الحل في الخطاب الديني الصحيح والنصوص الفلسفية
تاريخ النشر: 5th, August 2024 GMT
تقف المجتمعات في العالم الإسلامي عند مفترق طرق، تنشط فيه عمليات الاستقطاب ونشر الكراهية، وأسوأ مراحل التاريخ من حيث تآكل القيم الإنسانية وضياع المبادئ التي راكمتها البشرية طوال قرونها الماضية.. فينتشر الانحلال الأخلاقي وتنشط الصراعات الأيديولوجية. وفي هذا المشهد المضطرب تبدو الحاجة ملحة جدا إلى الاعتدال والبحث عن المشتركات الإنسانية التي يمكن أن تجتمع حولها البشرية بحثا عن الخلاص من كل العبث والضياع الذي يعيشه العالم.
كانت هذه الأفكار حاضرة بقوة، وتشغل جميع من حضر المؤتمر التاسع لوزراء الأوقاف والشؤون الإسلامية الذي تستضيفه المملكة العربية السعودية.
وطرحت سلطنة عمان في كلمتها أمام المؤتمر الكثير من القضايا الملحة في المشهد الإسلامي والعالمي وبشكل خاص تلك المتعلقة بالقيم الإنسانية المشتركة، والتي يدور حولها مشروع سلطنة عمان الذي أطلقته في عام 2019 وهو مشروع «المؤتلف الإنساني»، حاملًا شعار «نحو قيم إنسانية مشتركة»، ويقوم على ثلاثة مرتكزات: هي العقل والعدل والأخلاق، ويقترح من خلاله منهج عمل يُقدَّم للعالم ليعينه على النهوض من جديد واستشراف حياة متوازنة، يعيش فيها الناس على أساس من الكرامة والحقوق الأساسية والأمان النفسي. كما طرحت سلطنة عُمان تجربتها في مشروع «رسالة الإسلام» والذي يهدف إلى نشر مبادئ التسامح والتعايش والتفاهم، ومجابهة الصور النمطية عن الإسلام والمسلمين، والمساهمة في الحد من خطابات الكراهية ورهاب الإسلام.
وهي مشروعات جديرة بالقراءة الدقيقة في ضوء ما يشهده العالم من استقطابات وخلافات وتآكل للقيم والمبادئ، وإن لم تكن تلك القراءة من أجل تبني هذه المشروعات على مستوى العالم الإسلامي فليس أقل من العمل الجاد بمضامينها ولو في مشروعات وطنية مشابهة في دول العالم الإسلامي.
إن العالم الإسلامي في أمس الحاجة اليوم إلى تعزيز قيم التماسك الاجتماعي والتربية على القيم المشتركة، وهي أفكار ليست ابنة اللحظة التي نعيشها ولكنها أطروحات للفلاسفة العرب منذ قرون طويلة مضت.. وابن خلدون في مقدمته كان كثير التأكيد على دور التماسك الاجتماعي في ازدهار الحضارات، معتبرا أن قوة المجتمعات تكمن في وحدتها وفي البحث عن القيم المشتركة التي تجمع الناس.
ولا جدال في أن التحديات التي تواجهها البشرية اليوم تتطلب فهما متجددا للمبادئ الدينية والأخلاقية بما يتناسب مع العصر الذي نعيشه ومع معطياته الجديدة. ولا شك أن الفهم الحقيقي للمبادئ الدينية وكذلك الأخلاقية من شأنه أن يوصل الإنسان إلى حقيقة أن العنف والتطرف ما هما إلا انحراف واضح عن الجوهر الحقيقي للدين، الدين الذي يقدر الكرامة الإنسانية، وهذه مسؤولية جماعية لا يمكن أن تحصر فقط لعلماء الدين، فخطر التطرف من شأنه أن يطال الجميع في لحظة من اللحظات.
وكما أكدت كلمة سلطنة عمان أمام المؤتمر، فإنه من المهم أن نعيد التأكيد على أهمية دور الأسرة في التربية والتنشئة المعتدلة. على أن دور الأسرة الأساسي يتمثل في البناء الأخلاقي، وهذا البناء متى ما كان صلبا سيقف حائطا ضد التطرف وضد تشظي المبادئ وتبعثرها في عالم اليوم.
لا يمكن أن نتحدث عن خطابات الكراهية والعداء التي تغزو العالم وعن التفكك الإنساني دون أن نعي أهمية بناء القيم الأخلاقية وتعزيز المشتركات بين البشر واحترام إنسانية الإنسان. وكل هذا يمكن أن نستلهمه بسهولة من فهمنا الصحيح للدين الإسلامي وفهم نصوصه وقيمه ومبادئه، كما يمكن أن نستخلصها من التراث الفلسفي الإسلامي الغني بالدعوة إلى الوحدة والرحمة والعقلانية. وفي كل هذا يكمن الخلاص الحقيقي من هذا المشهد العالمي المضطرب والمليء بالضياع والكراهية والحقد.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: العالم الإسلامی یمکن أن
إقرأ أيضاً:
محطة مفصلية بقيادة سعودية.. رابطة العالم الإسلامي تشيد بنجاح مؤتمر حل الدولتين
أشادت رابطةُ العالم الإسلامي باعتزازٍ كبير، بالوثيقة الختامية الصادرة عن المؤتمر الدولي رفيع المستوى لتسوية القضية الفلسطينية بالحلول السلميّة وتنفيذ حلّ الدَّولَتين، على المستوى الوزاري، الذي رعته ورأَسته المملكة العربية السعودية بالشراكة مع الجمهورية الفرنسيّة، في المقر الرئيس للأُمم المتحدة بنيويورك.
وهنّأ الأمين العام رئيس هيئة علماء المسلمين الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى، في بيانٍ للأمانة العامة للرابطة، المملكة العربية السعودية، وعموم الأُمّتين الإسلامية والعربية، والدول المُحبّة للعدالة والسلام، بالنجاح الكبير لهذا المؤتمر التاريخي، الذي مثَّل محطةً مفصليّةً في تنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية، وسجّل ضمن منجزاته الاستثنائية إعلانات تاريخية متوالية من عددٍ من الدول الوازنة عن عزمها على الاعترافِ بالدولة الفلسطينية.
أخبار متعلقة بعد تثبيت الفائدة.. ترامب يصف رئيس الاحتياطي الفدرالي بـ"الغبي"أمريكا تفرض عقوبات على السلطة الفلسطينية .article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } محطة مفصلية بقيادة سعودية.. رابطة العالم الإسلامي تشيد بنجاح مؤتمر حل الدولتين حل الدولتينوقال: "لقد تمكّنت قيادة المملكة في هذا الملف -الذي يتطلب جهودًا وإمكانات استثنائية- من تعزيز مكانةِ العمل الأُمَمي الجماعي، وتوليد تفاعُل دوليّ كبيرٍ نحو حلّ الدَّولَتين، وجدّدت الأملَ في التسوية السلمية للقضية الفلسطينية، وقدّمت -من خلال الوثيقة الختامية الصادرة عن المؤتمر- خارطةَ طريقٍ واضحة لعمليّة متكاملة محدّدة بإطار زمني؛ لإحلال السلام الشامل العادل والدائم في المنطقة، على أساس حلّ الدَّولَتين، وبما يكفل للشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة في العيش بكرامة على أرضه".وجدَّد الدكتور العيسى، التأكيدَ لتثمين الرابطة، وشعوب العالمين العربي والإسلامي للموقف الثابت للمملكة العربية السعودية تجاه القضية الفلسطينية، ولا سيما الحراك الدؤوب والمحوري الذي اضطلعت به بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وبمتابعة حثيثة من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، -حفظهما الله-، من خلال التحالف الدولي لتنفيذ حلّ الدَّولَتين الذي أطلقته المملكة، وبرئاستها اللجنة الوزارية العربية الإسلامية المُشتَركة، وصولًا إلى رعايتها ورئاستها لهذا المؤتمر الدولي التاريخي، بحضورٍ دولي رفيعِ المستوى وغير مسبوق.