غزة-مدلين خلة - صفا "رأيتُ دم طفلي يسيل ورأسه مقطوعًا، حينها تسمّرت قدماي ولم أقوَ على فعل أي شئ من شدة الصدمة".. بهذه الكلمات الموجعة عبر المواطن محمد الهسي عن صدمته حين وجد طفله الوحيد قد اخترقت شظايا القصف الإسرائيلي جسده الصغير. ولم تقتصر حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة على استهداف الأحياء فقط، بل طالت تلك النطف في مراكز الاخصاب، التي لم يُكتب لها الخروج إلى الحياة فقضت على حلم الآلاف في حمل لقب أب وأم، بعدما تعذر ذلك طبيعيًا.
وتضطر العائلة بعد سنوات عجاف ومحاولات عديدة للانجاب، إلى عمليات الحقن المجهري وأطفال الأنانيب، علهم يحظون بطفل يُطفيء نار شوقهم وقلوبهم الملوعة لاحتضان صغير، بعد طول انتظار. المواطن الهسي أحد الذين فشلت الطرق الطبيعية لجعله يحظى بوسام الأب لطفل واحد، فعمل جاهدًا على اللجوء لمراكز الإخصاب وتجربة الحقن المجهري فكان له ذلك بعد سبع سنوات من الحرمان. غصة وحرمان لحظة أضاعت فيها غصة ووجع سبع سنوات عندما خرجت الممرضة تُبشرهم بقدوم ولي العهد، كما يقول الهسي في حديث لوكالة "صفا": "مبروك أجاك ولد وصحته كويسة، وشيماء الحمد لله بخير حدث معها نزيف لكنه توقف، سوف نخرجهم الآن إلى الغرفة الثانية". ويضيف "أخيرًا التقيت بطفلي الذي انتظرته طويلًا، كنت لا أريد شيئًا سوى أن أُربيه أفضل تربية، وأن أحفظه داخل جفون عيني حتى لا يُصيبه أي مكروه". لكن تلك اللحظات والأمنيات لم تدم طويلًا، فبعد سنتين من ميلاد الطفل المدلل جاءت الحرب اللعينة، ما اضطر محمد للنزوح مع زوجته وطفله، تحت ضربات قذائف وطائرات الاحتلال. ولم ترحم تلك القذائف جسد طفله الصغير، ولا عجز والديه لسبع سنوات عن مشاهدته أمام أعينهما، حتى اخترقت الشظايا جسده، ما أدى لاستشهاده على الفور. يقول الهسي والألم يعتصر قلبه: "كان ابني يجلس إلى جانبنا وقت نزلت الشظايا علينا، واخترقت جسده واستشهد على الفور". غصة وألم تملكت قلب الوالد المكلوم، يأبى عقله تصديق ما يراه أمام عينيه، متسائلًا "هل رحل الصغير إلى الأبد؟، لا لن يحدث ذلك". "تلك الصدمة التي تملكت عقله، أيقظه منها صراخ زوجته عندما هبت مسرعة لرؤية وحيد قلبها، وحينها شاهدت رأسه منفصلًا عن جسده لتتأكد من استشهاد وحيدها". لم تكن والدته شيماء قادرة على استيعاب ما حدث، وأن مدة حياة صغيرها عامين فقط، تمنت كثيرًا لو استطاعت أن تُعطيه من عمرها ليبقى هو وتذهب هي. ويضيف "حاولت مواساة زوجتي المكلومة وطمأنة قلبها بأن هناك فرصة أخرى للانجاب، وأننا قادرين على فعل ذلك وكل ما علينا سوى انتظار انتهاء الحرب انتظار، كي يتوجها لمركز الإخصاب وحقن عدد من البويضات المجمدة لهم داخله". أمل بالإنجاب أمسك محمد يد زوجته وبدأ يعد حتى وصل الرقم ثمانية متسائلًا "ألا تتذكرين؟، نحن نحتفظ بثماني نطف مجمدة داخل مركز الإخصاب تخلص الحرب وبنعمل عملية زراعة وبنجيب كمان طفل". " هدأ كلام محمد روع زوجته وعقدت أملها على تلك النطف، لكن هذا ما كتب لها من الدنيا ورؤية صغير آخر لها ربما تعد مستحيلة الا أن يشاء الله. ويتابع "اتصلت بالطبيب الذي أُتابع لديه عمليات الإخصاب، لأطمأن على وضع النطف المجمدة، إلا أنني صُدمت مجددًا حين أبلغني الطبيب المعالج أن المركز تعرض للقصف الإسرائيلي، والذي أدى لوفاة الأجنة المجمدة كافة، مرة أخرى حلم الأبوة أصبح بعيد المنال". صدمة أخرى تلقاها محمد وشيماء ربما هي أكبر من سابقتها، بعد أن فَقَدَا القدرة على الإنجاب مجددًا. ويشير الهسي إلى أنه "يعاني من ضعف بالخصوبة وإنتاج الحيوانات المنوية، وزوجته مصابة بمرض سرطان الدم، ولا تستطيع الحمل مجددًا، فضلًا عن أن إنتاج البويضات لديها يعاني مشاكل ولا يمكن تخصيبها". أمل تكرار التجربة وامتلاك طفل آخر تبخر مع تلك الأجنة التي لم ترَ النور بعد، وأصبح الزوجان في حالة يُرثى لها، ولسان حال الأم يقول: "كنت أمًا، وفقدت ذلك الشعور للأبد". حلم لن يتحقق ولم تكن شيماء ومحمد الوحيدان اللذان حُرما من أن يصبحا أبًا وأمًا، كما يقول الطبيب المختص بمعمل الأجنة في مركز البسمة الطبي محمد عجور، بل هناك 4 آلاف نطفة مخصبة وألف عينة غير مخصبة حُرمت عائلاتها من الإنجاب، بسبب قصف طائرات الاحتلال للمركز. ويوضح عجور لوكالة "صفا"، أن "هذه العائلات لن تتمكن من الإنجاب مجددًا ما لم تعد لديها القدرة على إنتاج الحيوانات المنوية والبويضات القابلة للتخصيب". ويضيف "هناك أُسرًا تنتظر منذ 30 عامًا، أن تسمع كلمة بابا وماما إلا أن هذا سيبقى حلم لديها، ولن يتحقق بعدما كان هناك بصيص نور يهدي نهاية طريقهم". ويتابع أن "تجميد الأجنة أحد الطرق التي لجأ إليها الأطباء لاستغلال الحيوانات المنوية والبويضات التي أصبحت جاهزة للإخصاب بعد فترات طويلة من العلاج لكلا الزوجين". وبين أن 90% من عينات النطف المجمدة كانت ملك مركزه الذي دمره الاحتلال.
المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية
كلمات دلالية:
حرب غزة
طوفان الأقصى
غزة
صواريخ الاحتلال
مجدد ا
إقرأ أيضاً:
ميسي يكتب صفحة جديدة في التاريخ.. الأرجنتيني يحصد جائزة أفضل لاعب بالدوري الأمريكي للمرة الثانية تواليًا
في ليلة جديدة نُقشت فيها ملامح الأسطورة، أضاف النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي حلقة جديدة إلى سلسلة إنجازاته المذهلة، بعد تتويجه اليوم الثلاثاء بجائزة أفضل لاعب في الدوري الأمريكي لكرة القدم MLS للمرة الثانية في مسيرة لم تتوقف عن تجاوز حدود الممكن. الإنجاز في حد ذاته تاريخي، لكن قيمته تضاعفت لأنه جاء للعام الثاني على التوالي، ليصبح ميسي أول من يحقق هذا الرقم في تاريخ البطولة.
محكمة برازيلية تلزم الفيفا بإعادة النظر في إجراءات سلامة اللاعبين بمونديال 2026
اللاعب الذي بلغ عامه الثامن والثلاثين لا يزال يثبت للجميع أن العمر مجرد رقم لا يملك القدرة على إيقاف موهبته، فقد أنهى موسمًا استثنائيًا قاد خلاله ناديه إنتر ميامي للتتويج بكأس الدوري الأمريكي، في مشهد لم يكن ليحدث لولا تأثيره الفني والذهني الهائل داخل الملعب. ميسي لم يكن مجرد نجم للفريق، بل كان قائده ومصدر الإلهام الأول، والاسم الذي صنع الفارق في كل لحظة حاسمة.
وخلال الموسم العادي للدوري، قدّم البرغوث أرقامًا هي الأقرب إلى الخيال؛ إذ سجل 29 هدفًا كاملة ليعتلي صدارة الهدافين، ولم يكتفِ بذلك بل وزّع 19 تمريرة حاسمة جعلته المحرك الأول لكل لحظة هجومية عاشها إنتر ميامي.
هذا المزيج بين الحسم التهديفي وصناعة اللعب يفسر سبب التفاف الأصوات حوله وترشيحه المبكر للجائزة قبل حتى إعلانها رسميًا.
لم يعد يُنظر إلى ميسي في الولايات المتحدة كلاعب كبير جاء ليكتفي بفصل أخير هادئ من مسيرته، بل أصبح أحد أعمدة الدوري ورافعة جماهيرية وإعلامية واستثمارية غير مسبوقة. فمنذ انتقاله، قفزت شعبية البطولة، وارتفع مستوى المتابعة، وتضاعفت قيمة البث والعوائد التجارية، حتى إن ملاعب المنافسين باتت تمتلئ قبل أشهر من وصول إنتر ميامي فقط لأنه يحمل رقم 10 في صفوفه.
التتويج الجديد لا يمثل مجرّد لقب فردي يُضاف إلى خزائنه، بل هو امتداد لمسيرة لم تفقد وهجها منذ انطلاقتها في برشلونة قبل أكثر من 20 عامًا.
تلك المسيرة التي حملت الكرة الذهبية، دوري الأبطال، كأس العالم، كوبا أمريكا، والأرقام التي يصعب حصرها، ها هي اليوم تستمر في أرض جديدة بثوب مختلف وطموح ما زال مشتعلًا كما لو أنه لاعب بعمر العشرين.
ويبدو أن رحلة ميسي في الدوري الأمريكي ما زالت في بدايتها رغم العمر المقارب للأربعين، فوجوده لا يصنع الفارق لميامي فقط، بل يدفع منظومة كاملة نحو التطور لاعبين، مدربين، جماهير وحتى المستثمرين. وكلما ظنّ البعض أن الأسطورة بلغت ذروتها، وها هي تقترب من نهايتها، يفاجئهم ميسي بمحطة جديدة تجعل التاريخ يعيد ترتيب صفحاته من أجله.