غزة - صفا

أفاد المكتب الإعلامي الحكومي بارتفاع عدد الشهداء الصحفيين إلى 168 صحفيًا وصحفية منذ بدء حرب الإبادة الجماعية على القطاع، وذلك بعد ارتقاء الزميلين الصحفيين تميم أبو معمر وعبدالله السوسي.

وقال المكتب الإعلامي، في تصريح وصل وكالة "صفا":"ارتفاع عدد الشهداء الصحفيين إلى (168 صحفياً وصحفيةً) منذ بدء حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، وذلك بعد ارتقاء الزميلين الصحفيين: الصحفي الشهيد تميم أحمد أبو معمرالمحرر الصحفي في تلفزيون فلسطين، والصحفي الشهيد عبد الله ماهر السوسي المحرر الصحفي في قناة الأقصى الفضائية".

وأدان المكتب الإعلامي الحكومي بأشد العبارات وقتل الاحتلال الإسرائيلي للصحفيين الفلسطينيين، وحمّله كامل المسؤولة عن ارتكاب هذه الجريمة النَّكراء.

وطالب المجتمع الدولي والمنظمات الدولية وذات العلاقة بالعمل الصحفي في العالم إلى ردع الاحتلال وملاحقته في المحاكم الدولية على جرائمه المتواصلة والضغط عليه لوقف جريمة الإبادة الجماعية، ووقف جريمة قتل واغتيال الصحفيين الفلسطينيين.

المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية

كلمات دلالية: طوفان الاقصى العدوان على غزة الصحفيين الشهداء

إقرأ أيضاً:

حين تتحول الإبادة الجماعية في غزة إلى سياحة الصمود في إسرائيل

في لحظة فراغ، قررت أن أنظف هاتفي من الصور والفيديوهات التي تُحفظ تلقائيا. أثناء ذلك، استوقفني أحد المقاطع القصيرة التي لا تتجاوز مدته سبعين ثانية، لكنه استغرق مني وقتا في التأمل والتفكير، وهو ما أود أن أتناوله في مقالي هذا. الفيديو كان بعنوان: "سياحة الإبادة الجماعية في إسرائيل- الفيديو رقم 205"، وقد نُشر على منصة "Rumble". يعرض هذا المقطع مشاهد حقيقية لرحلات تنظمها جهات إسرائيلية لطلاب المدارس والزوار الدوليين، يشاهدون من خلالها دمار غزة من منصات مراقبة ومناظير مدفوعة الأجر، وحتى عبر جولات بحرية تقترب من مناطق القصف؛ رحلات لا تندرج تحت أي إطار إنساني أو تربوي، بل تمثل صورة صارخة من صور "تطبيع الإبادة"، وتحويل المعاناة الإنسانية إلى منتج سياحي قابل للاستهلاك.

على بُعد ميل ونصف فقط من قطاع غزة، ومن داخل الأراضي الفلسطينية المعروفة إعلاميا بـ"غلاف غزة"، حيث يعيش نحو 2.2 مليون فلسطيني تحت حصار خانق وتجويع قسري، يُقام مشهد يصعب تصوّره في القرن الحادي والعشرين: تتحوّل حدود غزة -ذلك الشريط المحاصر، المنكوب، المنهك بالقصف والجوع- إلى وجهة "سياحية" تستقطب الزوّار من داخل إسرائيل ومن مختلف أنحاء العالم. الجميع مدعوّون: سياحا، وطلاب مدارس وجامعات يهودية، يصطفّون على منصات مراقبة، يوجّهون مناظيرهم نحو الركام، يتابعون تصاعد دخان القصف، ويسجّلون الذكريات.. كما لو أنهم يزورون معلما أثريا أو يحضرون مهرجانا فنيا، حيث تُعرف هذه الجولات في إسرائيل باسم "سياحة الصمود"، لكن العالم بات يطلق عليها اسمها الحقيقي: "سياحة الإبادة الجماعية".

تتحوّل حدود غزة -ذلك الشريط المحاصر، المنكوب، المنهك بالقصف والجوع- إلى وجهة "سياحية" تستقطب الزوّار من داخل إسرائيل ومن مختلف أنحاء العالم
يتحدث في هذا الفيديو شخص يُدعى "ماثيو هو"، مسؤول سابق في وزارة الخارجية الأمريكية ومحارب قديم في سلاح البحرية الامريكية، حيث عبّر عن فظاعة المشهد بقوله: "كنّا على بُعد ميل ونصف فقط من مئات الآلاف الذين يتعرضون للتجويع القسري في غزة، وشاهدت بعينيّ طلابا إسرائيليين جاؤوا إلى الحدود، فقط لمشاهدة الإبادة الجماعية لأكثر من ساعتين". ووصف هذه الرحلات بدقة حين قال: "إنها ليست جولات تعليمية.. إنها سياحة إبادة جماعية، تُظهر الفلسطينيين كأهداف لا ككائنات بشرية". ويضيف صاحب الفيديو: "الأمر لا يقتصر على المواطنين المحليين وطلاب المدارس والمعاهد اليهودية؛ فهذه "الرحلات" تُقدَّم أيضا باللغة الإنجليزية، لتستقطب زوارا وسياحا دوليين، وتُدرج ضمن برامج مثل "بيرثرايت إسرائيل"، الذي يوفّر رحلات مجانية لليهود من الخارج، خاصة من الولايات المتحدة وكندا، لزيارة إسرائيل والتعرّف على جذورهم". لكن هذه "الجذور" -كما يبدو- تمر عبر جراح وأوجاع غزة، وعبر رؤية الفلسطيني من خلف الزجاج كمشهد صامت للدمار. فـ"الهوية" هنا تُزرع في جولات تعلّم المراهق اليهودي كيف ينظر إلى معاناة الآخر.. دون أن يشعر بشيء من الحزن.

عند التعمّق في البحث حول برنامج "بيرثرايت إسرائيل"، تبيّن أنه مشروع أُطلق سنة 1999 بتمويل مشترك من أثرياء داعمين لإسرائيل، والحكومة الإسرائيلية، والوكالة اليهودية. يهدف البرنامج إلى تعزيز ارتباط الشباب اليهودي في الشتات بإسرائيل، من خلال تنظيم رحلات مجانية تستمر نحو عشرة أيام، تشمل زيارات للمواقع الدينية، ولقاءات مع جنود من الجيش الإسرائيلي، وجولات في المناطق الحدودية. وما يثير القلق أن هذه الجولات باتت تشمل رحلات إلى حدود غزة، حيث يُتاح للمشاركين "مشاهدة غزة المحترقة"، في مشهد لا يمتّ لأي بُعد إنساني بصلة، بل يعكس كيف يمكن تحويل الألم والمعاناة إلى أداة لتشكيل الهوية.. وسياحة تُسوّق عبر ركام الآخرين.

في الفيديو، نرى أطفالا ومراهقين يصعدون إلى التلال المزروعة بالمراصد السياحية، يستخدمون مناظير معدنية تعمل بقطع النقود، ويراقبون الدمار في القطاع المحاصر. تجربة "تثقيفية" مدمجة ضمن المنهج الدراسي، تُغرس من خلالها اللامبالاة، ويُجرد الفلسطيني من إنسانيته. فما تُقدمه هذه المشاهد ليس سوى تكريس لفكرة أن الفلسطيني كائن غير مرئي، لا يستحق النظر إليه إلا من خلف الزجاج، لا كإنسان، بل كموضوع للمراقبة، أو للدراسة، أو حتى للسخرية.

وفي مشهد آخر، تظهر رحلات بحرية تنظمها شركات سياحية إسرائيلية، تنقل الزوّار إلى عرض البحر، ليشاهدوا غزة المحترقة من زاوية مختلفة، ويستمعوا إلى تقارير مصحوبة بسردية أمنية تُقصي الفلسطيني من المشهد ككائن بشري، وتختزله في صورة خطر.. أو رقم.

ما يُروّج له داخل إسرائيل تحت مسمى "سياحة الصمود"، يراه العالم بوضوح على حقيقته: تطبيعٌ للجريمة، وانحدارٌ أخلاقي، وتجريدٌ لأمة بأكملها من إنسانيتها.. أمام عدسات السياح
أي أخلاق يُربّى عليها جيلٌ يرى الألم جزءا من الترفيه؟ وأي مستقبل يُبنى على تحويل المأساة إلى عرض، والدمار إلى خلفية لصورة جماعية؟ إنها ليست سياحة، بل وصمة في جبين الإنسانية. فما يُروّج له داخل إسرائيل تحت مسمى "سياحة الصمود"، يراه العالم بوضوح على حقيقته: تطبيعٌ للجريمة، وانحدارٌ أخلاقي، وتجريدٌ لأمة بأكملها من إنسانيتها.. أمام عدسات السياح.

وفي ظل هذا التزييف المنهجي للواقع، تبقى غزة منسية، محاصرة، تحت أنظارٍ لا تبكي، وعدساتٍ لا تخجل، ومناهج تُعلّم التلاميذ أن القتل مشهد يمكن زيارته. وفيما يدفن الفلسطيني طفله تحت الركام، يُصوّر الآخر المشهد مبتسما، وفيما تبحث أمٌ عن رغيف خبز، تُحوّل معاناتها إلى محتوى صوتي يُبثّ على متن قوارب سياحية.

وإن لم يكن العالم قادرا على إيقاف الجريمة، فعليه -على الأقل- ألا يشارك في مشاهدتها. تخيّلوا، فقط للحظة، لو أن الفلسطيني هو من يشاهد الموت من بعيد.. كيف كان سيكون المشهد؟ تخيلوا لو أن الفلسطينيين يصطفون على تلال مرتفعة، يحملون المناظير، يراقبون أطفالا يُقصفون، ومنازل تنهار على رؤوس ساكنيها، ويصفّقون.. أو يوثقون المشهد على هواتفهم كأنهم في عرضٍ ترفيهي. تخيلوا أنهم ينظّمون رحلات مدرسية إلى مواقع الدمار الإسرائيلي، ويشرحون لتلاميذهم كيف يبدو "العدو" حين يتألم. كيف كانت ستبدو ردود الفعل العالمية؟ لربما امتلأت الشاشات بعناوين "الوحشية الفلسطينية"، ولانطلقت الإدانات الغربية واحدة تلو الأخرى، ولسُنّت القوانين لتُجرّم هذا "الاحتفال بالموت".

ما يحدث اليوم ليس مجرد انتهاك للقانون الإنساني.. بل هو تجريدٌ للإنسان من إنسانيته. فمن يشاهد الموت وكأنه عرض، قد يعتاد عليه، ومن يعتاد على ألم الآخر دون أن يتحرك، يفقد صوته، ثم إنسانيته، ثم روحه.

لذلك نقول: الدم لا يُشاهَد، بل يُستنكر، ويُسارع العقلاء لإيقافه، والمأساة -ومنهج الألم- لا تُدرَّس، بل تُداوى وتُنتشل. وكرامة الإنسان لا تُختزل بعدسة، ولا تُحوّل إلى مشهد عابر. فإن عجزنا عن إيقاف الجريمة، فلا نكون ممن يصفّق لها، ولا يشاهدها مبتسما. ما يجري على حدود غزة ليس مجرد جريمة تُرتكب في وضح النهار، بل هو اغتيال مزدوج: اغتيال للإنسان تحت الأنقاض، واغتيال لأبسط ما تبقّى من الضمير العالمي. وحين نُحوّل المأساة إلى ترفيه.. نخسر ما تبقى فينا من إنسان.

(كاتب ومدون من غزة- فلسطين)

مقالات مشابهة

  • حين تتحول الإبادة الجماعية في غزة إلى سياحة الصمود في إسرائيل
  • العدو الإسرائيلي يصعد مجازر الإبادة الجماعية بحق المدنيين بغزة في 3 أيام العيد .. فيديو
  • ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 54,880 شهيدًا
  • “الإعلامي الحكومي” بغزة يفند رواية العدو الإسرائيلي الكاذبة حول وجود نفق أسفل المستشفى الأوروبي
  • حرب إسرائيل الأبدية ومنطق الإبادة الجماعية في غزة
  • الإعلام الحكومي بغزة : مستعدون لتأمين وحماية المساعدات الإغاثية
  • الإعلام الحكومي بغزة: 110 شهداء برصاص الاحتلال ضحايا مراكز توزيع المساعدات
  • المكتب الإعلامي بغزة: مراكز المساعدات الإسرائيلية الأمريكية تحولت إلى مصائد موت
  • ارتفاع عدد الشهداء الصحفيين في غزة إلى 226 منذ بدء العدوان
  • ارتفاع عدد الشهداء الصحفيين في غزة