عربي21:
2024-06-02@21:45:39 GMT

قراءة في السياسة النقدية المصرية

تاريخ النشر: 9th, August 2023 GMT

رفع البنك المركزي المصري أسعار الفائدة يوم الخميس الماضي بمقدار 100 نقطة أساس بعد تثبيتها خلال الشهرين السابقين، ليصل سعر الفائدة على الإيداع والإقراض لليلة واحدة إلى 19.25 في المئة و20.25 في المئة على الترتيب، وسعر الائتمان والخصم والعملية الرئيسية للبنك المركزي عند 19.75 في المئة، وبذلك تكون أسعار الفائدة قد ارتفعت بنحو 1100 نقطة أساس منذ آذار/ مارس 2022.

وقد عزا البنك المركزي هذه الزيادة لتفادي الضغوط التضخمية والسيطرة على توقعات التضخم، وقد بلغ معدل التضخم بمدن مصر أعلى مستوى له على الإطلاق في حزيران/ يونيو مسجلا 35.7 في المئة مقارنة بـ32.7 في المئة في الشهر السابق.

وقد رأى البعض أن هذا القرار جاء مخالفا للتوقعات، حيث كان الرأي أن الاتجاه سيكون نحو تثبيت سعر الفائدة، وفي رأينا أن هذه التوقعات لم تكن صائبة، وأن ما فعله البنك المركزي من رفع سعر الفائدة كان متوقعا وهو تحصيل حاصل في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها الاقتصاد المصري وأوشك على الغرق، فقد بدت ظواهر هذا الارتفاع من خلال ما سبقه من طرح البنك الأهلي المصري وبنك مصر (وهما بنكان حكوميان يعكسان سياسة الحكومة) شهادتين دولاريتين بفئة 1000 دولار أمريكي ومضاعفاتها للشهادة، وذلك للمصريين والأجانب؛ الشهادة الأولى بعائد 9 في المئة سنوياً، ويصرف العائد مقدماً للسنوات الثلاث 27 في المئة تراكمي بالجنيه المصري؛ كما أن الشهادة الثانية ذات عائد 7 في المئة سنوياً، ويصرف العائد ربع سنويا بالدولار الأمريكي، ويبدأ تاريخ إصدار الشهادة اعتباراً من يوم العمل التالي للإيداع ويعتبر أساس العائد والاسترداد، طبقاً للشروط والأحكام المنظمة لذلك، كما يمكن لحاملي الشهادة الأولى الاقتراض بالجنيه المصري وحتى 50 في المئة من القيمة الاستردادية للشهادة وبحد أقصى 10 ملايين جنيه، ويتم استرداد الشهادات بالدولار الأمريكي.

لا يختلف إصدار هذه الشهادات عن النظام الهرمي الذي يأخذ الأموال من هذا ويعطيها لآخر دون توزيع عائد حقيقي، أو ما يمكن تسميته سياسة الترقيع
فهذه الشهادات صدرت بعائد مغالى فيه رغبة في المساهمة في سد الفجوة الدولارية التي تجاوزت 30 مليار دولار، وإنقاذا للبضائع المكدسة في الموانئ المصرية والتي تحتاج لأكثر من 5.5 مليار دولار، ومعالجة لعدم ثقة المواطن المصري في الوضع الاقتصادي؛ حيث انخفضت تحويلات المصريين العاملين في الخارج بما يزيد عن نسبة 26 في المئة. ولا يختلف إصدار هذه الشهادات عن النظام الهرمي الذي يأخذ الأموال من هذا ويعطيها لآخر دون توزيع عائد حقيقي، أو ما يمكن تسميته سياسة الترقيع. بل إن البنك الأهلي وبنك مصر بعد قرار رفع البنك المركزي سعر الفائدة قاما برفع أسعار الفائدة على شهادات الادخار الثلاثية ذات العائد المتغير بنسبة 1 في المئة لتصل إلى 19.5 في المئة بدلا من 18.5 في المئة في السابق.

إن السياسة النقدية المصرية والتي باتت أكثر تشددا من خلال المزيد من رفع سعر الفائدة، لها خطورتها وتبعاتها لا سيما على تكلفة الائتمان، وزيادة الأسعار، والمزيد من انكماش القطاع الخاص، والدخول في ركود تضخمي، ولن يزيد هذا الرفع الأمور إلا ترقيعا وتعقيدا.

السياسة النقدية المصرية والتي باتت أكثر تشددا من خلال المزيد من رفع سعر الفائدة، لها خطورتها وتبعاتها لا سيما على تكلفة الائتمان، وزيادة الأسعار، والمزيد من انكماش القطاع الخاص، والدخول في ركود تضخمي، ولن يزيد هذا الرفع الأمور إلا ترقيعا وتعقيدا
وهذه الزيادة في سعر الفائدة -في رأينا- هي رسالة لصندوق النقد الدولي بأن الحكومة المصرية تسير وفق توصياته وتخضع لإرشاداته، لا سيما الخضوع لشروط القرض الأخير بقيمة ثلاثة مليارات دولار، والذي لم تحصل مصر سوى على دفعة واحدة منه في نهاية العام الماضي، وتوقفت الدفعة الثانية بسبب عدم إجراء المراجعة الأولى لبرنامج الصندوق والتي كان مقررا لها في منتصف آذار/ مارس الماضي لتأخر الحكومة في تنفيذ الإجراءات المتفق عليها مع الصندوق؛ التي تشمل الاستمرار في تحرير سعر صرف العملة المحلية، والمضي قدما في برنامج الطروحات الحكومية للشركات المملوكة لها لصالح القطاع الخاص.

إن سلوك الحكومة المصرية يكشف أنها في طريقها للمزيد من الخضوع والتضحية بالمواطن من أجل تحقيق الرضا للصندوق، فقد منحت مؤسسة التمويل الدولية وصاية على خصخصة الشركات الحكومية، ورفعت سعر الفائدة، ومن المتوقع في أيلول/ سبتمبر أو تشرين الأول/ أكتوبر القادمين أن تقوم بتعويم جديد للعملة المصرية، وما هو ما يعني فتح باب الدمار للاقتصاد وغلاء الأسعار وقتل الحماية الاجتماعية، وبذلك يكون حدث ما قلته وكتبته -قبل سنوات- بعد الانقلاب العسكري؛ بأن السياسة الاقتصادية للانقلاب تتلخص في كلمات ثلاث: "التجريف والتوريط والتخدير".. تجريف لموارد مصر بالبيع، وتوريط للبلاد والعباد في ديون، وتخدير للشعب بتجميل زائف لمشروعات باهظة التكاليف قليلة العائد من خلال ديون بلا تنمية.. لك الله يا مصر.

twitter.com/drdawaba

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المصري الاقتصاد السياسة النقدية النقد الدولي مصر اقتصاد النقد الدولي السياسة النقدية مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات اقتصاد سياسة مقالات سياسة سياسة رياضة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة البنک المرکزی سعر الفائدة فی المئة من خلال

إقرأ أيضاً:

خلال مايو.. ارتفاع التضخم في منطقة اليورو أكثر من المتوقع

الاقتصاد نيوز - متابعة

عاود معدل التضخم في منطقة اليورو الارتفاع في مايو على نحو فاق التوقعات ليبلغ 2.6% على أساس سنوي، في انتكاسة لا يتوقع أن تؤثر على خفض البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة الخميس المقبل.

وتخطت زيادة أسعار السلع الاستهلاكية هدف 2% الذي حدده البنك.

وكان محللون قد توقعوا في حديث لـ "فاكتست" و"بلومبيرغ" أن يبلغ التضخم 2.5% في مايو، بعدما سجّل 2.4% في أبريل.

كذلك ارتفع التضخم الأساسي أي الذي لا يشمل مع أسعار الطاقة والغذاء المتقلبة، وهو المؤشر الذي يخضع لمتابعة دقيقة من قبل الاسواق المالية والبنك المركزي الاوروبي، ليبلغ 2.9% بعدما سجل 2.7% في أبريل، بحسب أرقام نشرتها يوروستات الجمعة.

ولكن على الرغم من ارتفعا التضخم، يبدو أن البنك المركزي الأوروبي سيخفض أسعار الفائدة للمرة الأولى في اجتماع مجلس محافظيه في السادس من يونيو، وفقاً لتصريحات صادرة عن مسؤولين في البنك مؤخرا.

وانخفض معدل تضخم أسعار السلع الاستهلاكية في منطقة اليورو إلى الربع منذ بلغ 10.6% على أساس سنوي في أكتوبر 2022 مسجلا رقما غير مسبوق عندما ارتفعت أسعار الطاقة على خلفية الحرب في أوكرانيا.

ولتهدئة التضخم، قام البنك المركزي الأوروبي بزيادة تكاليف الاقتراض بمعدل غير مسبوق منذ يوليو 2022. وبقيت أسعار الفائدة بدون تغيير عند مستوى قياسي منذ أكتوبر 2023، على حساب نمو اقتصادي هش.

مقالات مشابهة

  • هل يخالف المركزي الأوروبي نظيره الأميركي ويخفض الفائدة؟
  • المركزي: استحقاق أذون خزانة بقيمة 554.1 مليون دولار أمريكي الثلاثاء المقبل
  • استقرار الين أمر ضروري لمنع الأزمات في سوق العملة
  • بمعدل 1.8 %.. الذهب يغلق تداولات مايو على ارتفاع للشهر الرابع على التوالي
  • خلال مايو.. ارتفاع التضخم في منطقة اليورو أكثر من المتوقع
  • جيه بي مورجان: التضخم في تركيا سينخفض إلى 25% بنهاية عام 2025
  • بنك الحوثيين يعلن استعداده تعويض المواطنين بمناطق الشرعية عن مدخراتهم النقدية من العملة القديمة
  • ما خطورة إعلان البنك المركزي اليمني مهلة 60 يوما لاستبدال الطبعة القديمة من العملة النقدية وماذا يعني ذلك؟
  • رغم تسارع التضخم.. خفض الفائدة في أوروبا لا يزال ممكنا
  • اقتصاد تركيا ينمو 5.7% في الربع الأول 2024