرة السلبية للاقتصاد السوري والمرتبطة بالعقوبات.
ويضيف الخبير أن العقوبات شكلت عائقا أمام تدفق الاستثمارات خلال العام الماضي، ورفعها الآن يعني دخول استثمارات خليجية على نحو خاص، إضافة إلى استثمارات أميركية في قطاعات النفط والطاقة والغاز.
إعلانويوضح الخبير أن شركتي "شيفرون" و"كونكو" الأميركيتين قد أبرمتا اتفاقات مع الجانب السوري سابقا، وكذا الحال مع الشركات الخليجية العاملة في الخدمات اللوجستية لقطاع الطاقة، والآن تستفيد هذه الشركات بشكل مباشر من رفع العقوبات.
وهو ما يتفق معه الباحث ملهم جزماتي، معتبرا أن العامل الأكثر ترجيحا في هذه المرحلة هو دخول البنوك والشركات الخليجية إلى سوريا "ليس بدافع اقتصادي خالص، بل بفعل التحول السياسي الذي يرافق عملية إعادة الانفتاح على دمشق"، مؤكدا أن المؤسسات الخليجية عادة ما تكون هي صاحبة المبادرة الأولى في مثل هذه الحالات، لأنها تعمل ضمن منظومات رقابية أكثر مرونة من المؤسسات الغربية، وتستند إلى غطاء سياسي يسمح بتحمل قدر أعلى من المخاطر.
ويشير الباحث أيضا إلى أن إلغاء قانون قيصر يسهم في خفض تكاليف التأمين والامتثال القانوني التي كانت تشكل عبئا كبيرا على الشركات الراغبة في العمل داخل سوريا أو التعامل معها. فهذه التكاليف -بحسب جزماتي- لم تكن مجرد رسوم إضافية، بل كانت غالبا العامل الحاسم الذي يدفع الشركات إلى الابتعاد عن السوق السورية خشية الوقوع في مخالفات محتملة. ومع تراجع هذه المخاطر، يصبح الدخول إلى السوق أقل كلفة وأكثر قابلية للتخطيط، مما يشجع على إطلاق مشاريع متوسطة الحجم في قطاعات مثل الطاقة المتجددة والخدمات والبنية التحتية الخفيفة.
بعد إلغاء "قيصر" هل ستعود سوريا للمنظومة المالية العالمية؟
ويجمع خبراء اقتصاد ممن التقتهم الجزيرة نت على أن إلغاء قانون قيصر يفتح أمام القطاع المصرفي السوري باب العودة إلى المنظومة المالية العالمية شريطة تحديث القطاع بنيته الداخلية والتزامه بالشروط والمعايير المطلوبة.
وهو ما يذهب إليه قوشجي موضحا أن إعادة ربط البنوك السورية بشبكات التحويل الدولية مثل "سويفت" تصير خطوة رئيسية في هذا الاتجاه، لأنها تسهل عمليات الاستيراد والتصدير وتعيد جزءا من الثقة في التعاملات المالية.
ويشير قوشجي إلى أن تدفق رؤوس الأموال عبر التحويلات الخارجية والاستثمارات المباشرة سينتعش مجددا بعد أن كان شبه معطّل أو محاطا بمخاطر قانونية.
ويعتبر الخبير أن هذا الانفتاح لا يكفي وحده، إذ يتوجب على البنوك السورية تحديث بنيتها الداخلية، ورفع مستوى الشفافية، واعتماد معايير الامتثال الدولية الخاصة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
ويضيف، في حديثه للجزيرة نت، أن هذه الخطوات تزيد قدرة المصارف على تمويل المشاريع، سواء تلك المتعلقة بإعادة الإعمار أو الاستثمار الخاص، مما ينعكس على النشاط الاقتصادي العام.
أما الباحث جزماتي فيرى أن الأثر الأعمق لإزالة قانون قيصر يتمثل في "إمكانية إعادة دمج المنظومة المصرفية السورية -ولو تدريجيا- في النظام المالي العالمي"، مشيرا إلى أنه حتى لو بقيت العقوبات الأقدم المرتبطة بتصنيف سوريا "دولة راعية للإرهاب"، فإن رفع قانون قيصر يزيل أهم عائق كان يمنع البنوك المراسلة من النظر في أي نوع من التعاون، سواء في فتح خطوط مراسلة محدودة، أو تسهيل التحويلات التجارية، أو السماح بتمويل بعض المشاريع التنموية عبر مؤسسات دولية.
لكن الباحث يؤكد أن هذه العملية لن تكون سريعة "لأنها تتطلب تحديثا في الأنظمة المصرفية المحلية والامتثال للمعايير الدولية، لكنها تمثل مع ذلك أول فرصة حقيقية منذ سنوات لوقف تآكل القطاع المصرفي وتهيئة بيئة مالية تسمح بالتجارة والاستثمار على نطاق أوسع".
في حين يلفت زكي محشي إلى أن الانفتاح على التعاملات المصرفية المباشرة مع الخارج يصبح أسهل، وتصبح المصارف الأجنبية أكثر مرونة مع نظيرتها السورية، مما يجعل العمليات المالية أقل تعقيدا، وينعكس على النشاط الاقتصادي داخل البلاد ومستوى معيشة السكان.
إعلان