لماذا تهمل شركات الأدوية ابتكار مضادات حيوية جديدة؟
تاريخ النشر: 5th, August 2024 GMT
لم تُطرَح في الأسواق منذ أكثر من 30 سنة أي فئة جديدة من المضادات الحيوية، في نقص "صارخ" للابتكارات في مجال أهملته الشركات المُصنّعة للأدوية لأنه لا يدرّ أرباحاً كبيرة.
ومع ذلك، تزداد مقاومة الالتهابات البكتيرية لمضادات الميكروبات، نتيجة الإفراط في وصفها أو سوء استخدامها، مما يجعل عملية الشفاء أكثر تعقيدا، كما هي الحال بالنسبة إلى البكتيريا إيجابية الغرام، المسؤولة خصوصاً عن التهابات المسالك البولية والالتهاب الرئوي والإصابة بالمكورات العنقودية الذهبية، وفق تقرير نشرته وكالة الصحافة الفرنسية.
ويموت شخص كل 25 ثانية بسبب الإصابة ببكتيريا مقاومة، بحسب دراسة نشرتها مجلة "ذي لانسيت" سنة 2022. ومنذ سنوات عدة، أوقف قسم كبير من شركات الأدوية الرئيسية الأبحاث المتمحورة على المضادات الحيوية، والتي تُعدّ طويلة ومعقدة واحتمال فشلها مرتفع، لصالح ابتكار علاجات للأورام أو الأمراض النادرة والتي تدرّ أرباحاً أعلى.
ويشير الأستاذ المتخصص في الاقتصاد لدى جامعة تولوز للاقتصاد، بيار دوبوا، إلى أنّ "الحاجة موجودة، لكن ليس هناك ما يكفي من الاستثمار".
ومن بين مجموعة صغيرة من شركات التكنولوجيا الحيوية التي تواصل العمل من أجل العثور على مضادات حيوية جديدة "لم ينجح سوى عدد قليل جدا بجمع ما يكفي من الأموال للاستثمار في الأبحاث والابتكار" حسب قول فريديريك بيران، الأمين العام لتحالف "بيم" الذي يرمي إلى تشجيع ابتكار علاجات جديدة للأمراض المقاومة للأدوية.
عندما ينجح مختبر في ابتكار مضاد حيوي جديد، لا تكون المبيعات "هائلة" لأنّ المتخصصين في المجال الصحي يريدون "الاحتفاظ بالمضادات الحيوية المبتكرة للحالات الأصعب" أو كما يوضح دوبوا عندما تصبح المضادات الحيوية الشائعة غير فعّالة.
ويهدف هذا الاستخدام المحدود إلى إبطاء تطوّر مقاومة البكتيريا، لكنّ تأثيره الضار يتمثل في الحد من عوائد الاستثمار، مما يشكل "معضلة" للصناعيين الذين يتعين "عليهم ابتكار مضادات حيوية جديدة لكنها في المقابل لا تُستخدم" حسب قول مديرة الشؤون العامة لدى مختبرات "فايزر" الأميركية كاثرين رينو، خلال مناقشة حول العلاج بالمضادات الحيوية في يونيو/حزيران.
ويُعدّ مجال المضادات الحيوية مختلفاً لأنّ العلاجات الحديثة لا تحل محل القديمة التي لا تزال تلبّي معظم الاحتياجات العلاجية.
والحفاظ على هذه المنتجات الجديدة "معقّد لأن الأسعار تنخفض باستمرار" بحسب رينو التي حددت مجموعتها هدفاً يتمثل في إطلاق 2-4 مضادات حيوية جديدة بحلول عام 2030.
بالإضافة إلى ذلك، تُستَهلك المضادات الحيوية لفترة محددة على عكس علاجات الأمراض المزمنة.
صعوبة الربحيدرك بيران أنّ "هذا القطاع ليس جذاباً جداً" مشيراً إلى أنّ 80% من محفظة المضادات الحيوية قيد الابتكار -في الوقت الراهن- بين أيادي الشركات الصغيرة والمتوسطة.
ومن الصعب جعل المضادات الحيوية الجديدة مربحة، في وقت يتم احتساب أرباح شركات الأدوية على حجم المبيعات، وهو ما يدفع عدداً من الخبراء إلى المطالبة بنموذج دفع آخر لهذه العائلة من الأدوية وحوافز اقتصادية لتشجيع الأبحاث.
وقد أنشأت إنجلترا آلية اشتراك مع الشركات المصنعة للمضادات الحيوية حتى توفّر الأدوية عند الطلب، وهو ما يشبه إلى حد ما نموذج الفيديو حسب الطلب "في أو دي" (VOD).
وميزة ذلك بالنسبة إلى الشركة أن يكون لديها دخل مضمون، أما بالنسبة إلى النظام الصحي فتكمن إيجابيته بالقدرة على التحكم في استخدام المضادات الحيوية لعدم تعزيز ظاهرة المقاومة.
أوروبيا، تجري مناقشات حول إمكانية نقل الحصرية التي من شأنها أن تتيح لشركات الأدوية التي تعمل على ابتكار مضادات حيوية جديدة، وتمديد الاستخدام الحصري لعام واحد على الأدوية الأخرى الموجودة في محفظتها والموجودة أصلاً بالسوق.
ويقول بيران لوكالة الأنباء الفرنسية "كل من يحصل على حصرية يمكنه إما تطبيقها على منتج في محفظته أو بيعها لطرف ثالث".
ويرى بيار دوبوا أن البديل هو "موافقة الاتحاد الأوروبي على تمويل هذه الأبحاث" معتبراً أنّ الأمر سيكون في كلتا الحالتين "مكلفاً جداً" بالنهاية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات المضادات الحیویة شرکات الأدویة
إقرأ أيضاً:
بينها الميناء وساحة الجندي.. مرافق حيوية بغزة تكتظ بخيام النازحين
تحوّل ميناء غزة البحري إلى مركز لإيواء آلاف العائلات النازحة، وسط انعدام مقومات الحياة الأساسية، من مأوى وغذاء وماء للشرب ورعاية صحية.
وافترش النازحون ميناء غزة وساحة الجندي المجهول وعددا من المراكز الحيوية، ولوحظ وجود خيام لهم فوق أسطح مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا).
وأظهرت صور أقمار صناعية اكتظاظ المواقع والمرافق الحيوية في مدينة غزة بخيام النازحين، الذين توافدوا بعشرات الآلاف من مختلف مناطق شمال قطاع غزة، نتيجة توسيع العملية العسكرية الإسرائيلية، بما في ذلك أوامر الإخلاء التي شملت مساحات واسعة من القطاع.
وتُظهر الصور العالية الجودة، الملتقطة منذ استئناف الحرب على غزة في 18 مارس/آذار الماضي وحتى 22 مايو/أيار الجاري، اكتظاظ حي الرمال الشمالي والجنوبي بالنازحين، حيث غطّت الخيام معظم الشوارع والأراضي الفارغة والمدارس والمراكز المدنية.
كما بينت الصور اضطرار عشرات آلاف النازحين إلى إقامة خيامهم في ميناء غزة وفي محيطه على شارع الرشيد الساحلي، بالإضافة إلى امتلاء منطقة الجندي المجهول ومبنى "مركز رشاد الشوا" المدمّر بالنازحين.
إعلانولاحظ تحليل أجرته وكالة سند للتحقق الإخباري بشبكة الجزيرة، لصور الأقمار الصناعية أن عددا من العائلات في غزة اتخذت من أسطح مدارس الأونروا مأوى لها، حيث نصبت خيامها نتيجة الاكتظاظ غير المسبوق في المنطقة، وهو نمط لم يكن شائعا خلال أشهر الحرب الماضية.
وشهدت منطقة حي اليرموك كثافة عالية من خيام النازحين، حيث لم تعد هناك أي مساحة متاحة، خاصة بعد امتلاء ملعب اليرموك ومحيطه بالخيام.
ولم يقتصر توافد النازحين على مناطق شمال قطاع غزة التي تشهد عمليات عسكرية مثل بيت حانون وتل الزعتر وبيت لاهيا، بل شمل أيضا أحياء في مدينة غزة، لا سيما الأحياء الشرقية على غرار حيي التفاح والشجاعية.
وأظهر تحليل أجرته "سند" أن 72% من مساحة قطاع غزة أصبحت مناطق خطرة، نتيجة الإنذارات المكثفة التي وجّهها الجيش الإسرائيلي للسكان في معظم مناطق القطاع منذ استئناف الحرب في 18 مارس الماضي.
وقال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إن الجيش الإسرائيلي هجّر أكثر من 300 ألف فلسطيني من شمال غزة منذ بداية العملية العسكرية الحالية.
ويعاني النازحون أوضاعا مأساوية تتمثل في نقص المساعدات والغذاء، مما زاد من حدة المجاعة في غزة، إلى جانب معاناة يومية مع فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة، وافتقادهم للمقومات الأساسية للحياة، بالتزامن مع استمرار الحرب على غزة.