الخرطوم- قال رئيس منظمة أطباء بلا حدود الخيرية الثلاثاء 16يوليو2024، إن وكالات الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية يجب أن "تعود وتفعل المزيد من أجل شعب السودان".

وقال رئيس منظمة أطباء بلا حدود كريستوس كريستو لوكالة فرانس برس إنه بعد 15 شهرا من الصراع الوحشي في الدولة الواقعة في شمال شرق أفريقيا، فإن ما يقرب من واحد من كل ثلاثة جرحى كانوا من النساء أو الأطفال دون سن العاشرة.

اندلعت الحرب في أبريل/نيسان 2023 بين الجيش النظامي وقوات الدعم السريع شبه العسكرية، مما دفع السودان إلى "واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في الذاكرة الحديثة"، بحسب الأمم المتحدة.

وقد أدى ذلك إلى توقف الغالبية العظمى من عمليات الإغاثة في البلاد.

وقال كريستو لوكالة فرانس برس في بورتسودان إن العديد من المنظمات اختارت "موقفا محافظا، والانتظار لمعرفة كيف سيتطور الصراع".

وتحدث الوزير في الوقت الذي تستمر فيه المحادثات بين مبعوث الأمم المتحدة ووفود من الطرفين المتحاربين في جنيف.

والآن، مع تفشي المجاعة وعدم ظهور أي علامات على توقف الحرب، قال: "نطلب من المنظمات الأخرى، وخاصة وكالات الأمم المتحدة، العودة وبذل المزيد من الجهود".

وقال الطبيب المخضرم إن العديد من المجموعات تتحدث عن "تحديات مالية" شديدة، نتيجة لنقص التمويل المزمن للسودان، والذي وصفه منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة مارتن جريفيث بأنه "مخز تاريخيا".

ويقول المستجيبون الأوائل السودانيون ـ الذين يستهدفهم طرفا الصراع بشكل روتيني ـ إنهم أصبحوا مهملين، ويشكو العاملون في المجال الإنساني من أن العمل أصبح مستحيلا تقريبا.

- كلا الجانبين متهمين -

تمكنت معظم منظمات الإغاثة من إرسال المساعدات فقط إلى المناطق الشرقية التي يسيطر عليها الجيش، واتهمت الأمم المتحدة الجانبين بـ "العرقلة المنهجية والإنكار المتعمد" للوصول الإنساني.

وقال كريستو "إننا نستمر في مواجهة أعمال النهب والمضايقات التي يتعرض لها العاملون في المجال الطبي، وقد فقدنا أشخاصًا".

منذ بدء الحرب، اتُهم الجيش وقوات الدعم السريع بنهب المساعدات أو عرقلتها، فضلاً عن تدمير نظام الرعاية الصحية الهش بالفعل.

وفي مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور وحدها، وقعت ما لا يقل عن تسعة هجمات على المرافق التي تدعمها منظمة أطباء بلا حدود منذ العاشر من مايو/أيار، عندما اندلعت معارك ضارية من جديد في المدينة.

وفي مختلف أنحاء السودان، تعرض العاملون في المجال الطبي للتهديد، وقُتل المرضى، وقُصفت وحدات طب الأطفال، في هجمات قال كريستو إنها "متعمدة" في كثير من الأحيان.

وقال إن "المستشفيات أماكن مقدسة، حيث يحق للناس طلب المساعدة فيها، ويجب حماية المرضى والموظفين الطبيين".

وحذر كريستو من أن الحرب أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص، لكن "كل حصيلة للقتلى أقل من الحقيقة".

ولا يستطيع معظم الجرحى في القتال ــ الذي يحدث الكثير منه في مناطق حضرية مكتظة بالسكان ــ الوصول إلى المستشفيات، التي خرج أكثر من 70% منها من الخدمة.

ومن بين أولئك الذين ينجحون في الوصول إلى المستشفيات التي تدعمها منظمة أطباء بلا حدود، والتي غالباً ما تكون المرافق الوحيدة التي تستقبل المرضى، "يبلغ عدد الأشخاص الذين يدخلون المستشفى بسبب إصابات مرتبطة بالحرب حوالي واحد من كل ثلاثة أشخاص، من النساء أو الأطفال دون سن العاشرة"، بحسب كريستو.

- "هذا هو كابوسنا" -

ويتهم الجانبان بشكل متكرر بارتكاب جرائم حرب، بما في ذلك القصف العشوائي للمناطق السكنية واستهداف المدنيين.

يواجه السودان حاليا أكبر أزمة نزوح في العالم، وفقا للأمم المتحدة، مع وجود رقم قياسي قدره 10.5 مليون نازح داخليا.

ويقول صندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) إن أغلب هؤلاء اللاجئين يحاولون الآن البقاء على قيد الحياة في أجزاء من السودان قد تكون آمنة نسبيا من القتال، لكنهم يواجهون خطر المجاعة بشكل متزايد.

يواجه أكثر من نصف سكان السودان البالغ عددهم 48 مليون نسمة "انعدام الأمن الغذائي الحاد" والذي من المتوقع أن يتفاقم مع حلول موسم الأمطار في الصيف.

حذرت منظمات الإغاثة مرارا وتكرارا من أن الأمطار الغزيرة والفيضانات ستؤدي إلى عزل مناطق بأكملها عن المساعدات.

وقال كريستو "هذا هو كابوسنا"، مضيفا أن نمط "سوء التغذية الموسمي" المنتظم في السودان قد أفسح المجال للمجاعة الجماعية الوشيكة.

إن عدم القدرة على الوصول إلى البيانات منع الإعلان الرسمي عن المجاعة، لكن منظمة أطباء بلا حدود ومجموعات أخرى تلاحظ "اتجاهات متزايدة بسرعة لسوء التغذية الشديد" في جميع أنحاء السودان.

وفي مخيم زمزم وحده للنازحين في شمال دارفور، والذي يضم أكثر من 300 ألف شخص، هناك 63 ألف طفل "يصنفون على أنهم يعانون من سوء التغذية"، 10% منهم "يعانون من سوء التغذية الشديد والحاد"، بحسب كريستو.

"يجب أن يثير هذا الأمر قلقنا جميعاً. ويجب أن يخبرنا بأننا يجب أن نستجيب بشكل جماعي كمجتمع دولي لمنع تفاقم الوضع".

 

Your browser does not support the video tag.

المصدر: شبكة الأمة برس

إقرأ أيضاً:

أطباء بلا حدود لـعربي21: اتفاق وقف إطلاق النار لا يعني نهاية المأساة المروعة بغزة

قالت مديرة المكتب الإعلامي الإقليمي لمنظمة "أطباء بلا حدود"، جنان سعد، إن "اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة جلب الارتياح للأهالي المنهكين بعد عامين من القصف والتهجير القسري والجوع، لكنه لا يعني نهاية المعاناة والمأساة المروعة هناك".

وأضافت سعد، في مقابلة مع "عربي21": "يجب أن يُصاحب اتفاق وقف إطلاقِ النار توسيع نطاق المساعدات بصورة فورية ومكثفة ومستمرة نحو قطاع غزة وفي جميع أنحائه، بما في ذلك الشمال. نحن نحثّ السلطات الإسرائيلية على السماح بدخول المساعدات الإنسانية والطبية بشكل كاف ومنتظم ودون أيّ عوائق، وكذلك السماح بدخول الكوادرِ الطبية".

وشدّدت مديرة المكتب الإعلامي الإقليمي لمنظمة "أطباء بلا حدود"، على أن "إعادة بناء القطاع الطبي هو شرط أساسي للمساهمة بتعافي الفلسطينيين في غزة، لا سيما أن هناك 168 ألف جريحا، منهم الكثير من الإصابات المعقدة، وهناك آلاف من حالات سوء التغذية، وأمراض منتشرة بفعل نقص المياه وسوء الظروف المعيشية، فضلا عن أن نظام الرعاية الطبية شبه منهار".

وبسؤالها عن خطة "أطباء بلا حدود" لاستئناف عملها داخل غزة بمرحلة ما بعد انتهاء الحرب، أجابت: "لدينا فرق عاملة حاليا داخل غزة، وفرق أخرى جاهزة للدخول فور توفر الأمن. خطتنا جاهزة من حيث الدعم اللوجستي والإمدادات، لكن تنفيذها مرهون بحرية الوصول وضمان حماية طواقمنا ومرافقنا. لقد أعددنا قوافل طبية ومخزونات طوارئ يمكن نشرها سريعا حال توفر الظروف المناسبة".

والخميس، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، توصل إسرائيل وحركة "حماس" لاتفاق على المرحلة الأولى من خطته لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى، إثر مفاوضات غير مباشرة بين الطرفين بمدينة شرم الشيخ المصرية، بمشاركة تركيا ومصر وقطر، وبإشراف أمريكي.

ودخلت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بين "حماس" وإسرائيل، حيز التنفيذ عند الساعة 12:00 ظهر الجمعة بتوقيت القدس (09:00 تغ)، بعد أن أقرت حكومة إسرائيل الاتفاق فجرا.

ويستند الاتفاق إلى خطة طرحها ترامب، تقوم على وقف الحرب، وانسحاب متدرج للجيش الإسرائيلي، وإطلاق متبادل للأسرى، ودخول فوري للمساعدات إلى القطاع، وعدم عودة حركة حماس إلى حكم غزة.



وتاليا نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":
ما انعكاس اتفاق وقف إطلاق النار على الأوضاع الإنسانية والصحية في قطاع غزة؟ وهل الاتفاق سيساهم في إنهاء معاناة أهل غزة بالفعل؟
الاتفاق جلب الارتياح للأهالي المنهكين بعد عامين من القصف والتهجير القسري والجوع، لكنه لا يعني نهاية المعاناة والمأساة المروعة في غزة. يجب أن يُصاحب وقف إطلاق النار هذا توسيع نطاق المساعدات بشكل فوري ومكثف ومستمر باتجاه القطاع وفي جميع أنحائه، بما في ذلك الشمال.

ونحن نحث السلطات الإسرائيلية على السماح بدخول المساعدات الإنسانية والطبية بشكل كافٍ ودون أي عوائق، وكذلك السماح بدخول الكوادرِ الطبية. وفي الوقت نفسه، يجب إعادة العمل بآلية تنسيق المساعدات الإنسانية التي تقودها الأمم المتحدة، لضمان وصول المساعدات بشكل آمن وغير متحيّز للمحتاجين أينما كانوا في قطاع غزة.

في الواقع، الاحتياجات الطبية والنفسية والمادية في غزة هائلة؛ فهناك حاجة ماسة إلى أبسط الضروريات الأساسية من المعدات الطبية، والأدوية، والغذاء، والماء، والوقود، والمأوى المناسب لمليوني شخص سيواجهون الشتاء القادم بلا سقف فوق رؤوسهم.

ما تقييمكم لحجم الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية الصحية في قطاع غزة خلال العامين الماضيين؟
النظام الصحي في غزة دُمّر بشكل منهجي من قِبل القوات الإسرائيلية. أكثر من ثلثي المستشفيات خرجت عن الخدمة أو تعمل جزئيا. المرافق الطبية تعاني من نقص مزمن في الوقود والمعدات والأدوية، فضلا عن أنه تم محاصرة وقصف المستشفيات، وفقدنا عددا كبيرا من العاملين الصحيين.

في المقابل، نتيجة عامين من الحرب والحصار، هناك 168 ألف جريحا، منهم الكثير من الإصابات المعقدة، وهناك آلاف من حالات سوء التغذية، وأمراض منتشرة بفعل نقص المياه وسوء الظروف المعيشية، كل هذا ونظام الرعاية الطبية شبه منهار. لذا، نرى أن إعادة بناء القطاع الطبي هو شرط أساسي للمساهمة بتعافي الفلسطينيين في غزة.

لو تحدثونا عن أوضاع العاملين في قطاع الصحة حاليا؟ وما أبرز الصعوبات التي تواجه المستشفيات اليوم؟
لمدة عامين كاملين عملت الطواقم الطبية تحت ضغط هائل وصعب للغاية. انعدام الأمن والنقص في الأدوات والمعادات الطبية والأدوية ومواد التخدير والمياه الصالحة للشرب والوقود يجعل بيئة العمل قاسية جدا. المستشفيات مكتظة بالمرضى، والعمليات الجراحية تُجرى أحيانا بلا تخدير أو في غرف متهالكة.

ورغم كل ذلك، لا يزال العاملون الصحيون يؤدّون عملهم بشجاعة تفوق الوصف. في الأشهر الأخيرة كان العديد من زملائنا يعانون الجوع، وهم يحاولون معالجة المصابين بسوء التغذية، وقد قُتل أكثر من 1500 من العاملين في القطاع الصحي، ما يُشكّل خسارة فادحة لعائلاتهم ولنظام الرعاية الصحية في غزة.

برأيكم، هل ستسمح إسرائيل بإجلاء المرضى الذين تتطلب حالتهم رعاية طبية عاجلة؟
حتى الآن لا توجد آلية واضحة أو مضمونة للإخلاء الطبي. بعض الحالات غادرت القطاع في ظروف استثنائية، لكن آلاف المرضى ما زالوا بانتظار الإذن. نحن في "أطباء بلا حدود" نطالب بإجلاء عاجل لجميع الحالات الحرجة، وبتسهيل عبورهم إلى المستشفيات القادرة على علاجهم سواء في الضفة أو خارج فلسطين.

ما الدور الأساسي الذي ستلعبه "أطباء بلا حدود" خلال المرحلة المقبلة؟
نحن ملتزمون بتقديم الرعاية الطبية والخدمات الإنسانية لسكان غزة فهم بأمس الحاجة إليها. توسيع نطاق تلك الخدمات كان مقيدا سابقا بسبب انعدام الأمان والقصف المستمر، والنقص في الإمدادات. لذا، نطالب باحترام وقف إطلاق النار واستدامته؛ فهو السبيل الوحيد لتوفير الرعاية الصحية على النطاق الذي يحتاجه الناس بشدة.



هل لدى "أطباء بلا حدود" خطة واضحة لاستئناف عملها داخل غزة بمرحلة ما بعد انتهاء الحرب؟ وما مدى جاهزية طواقمكم اللوجستية؟
لدينا فرق عاملة حاليا داخل غزة، وفرق أخرى جاهزة للدخول فور توفر الأمن. خطتنا جاهزة من حيث الدعم اللوجستي والإمدادات، لكن تنفيذها مرهون بحرية الوصول وضمان حماية طواقمنا ومرافقنا. لقد أعددنا قوافل طبية ومخزونات طوارئ يمكن نشرها سريعا حال توفر الظروف المناسبة.

ما الخطوات العاجلة التي تعتزمون اتخاذها لإعادة تأهيل المراكز الصحية والطبية؟ وما أبرز المستلزمات المطلوبة في غزة اليوم؟
سيتطلب إعادة بناء القطاع الصحي تضافر الجهود كافة الأطراف لأن الحرب خلّفت أضرارا هائلة على القطاع الصحي. الأولوية هي لإعادة تأهيل غرف العمليات والطوارئ ومرافق التوليد والعناية المركزة. نحتاج بشكل عاجل إلى الأدوية الأساسية، والمواد الجراحية، والمضادات الحيوية، ومعدات التعقيم، والوقود، والمياه النظيفة. كما يجب السماح بدخول مواد البناء وقطع الغيار لإصلاح المعدات المُدمّرة.

كيف تنظرون إلى مستقبل الأوضاع الإنسانية في غزة بعد انتهاء الحرب؟
غزة وأهلها سيحتاجون سنوات للتعافي نفسيا وجسديا من آثار الإبادة الجماعية. ولتبدأ عملية التعافي يجب ضمان استدامة وقف إطلاق النار ورفع الحصار بشكل كامل، وحماية المدنيين والمنشآت الصحية. ولتخفيف المعاناة لا بد من التوجه إلى إعادة إعمار القطاع، بما في ذلك إعادة بناء نظام الرعاية الصحية المُدمّر.

مقالات مشابهة

  • 300 ألف شخص يفرون من جنوب السودان بسبب العنف وسط مخاوف من حرب أهلية جديدة
  • أطباء بلا حدود تدعو لإدخال المساعدات الإنسانية لغزة بشكل عاجل
  • مسؤولة أممية: الهجوم المدمر على الأطفال والعائلات النازحة في السودان مثير للغضب
  • مسئولة أممية: الهجوم المدمر على الأطفال والعائلات النازحة في السودان أمر مثير للغضب
  • الأمم المتحدة تطالب بوقف استهداف المدنيين في الفاشر
  • سعيود: الجزائر مستعدة لتقديم المساعدة والدعم في الإغاثة عند الكوارث
  • الأمم المتحدة تدعو إلى توسيع نطاق الاستجابة الإنسانية فورا بعد وقف الحرب بغزة
  • أطباء بلا حدود لـعربي21: اتفاق وقف إطلاق النار لا يعني نهاية المأساة المروعة بغزة
  • نازحو غزة يبدأون رحلة العودة إلى ديارهم
  • بعد مقتـ ل21 شخصا.. الأمم المتحدة تحث أمريكا على ضبط النفس مع تصاعد التوتر مع فنزويلا