المواقع الأثرية بمحافظة ظفار.. شواهد تاريخية وثقافية تشد أنظار الزوار
تاريخ النشر: 13th, August 2024 GMT
تُشكّل المواقع الأثرية في سلطنة عُمان الضاربة في عمق تاريخ الحضارة الإنسانية عامل جذب إضافي لأفواج من الزوار والسياح المهتمين بسياحة الآثار والسياحة الثقافية.
أحداث جرت وحضارات درست فبقت آثارها شاخصة ومعالمها ماثلة عبر القرون تروي لمن استنطقها بالتنقيب والبحث حكايات لا تنتهي عن عبقرية الإنسان في أرض عُمان المباركة، والذي قدم للبشرية صنوفا من العلم والثقافة والعمران ما يستحق الدراسة بتأمل وإمعان .
وفي محافظة ظفار، التي تشهد اهتماما متزايدا من الجهات الحكومية المعنية بتنشيط حركة السياحة فيها على مدار العام ، تبرز سياحة الآثار على سطح اهتمامات قطاع كبير من الزوار والسياح من داخل سلطنة عُمان وخارجها، فتأتي المفردات الأثرية ومواقعها كعامل جذب إضافي يقود السائح لاكتشاف مكونات وأسرار المواقع الأثرية المنتشرة عبر ولايات المحافظة.
وتمثّل المواقع الأثرية والمزارات التاريخية عامل استقطاب مهم للزوار والسياح للتعرف على التاريخ الثقافي المادي كالقلاع والحصون وشواهد الحواضر والأسواق والمنازل القديمة التي توفّر للباحث فرصا لدراسة روعة البناء التقليدي في ولايات محافظة ظفار واكتشاف دورها في الفعل الحضاري في المنطقة عبر الحقب الزمنية كمواقع ومحميات سمهرم والبليد وشصر وخور روري ووادي دوكة وخور خرفوت، والتي تُعد متاحف مفتوحة أمام الزوار والمهتمين، إضافة إلى ما تقوم به المؤسسات الحكومية في المحافظة على الإرث الثقافي غير المادي، ودور المتاحف كأرض اللبان وحصن مرباط وحصن طاقة في هذا المجال دون أن نغفل الدور الرائد لمبادرات المجتمع وأفراده في الحفاظ على الموروث الشفهي، والعمل على تدوينه وضمان بقائه من فنون وأشعار وحكايات أسطورية وحرف وعادات مرتبطة بالمواسم والمناسبات الاجتماعية والدينية وغيرها، وبات تعظيم عائد الاستفادة من المواقع الأثرية والتاريخية والطبيعية بمحافظة ظفار واقعا يتطور ويتشكل في صناعة قائمة بذاتها من خلال استراتيجية محافظة ظفار السياحية بشكل خاص واستراتيجية سلطنة عُمان السياحية بشكل عام، ويستهدف فئات متنوعة من المهتمين من المواطنين والمقيمين وطلبة المدارس والكليات والجامعات وعلماء الآثار وأفواجا من السياح الأجانب على مدار العام.
ويشير الكاتب والمحلل الاقتصادي خلفان بن سيف الطوقي إلى أن السياحة التراثية معتمدة في الكثير من الدول لما لها من دور في تعظيم العوائد المالية والاقتصادية، فهناك دول تأتي مواردها الأساسية من السياحة، وتعمل على تعظيم هذه العوائد عاما بعد آخر، بشكل مباشر من الناحية المالية، وغير مباشر كتوظيف الشباب وتشغيل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وظهور الخدمات المساندة لهذا القطاع .
وقال الطوقي: "إن سلطنة عُمان ليست بمعزل عن اللحاق بركب الدول السياحية الكبرى كونها تمتلك مقومات سياحية تاريخية وطبيعية خاصة تميزها عن الكثير من الدول، فقلَّ أن تجد بلدًا يجمع ما تجمعه سلطنة عُمان من أودية خلابة، وجبال شاهقة، وصحارٍ ذهبية بكر، وشواطئ طويلة هادئة ونظيفة، وأجواء متنوعة، وتضاريس نادرة، أضف إلى ذلك تاريخها الأصيل الذي يعرفه القاصي والداني، والعادات والتقاليد الغنية، وتراثها الثري، وآلاف الشواهد من القلاع والحصون والأبراج والحواضر القديمة، بالإضافة إلى كرم العُماني الذي عُرف عنه التّرحاب والضيافة والانفتاح على الآخر".
موضحا أن ما يميز سلطنة عُمان هو تنوع كل محافظة من محافظاتها الإحدى عشرة بمزايا تنافسية عامة وسياحية، وهذا ما يجعل رحلة السائح إلى عُمان غنية وجاذبة، فعلى سبيل المثال هناك من يعتقد أن محافظة ظفار مميزة بأجوائها في فصل الصيف فقط، ولكن الحقيقة أكثر من ذلك بكثير؛ فهي مميزة في كل الفصول، فالعمانيون والخليجيون وكثير من الزوار العرب وغير العرب يفضلون زيارتها في موسم الخريف، وفي المقابل هناك موسم آخر هو الفصل الشتوي الذي يجذب الأفواج السياحية من أوروبا، لذلك تجد أن الرحلات الشتوية من العديد من المدن الأوروبية إلى مدينة صلالة لا تتوقف خلال هذا الموسم.
من جانبه قال الدكتور سالم بن سهيل الكثيري، إعلامي ومهتم بالسياحة الأثرية: "إن التاريخ والثقافة والطبيعة الخلابة تعزز السياحة الأثرية في محافظة ظفار وتقدمها كوجهة سياحية متميزة، بالنظر إلى العديد من المواقع الأثرية التي تعكس تاريخها العريق وحضاراتها القديمة" مشيرا إلى أن المواقع الأثرية تُعد عامل جذب رئيسي للسياح من مختلف أنحاء العالم وخاصة السياح المهتمين بالتاريخ والثقافة، مما يزيد من عدد الزوار ويُسهم في تعزيز الاقتصاد المحلي، مضيفا أن تنشيط السياحة الأثرية يُسهم في إيجاد فرص عمل جديدة للشباب في مجالات متعددة، مثل الإرشاد السياحي، والضيافة، والصناعات التقليدية بجانب تعزيز دخل فئات من المجتمع كالحرفيين ومقدمي الخدمات اللوجستية للقطاع. ويرى الكثيري في المقابل أن السياحة الأثرية تقوم بدورٍ حيوي في المحافظة على المواقع التاريخية؛ حيث يمكن الاستفادة كذلك من العائدات السياحية في توفير التمويل اللازم للحفاظ على هذه المواقع وترميمها. مؤكدا أن نمو القطاع السياحي يواكبه بالتوازي نمو في تطوير البنية الأساسية حول المواقع الأثرية وتطوير الخدمات والطرق والمرافق لضمان تجربة مريحة وآمنة للسياح، وهذا أمر لا شك في أن الجهات الحكومية المعنية تضعه في صلب خططها لتطوير القطاع السياحي، كما يواكب هذا النمو والاهتمام زيادة الوعي في المجتمع ولدى السائح بالحفاظ على هذه المزارات من العبث والتدهور البيئي.
من ناحيته، يشير الدكتور أشرف مشرف رئيس كرسي غرفة تجارة وصناعة عُمان للدراسات الاقتصادية بجامعة السلطان قابوس إلى أهمية الدور المنتظر من القطاع السياحي في سلطنة عُمان الذي يُعد أحد أهم ركائز تحقيق رؤية «عمان 2040»، للإسهام في تنويع الاقتصاد الوطني وخفض الاعتماد على النفط، ورفد الموازنة العامة للدولة وإيجاد فرص لوظائف جديدة أمام الشباب العماني، ويرى الدكتور مشرف أن تطور هذا القطاع الحيوي يعتمد على القدرة على تنفيذ استراتيجية استثمارية طموحة ترفع مساهمة قطاع السياحة إلى 10% في الناتج المحلي الإجمالي، وجذب ما يقارب 6 ملايين سائح خلال العشر سنوات القادمة، وهذا يتطلب التركيز على فتح القطاع أمام المزيد من الاستثمار المحلي والأجنبي، والترويج للحوافز والتسهيلات التي تقدمها سلطنة عُمان للمستثمرين، إضافة إلى تنويع الفرص الاستثمارية في مجالات السياحة الأثرية، والسياحة الترفيهية، والسياحة العلاجية، وسياحة المهرجانات، وسياحة المؤتمرات، وسياحة السفن البحرية، وغيرها. مشيرا إلى أنه يمكن تعزيز تحقيق أهداف الاستراتيجية السياحية لمحافظة ظفار من خلال التركيز على السياحة المستدامة التي تدر موارد مالية كبيرة على مدار العام من أجل تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتعظيم الاستفادة من الأنشطة السياحية الموسمية كموسم خريف ظفار والمهرجانات والفعاليات التي تشهدها المحافظة وكذلك محافظات سلطنة عُمان طوال العام.
من جانبه يقول الدكتور محمد بن عوض المشيخي أكاديمي وباحث مختص في الرأي العام والاتصال الأكاديمي: "إن المواقع الأثرية لها دور كبير في تنشيط السياحة الاقتصادية لما لها من بعد تاريخي وثقافي يهم كثيرا من الزوار والسياح، وكذلك يرى الدكتور محمد أهمية العناية بتطوير الخارطة الأثرية بشكل مستمر ووضعها ضمن أولويات مختلف الجهات الحكومية والقطاعات الخاصة والأهلية في سلطنة عُمان، وأن شواهد الإرث الحضاري والثقافي في المحافظة يمكن تسويقها كمنتج سياحي عبر حملات تسويقية منظمة داخل سلطنة عُمان وخارجها، مشيرا، على سبيل المثال، إلى جاذبية الأسلوب العمراني والمباني الأثرية والحصون القديمة في المحافظة للباحثين ودارسي العمارة التاريخية، ناهيك طبعا عن تكثيف الترويج للسياحة في الطبيعة الخلابة والأجواء المعتدلة خلال الخريف.
وقال مبارك بن سالم المعشني، أحد نشطاء التواصل الاجتماعي: "إنه في ظل العولمة التي تجتاح العالم يمكننا رؤية العالم بصورة أفضل وأن نتفاعل معه بصورة أسرع، وبالتالي يمكننا دائمًا استخدام السياحة كسبيل لجعل العالم يرانا بشكل أفضل، وتقديم صورة جاذبة عن عُمان وعن تاريخنا وحاضرنا وسعينا نحو مستقبل زاهر". مؤكدا على دور الإعلام الحديث الممثل بالشخصيات الناشطة على مواقع التواصل الاجتماعي والدور البارز لهم في الترويج لسلطنة عُمان وتحفيز الزوار على زيارتها.
واختتم حديثه بالقول: "نحن محظوظون للغاية لأننا نملك تاريخًا عظيما يسهل تسويقه، وأماكن يحلم الغير بزيارتها، وشعبا لطيفا كريما ومضيافا، وعلينا أن نخبر العالم عن ذلك، ونسوّق لبلادنا كأحد أهم الخيارات الجاذبة على خارطة السياحة العالمية".
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: السیاحة الأثریة المواقع الأثریة محافظة ظفار فی المحافظة من الزوار
إقرأ أيضاً:
ضم وتهويد.. إسرائيل تسابق الزمن لابتلاع سبسطية الأثرية بالضفة
تسابق إسرائيل الزمن للسيطرة على موقع "سبسطية" الأثري، أحد أبرز المعالم التاريخية في الضفة الغربية المحتلة، عبر مشروع استيطاني لإنشاء حديقة تحمل اسم "السامرة"، في خطوة يرى الفلسطينيون أنها تهدف إلى "ضم الموقع وتهويده".
وأكد مسؤولان فلسطينيان، أن السلطات الإسرائيلية بدأت فعليا بتنفيذ مخطط استيطاني لضم وتهويد موقع "سبسطية" الأثري شمالي الضفة الغربية.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2"مفكرة عابر حدود".. حكايات مأساوية وسخرية سوداء من واقع الهجرةlist 2 of 2لويس مونريال: التراث الثقافي مورد اقتصادي واجتماعي لبناء المستقبلend of listيأتي ذلك بعد نحو أكثر من أسبوع من اقتحام وزيرة حماية البيئة الإسرائيلية عيديت سيلمان، إلى جانب وزير التراث الإسرائيلي عميحاي إلياهو ورئيس مجلس المستوطنات في شمال الضفة يوسي داغان، يوم 12 مايو/أيار الجاري الموقع الأثري، وإعلانهم إطلاق "عملية إنشاء متنزه السامرة".
وتعود جذور الموقع الأثري، بحسب وزارة السياحة الفلسطينية، إلى العصر البرونزي (حوالي 3200 قبل الميلاد)، ويضم آثارا تعود للحضارات الكنعانية والرومانية والبيزنطية والفينيقية والإسلامية.
ورصد مراسل الأناضول وجود فرق إسرائيلية في الموقع الأثري تعمل بحماية مشددة من الجيش الإسرائيلي، في حين أكد مسؤول فلسطيني بدء أعمال حفريات وتنقيب في المكان.
هذا المشروع الاستيطاني يستهدف، وفق تصريح لرئيس بلدية سبسطية محمد عازم عام 2023، نحو ألف دونم، أي ما يقارب 80% من مساحة الموقع. وأشار في حديث آنذاك إلى أن إنشاء الحديقة سيتضمن إجراء "حفريات ونبش قبور وشق طرق وإقامة شبكات كهرباء، وإحاطة الموقع بأسلاك شائكة وإقامة بوابة ونقطة أمنية إسرائيلية".
إعلانتقع بلدة سبسطية على الطريق الرئيسي بين مدينتي نابلس وجنين فوق هضبة وسط سلسلة جبلية، حيث تبلغ مساحتها نحو 4777 دونما، وفق معلومات رسمية نقلها معهد الأبحاث التطبيقية "أريج" في دليل "بلدة سبسطية" الذي أصدره عام 2014.
وبحسب الدليل، فإن السلطات الإسرائيلية سبق أن صادرت 8 دونمات من البلدة لصالح بناء مستوطنة "شافي شمرون"، في حين شهدت المستوطنة توسعا خلال السنوات اللاحقة.
تطور خطيروصف رئيس بلدية سبسطية محمد عازم، في حديثه للأناضول، ما يحدث في الموقع الأثري بأنه "تطور خطير وعدوان"، مشيرا إلى أن "السلطات الإسرائيلية باشرت فعليا أعمالا تهويدية تحت غطاء مشروع ما يسمى بحديقة السامرة، التي تقع على أرض في قلب الموقع الأثري، في انتهاك صارخ للقانون الدولي وأمام رفض فلسطيني واسع".
وأكد عازم أن السلطات الإسرائيلية تعمل على تنظيف الموقع من الأعشاب تمهيدا لأعمال "تنقيب وحفريات"، لافتا إلى أن "إسرائيل تسابق الزمن للسيطرة على الموقع مستغلة الانشغال الدولي بالحروب لفرض سيادتها وسيطرتها على الموروث الثقافي والأثري الفلسطيني".
وأشار عازم إلى أن الشعب الفلسطيني حافظ على مر العصور على هذا الموقع، الذي يعد من أهم المواقع التاريخية بالضفة الغربية، والذي يضم مواقع تاريخية عديدة، أهمها المقبرة الرومانية وضريح النبي يحيى ومسجده، وكاتدرائية يوحنا المعمدان، وقصر الكايد، وساحة البازيليكا، والقصر الملكي، والبرج الهيلينستي، ومعبد أغسطس، والمسرح، وشارع الأعمدة، والملعب.
وأكد رئيس البلدية أن إسرائيل تعتزم "سرقة أهم موقع تراثي" يزوره فلسطينيون وسياح أجانب، مشيرا إلى أن ذلك سيتسبب أيضا في فقدان عشرات الفلسطينيين مصدر رزقهم الذي يعتمد على السياحة في سبسطية.
ووفق موقع "موسوعة القرى الفلسطينية"، فإن بلدة سبسطية تعد بمثابة "متحف أثري"، إذ إن أكثر ما يميزها وجود "سور يلف المنطقة الأثرية من كافة الاتجاهات".
إعلانويسكن في البلدة الواقعة شمالي مدينة نابلس نحو 3500 فلسطيني، من بينهم عائلة واحدة مسيحية، وفقا لإحصاءات رسمية.
وحسب مؤرخين، فإن بلدة سبسطية خضعت لحكم الآشوريين، ثم الفرس، فالرومانيين، حيث حكمها الملك هيرودس عام 30 قبل الميلاد، وهو من أطلق عليها اسم "سبسطي"، أي "المبجلة"، وتعود غالبية المباني الأثرية الحالية إلى عهده.
وفي العهد البيزنطي، أصبحت سبسطية مركزا دينيا لوجود قبر يوحنا المعمدان (النبي يحيى بن زكريا عليهما السلام)، ويعتقد أن جسد النبي يحيى عليه السلام، يوجد في ضريح قرب مسجد قديم وسط البلدة، في حين دفن رأسه في العاصمة السورية دمشق.
بدوره، قال مدير مكتب وزارة السياحة والآثار الفلسطينية ضرغام فارس إن "ما يحدث في سبسطية هو انعكاس لعدة قرارات اتخذها الاحتلال، وهناك تسارع في تلك الإجراءات للسيطرة على المواقع الأثرية الفلسطينية في المناطق المصنفة (ج) حسب اتفاق أوسلو".
وأضاف فارس، أن "الحكومة الإسرائيلية خصصت عام 2023 مبلغا بقيمة 29 مليون شيكل إسرائيلي (نحو 8 ملايين دولار) لتطوير الموقع الأثري سبسطية عنوةً، وفي حقيقة الأمر هو ليس تطويرا، بل هو ضم وتهويد".
وذكر أن هذا القرار يشمل فصل الموقع الأثري في منطقة "ج" عن البلدة للاستيلاء على 1300 متر مربع لإقامة ثكنة عسكرية، بما يؤدي إلى تغيير الطابع التاريخي للموقع، مشيرا إلى أن "إسرائيل بهذا القرار تحوّل المنطقة من موقع أثري إلى ثكنة عسكرية وحديقة استيطانية".
ووفق دليل بلدة "سبسطية"، فإن 2702 دونم من أراضي البلدة تقع ضمن المناطق المصنفة "ب" و2074 دونما تقع ضمن المناطق المصنفة "ج"، ودونمين فقط ضمن المناطق المصنفة "أ".
إعلانوتنص اتفاقية أوسلو الثانية لعام 1995 على تقسيم أراضي الضفة الغربية إلى ثلاث مناطق: "أ" تخضع لسيطرة فلسطينية كاملة، و"ب" تخضع لإدارة مدنية فلسطينية وسيطرة أمنية إسرائيلية، أما "ج" فتخضع لسيطرة إسرائيلية كاملة (مدنية وإدارية وأمنية)، وتشكل الأخيرة نحو 61% من مساحة الضفة الغربية.
وبيّن المسؤول الفلسطيني أن إسرائيل قررت عام 2024 ضم كافة المواقع الأثرية في الضفة الغربية ضمن مساعيها لمنع إقامة دولة فلسطينية.
وفي يوليو/تموز 2024، أقرت الهيئة العامة للكنيست بأغلبية أصوات الائتلاف ونواب من المعارضة وبدعم الحكومة، مشروع قانون يقضي بسريان صلاحيات سلطة الآثار الإسرائيلية على الآثار في جميع مناطق الضفة الغربية المحتلة، وفق المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية (مدار)، في خطوة اعتبرها المركز الفلسطيني من أبرز مظاهر "الضم الزاحف"، لأن مشروع القانون الذي بادر إليه النائب عميت هليفي من كتلة الليكود "لم يحدد أي مناطق في الضفة الغربية".
وقال فارس إن فلسطين تعمل ضمن ثلاثة مسارات لمواجهة "التغول الإسرائيلي" على المواقع الأثرية؛ أولها المسار السياسي عبر توثيق الانتهاكات الإسرائيلية ورفعها إلى الجهات الدولية بما فيها منظمة الأمم المتحدة للتراث (يونسكو). أما المسار الثاني فيعمل ضمن حشد المواطنين لزيارة الموقع الأثري المهدد والوجود فيه للتأكيد على فلسطينيته، وثالثها عبر المسار العلمي حيث يتم تقديم المواد والدراسات التي من شأنها تفنيد الرواية الإسرائيلية، وفق قوله.
وحذر فارس من أن "إتمام المتنزه الاستيطاني سيحرم الفلسطينيين من الوصول إلى الموقع الأثري، وسيصبح الدخول إليه بحاجة إلى تذاكر أو تصاريح، أي أننا سنكون أمام خيار دعم اقتصاد الاحتلال الذي يصادر أرضك وتاريخك".
وتحث إسرائيل خطاها للسيطرة على موقع سبسطية الأثري في وقت يصعد فيه جيش الاحتلال ومستوطنوه اعتداءاتهم بالضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية، تزامنا مع حرب الإبادة الجماعية بقطاع غزة، مما أدى إلى استشهاد 969 فلسطينيا على الأقل وإصابة نحو 7 آلاف آخرين واعتقال ما يزيد على 17 ألف شخص، وفق معطيات فلسطينية.
أما في قطاع غزة، فتواصل إسرائيل ارتكاب إبادة جماعية بحق السكان، بدعم أميركي مطلق، منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، خلفت أكثر من 175 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، بجانب مئات آلاف النازحين.
إعلان