كيف عاد مضيق هرمز إلى دائرة الخطر؟
تاريخ النشر: 14th, August 2024 GMT
مضيق هرمز، الممر المائي الرئيسي الواقع عند مدخل بحر الخليج محور اهتمام عالمي دائم، إذ يخضع لمراقبة مستمرة تحسبا لأي اضطرابات محتملة تؤثر على الطريق البحري الذي تمر منه قرابة 30 بالمئة من تجارة النفط العالمية.
وأثارت التهديدات الإيرانية الأخيرة بالانتقام من إسرائيل، التي حمّلتها مسؤولية مقتل زعيم حركة حماس، إسماعيل هنية، في طهران، مخاوف جديدة بشأن سلامة الملاحة في هذا الممر الاستراتيجي، وفقا لـ"بلومبرغ".
وعلى مر السنين، لطالما استهدفت إيران السفن التجارية التي تعبر هذا المضيق، كما هددت مرارا بإغلاقه.
ورغم أن طهران لم توجه تهديدات صريحة هذه المرة بعرقلة حركة الملاحة في هرمز، إلا أن دعمها الحوثيين، الذين يشنون هجمات بحرية بالبحر الأحمر، قد يشير إلى استعدادها لتعطيل الشحن العالمي سعيا وراء تحقيق أهدافها، بحسب الوكالة.
الموقع والأهمية الاستراتيجية
ويتخذ مضيق هرمز شكل حرف "V" مقلوب، ويربط الخليج العربي ـ الفارسي بالمحيط الهندي. وتقع إيران إلى شماله، بينما تتواجد الإمارات وسلطنة عمان على جنوبه.
ويمتد المضيق لمسافة تقارب 161 كيلومترا، ويضيق ليصل عرضه إلى نحو 34 كيلومترا في أدق نقطة، مع ممرات ملاحية في كل اتجاه لا يتجاوز عرضها 3.2 كيلومترات.
ويجعل عمقه الضحل السفن العابرة عرضة للألغام البحرية، كما أن قربه من السواحل، وخاصة الإيرانية، يضع السفن في مرمى الصواريخ البرية، ويسهل اعتراضها بواسطة زوارق الدوريات والمروحيات.
وتكمن أهمية المضيق في كونه شريانا حيويا للتجارة العالمية، خاصة النفط. فقد نقلت ناقلات النفط عبره ما يقارب 15.5 مليون برميل يوميا من النفط الخام والمكثفات من السعودية والعراق والكويت والإمارات وإيران، خلال الربع الأول من عام 2024، وفقا لإحصاءات بلومبرغ.
كما يعد المضيق ممرا رئيسيا للغاز الطبيعي المسال، إذ مر عبره أكثر من خمس الإمدادات العالمية، معظمها من قطر، خلال نفس الفترة.
تاريخ من التوترات
ودأبت إيران على استخدام تكتيك مضايقة السفن في الخليج لعقود، سواء للتعبير عن استيائها من العقوبات المفروضة عليها، أو كورقة ضغط في النزاعات الدولية.
ورغم التهديدات المتكررة، لم تقدم إيران حتى الآن على إغلاق المضيق بالكامل. ويرى محللون أن إيران من غير المرجح أن تغلق المضيق كليا، إذ سيمنعها ذلك من تصدير نفطها. كما أن قدراتها البحرية لا تضاهي بالأسطول الأميركي الخامس والقوات الأخرى في المنطقة.
وشغلت حماية الملاحة في مضيق اهتمام عالميا منذ فترة طويلة. فخلال "حرب الناقلات" بين العراق وإيران خلال ثمانينيات القرن الماضي، لجأت البحرية الأميركية إلى مرافقة السفن عبر الخليج.
وفي 2019، أطلقت الولايات المتحدة "عملية سنتينل" ردا على التهديدات الإيرانية، وذلك بمشاركة 10 دول أخرى، فيما يعرف الآن بـ"التحالف الدولي لأمن وحماية حرية الملاحة البحرية".
ومؤخرا، تحول جزء كبير من الاهتمام نحو حماية الشحن في جنوب البحر الأحمر ومضيق باب المندب، في ظل تصاعد هجمات الحوثيين المدعومين إيرانيا، على السفن في تلك المنطقة. وتقود الولايات المتحدة حاليا قوة بحرية في البحر الأحمر لحماية حركة الملاحة هناك.
التأثير المحتمل على الاقتصاد العالمي
تعد السعودية أكبر مصدر للنفط عبر مضيق هرمز، رغم سعيها لتنويع طرق التصدير عبر خط أنابيب يربط حقولها النفطية بميناء على البحر الأحمر.
كما تمتلك الإمارات خيارا بديلا لتصدير جزء من نفطها عبر خط أنابيب إلى ميناء الفجيرة على خليج عمان. أما العراق والكويت وقطر والبحرين، فتعتمد كليا على المضيق لتصدير نفطها.
ويتجه معظم النفط العابر لمضيق هرمز نحو آسيا، مما يعني أن إغلاقه سيكون أقل تأثيرا على الدول الغربية الداعمة لإسرائيل.
ومع ذلك، تؤكد بلومبرغ، أن أي اضطراب في هذا الممر الحيوي من شأنه أن يؤثر بشكل كبير على أسواق الطاقة العالمية، وسلاسل الإمداد الدولية.
المصدر: قناة اليمن اليوم
كلمات دلالية: مضیق هرمز
إقرأ أيضاً:
«الوزراء»: التحول من قناة السويس لرأس الرجاء الصالح أدى لضعف استقرار سلاسل التوريد العالمية
سلط مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، الضوء على التقرير الصادر عن منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية «الأونكتاد»، حول النقل البحري خلال عام 2025، والذي أشار إلى أن قطاع الشحن البحري العالمي، الذي ينقل أكثر من 80% من التجارة الدولية، شهد ضغوطًا متزايدة مع تباطؤ النمو وارتفاع التكاليف، مضيفاً أنه بعد نمو متواضع للتجارة البحرية بلغ 2.2% خلال عام 2024، من المتوقع أن يتراجع معدل النمو إلى 0.5% فقط خلال عام 2025.
وأكد التقرير أن التوترات السياسية والتغيرات في أنماط التجارة وإعادة تشكيل مسارات الشحن أعادت خلال الفترة الماضية رسم خريطة التجارة البحرية، حيث اضطرت السفن التي كانت تمر عبر البحر الأحمر في أيام معدودة إلى الإبحار لمدة أسابيع حول طريق رأس الرجاء الصالح، مما رفع تكاليف الشحن وأضعف استقرار سلاسل التوريد وتسبب في اضطرابات مزمنة بالموانئ.
كما أن تغيير مسارات السفن أدى إلى ارتفاع المسافات المقطوعة بالطن - المسافة التي يقطعها كل طن من البضائع - إلى مستوى قياسي بلغ 6% في 2024، وهو ما يعادل ثلاثة أضعاف معدل نمو حجم التجارة البحرية في 2024.
بالإضافة إلى ذلك، فقد زادت التدابير التجارية التي أعلنتها الولايات المتحدة الأمريكية ودول أخرى، بما في ذلك الرسوم الجمركية الجديدة والقيود المستهدفة على رسو السفن، من التكاليف وفاقمت حالة عدم اليقين الاقتصادي.
فضلًا عن ذلك، يمر قطاع شحن الطاقة كذلك بعدد من التحولات، إذ ارتفع شحن الفحم رغم تراجعه على المدى الطويل، وظلت شحنات النفط مستقرة لكن عبر مسارات أطول، بينما زادت تجارة الغاز. وقد أصبحت المعادن الحرجة، الضرورية لصناعة البطاريات والطاقة المتجددة والاقتصاد الرقمي، مصدرًا جديدًا للتوترات مع تصاعد المنافسة على تأمين الإمدادات وتعزيز القيمة المضافة محليًا، مما فرض متطلبات جديدة على النقل واللوجستيات.
أكد التقرير أن السمة الأساسية التي أصبحت تميز مشهد أسعار الشحن العالمي تتمثل في التقلب وعدم الاستقرار، حيث شهدت أسعار الحاويات والبضائع السائبة وناقلات النفط تقلبات حادة خلال عامي 2024 و2025، بفعل التوترات الجيوسياسية وتحولات السياسات التجارية وعدم التوازن بين العرض والطلب. وقد تعرضت أسعار الشحن بالحاويات لضربة قوية، إذ اقتربت أسعار السوق والعقود من مستويات جائحة «كوفيد-19» في منتصف 2024، قبل أن تتراجع لكنها ظلت أعلى بكثير من مستويات ما قبل الجائحة.
كما ارتفعت أسعار شحن البضائع السائبة الجافة في 2024، بسبب الطلب القوي على الفحم والحبوب والأسمدة وإعادة توجيه السفن عبر البحر الأحمر وضعف نمو الأساطيل، لكنها تراجعت في 2025 مع دخول طاقات جديدة إلى الخدمة، في حين شهدت أسواق ناقلات النفط ارتفاعًا حادًا في يونيو 2025 نتيجة تصاعد المخاطر في مضيق هرمز.
وفي سياقٍ متصل، يؤكد التقرير أن طول مسارات الشحن يتسبب في ارتفاع الانبعاثات، حيث زادت انبعاثات غازات الدفيئة من الشحن بنسبة 5% في 2024، فيما لا يتجاوز نصيب الأسطول العالمي القادر على استخدام الوقود البديل 8%، كما أن معدلات إعادة تدوير السفن لا تزال منخفضة.
يحذر التقرير من أن إزالة الكربون عن قطاع الشحن البحري ستتطلب تكاليف كبيرة تشمل تجديد الأساطيل وتكييف الموانئ وتطوير بنية تحتية للوقود البديل، مما يستدعي توفير قواعد تنظيمية واضحة، وتعزيز الاستثمار والتعاون بين الحكومات والصناعة والقطاع المالي لدفع هذا التحول.
أكد التقرير في ختامه أن قطاع الشحن البحري اعتاد مواجهة أزمات متعددة لكنه لم يشهد في السابق كل هذه التحولات في وقتٍ واحد، ويقترح التقرير في ذلك الصدد عددًا من الإجراءات ذات الأولوية تشمل تعزيز استقرار السياسات التجارية لتقليل حالة عدم اليقين، وضمان تدفق سلاسل التوريد، والاستثمار في بنية تحتية خضراء ومستدامة ومرنة للموانئ والشحن، وتشجيع الرقمنة لرفع مستويات الكفاءة والشفافية مع ضمان الأمن السيبراني، وتعزيز إعادة التدوير المستدام للسفن، إضافة إلى حماية الاقتصادات الأكثر هشاشة من التأثيرات الأسوأ لارتفاع تكاليف الشحن.
اقرأ أيضاً«معلومات الوزراء» يستعرض تقرير الأونكتاد حول تقليل الفجوة بين الجنسين في التجارة العالمية
«معلومات الوزراء»: اتجاه متزايد للاعتماد على الطاقة الشمسية عالميًا
معلومات الوزراء يستعرض تقرير منظمة العمل الدولية حول أبرز مؤشرات العمل عالمياً