سودانايل:
2025-12-13@00:15:22 GMT

مفاوضات جنيف بين التفاؤل والحذر

تاريخ النشر: 12th, August 2024 GMT

فيصل محمد صالح

أصبح التفاوض في منبر جنيف أمراً واقعاً، وستذهب الوفود السودانية إلى هناك في غضون أيام قليلة، وهذا أمر يبعث على التفاؤل الحذر، وليس ثمة تناقض في هذا التعبير. التفاؤل سببه أنه وبعد عشرات اللاءات والمواقف المتناقضة والصيحات والتصريحات العنترية، تحقق ما ظلت قلوب السودانيين وآمالهم تطمح إليه، أن يتجه طرفا الحرب للجلوس للتفاوض لوقف الحرب، أما الحذر فمبعثه رفع سقف التوقعات وتصور أن أياماً قليلة من التفاوض ستنهي الحرب، وهو توقع متعجل وغير واقعي إن لم يحدث فقد تعم روح الإحباط والخيبة.



الأمر الواقعي الذي يجب أن يصحب التفاؤل هو أن التفاوض سيكون ماراثوناً طويلاً ومعقداً، وسيحاول طرفا الحرب أن يضعا شروطاً وإملاءات كثيرة، ويعلنا مواقف تحاول أن تجير التفاوض لمصلحة أي منهما، وقد يحتاج الأمر إلى جولات متعددة، وضغوطات داخلية وخارجية حتى يمكن التوصل لاتفاق معقول لوقف إطلاق النار وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، في المرحلة الأولى، ثم تتوالى الحوارات حول التفاصيل الأخرى.

المؤشرات على أن الطرفين سيذهبان للتفاوض كانت كثيرة ومتنوعة، وقد أشرنا إليها في عدد من المقالات السابقة، ولم تكن تعبيراً عن أماني شخصية ولا قراءة فنجان، بل تجميع معلومات وحوارات، ثم قراءة حقيقية للواقع الميداني ومآلاته.

الجديد الآن هو أن كثيرين ممن كانوا يقودون حملة الرفض للتفاوض، ويوزعون صكوك الوطنية على أنفسهم، واتهامات الخيانة والعمالة على غيرهم من رافضي الحرب، قد أعادوا حساباتهم، أياً كان السبب قناعات أو تعليمات، وبدأوا يتحدثون عن أن التفاوض مرحب به وهو أمر حتمي، وغيرها من العبارات التبريرية، وليس مطلوباً منهم غير الاستمرار في دعم العملية التفاوضية اتساقاً مع موقفهم الجديد، وبنفس الحماسة التي دعموا بها حالة الحرب.

واحدة من أهم النقاط التي يمكن أن تكون عائقاً في التفاوض بسبب حملة تضليل لازمتها هي التوصيفات المتعددة لـ«اتفاق جدة» الذي تم توقيعه في مايو (أيار) من العام الماضي. فبعد ما تم الإعلان عن أن هذا الاتفاق سيكون منطلق التفاوض، خرجت مرة أخرى بعض الأصوات لتصور أن تطبيق هذا الاتفاق سيكون انتصاراً لطرف على الآخر، وهو توصيف مضلل.

هذا الاتفاق كان جزءاً من اتفاق الهدنة التي لم تطبق، وهو فعلاً رتب التزامات على طرفي الحرب لم يلتزم بها كلاهما، والسبب في ذلك أنه كان أقرب لإعلان المبادئ، يحتاج لجولات أخرى حتى يصبح اتفاقاً قابلاً للتنفيذ. لم يفصل الاتفاق في كيفية تنفيذ هذه الالتزامات والآلية التي ستتولى متابعة ومراقبة عملية التنفيذ.

تم التوقيع على الإعلان بعد أربعة أسابيع من بدء الحرب، وقد جاء في مقدمة تمهيدية وثلاثة شروط و21 نقطة التزام للطرفين. أهم نقطة في المقدمة تقول: «وندرك أن الالتزام بالإعلان لن يؤثر على أي وضع قانوني أو أمني أو سياسي للأطراف الموقعة عليه، ولن يرتبط بالانخراط في أي عملية سياسية». هذا النص يوضح بجلاء أنه مجرد إعلان نوايا، كان يفترض أن تتبعه خطوات لتحويله لبرنامج عمل يحقق الأهداف المرجوة منه.

النقطة المهمة هنا، وأنا أنقلها بكاملها من مقال سابق لي في مايو الماضي، هي المادة «2-ج» التي تقرأ «اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتجنب وتقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين، مما يهدف إلى إخلاء المراكز الحضرية بما فيها مساكن المدنيين، فعلى سبيل المثال لا ينبغي استخدام المدنيين دروعاً بشرية». هذه المادة تخاطب آمال وأحلام مئات الآلاف من السودانيين الذين هجروا منازلهم وأقام فيها أفراد من «قوات الدعم السريع»، أو صارت جزءاً من تحصينات عسكرية لطرفي الحرب. نص المادة الحالي مقروناً بالنقاط التي وردت في المقدمة قد تعني، حتى لو تم تنفيذها بشكلها الحالي، أن يخرج محتلو المنازل منها، لكن من دون تحديد نقاط تجميع متفق عليها، بما يعني أنهم قد يخرجون من المنازل والمواقع المدنية والخدمية ليعسكروا أمامها..!

اتفاق جدة يصلح أن يكون أساساً لإخلاء المناطق المدنية، من منازل وأسواق ومواقع خدمية من المظاهر العسكرية، لكن ذلك يحتاج لاتفاق متكامل لنقاط تجميع القوات العسكرية كما يحتاج لآلية للمتابعة والمراقبة بسلطات تنفيذية وحماية، وهذا ما يجب أن تتجه نحوه المفاوضات بشكل مباشر.

التفاؤل مطلوب والحذر كذلك، ومواصلة حملات الضغط والتوعية بأهمية وقف الحرب وتحقيق السلام واجب وفرض عين  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

سيناريو التأهل المباشر بدوري أبطال أوروبا: برشلونة لا يحتاج للفوز فقط

حقق برشلونة فوزا هاما وبشق الأنفس 2-1 على آينتراخت فرانكفورت في دوري أبطال أوروبا يوم الثلاثاء، وأبقى على آماله في التأهل المباشر، لكنّه لا يزال بحاجة إلى 6 نقاط والكثير من الأهداف لتحقيق ذلك.

انتفاضته ضد آينتراخت فرانكفورت أعادت الأمل لجماهيره، والفريق بات بحاجة إلى 6 نقاط من مباراتيه المتبقيتين أمام سلافيا براج وكوبنهاغن ليكون بين الثمانية الأوائل وضمان التأهل المباشر لدور 16.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2لم يسجل منذ 8 أشهر.. ما أسباب الجفاف التهديفي لليفاندوفسكي في أبطال أوروبا؟list 2 of 2ليفربول يهزم إنتر وأتالانتا يطيح بتشلسي وفوز بايرن وأتلتيكو مدريد في دوري أبطال أوروباend of list

ورفع النادي الكتالوني رصيده إلى 10 نقاط وارتقى إلى المركز الـ14.

هذا الأمر تكرر في الموسم الماضي، حيث تأهل برشلونة في المركز الثاني خلف ليفربول، قبل أن تنتهي رحلته في نصف النهائي ضد إنتر ميلان.

وكانت التوقعات الأولية تشير إلى أن 16 نقطة ستكون كافية لبرشلونة لتحقيق هدفه بالتأهل ليكون من الثمانية الأوائل، ولكن بالنظر إلى النتائج الحالية، يبدو أن الحد الأدنى المطلوب هو 17 نقطة، وهو رقم لم يعد بإمكان البلوغرانا تحقيقه حسابيا.

علاوة على ذلك، للتأهل إلى أحد هذه المراكز، يجب أخذ عدد الأهداف المسجلة في الاعتبار في حال التعادل.

أرقام برشلونة التهديفية ليست سيئة لدى مقارنتها بفرق دوري أبطال أوروبا (غيتي)عدد الأهداف

يحتاج برشلونة إلى أن يكون لديه سجل مميز في هذا الصدد حال الاحتكام إلى ذلك الخيار عند تساويه مع أكثر من فريق في النقاط، لتحديد المتأهلين المباشرين.

وهنا يبدأ العمل بالنسبة للمدرب قبل المباراتين القادمتين ضد سلافيا براغ وكوبنهاغن.

لا يحتاج برشلونة إلى تسجيل الأهداف فحسب، بل إلى تسجيل عدد كبير منها.

حاليا، يبلغ فارق أهدافهم +3، وهو من أسوأ المعدلات بين الفرق التي لديها فرصة لإنهاء الموسم ضمن المراكز الثمانية الأولى.

يجب على البلوغرانا تحسين إنهاء الهجمات، ولا يمكنهم تكرار أداء الشوط الأول السيئ أمام آينتراخت فرانكفورت، حيث لم يسددوا سوى تسديدة واحدة على المرمى: تسديدة جيرارد مارتن من مسافة 25 مترا.

إعلان

في المباراتين الأخيرتين، لم يسجل أي من مهاجميهم أي هدف، وهي إحصائية جديرة بالملاحظة. كلا الهدفين اللذين سجلهما مدافعون ضد الفريق الألماني.

ومع ذلك، لا يمكن اعتبار أرقام برشلونة التهديفية سيئة عند مقارنتها بفرق دوري أبطال أوروبا الأخرى، حيث لم يسجل سوى 5 فرق أكثر من 14 هدفا.

وتكمُن المشكلة في أنهم بحاجة إلى تسجيل عدد كبير من الأهداف لضمان مكان بين الأفضل.

برشلونة تلقى الكثير من الأهداف هذا الموسم بدوري أبطال أوروبا (رويترز)مشكلة دفاع برشلونة

وإذا كانت الفعالية أمام المرمى بهذه الأهمية، فإن الأمر نفسه ينطبق على الدفاع، حيث لا يمكن لبرشلونة تحمّل استقبال هذا الكم من الأهداف حتى الآن.

فمن بين الفرق الـ24 المتأهلة للدور التالي، استقبل فريق فليك ثاني أكبر عدد من الأهداف، بواقع 11 هدفا.

ويعد أتلتيكو مدريد الفريق الوحيد الذي استقبل أهدافا أكثر منه، بواقع 12 هدفا.

ولم يحافظ برشلونة على نظافة شباكه في مبارياته الست بدوري أبطال أوروبا حتى الآن، وهذا هو الجانب الذي يحتاج الفريق إلى العمل عليه بجد قبل مباراتيه القادمتين.

خط دفاعه، خاصة فيما يتعلق بتطبيق مصيدة التسلل، ليس بنفس فعالية الموسم الماضي، ويرتكب الفريق العديد من الأخطاء الدفاعية التي تكلفه الأهداف.

يوم الثلاثاء، لم يكن جيرارد مارتن وبالدي حاسمين بما يكفي لإيقاف كناوف، بينما في مباراة تشلسي، سمح طرد أراوخو للفريق الإنجليزي بتسجيل 3 أهداف أثرت بشكل كبير على تأهله.

سيتعين على فليك مواصلة العمل على هذا الجانب في الأسابيع المقبلة.

مقالات مشابهة

  • عون: تطور العلاقات مع سوريا "بطيء".. وجاهزون لترسيم الحدود
  • ضمن مبادرة صحح مفاهيمك.. أوقاف دمياط تنظّم ندوة توعوية لنشر التفاؤل ومواجهة التشكيك
  • غوتيريش: اجتماعات مرتقبة في جنيف مع طرفي النزاع في السودان
  • السودان على مفترق طرق: حرب استنزاف أم مفاوضات جادة؟
  • غوتيريش: الأمم المتحدة ستلتقي طرفي النزاع السوداني في جنيف
  • ندوة توعوية حول «التشكيك والحيرة ونشر روح التشاؤم» بكلية علوم الرياضة المنصورة
  • السيّد: هل تكفي الدولارات القليلة التي تحال على القطاع العام ليومين في لبنان ؟
  • سيناريو التأهل المباشر بدوري أبطال أوروبا: برشلونة لا يحتاج للفوز فقط
  • بعد قطيعة على خلفية حرب غزة.. بوليفيا وإسرائيل تستأنفان العلاقات الدبلوماسية
  • اليمن.. عقدة الجغرافيا التي قصمت ظهر الهيمنة: تفكيك خيوط المؤامرة الكبرى