مجدّدًا، يطفو ما يصحّ وصفه بـ"السباق" بين الدبلوماسية والحرب على السطح، على خط تطورات الميدان المشتعل منذ الثامن من تشرين الأول الماضي، والذي يشهد منذ أيام تصاعدًا ملحوظًا سواء في وتيرة العمليات العسكرية، التي بلغت "ذروة جديدة" إن جاز التعبير خلال عطلة نهاية الأسبوع، أو على مستوى الحراك السياسي، مع استقبال بيروت لثلاثة موفدين دوليين في ثلاثة أيام فقط، تقاطعت زياراتهم على عنوان موحّد، وهو خفض التصعيد.


 
وبين العمليات العسكرية المتصاعدة والحراك السياسي أو الدبلوماسي "النَّشِط"، يُسجَّل أيضًا تصاعد في الأبعاد "النفسية" للحرب، إن صحّ التعبير، على وقع حبس الأنفاس المستمرّ بانتظار ردّ "حزب الله" على ضربة الضاحية الجنوبية واغتيال قائده العسكري فؤاد شكر، والذي يؤكد أنّه آتٍ حتمًا، بمعزل عن نتائج المفاوضات القائمة حول وقف إطلاق النار في غزة، والتلويح الإسرائيلي في المقابل بإمكان الذهاب إلى "ضربة استباقية" في حال طال الانتظار.
 
وعلى خطّ هذه الحرب النفسية أيضًا وأيضًا، يندرج فيديو "عماد 4" الذي كشف عنه "حزب الله" عبر إعلامه الحربي يوم الجمعة الماضي، تحت عنوان "جبالنا خزائننا"، وتضمّن عرضًا لمنشأة عسكرية تحتوي على عدد من الراجمات الصاروخية والتجهيزات العسكرية، في أنفاق تحت الأرض، فكيف تُقرَأ الرسائل الكامنة خلف هذا الفيديو، وهل تتكامل أو تتناقض مع جهود خفض التصعيد القائمة، وأيّ خلفيات لتصاعد وتيرة العمليات وسط كلّ ذلك؟!
 
قصف ومجازر.. ودبلوماسية
 
لعلّ التناقض الحقيقي والفعليّ، بحسب ما يقول العارفون، يتمثّل في المقارنة "النسبية" بين وتيرة العمليات التي شهدتها عطلة نهاية الأسبوع جنوبًا، خصوصًا على مستوى القصف والمجازر، وارتفاع عدد المناطق التي يستهدفها الطيران الحربي الإسرائيلي، ما يسفر عن سقوط شهداء وجرحى بينهم مدنيون وأطفال، وبين الجهود الدبلوماسية التي يبذلها المجتمع الدولي، ويحاول بموجبها الضغط على لبنان تحديدًا، من أجل الوصول إلى خفض التصعيد.
 
فعلى مدى ثلاثة أيام متتالية، حطّ ثلاثة موفدين في لبنان، أولهم كان المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين، الذي أصبح متخصّصًا بالشأن اللبناني، محمّلاً برسائل امتزجت بين التهدئة والتحذير، وهو ما أكمله وزيرا الخارجية الفرنسي والمصري في اليومين التاليين، لتتقاطع الزيارات الثلاث على هدف خفض التصعيد، استنادًا إلى أنّ المطلوب من اللبنانيين مواكبة جو المفاوضات القائم في المنطقة، لا التشويش عليه، خصوصًا أنّ "لا وقت لإضاعته"، وفق قول هوكشتاين.
 
وإذا كان الموفدون الثلاثة حملوا بين طيّات رسائلهم، وفق العارفين، رسالة مبطنة جوهرها محاولة الضغط على "حزب الله" لتجميد ردّه الموعود على إسرائيل، بانتظار نضوج صورة المفاوضات، فإنّ المفارقة وفق العارفين أنّ إسرائيل هي التي ترفع مستوى التصعيد والاستفزاز، وقد أقدمت في اليومين الماضيين على شنّ سلسلة من الغارات، فضلاً عن المجزرة التي ارتكبتها في وادي الكفور، وأدّت لاستشهاد 10 أشخاص، والتي تُعَدّ "الأعنف" منذ بدء الاشتباكات.
 
فيديو "حزب الله"
 
في مقابل هذا التناقض بين النشاط الدبلوماسي الدولي والأداء العسكري الإسرائيلي، يتوقف العارفون عند الفيديو الذي نشره "حزب الله"، تحت عنوان "جبالنا خزائننا"، والذي بدا صادمًا لكثيرين، ليس فقط لما حمله من معطيات حول "مدينة مجهّزة تحت الأرض"، ولا حول ما يمتلكه الحزب من ترسانة صاروخية، ولكن قبل ذلك، نسبة إلى حجمها، وسهولة تنقّل راجمات الصواريخ، فضلاً عن عناصر الحزب بدرّاجاتهم النارية داخل الأنفاق.
 
هنا، يقول العارفون إنّ هذا الفيديو يندرج في خانة الحرب النفسية القائمة مع العدو الإسرائيلي، فـ"حزب الله" أراد من خلاله التأكيد مرّة أخرى على القدرات التي يمتلكها، والإمكانيات التي راكمها، والتي قد لا تخطر على بال العدو، علمًا أنّ المدافعين عن وجهة نظر الحزب يؤكدون أنّ ما عرضه الحزب ليس سوى "غيض من فيض" ما أصبح لديك من ترسانة صاروخية، وهو ما يدره الإسرائيليّ جيّدًا، الذي يعرف أنّ الحزب لن يكشف له كلّ أوراقه بسهولة.
 
بهذا المعنى، فإنّ البعد الأهم لفيديو "حزب الله" يتمثّل في تكتيك "الردع" الذي يبدو أنه لا يزال متمسّكًا به، بما يتناغم مع جهود خفض التصعيد ولا يتناقض معها بالمُطلَق، ففيديو "جبالنا خزائننا" لا يتوخّى الذهاب إلى الحرب، بل على العكس من ذلك، قد يهدف إلى قطع الطريق أمام توسعتها، وهو يأتي بالدرجة الأولى لمنع "الضربة الاستباقية" التي يلوّح بها الإسرائيلي، وكأنّ الحزب يترجم "جهوزيته" التي يتحدّث عنها دومًا، بفيديو يثبت أنّه يقصد ما يقوله.
 
 باختصار، هو السباق بين الدبلوماسية والحرب، في مرحلة قد تكون الأشدّ تعقيدًا منذ فتح جبهة الإسناد اللبنانية في الثامن من تشرين الأول الماضية، فالدبلوماسية وصلت إلى الذروة، على وقع مفاوضات حول غزة توصَف بـ"البنّاءة" رغم كلّ الشكوك، والعسكرة أيضًا وصلت إلى الذروة، مع ترقّب ردّ "حزب الله" على ضربة الضاحية، وفي ضوء اشتداد "الجنون الإسرائيلي" الذي وصل لحدّ استهداف قرى ومناطق لطالما صُنّفت "آمنة"، فمن ينتصر أخيرًا؟ المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: خفض التصعید حزب الله

إقرأ أيضاً:

استشهاد فلسطيني برصاص الاحتلال الإسرائيلي جنوب الضفة الغربية

المناطق_متابعات

استشهد فلسطيني وأصيب آخران برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي مساء اليوم، في بلدة الظاهرية بمدينة الخليل جنوب الضفة الغربية.

وأفاد الهلال الأحمر الفلسطيني، بإصابة فلسطيني برصاص قوات الاحتلال، خلال اقتحامها منطقة جبل النصر بمدينة طولكرم، فيما أصيب آخر بجروح جراء تعرضه للضرب من قبل قوات الاحتلال في مخيم جنين.

أخبار قد تهمك أمين مجلس التعاون يرحب بقرار منظمة العمل الدولية برفع صفة تمثيل دولة فلسطين إلى صفة “دولة مراقب غير عضو” 7 يونيو 2025 - 6:09 مساءً استشهاد ثلاثة فلسطينيين في قصف الاحتلال الإسرائيلي وسط قطاع غزة 7 يونيو 2025 - 1:59 صباحًا

وفي قطاع غزة، ارتفع عدد الشهداء الفلسطينيين في القصف الإسرائيلي المستمر على القطاع منذ فجر اليوم إلى 72 شهيدًا وعشرات المصابين، بينهم أطفال ونساء، إضافة إلى عدد من المفقودين، تحت ركام منزل دمره الاحتلال في حي الصبرة بمدينة غزة.

مقالات مشابهة

  • استشهاد فلسطيني برصاص الاحتلال الإسرائيلي جنوب الضفة الغربية
  • هل عثر الجيش الإسرائيلي على جثة محمد السنوار؟
  • ضيوف برنامج خادم الحرمين يقضون أول أيام التشريق وسط منظومة متكاملة من الخدمات والتقنيات المتطورة التي يسّرت أداء المناسك
  • تصاعد الخلاف بين ترامب وإيلون ماسك يثير القلق داخل الحزب الجمهوري
  • مقتل 4 جنود من جيش الاحتلال الإسرائيلي جنوب قطاع غزة
  • إعلان حرب ليلة العيد.. كيف يقرَأ التصعيد الإسرائيليّ الأخطر؟!
  • جيش الاحتلال الإسرائيلي يكشف تفاصيل استهداف ضاحية بيروت الجنوبية
  • الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا بالإخلاء لسكان قرية عين قانا في جنوب لبنان
  • “القسام” : دك تحشدات للعدو الإسرائيلي جنوب خانيونس
  • إصابة شخص بغارة شنتها مسيّرة للعدو الإسرائيلي على سيارة جنوب لبنان