يرى المؤرخ الأميركي كايل أندرسون أستاذ التاريخ المشارك بجامعة ولاية نيويورك بالولايات المتحدة، أن العنصرية في الغرب تجاه الشرق في زيادة مطّردة، وأن الولايات المتحدة الأميركية تعيش حقبة صعبة في ظل انتخابات رئاسية، المواطن الأميركي فيها مضطر للاختيار ما بين "السيئ والأسوأ".

وينتقد الانحياز الأميركي والغربي الكامل للآلة العسكرية الإسرائيلية، ويرجع هذا الانحياز إلى صعود موجة العنصرية السياسية، والعداء الغربي للإسلام على طول التاريخ، وصعود اللوبي الصهيوني بفضل الرؤية المتطرفة للمسيحية الإنجيلية، التي تنتظر هبوط السيد المسيح ونهاية العالم.

ويشيد كايل أندرسون بالانتفاضة الطلابية بالجامعات الأميركية في وجه السياسة الأميركية المنحازة إلى إسرائيل، مشير إلى أن جانبا كبيرا من المجتمع الأميركي، خاصة المثقفين، يعيشون حالة اكتئاب جراء هذه السياسات، ويقول "إذا كان في أميركا جانب مشرق وشيء يدعو للفخر، فهو تلك المظاهرات الطلابية التي تشير إلى أنه ما زال هناك ضمير حيّ" في المجتمع الأميركي الذي يعج بالمتناقضات.

المؤرخ الأميركي كايل أندرسون أستاذ التاريخ المشارك بجامعة ولاية نيويورك بالولايات المتحدة (الجزيرة)

كايل أندرسون يعمل حاليا أستاذا مساعدا للتاريخ في جامعة ولاية نيويورك بأولد ويستبري، وهو عضو الجمعية التاريخية الأميركية، ومركز البحوث الأميركي في مصر، حيث جاء مدعوا من المركز القومي للترجمة بمناسبة صدور الترجمة العربية لكتابه "فرقة العمال المصرية"، الذي صدر في أميركا عام 2021 باللغة الإنجليزية.

يروي الكتاب القصة المنسية لأكثر من نصف مليون فلاح مصري في فرقة العمال المصرية، الذين قتل ومات منهم ما لا يقل عن 20 ألفا، تم اختطافهم وإجبارهم على السخرة ليشتغلوا عمالا عسكريين أثناء الحرب العالمية الأولى، ويقوموا بمهام الشحن والتفريغ على أرصفة فرنسا وإيطاليا، وحفروا الخنادق في غاليبولي، وساقوا الجمال المحملة بالمؤن في صحاري ليبيا والسودان وسيناء، وأدّوا دورا شرطيا لفرض النظام بين سكان بغداد المحتلة، ومثّلوا أغلب قوات العمال العسكرية أثناء التقدم عبر فلسطين ونحو سوريا، التي كانت ثاني أكبر مسرح للحرب. وأنشأت الفرقة المصرية مئات الأميال من خطوط السكك الحديدية وأنابيب المياه الواصلة بين مصر وفلسطين، والتي أصبحت أساس البنية التحتية للإمبراطورية البريطانية في المنطقة

يروي الكتاب القصة المنسية لأكثر من نصف مليون فلاح مصري في فرقة العمال المصرية، الذين قتل ومات منهم ما لا يقل عن 20 ألفا، تم اختطافهم وإجبارهم على السخرة ليشتغلوا عمالا عسكريين أثناء الحرب العالمية الأولى، ويقوموا بمهام الشحن والتفريغ على أرصفة فرنسا وإيطاليا، وحفروا الخنادق في غاليبولي، وساقوا الجمال المحملة بالمؤن في صحاري ليبيا والسودان وسيناء، وأدّوا دورا شرطيا لفرض النظام بين سكان بغداد المحتلة، ومثّلوا أغلب قوات العمال العسكرية أثناء التقدم عبر فلسطين ونحو سوريا، التي كانت ثاني أكبر مسرح للحرب. وأنشأت الفرقة المصرية مئات الأميال من خطوط السكك الحديدية وأنابيب المياه الواصلة بين مصر وفلسطين، والتي أصبحت أساس البنية التحتية للإمبراطورية البريطانية في المنطقة.

والكتاب في مجمله سيرة تاريخية أراد المؤلف من خلالها أن يكشف عن الوجه العنصري القبيح للاستعمار، إذ يجرد العمال من إنسانيتهم ومن حقوقهم، ويعدّهم من الحيوانات، ولا يسجل أسماءهم عندما يموتون أو يعودون إلى بلدانهم بعاهات مستديمة وقلوب منكسرة.

في القاهرة التقت الجزيرة نت كايل أندرسون، متحدثا عن رؤيته للعلاقة القلقة ما بين الشرق والغرب، والرؤية الاستشرافية الجديدة لمن يسمَّون بالمؤرخين الجدد.

كتاب "فيلق العمل المصري.. العرق والفضاء والمكان في الحرب العالمية الأولى" صدر عن مطبعة جامعة تكساس 2021 (الجزيرة) ما دوافعك في هذا الكتاب للإبحار في عمق التاريخ لنبش حقبة غامضة وشبه مظلمة من تاريخ الشرق؟

كان اهتمامي بوصفي مؤرخا بالتفصيلات الصغيرة للمهمشين من الشعوب، واخترت أن أكتب عن الناس في مصر خلال ثورة 1919، وخلال البحث في الأرشيفات العالمية في لندن وباريس والقاهرة ونيويورك، أثارت اهتمامي تفصيلات كثيرة عن فرقة العمال المصرية خلال الحرب العالمية الأولى، وكان معظمهم من الفلاحين ومن القرى، استطعت من خلالها أن أوثق هذه التجربة الإنسانية المنسية، حيث لم يكن للكتاب والقراء الناطقين بالإنجليزية اهتمام يذكر بقصص رجال غير بيض يعملون وراء خطوط الجبهة.

أن أفضح العنصرية الغربية، وأن أكشف عن الأسماء الحقيقية للعمال المصريين الذين شاركوا في الحرب العالمية الأولى لتعويضهم عمّا لقوه من أذى ومن إصابات، فضلا عن تعويض الذين ماتوا وقتلوا غيلة وغدرًا أثناء قيامهم بمهامهم في أوروبا وغيرها، وأؤكد أن عدد القتلى والموتى بين العمال خلال الحرب لا يقل عن 20 ألف مصري، قُتِل ومات منهم عدد كبير في الغرب وفلسطين

وأردت من خلال ذلك أيضا أن أفضح العنصرية الغربية، وأن أكشف عن الأسماء الحقيقية للعمال المصريين الذين شاركوا في الحرب العالمية الأولى لتعويضهم عمّا لقوه من أذى ومن إصابات، فضلا عن تعويض الذين ماتوا وقتلوا غيلة وغدرًا أثناء قيامهم بمهامهم في أوروبا وغيرها من البلاد، لمجرد أنهم كانوا يطالبون بحسن المعاملة وتحسين ظروفهم المعيشية، فكان يتم الاعتداء عليهم مباشرة بالرصاص الحي. وأستطيع أن أؤكد أن عدد القتلى والموتى بين العمال خلال الحرب لا يقل عن 20 ألف مصري، قُتِل ومات منهم عدد كبير في الغرب وفلسطين.

ولن نستطيع تحديد الأسماء أو على الأقل معظم هذه الأسماء دون الاطلاع على أوراق الحرب العالمية الأولى التي بحوزة دار الوثائق القومية المصرية، والتي حاولتُ الحصول على موافقة للاطلاع عليها، ولكن محاولاتي باءت بالفشل، ولا يمكن أن يكون البحث عن حقيقة ما جرى في الحرب العالمية الأولى لمعرفة أسماء وحقوق العمال المصريين الذين ماتوا في تلك الحرب أمرا يتنافى مع الأمن القومي المصري.

والذي لا يعرفه الجميع أن مرتبات العمال المصريين كانت تدفعها الحكومة المصرية في ظل الاحتلال البريطاني، وأن الحكومة المصرية تنازلت عن جزء كبير من المديونية البريطانية بسبب ضغط قوات الاحتلال.

عمالة مصرية على رصيف السفن في فرنسا في العقد الثاني من القرن الماضي (الصحافة الفرنسية) ولكن كيف تمكنت من إحياء قضية مرّ عليها قرن كامل من الزمان؟

استغرق البحث حوالي 4 سنوات، وساعدني كثيرا الاطلاع على الملفات الخاصة بموضوع البحث في الأرشيف البريطاني، حيث استطعت تصوير ما لا يقل عن 30 ألف صفحة خلال صيف واحد عام 2014، حيث يسمح بالتصوير المباشر بالكاميرا، في حين يمنع ذلك في مصر، مما يتطلب مني وقتا كبيرا للكتابة خلال الاطلاع.

وجمعت نصوصا كثيرة ومعلومات عن فرقة العمال المصرية، وأيضا استطعت أن أحصل من "المتحف الإمبريالي للحرب" في لندن على أشياء كثيرة، وجمعت عددا كبيرا من الرسائل لضباط بريطانيين كان موضوعها فرقة العمال المصرية، وتجمعت لدي معلومات كثيرة وصور أيضا.

في مصر استطعت من خلال قراءة الإصدارات المصرية من الصحف والمجلات التي كانت تصدر خلال الحرب مثل "المقطم" و"الأفكار" و"الأهالي"، وفي مكتبة الجامعة الأميركية بالتجمع الخامس قرأت مقالات عن العمال في صحف "الأهرام" و"إجيبشيان جازيت" و"المصور" و"روزاليوسف"، وفي مجلة "روز اليوسف" قرأت مذكرات الشيخ عبد الحميد عن فرقة العمال في أوروبا وفلسطين خلال الحرب الأولى.

من ناحية أخرى، كانت المساعدات كبيرة من المؤرخين والمثقفين المصريين الذين مدّوني بمعلومات مهمة عن الأغاني والفولكلور الذي صاحب أعمال الفرقة المصرية خلال تنقلهم من مكان لآخر، مثل عالية مسلم وليلى سليمان.

وفي باريس ذهبت للاطلاع على الأرشيف الفرنسي، خاصة أرشيف جمعية الشبان المسيحيين، ولهم فرع الآن بالقرب من الأزبكية في القاهرة.

ما سر عدم توفر المذكرات عن العمال المصريين من قبل المصريين أنفسهم، وأن المعلومات موجودة لدى البريطانيين فقط؟

المذكرات يكتبها الأشخاص عن تجربتهم، ولن نجزم بأن المعلومات لا يملكها إلا البريطانيون، والفارق الوحيد أنها عند البريطانيين يسهل الاطلاع عليها، أما المصريون فليس من السهل الاطلاع على وثائقهم القديمة، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى أعتقد أن العمال المصريين كانوا أميين لا يعرفون القراءة والكتابة، ولم يذهب العمال الفلاحون للتعلم في الكُتاب بالقرى، ولم يكن التعليم متاحا إلا لأبناء النخبة.

ولهذا كان اعتمادي على الأغاني والروايات الشفهية والأفلام والحكايات، منها كتابات المثقف المصري اليساري عصمت سيف الدولة المحامي، الذي جمع بعض الحكايات في كتاب "مذكرات قرية مشايخ جبل البداري".

في أميركا الآن يتبع مؤرخون مناهج مختلفة في التأريخ، أبرزها ما يسمى "التاريخ من تحت" و"التاريخ الصغير" حيث نركز على حادث صغير بكل تفاصيله، ويمكن أن نرى التاريخ من وجهة نظر ثانية قد تكون مختلفة أحيانا، ولكنها في النهاية تبحث رواية البشر المهمشين الذين عاشوا تلك الحقبة من الزمن، ولم نعد نهتم بالتاريخ الذي لا يرويه ولا يكتبه إلا المنتصرون فقط.

في أميركا الآن يتبع مؤرخون مناهج مختلفة في التأريخ، أبرزها ما يسمى "التاريخ من تحت" و"التاريخ الصغير" حيث نركز على حادث صغير بكل تفاصيله، ويمكن أن نرى التاريخ من وجهة نظر ثانية قد تكون مختلفة أحيانا، ولكنها في النهاية تبحث رواية البشر المهمشين الذين عاشوا تلك الحقبة من الزمن، ولم نعد نهتم بالتاريخ الذي لا يرويه ولا يكتبه إلا المنتصرون فقط.

لا وجود لشخصية قومية المهم في الكتاب أنك استطعت أن توجه رقبة التاريخ للهوية المصرية أو الشخصية المصرية التي ولدت مع ثورة 1919، واعتبرت نجاح الثورة في جزء كبير منه مرتبطا بمشاركة الأرياف والفلاحين في الثورة ردا على العنف الذي مورس عليهم، فقامت الثورة في الوجه البحري وفي الصعيد مما ضمن نجاحها بشكل قوي.. أليس كذلك؟

الثورة كانت نتيجة التاريخ، ولم تكن نتيجة الهوية والقومية، بل هي ثورة ثقافية واجتماعية، ولهذا كانت الثورة معقدة لتعدد العناصر المشاركة فيها، ثورة 1919 أوجدها التاريخ، وكشفت عن الهوية المصرية التي كانت موجودة من قبل.

وفي الحقيقة لا يوجد ما يسمى بالشخصية القومية، هناك تيارات متعددة في تاريخ أي بلد، وما يتردد من شعارات من أيام سعد زغلول مثل شعار " كلنا واحد " الذي أراه منتشرا في شوارع القاهرة بكثرة هذه الأيام، ليس هذا سوى شعار سياسي، وعندما يتم طرح موضوع الشخصية المصرية، يكون في الحقيقة من خلال حدث سياسي يراد به التعبئة لخدمة فصيل ما.

مصطلح "المستشرقين" وفي الولايات المتحدة وبعد صدور كتاب الاستشراق للدكتور إدوارد سعيد، ارتبطت كلمة استشراق بالوصمة والإهانة، نحن لسنا مستشرقين، بل مؤرخين، وكما في الكتاب لا يوجد ما يسمى الشرق والغرب، بل فقط "التاريخ العالمي" وفي الفصل الأول أكتب تقريبا عن كل العالم.

وما يطلق عليه "الشخصية المصرية" غير موجودة في الواقع، إنما هي موجودة من خلال الشخص الذي يتكلم عنها، وما أقوله في هذا الكتاب، أنّ فكرة الشخصية القومية متعلقة بتاريخ العنصرية، ومنذ بداية القرن الـ19 بدأنا ننظر للتاريخ بعيون عنصرية، نقول عن شخص أبيض إنه قوقازي أو إنجليزي ينتمي للعرق الآري، وهذا خطأ فأنا مختلف عن رجل أبيض ثانٍ، وأنت مختلف عن رجل مصري آخر، وفي النهاية "كلنا واحد" جملة غير سليمة؛ لأننا كلنا مختلفون، وما أثبته هنا أنه لا يوجد ما يسمى بالشخصية القومية.

صورة أرشيفية للعمال المصريين في الحرب العالمية الأولى (الجزيرة)

نحن المؤرخين نرفض مصطلح "المستشرقين" وفي الولايات المتحدة وبعد صدور كتاب الاستشراق للدكتور إدوارد سعيد، ارتبطت كلمة استشراق بالوصمة والإهانة، نحن لسنا مستشرقين، بل مؤرخين، وكما في الكتاب لا يوجد ما يسمى الشرق والغرب، بل فقط "التاريخ العالمي" وفي الفصل الأول أكتب تقريبا عن كل العالم، بريطانيا كان لديها معلومات عن كل العالم تقريبا، والمصريون وقتها كانوا يقرؤون ويؤلفون الكتب عن كل العالم، خلال الحرب وقبلها نقرأ كتابا مهمّا للمناضل مصطفى كامل عنوانه "الشمس المشرقة" عن اليابان في ذلك الوقت، والتاريخ العالمي لا يفصل ما بين الشرق والغرب، بل يحاول أن يجعل من الكرة الأرضية شيئا واحدا.

جوزيف هول مسؤول القوات البريطانية خلال الحرب ذكر أن العمال المصريين كانت تتراوح أعدادهم بين 80 و90 ألف عامل، وكانت فترة بقائهم تتراوح بين 3 و6 أشهر، ومع حساب الرقم خلال 6 سنوات من 1915 – 1921، ومع الحساب نجد بعض العمال اشتركوا أكثر من مرة.

وما الفرق بين مدرسة المؤرخين القدامى والمؤرخين الجدد؟

نحن نعيش مرحلة جديدة من التاريخ يطلق عليها "التاريخ العالمي" ومن 30 عاما مضت، انطلقت دراسات جديدة تختلف عما كانت عليه المنهجية التاريخية في السابق، والكتاب عندما يتكلم عن العمال المصريين  فهو لا يتحدث عنهم داخل الحدود المصرية فقط، فقد كان العمال المصريون في فرنسا وفلسطين وتركيا وليبيا، إذن المصري دائما موجود داخل العالم وليس داخل حدوده فقط.

جوزيف هول مسؤول القوات البريطانية خلال الحرب ذكر أن العمال المصريين كانت تتراوح أعدادهم بين 80 و90 ألف عامل، وكانت فترة بقائهم تتراوح بين 3 و6 أشهر، ومع حساب الرقم خلال ست سنوات من 1915 – 1921، ومع الحساب نجد بعض العمال اشتركوا أكثر من مرة.

العامل عبد الرحمن محمد حسين الذي نشر مذكراته في مجلة روز اليوسف قال إنه شارك أكثر من مرة في الحرب، ولابد أن نأخذ في الاعتبار أن عدد سكان مصر كان 12 مليونا فقط، فلو كان العدد مليونا، سيكون ذلك أمرا غير معقول، لكن مع التحليلات والحسابات انتهيت إلى أن العدد الكلي نصف مليون مصري ساهموا في الحرب الأولى، وهذا صعب لأن العمال المصريين لم يكن لهم وزن عند البريطانيين، فلم يسجلوا أعداد الموتى ولا أعداد الأحياء منهم، فهم في نظر البريطانيين ليسوا أكثر من حيوانات أجبروهم على العمل فيما يشبه السخرة التي أعادها الإنجليز للواجهة بعد إلغائها خدمة لمصالحهم الإمبريالية.

ما الأرشيفات التي تردّدت عليها لجمع الوثائق والمادة التاريخية الخاصة بكتاب فرقة العمال المصرية؟

من الأرشيفات التي زرتها وأفادتني كثيرا بالوثائق في لندن، كان "الأرشيف القومي البريطاني"، "أرشيف المتحف الإمبريالي للحرب، "المكتبة القومية البريطانية"، وفي مصر: دار الكتب المصرية، وتقدمت بطلبين للاطلاع على وثائق الدار القومية للوثائق المصرية ولكن جوبه الطلبان بالرفض، ومكتبة الجامعة الأميركية في التجمع الخامس، وفي فرنسا: أرشيف وزارة الخارجية الفرنسية، والأرشيف القومي الفرنسي، وفي أمريكا: أرشيف جمعية الشبان المسيحيين.

وفي الأرشيف البريطاني عثرت على صور للعقود التي كانت بين العمال والبريطانيين وهي عقود جائرة في متحف الحرب البريطاني، وهذا استغلال لناس لا يعرفون القراءة والكتابة، وعثرت على خريطة للقاهرة و خريطة لمدينة الإسكندرية وقت الحرب في الأرشيف الأميركي، وفي المكتبة البريطانية القومية عثرت على خريطة لسيناء وقد مدّوا بها خطًّا للمياه يعمل به 500 عامل مصري، ورسائل لضابط بريطاني يدعى إرنست كندريك فينابلز سنة 1917 لأسرته يصف فيها أحوال العمال المصريين، وكذلك كتابات المؤرخ العمالي أمين عزالدين، وله كتابات مهمة عن تاريخ الطبقة العمالية في مصر.

كايل-أندرسون متحدثا في ندوة بنقابة الصحفيين المصرية (الجزيرة)  نظرة الغرب للعالم العربي أو للشرق عموما هل تغيرت عما كانت عليه من قبل، أم أن الوضع يزداد سوءًا في نظرك؟

لست مؤمنا بالتعميمات، ولا أستطيع أن أقول لك إن هناك تطورا في النظرة الإنسانية من الغرب تجاه الشرق، بل العنصرية مازالت موجودة، وازدادت سوءا، وما نراه الآن في أميركا من أحداث سياسية ورؤى عنصرية لكبار السياسيين تزداد حدتها عما كان في الماضي، وهذا نراه بوضوح في المرشح الجمهوري العنصري ترامب، والديمقراطي بايدن لا يقل عنه سوءا، وأنا ضد العنصرية وضد كل صور الكولونيالية التي مازالت موجودة بقوة في أكبر دول العالم تقدما.

مهم جدا أن العالم يرى أن المعارضة (لحرب إسرائيل على غزة) في أميركا تأتي من صفوف الشباب والطلاب للسياسات المنحازة والاستعمار، ورفضهم لكل ما يجري في فلسطين وغزة هو ضمان للعقل الأميركي، حتى لا يقال إننا أصبحنا مجانين بالكامل، بل مازال هناك ضمير للإنسان الغربي.

كيف تنظر للمظاهرات الطلابية في الجامعات الأميركية والغربية، وهل سيكون لها تأثير على السياسات العامة لدولهم؟

أنا في صف هؤلاء الطلاب وأؤيدهم بقوة، ومعهم ضمانا لحرية التعبير، ومهم جدا أن العالم يرى أن المعارضة في أميركا تأتي من صفوف الشباب والطلاب للسياسات المنحازة والاستعمار، ورفضهم لكل ما يجري في فلسطين وغزة هو ضمان للعقل الأميركي، حتى لا يقال إننا أصبحنا مجانين بالكامل، بل مازال هناك ضمير للإنسان الغربي.

ولا أستطيع أن أقول إن هذه الحركات سيكون لها تأثير، ونحن في موسم الانتخابات الأميركية، ولا حرية لنا إلا أن نختار بين " السيئ والأسوأ" في منافسة بائسة  للفوز برئاسة أقوى دولة في العالم، وحقيقة لا أستطيع أن أحكم على ما يحدث الآن، وما أقوله هو أنني في مرحلة اكتئاب.

رأيت الأمل والضمير الحي في عدد من المسؤولين الذين استقالوا من مناصبهم رفضا للانحياز الغربي والاستعمار الغربي، ولكن في المقابل هناك مناصب أكثر قوة مازالت تقود الدفة نحو الاستعمار والعنصرية في كثير من أنحاء العالم.

ورأيت الأمل والضمير الحي في عدد من المسؤولين الذين استقالوا من مناصبهم رفضا للانحياز الغربي والاستعمار الغربي، ولكن في المقابل هناك مناصب أكثر قوة مازالت تقود الدفة نحو الاستعمار والعنصرية في كثير من أنحاء العالم، وأكرر أنني في مواجهة هذه الهجمة العنصرية الشرسة لا أقول أكثر من أنني مكتئب لأن المؤشرات كلها تشير بفوز ترامب، وهذا في غاية السوء، ولأن مرشح الحزب الديمقراطي في غاية البؤس.

ما سبب الانحياز الأميركي الفج لإسرائيل من وجهة نظرك؟

لهذا الانحياز الغربي لإسرائيل أسباب كثيرة منها، العنصرية الكامنة في الغرب تجاه المسلمين بتأثير قوي من اللوبي الصهيوني الإسرائيلي، ولا أقول اللوبي اليهودي، لأن كثيرا من الطلاب الذين يقودون الاحتجاجات في الجامعات هم من اليهود، والصهيونية معظمها من المسيحيين الإنجيليين الذين يقولون بنهاية العالم ونزول المسيح، وهي في النهاية رؤية تاريخية متطرفة.

يضاف إلى هذه الأسباب الالتزام الأميركي لمساعدة الدولة الإسرائيلية؛ يتدخل في ذلك عوامل كثيرة تاريخية واجتماعية ودينية، حيث إن الغرب ضد المسلمين عموما، والرئيس بايدن العجوز، وهو رئيس من الماضي، وسواء ذهب هو، أو جاء ترامب سيكون الموقف الأميركي تجاه العالم في غاية الصعوبة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات فی الحرب العالمیة الأولى فرقة العمال المصریة التاریخ العالمی لا یوجد ما یسمى المصریین الذین الشرق والغرب عن کل العالم خلال الحرب فی الأرشیف التاریخ من فی النهایة فی أمیرکا نصف ملیون التی کانت فی الغرب أکثر من من خلال فی مصر

إقرأ أيضاً:

قراءة شاملة لجذور الصراع الفلسطيني الإسرائيلي من منظور المؤرخ الشاب زاخاري فوستر

في هذا الحوار المطوّل غير التقليدي يقدم المؤرخ والناشط الأميركي زاخاري فوستر قراءته لتاريخ فلسطين المعاصر والحديث ورؤية عميقة وشاملة للصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وقد حصل فوستر على درجة الدكتوراه في دراسات الشرق الأدنى من جامعة برينستون عام 2017، وهو مؤسس مشروع "فلسطين نيكسوس" الذي يأمل أن يكون المصدر المفضل لفهم ما يحدث في فلسطين.

يتتبّع الحوار الجذور التاريخية للصراع وتطوراته عبر القرنين الماضيين، ويستعرض فوستر، وهو باحث متخصص في تاريخ المنطقة، أبعادًا متعددة للقضية، مقدمًا تحليلًا نقديًّا للروايات السائدة ومفندًا بعض المفاهيم الخاطئة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2ما الذي يمنح السلطة شرعيتها؟ كتاب يفتح الباب لمقاربة فلسفية جديدةlist 2 of 2كيف تفكر الدول في العنف المنظم؟end of list

يبدأ الحوار بتأصيل تاريخي للقضية، حيث يقول الضيف: "أعتقد أن جذور قضية إسرائيل وفلسطين تعود إلى أواخر القرن التاسع عشر… عندما قرر اليهود تحويل دولة عربية، أي فلسطين، إلى دولة يهودية". هذا التحديد الزمني يضع القضية في سياقها التاريخي الصحيح، مؤكدًا أن بدايتها تسبق فترة الاستعمار التقليدي.

يتطرق الحوار إلى مقارنة الصهيونية بحركات الاستعمار الاستيطاني الأخرى، مع تسليط الضوء على خصوصيتها. يقول الضيف: "الصهيونية من بين جميع الحركات الاستعمارية الاستيطانية في جميع أنحاء العالم… هي نوع مثالي من الحركة الاستعمارية الاستيطانية". ويضيف موضحًا الفرق: "ما يميز الحركات الاستعمارية الاستيطانية عن الحركات الاستعمارية العادية هو أن الحركات الاستعمارية الاستيطانية تتخلى عن روابطها بوطنها الأصلي."

إعلان

يناقش الحوار أيضا تطور المواقف الأكاديمية اتجاه القضية، خاصة بين المؤرخين الغربيين واليهود. يشير الضيف إلى أن "هناك تقليدًا طويلًا من معاداة الصهيونية لدى اليهود. في الواقع، يعود هذا التقليد إلى أصول الصهيونية نفسها"، وفي المقابل يفنّد الادعاءات حول عدم وجود هوية فلسطينية قبل قيام إسرائيل.

ويختتم بتأكيد أهمية فهم الجذور التاريخية للصراع لإدراك تعقيداته الحالية. يقول الضيف: "يمكنك أن تفهم بشكل أساسي الكثير من التاريخ الفلسطيني إذا فهمت فقط إجابتهم عن هذا السؤال: ما هو الخيار المناسب كرد فعل على مجموعة من الناس تحاول الاستيلاء على أرضي وتدمير منزلي وتطهيري عرقيًّا من البلاد."

هل ترى جذور القضايا الحالية في الشرق الأوسط، وخاصة في فلسطين؟

أعتقد أن جذور قضية إسرائيل وفلسطين تعود إلى أواخر القرن التاسع عشر. لذا فهذه الفترة الزمنية تسبق فترة الاستعمار. وفي سبعينيات وثمانينيات القرن التاسع عشر، كان اليهود في أوروبا يتحدثون عن إنشاء دولة يهودية في فلسطين. وأعتقد أن هذا هو أصل قضية فلسطين بالنسبة لي. كان ذلك عندما قرر اليهود تحويل دولة عربية، أي فلسطين، إلى دولة يهودية. بالنسبة لي، كان هذا هو بداية قضية إسرائيل وفلسطين الحديثة.

في القرن التاسع عشر، أي قبل مئة عام من تشكل إسرائيل نفسها؟

نعم. نحن نتحدث عن سبعينيات القرن التاسع عشر أو ثمانينياته، أي ما يعادل 140 أو 150 عامًا، لقد تلقيت عمومًا ردودًا إيجابية جدًّا على فيديو يشرح ذلك. كان هدفي محاولة تغطية أكبر قدر ممكن من الأرض في مقطع مرئي قصير قدر الإمكان. والتركيز على محاولة فهم سبب حدوث الأشياء، والطريقة التي حدثت بها. وأعتقد أن الناس عمومًا قد قدروا ذلك لأنني أعتقد، أولًا وقبل كل شيء، أنني أحاول أن أكون موضوعيًّا. أنا أتحدث عن الإرهاب اليهودي. أنا أتحدث عن الإرهاب الفلسطيني. أنا أتحدث عن الجرائم، جرائم الحرب التي ارتكبتها كل من إسرائيل وحماس. صحيح. لذا، أعتقد أنني أحاول جاهدًا تقديم رواية موضوعية، فضلًا عن الجرأة التفسيرية لمساعدتكم على فهم كيف وصلنا إلى ما وصلنا إليه اليوم.

إعلان

وأعتقد أن الناس يقدرون ذلك. من الواضح أن لديَّ وجهة نظري الخاصة. ومن الواضح أنني أعتقد أنه لفهم حقيقة الأمر، وكيف وصلنا إلى ما وصلنا إليه اليوم؛ يتعين عليك أن تفهم حقًّا الفكرة الأساسية الكامنة وراء الصهيونية، التي تتلخص في أننا نريد تحويل هذا البلد من بلد عربي فلسطيني إلى بلد يهودي.

لذا كان على كل زعيم صهيوني أن يسأل نفسه هذا السؤال: ماذا سنفعل بالسكان الأصليين؟ لذا فأنا أحاول تسليط الضوء على وجهة النظر الفلسطينية، والتركيز بشكل خاص على محاولة إعطاء صوت لضحايا هذا الصراع، وللأشخاص الذين ضاعت أصواتهم في الروايات التقليدية.

أعتقد أنني أركز أيضا على إسرائيل وفلسطين بدلًا من الصراع العربي الإسرائيلي. الناس ظلوا لعقود طويلة يعتبرون هذا الصراع أشبه بصراع عربي إسرائيلي بين إسرائيل والدول العربية. وأعتقد أنه من الواضح أنه لم يكن هناك صراع حقيقي كبير بين إسرائيل والدول العربية. بل كان الصراع دائمًا في المقام الأول بين إسرائيل والفلسطينيين.

وأعتقد أن هذا الأمر أصبح الآن أكثر وضوحًا من أي وقت مضى. لذا فهذه زاوية أخرى للقصة. أنا لا أتحدث عن حرب 1973. ولا أتحدث عن غزو سيناء. ولا أتحدث حقًّا عن اتفاقيات السلام بين الأردن ومصر في التسعينيات أو السبعينيات ثم التسعينيات.

هذه بالنسبة لي مجرد أحداث جانبية. بالنسبة لي، القضية الأساسية هي قضية إسرائيل وفلسطين، وهي المحاولة الصهيونية ثم الإسرائيلية للسيطرة على كل الأراضي الواقعة بين النهر والبحر. أعتقد أن هذا هو ما نحتاج إلى فهمه حقًّا، لفهم كيف وصلنا إلى حيث وصلنا اليوم.

من وجهة نظرك، فإن فترة الاستعمار أسست لهذا الصراع.. إذن ما هو الفرق بين الاستعمار في أستراليا، ثم العالم الجديد، في أميركا، وما حدث في الشرق الأوسط؟

أعتقد أن هناك بعض الاختلافات. أولًا وقبل كل شيء، لا أستطيع أن أسمي الصهيونية حركة استعمارية. بل أسميها حركة استعمارية استيطانية. وفي الواقع، قد تقول إن الصهيونية من بين جميع الحركات الاستعمارية الاستيطانية في جميع أنحاء العالم، في أستراليا، وفي الولايات المتحدة وكندا، هي نوع مثالي من الحركة الاستعمارية الاستيطانية.

إعلان

بمعنى أن ما يميز الحركات الاستعمارية الاستيطانية عن الحركات الاستعمارية العادية هو أن الحركات الاستعمارية الاستيطانية تتخلى عن روابطها بوطنها الأصلي، في حين أن الحركات الاستعمارية تريد الاحتفاظ بروابطها بوطنها.

فلنفكر على سبيل المثال في الفرنسيين، الفرنسيين في الجزائر. لقد كانت تلك حركة استعمارية، أليس كذلك؟ لأنهم أرادوا في واقع الأمر الحفاظ على روابطهم بوطنهم. قد تقول إن الولايات المتحدة كانت في مكان ما بين هذين الأمرين، لأن العديد من المستعمرين كانوا يريدون الحفاظ على ارتباطهم ببريطانيا العظمى، وكانوا يريدون العودة إلى بريطانيا العظمى. ولم يكونوا يريدون قطع هذه الصلة تمامًا.

أما في حالة الصهيونية، فقد تخلوا تمامًا عن بلدانهم الأصلية. ولم تكن لديهم أي نية للعودة أبدًا. أعني أن العديد منهم، بالمناسبة، عادوا، ولكن عندما وصلوا أول مرة إلى فلسطين، كانت فكرتهم أننا لا ننوي العودة إلى الوطن. نحن ننتقل إلى فلسطين، وسنقوم بتأسيس جذورنا هنا، وسنستولي على هذا البلد. لذا فإن هذا هو أحد الاختلافات الرئيسية.

والاختلاف الرئيسي الثاني هو أن الصهيونية متجذرة في العديد من الأفكار اليهودية. أليس كذلك؟ هناك فكرة في اليهودية مفادها أن اليهود سيعودون في نهاية المطاف إلى الأرض المقدسة. إنه نوع من الاعتقاد الأخروي بأن المسيح، سيعود في نهاية الأيام وسيجتمع كل اليهود من أنحاء العالم الأربعة ويعودون إلى فلسطين.

لذا فإن هذا يميزها عن الحركات الاستعمارية الاستيطانية الأخرى التي لم تكن متجذرة في تقاليد دينية عمرها 3000 عام. كانت مرتبطة ارتباطًا وثيقًا، ولديها نوع من الروابط الدينية، بالأرض واعتبرت هذه الأرض ذات أهمية دينية. لذا أعتقد أن هذا يميزها أيضًا.

لكن أودّ أن أقول بشكل عام، إن أوجه التشابه مذهلة للغاية. أعني، لديك هؤلاء الأشخاص المضطهدون، أليس كذلك؟ أعتقد أن هذا مهمّ حقًّا لفهم جوهر معظم الحركات الاستعمارية الاستيطانية. عليك أن تفهم أن هؤلاء الناس هم في المقام الأول الذين يشعرون بالاضطهاد في بلدانهم الأصلية. أليس كذلك؟ "لقد واجه البروتستانت الأميركيون الذين قدموا إلى العالم الجديد الاضطهاد في بلدانهم الأصلية. ولهذا السبب كانوا يجمعون أمتعتهم ويغادرون. هل تعتقد أنهم أرادوا ركوب القوارب؟ لقد كانت رحلة خطيرة للغاية وغادرة. إذ استغرقت شهرين عبر المحيط. وقد هلك العديد منهم على طول الطريق. هل كانوا يريدون فعل ذلك؟ لا، بالطبع لا. تمامًا كما لم يرد اليهود التخلي عن أوطانهم في الغالب. لقد أجبروا على المغادرة بسبب المذابح، ومعاداة السامية، وبسبب العنف الذي واجهوه في بلدانهم الأصلية.

إعلان

لذا أعتقد أن هذا يعني بهذا المعنى أن الصهيونية تشبه إلى حد كبير العديد من الحركات الاستعمارية الاستيطانية الأخرى.

ظهر مؤخرًا جيلًا جديدًا من المؤرخين الغربيين، ضد السياسات الإسرائيلية.. كيف نشأ هذا الجيل من الأكاديميين مثلك، داخل المؤسسات التي كانت تعتبر تقليديًّا مؤيدة لإسرائيل؟

أولًا وقبل كل شيء، أنا لست منتميًا إلى أي جهة أكاديمية. أنا لست أستاذًا في جامعة مقرها الولايات المتحدة. وأعتقد أن هذا يقطع شوطًا طويلاً في تفسير ذلك. وبالمناسبة، عندما أخذت شهادتي للدكتوراه من جامعة برينستون، كان هناك عدد من أعضاء هيئة التدريس في قسمي، بما في ذلك مستشاري الأكاديمي، الذي أصدر نداءً وإعلانًا يدعو الجامعة إلى تمرير قرار بالمقاطعة، قرار "BDS"، يدعمون ذلك الحراك ويطالبون الجامعة أن تسحب استثماراتها من الشركات التي تستفيد من احتلال إسرائيل للضفة الغربية وحصارها لغزة.

وأود أن أقول إن الغالبية العظمى من أعضاء هيئة التدريس الذين يدرسون إسرائيل وفلسطين في الولايات المتحدة متعاطفون للغاية مع القضية الفلسطينية.

ولكن ما أود أن أقوله في الوقت نفسه هو أن هناك خوفًا مؤسسيًّا. إنهم يخشون أن تتعرض مؤسساتهم وإدارات جامعاتهم والأشخاص الذين يجلسون في أعلى التسلسل الهرمي للجامعة للانتقام من هؤلاء الأشخاص، لأن هؤلاء الأشخاص لديهم مصالح مختلفة. إنهم ليسوا مؤرخين. إنهم ليسوا علماء سياسة. إنهم لا يتابعون الأحداث على الأرض. إنهم لا يعرفون ما يحدث في إسرائيل وفلسطين. ولكن في الغالب، بدلًا من ذلك لديهم ولاءات للمانحين وما يريدونه، وبالتالي فهم مدينون لفئة المانحين، وهي مجموعة مختلفة جدًّا من الناس..

هناك فرق كبير بين هيئة التدريس في الجامعة، والإدارة، كما تعلمون، ثم هناك فرق أكبر بين هيئة التدريس وفئة المتبرعين. والحقيقة، أن الأشخاص الذين يتولون المسؤولية حقًّا عن الجامعة هم الإدارة وفئة المتبرعين. الأمر لا يتعلق بهيئة التدريس.

إعلان لاحظنا أن هذه الحرب كانت حدثًا مختلفا، في هذا السياق، وظهر كثير من المؤرخين التاريخيين المناهضين للصهيونية، داخل المجتمع اليهودي، في أوروبا والولايات المتحدة. هل يمكنك أن تعطينا نبذة مختصرة عن ذلك؟

انظر، يمكنك العودة بالزمن لعقود عديدة. أعني شخصيات مثل نعوم تشومسكي، نورمان فينكلشتاين. هناك تقليد طويل من معاداة الصهيونية لدى اليهود. في الواقع، يعود هذا التقليد إلى أصول الصهيونية نفسها، أليس كذلك؟ عندما ظهرت الصهيونية أول مرة على عتبات المنازل، في أوروبا والولايات المتحدة، كان اليهودي العادي، يعارض الصهيونية.

عندما ظهرت الصهيونية أول مرة في أواخر القرن التاسع عشر، في الولايات المتحدة، كانت حركة الإصلاح، التي تعد اليوم أكبر الحركات اليهودية في الولايات المتحدة، تتألف من ثلث اليهود الأميركيين. وأنا أنتمي إلى حركة الإصلاح التي تأسست أول مرة في ثمانينيات القرن التاسع عشر، وتبنت برنامج بيتسبرغ.

وبرنامج بيتسبرغ يقول في الأساس، إننا لا ندعم الهجرة اليهودية إلى فلسطين؛ لأنها تتناقض مع اعتقادنا بأن اليهود يجب أن يندمجوا في المجتمعات التي يعيشون فيها. وكانوا في ذلك الوقت يحاولون الاندماج في الولايات المتحدة في مواجهة معاداة السامية. وكانوا يعتقدون أنه إذا ظهرت هذه الحركة اليهودية التي تقول إن اليهود ينتمون إلى فلسطين، فإنهم سيواجهون المزيد من الاضطهاد في بلدانهم الأصلية، وسيواجهون اتهامات بالولاء المزدوج، وسيواجهون المزيد من التمييز لأن الناس سيقولون، حسنًا، إذا كنت تريد الذهاب إلى فلسطين، فماذا تفعل هنا؟

لذا كانت هناك حركة نشطة للغاية بين اليهود. هذا كان برنامج بيتسبرغ في ثمانينيات القرن التاسع عشر. ثم لديك العديد والعديد من المثقفين اليهود، طوال فترة ما بين الحربين العالميتين، الذين عارضوا الصهيونية. أعتقد أن السبب وراء معارضتهم للصهيونية هو أنهم رأوا أن الصهيونية باعتبارها حركة استعمارية استيطانية لن يكون لها سوى نتيجة حتمية واحدة، وهي في النهاية تهجير السكان الأصليين من الأرض. وقد كرر ذلك العديد من المناهضين للصهيونية، واليهود المناهضين للصهيونية في فترة ما بين الحربين العالميتين، من عام 1919 إلى 1939. العديد من اليهود يعارضون الصهيونية لهذا السبب.

إعلان

ثم كان لديك سلالة ثالثة من اليهود المناهضين للصهيونية، وكانت في الأساس من اليهود المتدينين المناهضين للصهيونية، وكان بعضهم مثقفين للغاية. أعني أنهم ربما لم يكونوا أكاديميين، لكنهم كانوا بالتأكيد غارقين في التقاليد اليهودية وكانوا يعتقدون أن أي محاولة لتسريع مجيء المسيح، تعدّ بالنسبة لهم محاولة من الصهيونية لتسريع المستقبل، وهي محاولة من اليهود للتدخل لتحقيق المجيء الثاني للمسيح.

كان هناك اعتقاد لاهوتي في اليهودية بأن اليهود سيعودون إلى فلسطين أو إسرائيل في آخر الزمن عندما يأتي المسيح مرة ثانية،، وكان اعتقادهم هو أنه إذا انتقلت إلى فلسطين، فإنك تنتهك قانون التوراة لأن الله وحده هو الذي يقرر ذلك. إن قرار الله هو عندما يأتي وليس قرار البشر. عندما يتصرف البشر لمحاولة تسريع هذا المستقبل، فهذا انتهاك لقانون التوراة. كانت هذه سلالة ثالثة داخل اليهودية، داخل الدوائر اليهودية. أعتقد أنه يمكن القول إنها كانت معارضة للصهيونية.

لذا كان هناك اليهود الذين أرادوا الاندماج في مجتمعاتهم الأصلية وعارضوا الصهيونية. وكان هناك يهود ربما عارضوا الصهيونية لأنهم اعتقدوا أنها ستؤدي إلى طرد السكان الأصليين من الأرض. وكانوا قلقين للغاية بشأن ذلك. وكانوا على حق تمامًا. وهذه هي السلالة الثانية. ثم كانت هناك السلالة الثالثة، التي تمثلت في الصهاينة المتدينين المناهضين للصهيونية.

يهود متدينين اعتقدوا أنه عندما يتصرف البشر لمحاولة تسريع هذا المستقبل، فإن ذلك انتهاك لقانون التوراة (غيتي) ماذا عن اليهود القادمين من خلفيات قومية؟

أعتقد أن وجهة نظري هي أن المثقفين الذين يعارضون الصهيونية يعارضون على الأرجح معظم القوميات لأن الصهيونية هي شكل من أشكال القومية. إنها قومية يهودية. وأعتقد أن لديك العديد من الأكاديميين مثلهم، وخاصة في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وخاصة في أعقاب التطهير العرقي ضد البوسنيين، وفي ميانمار، والتطهير العرقي ضد السكان الأصليين في جميع أنحاء العالم، في أستراليا والولايات المتحدة.

إعلان

أعتقد أنه كان هناك صحوة في العقود القليلة الماضية، بأن الصهيونية كانت في الأساس مشابهة جدًّا للعديد من حركات الاستعمار الاستيطاني الأخرى. إذا عدنا إلى أربعينيات وخمسينيات القرن العشرين، فلن تجد الكثير من الأكاديميين يتحدثون عن الصهيونية كحركة استعمارية استيطانية. لم يدرك الأكاديميون إلا في العقود القليلة الماضية أن الصهيونية تشترك في الكثير مع كل هذه الحركات الاستعمارية الاستيطانية الأخرى، التي ارتكبت جميعها فظائع مروعة ضد السكان الأصليين.

لذا أعتقد أن القومية العرقية، وخاصة في أعقاب التطهير الذي حدث في البلقان في التسعينيات، عندما دخلت المليشيات الصربية إلى سربرنيتشا وذبحت 8000 من البوسنيين المسلمين، لارتكابهم جريمة كونهم بوسنيين، أعتقد أن هذا النوع أيقظ العالم على فكرة مفادها أنه عندما تحاول إنشاء دولة قومية عرقية، أي دولة تخدم مصالح مجموعة عرقية واحدة فقط، فإن ذلك يؤدي إلى عواقب وخيمة للغاية على المجموعات التي تقع داخل الدولة والتي تنتمي إلى عرقية مختلفة.

أنت تدرس الكثير من القضايا في تاريخ الفلسطينيين والإسرائيليين المعاصرين، كما درست أيضًا ردود الشعب الفلسطيني والتفاعل مع الصهيونيين في عدة مناسبات. كيف تقارن ما حدث في عام 1948، وقبل وبعد عام 1967، بما يقع الآن؟ وكيف تقارن ردود الشعب الفلسطيني اتجاه الاحتلال، قبل وبعد النكبة؟ لأنك تركز على ما قبل النكبة أيضًا. وهذا ليس شائعًا في الوقت الحاضر لأنه يبدو – لدى البعض- أن التاريخ بدأ في السابع من أكتوبر. لذا نريد أن نضع سياقًا تاريخيًّا.

يمكنك فهم الكثير عن التاريخ الفلسطيني إذا فهمت الإجابة الفلسطينية عن سؤال واحد فقط، وهو: ما هي الطريقة الشرعية؟ ما هي الطريقة المناسبة لمقاومة مجموعة من الناس تريد الاستيلاء على بلدك واتخاذ جميع القرارات المهمة بشأن حياتك؟ لأن هذا هو ما كانت عليه الصهيونية.

إعلان

وإذا كان من الواضح أن الفلسطينيين استجابوا بطرق مختلفة، وكانت هناك مجموعة من الردود. كان هناك فلسطينيون خلال فترة الانتداب في عشرينيات وثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين (يقولون) دعونا نعمل مع هؤلاء الناس. دعونا نعمل مع الصهاينة. كما تعلمون، دعونا نقدم ملاحظات احتجاج إلى البريطانيين، ونقول لهم إننا سنقاوم هذا سلميًّا. سنقدم احتجاجنا في شكل مكتوب. سنحتج سلميًّا في الشوارع. وهذا بالضبط ما فعله العديد من الفلسطينيين. كان هذا في الواقع، أحد أهم التيارات داخل الحركة الوطنية الفلسطينية في ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين. كان هذا الشكل من أشكال النضال غير عنيف بشكل كامل، وكانوا يطلقون عليه ما كانوا يسمونه المؤتمرات الوطنية طوال عشرينيات القرن العشرين، وكانت كلها سلمية.

واجتمع الفلسطينيون في أعوام 1919، و1920، و1921، و1922، و1923، و1924، و1925، وقالوا: انظروا، نحن ندعو إلى إنشاء دولة ديمقراطية في فلسطين. لقد دعونا البريطانيين إلى السماح لنا بانتخاب ممثلينا ديمقراطيًّا من السكان الأصليين اليهود والمسيحيين والمسلمين في فلسطين. وبطبيعة الحال، تجاهل البريطانيون كل هذه المقترحات تمامًا.

كان النظام البريطاني مناهضًا للديمقراطية. لقد انتهك الإرادة السياسية لـ85% من السكان. وبعد ذلك، بالطبع، كان هناك تيار أكثر تشددًا داخل السلطة.

يمكنك أن تفهم بشكل أساسي الكثير من التاريخ الفلسطيني إذا فهمت فقط، إجابتهم عن هذا السؤال: ما هي الطريقة المناسبة لمقاومة مجموعة من الناس تحاول الاستيلاء على أرضي وتدمير منزلي وتطهير البلاد مني عرقيًّا (الأناضول)

نحن هنا لا نتحدث فقط عن السياسات التي فشلت، بل عن كل سياسة نجحت خلال فترة الحكم البريطاني لفلسطين. نتحدث عن آلاف الفلسطينيين الذين عملوا في ظل الإدارة البريطانية، كل واحد منهم – من خلال هذا العمل – كان يقبل ضمنيًا النظام الذي فرضه البريطانيون، وهو نظام لم يكن ديمقراطيًا بأي حال، بل كان منحازًا بوضوح لمصلحة المشروع الصهيوني. هذا القبول، حتى وإن بدا براغماتيًا، كان يعكس موقفًا واسع الانتشار في تلك الفترة.

إعلان

لكن، في المقابل، لا بد أن أقول إن هناك تيارًا واضحًا داخل الحركة الوطنية الفلسطينية تبنى موقفًا أكثر صرامة. هذا التيار كان يرى بوضوح أن الاستعمار البريطاني لم يأتِ بالتوافق، بل فُرض بالقوة المسلحة. وبالتالي، فإن الرد عليه يجب أن يكون بالقوة أيضًا. فحين تواجه مشروعًا استعماريًّا عنيفًا يسعى لانتزاع أرضك، وطمس هويتك، وتحويل وطنك من بلد عربي إلى كيان يهودي، فإن الوسيلة الوحيدة لمقاومته هي الرد بالمثل، بالقوة.

وأعتقد أن هذا التوجه، رغم أنه لم يكن الغالب في البداية، إلا أنه بدأ يكتسب زخمًا متزايدًا، خصوصًا في أواخر الثلاثينيات، وتحديدًا مع انطلاق الثورة العربية الكبرى في فلسطين بين عامي 1936 و1939. ومنذ ذلك الحين، وعلى مدى العقود السبعة التي تلت نكبة عام 1948، وحتى يومنا هذا، يمكن القول إن هذين التيارين – السلمي والمسلح – ظلا حاضرين ومتداخلين في المشهد الفلسطيني.

هناك دائمًا من قال إن تحرير فلسطين لا يمكن أن يتم إلا عبر القوة. هذا الرأي لم يكن هامشيًّا، بل شكّل التيار المركزي في أوساط الشتات الفلسطيني، وتبنته جماعات كبرى مثل “فتح” و”الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين”. بل إن منظمة التحرير الفلسطينية نفسها، في بداياتها، تبنت الكفاح المسلح كوسيلة وحيدة للتحرر الوطني، قبل أن تتحول تدريجيًا إلى خيارات سياسية وسلمية، رافضة العنف في مراحل لاحقة.

وهنا أجد من المهم الإشارة إلى مسألة ديناميكية المواقف، لأن هذه التحولات لم تكن حكرًا على جماعة واحدة. بل إن الجماعات نفسها، بالأشخاص أنفسهم، والقيادات ذاتها، والبنية التنظيمية الأساسية نفسها، قد تنقلوا عبر الطيف السياسي بين العنف واللاعنف وفقًا للظروف، وتبعًا لطبيعة الاحتلال وتكتيكاته القمعية.

نفس التحول شهدناه مع حركة “حماس”. فهذه الحركة، التي بدأت في الأصل كامتداد لجماعة “المجمع الإسلامي” ذات الطابع الخيري وغير العنيف، تطورت لاحقًا إلى تبني الكفاح المسلح. وكما حصل مع منظمة التحرير من قبل، فإن المواقف تتغير وفقًا لتصاعد العنف من الطرف الآخر، ومدى البطش الذي يمارسه الاحتلال الإسرائيلي، وشروط البيئة السياسية في كل مرحلة.

إعلان

وبالتالي، لفهم التاريخ الفلسطيني المعاصر، لا أعتقد أنك بحاجة إلى قراءة كل التفاصيل الصغيرة، بل يكفي أن تطرح سؤالًا واحدًا وتتابع كيف أجاب عليه الفلسطينيون عبر الزمن: ما هي الوسيلة المشروعة لمقاومة مشروع استعماري يسعى إلى سلب أرضك، وهدم منزلك، وتطهيرك عرقيًا من وطنك؟ الإجابة على هذا السؤال وحدها كافية لفهم الكثير من التحولات والتوجهات التي شهدها هذا الشعب في مواجهة استعمار طال أمده.

هناك نقاش كبير حاليا عن الهوية الفلسطينية قبل النكبة، وهناك من ينكر هذه الهوية تاريخيا؟

لطالما سعى الخطاب الصهيوني إلى إنكار الهوية الوطنية الفلسطينية، من خلال تصوير الفلسطينيين كمجرد “عرب” أو “سوريين جنوبيين”، بهدف الطعن في فكرة أنهم شعب أصيل له وجود وطني وتاريخي. هذا الإنكار كان وسيلة لتسهيل الرواية الصهيونية التي تؤمن بقومية يهودية تمنح “إسرائيل” لليهود حصريًا.

ومن هنا جاءت جهود متعمدة لإعادة كتابة التاريخ، عبر أوراق أكاديمية ومؤلفات تنفي وجود “الفلسطيني” كشخصية قومية. ردًا على ذلك، حاولت توثيق استخدام مصطلح “فلسطيني” في السياقات المحلية، ليثبت بالأدلة اللغوية والتاريخية أن الفلسطينيين عرّفوا أنفسهم كأمة قبل ظهور الصهيونية بسنوات، بل وعقود.

في المصادر الإنجليزية، يظهر المصطلح منذ ستينيات القرن التاسع عشر، وفي المصادر العربية منذ أواخر القرن ذاته، تحديدًا عام 1898. ويؤكد الباحث أن استخدام هذا المصطلح لم يكن نتيجة رد فعل على الصهيونية، بل سبقها، وظهر في أوساط طلاب فلسطينيين في الناصرة، بعيدًا عن أي تأثير مباشر للحركة الصهيونية التي لم تكن قد انتشرت بعد في المنطقة.

كما يشير إلى أن هؤلاء الرواد من الفلسطينيين، مثل نجيب نصار وخليل بيدس وسليم قبعين، تلقوا تعليمهم في مدارس عربية وروسية، وشكلت مفاهيم الوطن والهوية بالنسبة لهم جزءًا من وعي ثقافي أوسع، لا علاقة له بالصراع اللاحق مع الصهيونية، بل بجذور وطنية ضاربة في الوجدان واللغة والخرائط التي علقت على جدران المدارس.

إعلان

مقالات مشابهة

  • علي جمعة: علماء المسلمين أجابوا على مليون و200 ألف مسألة طوال التاريخ
  • الصادرات الزراعية المصرية تتجاوز 4.8 مليون طن خلال 2025
  • إبراهيم فرغلي: حارسة الحكايات تقول إن التاريخ له ألف صورة
  • المرصد السوري لحقوق الإنسان يوثق مقتل 7670 شخصاً منذ سيطرة فصائل الجولاني
  • رهائن الحقول في إسرائيل: لماذا كان التايلانديون في صدارة أسرى حماس في طوفان الأقصى؟
  • قراءة شاملة لجذور الصراع الفلسطيني الإسرائيلي من منظور المؤرخ الشاب زاخاري فوستر
  • زيزو: الأهلي عنوان النجاح وفرصة لكتابة التاريخ
  • 150 مليون جنيه مكاسب للأهلي بعد إعلان صفقة زيزو.. تفاصيل
  • حسين الشحات: ميسي ورونالدو هما الثنائي الأفضل في التاريخ.. وهذه رسالتي لجماهير الأهلي
  • مستوطنون يقطعون نحو 100 شتلة زيتون شمال شرق رام الله