يوسف أبو ربيع يواجه التجويع بإعادة الحياة الزراعية لشمالي القطاع
تاريخ النشر: 21st, July 2024 GMT
غزة - صفا
لم يعدم أهالي شمالي قطاع غزة الوسيلة، تسلحوا بصمودهم وكرم عطاء الأرض التي احتفظت بخصوبتها لتعيد الأمل بالحياة لذويها الذين آثروا الموت جوعا على تركها للعدو الغاصب، وتحدت معهم مؤامرة التجويع التي فرضتها عليهم "إسرائيل".
رحلة محفوفة بالمخاطر خاض عراكها المهندس يوسف أبو ربيع وشقيقه، فبعد عودته لمنطقة سكنه عقب انسحاب الاحتلال الإسرائيلي منها، أعلن عن تحديه لحرب التجويع بزراعة الأراضي شمالي القطاع.
القلة والعوز والجوع الذي تجرع ألمه أهالي شمالي غزة لـ9 أشهر، دفعت الشاب العشريني لإيجاد حلول خيالية وتحويلها إلى حقيقة.
يوسف وعائلته حالهم كآلاف العائلات التي تقطن أقصى شمالي القطاع، فمع بدء رحلة النزوح القسري، كانت بذور بعض الأشتال رفيقته في تعبه وترحاله، وبقي الانتظار للعودة يستوطن فكره ومخيلته.
وعند عودة يوسف لبيته عقب إعلان جيش الاحتلال عن انسحابه من المناطق الشمالية، كانت صدمته كبيرة؛ فالبيت سوي بالأرض التي لبست ثوب الجفاف بعدما كانت تتزين بردائها الأخضر، فالجرافات الإسرائيلية اقتلعت كل شجرة وورقة خضراء حتى أضحى المشهد يوحي بفقدان الأمل في زراعة الأرض وإعادة تأهيلها، خاصة وأن الحرب لم تنته بعد واحتمال اجتياح المنطقة من جديد وارد.
كان نور الشمس الذي يسطع كل يوم بعد ظلام حالك دامٍ بصيص الأمل ليوسف وشقيقه اللذَيْن عملا على استصلاح جزء من الأرض وزرع بعض بذور الكوسا واليقطين والخيار والبندورة وخضروات أخرى حصلا على بذورها من تحت ركام المنازل المدمرة.
"قررنا نزرع 150 دونما، زرعنا فيها ملوخية، كوسا، خيار وبعض الخضراوات، كان هدفنا الأول المزارع والعائلات، لحثهم على الزراعة من أجل سد جوعهم بعد حرمان 9 شهور" هكذا علق يوسف على مشروعه.
كانت الزراعة القشة التي يتعلق بها يوسف وشقيقه لإنقاذ أهالي شمالي القطاع من الاستسلام للواقع والغرق في تيه حرب التجويع.
وبنبرة تحدٍ قال يوسف "نعمل على إعداد مشتل بسيط للخضراوات من خلال عملية تبذير من المحاصيل السابقة، إضافة إلى البحث عن محاصيل مستوردة، وهي غير موجودة لكن لن يكون هذا عائقا أمامنا، فنحن سنتحدى الواقع قدر المستطاع".
عكف يوسف على مبادرة التغذية الذاتية، واجتمع بعدد من المزارعين واتفقوا على ضرورة إنتاج الخضار مهما كان الثمن.
ولم تقف المبادرة عندهم فقط، بل تعدتهم ووصلت لآخرين، حيث قام الشقيقان والمزارعين بتوزيع البذور والأشتال على الناس ليزرعوها في بيوتهم أو مراكز الإيواء لسد رمق أطفالهم دون انتظار المساعدات الغذائية التي تدخل شمالي القطاع بالقطارة وبمزاجية الاحتلال.
هكذا هي الأرض، تعطي أصحابها دون ملل أو كدر، وأكثر عطائها عندما تشعر بحاجتهم لها، لا تتخلى عنهم وتستنفد طاقتها لأجلهم، فكل مركز إيواء بشمالي القطاع يحتوي زاوية زراعية، وكل بيت تجد به بعض أصناف الخضار التي خلت منها أسواق غزة وشمالها.
المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية
كلمات دلالية: طوفان الأقصى شمالي القطاع حرب التجويع شمالی القطاع
إقرأ أيضاً:
طبيب غزاوي للوموند: هذه هي المعركة التي تنتظرنا بعد انتهاء الحرب
"يبدو الأمر كما لو أن زلزالا دمّر مدينة غزة، هناك الكثير من الأنقاض التي تملأ الشوارع بحيث يصعب المشي، من المستحيل أن تمر سيارة بسهولة"، بهذه الكلمات لخص جراح العيون محمد مسلّم لصحيفة لوموند الفرنسية الأوضاع في غزة بعد انتهاء الحرب التي استمرت لعامين كاملين.
وقالت لوموند إن الدكتور مسلّم (40 عاما) كان في حالة من الذهول عند دخوله غزة، وهي صدمة عاشها كل من دخل المدينة من جيرانه وأصدقائه، كما أكد للصحيفة في حوار عبر الهاتف.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الدويري يحذر العائدين لشمال غزة من مخلفات جيش الاحتلالlist 2 of 2نصف مليون يعودون إلى غزة وأرقام صادمة عن الدمار الهائلend of listوأضاف الطبيب "حيثما وليت وجهك ترى أنقاضا في كل مكان".
وتابعت أن الدكتور مسلّم اضطر الشهر الماضي لمغادرة منزله بغزة رفقة زوجته وأطفاله الـ3 بسبب القصف الإسرائيلي الذي لم ينقطع، ولجأت الأسرة إلى منطقة قريبة، لكن شدة القصف دفعتهم إلى المغادرة "بقلوب مكسورة، وشعور بأننا لن نرى مدينتنا مرة أخرى".
وانتهى به الأمر باستئجار شقة باهظة الثمن في دير البلح، في وسط القطاع، مع عائلته وبينهم والداه المسنّان اللذان يحتاجان إلى رعاية طبية.
عاد الدكتور مسلّم -تتابع لوموند- إلى غزة مشيا على الأقدام مع آلاف النازحين بعد بدء اتفاق وقف إطلاق النار، ليفاجأ بالوضع الكارثي للمدينة، وتساءل في حديثه للصحيفة "كيف سنقوم بالإصلاح في غياب الأسمنت؟ في أي ظروف سنعيش في ديارنا؟ أين سيعود أولئك الذين لم يعد لديهم منازل؟".
وندد مسلّم بسياسة العقاب الجماعي والتطهير العرقي والإبادة الجماعية التي تعرض لها الفلسطينيون في غزة خلال عامين من الحرب التي شنتها إسرائيل، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 67 ألف شخص، بحسب ما صرح به للوموند.
لم يسلم القطاع الصحي نفسه من القصف والاعتقال، فهناك 1590 شهيدا من الكوادر الصحية، بينهم 157 طبيبا.
وتساءل "ماذا فعل سكان غزة ليُعرضوا للتشريد والدمار والقصف على هذا النطاق؟".
من بين القتلى، يفكر محمد مسلّم في الطاقم الطبي الذي قُتل في الغارات الإسرائيلية، كما لا تغيب عن باله صور الجرحى في غزة الذين عالجهم.
إعلانوصرح للوموند قائلا "في أحاديثنا بين الأصدقاء، نقول غالبا إن معركة جديدة تنتظرنا بعد انتهاء هذه الحرب، هذه المعركة هي التي يجب خوضها للتغلب على المعاناة الهائلة التي عانيناها، وعلى الحزن على أحبائنا الذين قُتلوا، ولإعادة بناء غزة، وللحصول على حقوقنا مثل عدم العيش تحت الحصار، ولإعادة حياتنا إلى مسارها الطبيعي".
استهداف الأطر الطبيةوإلى حدود أغسطس/آب الماضي ذكرت الإحصائيات الفلسطينية أن ثلثي المستشفيات باتا خارج الخدمة، وتقلصت أجهزة التشخيص والعمليات بشكل كبير، في حين اختفت الأدوية الضرورية من رفوف الصيدليات، تاركة أكثر من 300 ألف من ذوي الأمراض المزمنة في مواجهة مباشرة مع الجوع والمرض.
وأضافت وزارة الصحة في غزة وقتها أن 6 آلاف و758 من ذوي الأمراض المزمنة توفوا منذ بداية الحرب، نتيجة انقطاع العلاج أو منعهم من السفر لتلقيه.
كما سجلت المراكز الصحية 28 ألف حالة سوء تغذية خلال العام الجاري، ويدخل يوميا نحو 500 شخص المستشفيات بسبب مضاعفات الجوع.
ولم يسلم القطاع الصحي نفسه من القصف والاعتقال، فهناك 1590 شهيدا من الكوادر الصحية، بينهم 157 طبيبا. كما اعتُقل 361 من الطواقم الطبية، ولا يزال 150 منهم رهن الاعتقال، بينهم 88 طبيبا.