لو سألت أي مهندس عمّا يبقي المدن واقفة، فستسمع كلمة واحدة تتكرر، إنها الخرسانة، المادة الأكثر استخدامًا في البناء على الكوكب، لكنها تحمل "فاتورة كربون" ثقيلة؛ إذ ترتبط صناعة الخرسانة والأسمنت بانبعاثات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون.

بل ويقدّر نصيب الخرسانة من انبعاثات هذا الغاز الضارة، بنحو قرابة 8% من الانبعاثات العالمية، وفق ما ورد في تصريحات فريق بحثي بجامعة ووستر بوليتكنك الأميركية.

لجأ العلماء إلى إنزيم يعتمد على الزنك ويشتهر بقدرته على تسريع ترطيب ثاني أكسيد الكربون (جامعة ووستر بوليتكنك)مستوحى من الطبيعة

وأخيرا، قدّم هؤلاء الباحثون مادة إنشائية جديدة اسمها "المادة الإنشائية الإنزيمية"، لا تَعِد فقط بتقليل الانبعاثات، بل تمتص ثاني أكسيد الكربون أثناء التصنيع وتحبسه على هيئة معادن صلبة، وتتماسك خلال ساعات بدلا من أسابيع.

الجوهر الكيميائي للفكرة مستوحى من الطبيعة، فكثير من الكائنات تبني أصدافها بتحويل الكربون الذائب إلى كربونات الكالسيوم (حجر جيري).

استعار فريق جامعة ووستر بوليتكنك المبدأ نفسه، لكن بدلا من النشاط الحيوي يستخدم إنزيما يسرّع تفاعلًا معروفًا في الكيمياء الحيوية، وهو تحويل ثاني أكسيد الكربون المذاب في الماء إلى "بيكربونات" أو "كربونات"، اللبنات التي تُسهِّل تكوين كربونات الكالسيوم كبلّورات صلبة.

الإنزيم المذكور في هذه الحالة هو "أنهيدراز الكربونيك"، وهو إنزيم يعتمد على الزنك ويشتهر بقدرته على تسريع ترطيب ثاني أكسيد الكربون في الماء.

لا تزال الحاجة إلى مزيد من الاختبارات على هذه المادة (غيتي)إنزيم "سحري"

وتُظهر الاختبارات، التي أورد الباحثون نتائجها في دراستهم التي نشرت بدورية "ماتر"، على ملاطّات جيرية أن هذا الإنزيم يمكنه فعلا رفع سرعة تكوّن بلورات من كربونات الكالسيوم وتحسين القوة المبكرة لأن التفاعل يسير أسرع.

إعلان

بعد ذلك، يستخدم الفريق تقنية تسمى "المعلّقات الشعرية"، وتتمثل في نظام ثلاثي (سائل-سائل-صلب) تُضاف إليه نُقطة من مادة غير ممتزجة لتكوين جسور شعرية بين الحبيبات، فتتشابك تلقائيا في شبكة قوية تشبه الجل.

وبحسب الدراسة، فإن كل متر مكعب من المادة الإنشائية الإنزيمية يمكن أن يحجز أكثر من 6 كيلوغرامات من ثاني أكسيد الكربون، في حين أن مترا مكعبا من الخرسانة التقليدية قد يرتبط بانبعاث نحو 330 كيلوغراما من ثاني أكسيد الكربون.

ومن ناحية القوة الميكانيكية، فإن المادة الإنشائية الإنزيمية حققت قوة ضغط في نطاق 25-28 ميغاباسكال، أي قريبة من الحد الأدنى لبعض خرسانات الاستخدام الإنشائي، مع امكانية مقاومة الماء.

تحديات ليست سهلة

هذه الأرقام واعدة، لكنها لا تُغلق النقاش، فالفرق بين "نموذج واعد" و"مادة تدخل كود البناء" يمر باختبارات طويلة للعمر التشغيلي، والتشققات، والدورات الحرارية، والتآكل الكيميائي، وسلوك المادة تحت أحمال متكررة، وهي خطوات عادة ما تكون أطول بكثير، وتطلب المزيد من البحث العلمي.

كما أن التحدي ليس علميًا فقط، بل اقتصادي وتنظيمي أيضا، فما تكلفة الإنزيم؟ وما مدى استقراره في خطوط إنتاج كبيرة؟ وكيف سيندمج في أكواد البناء الحالية؟ يتطلب ذلك أيضا المزيد من البحث.

لكن في النهاية، فإن البحث العلمي في هذا النطاق يسرّع الخطى، لحل واحدة من أكبر مشكلات الكوكب كله، وهي نفث ثاني أكسيد الكربون، والذي يتسبب في الاحتباس الحراري، بما له من أثر ضارب في العالم.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات ثانی أکسید الکربون

إقرأ أيضاً:

المحكمة الدستورية ترفض طعنًا بعدم دستورية مادة التقاعد المدني

صراحة نيوز- قررت المحكمة الدستورية، الثلاثاء، عدم قبول الطعن المقدم بعدم دستورية الفقرة (ب) من المادة (32) من قانون التقاعد المدني رقم 34 لسنة 1959 وتعديلاته، لعدم اتصال الطعن بالدعوى اتصالًا موافقًا للدستور والقانون.

وأوضحت المحكمة أن محكمة الموضوع لم تبحث جدية الدفع بعدم الدستورية، ما استندت إليه المحكمة الدستورية في قرارها بعدم قبول الطعن وفقًا للفقه والقضاء الدستوري.

مقالات مشابهة

  • هندسة طنطا تنظم زيارة طلابية لأعمال تنفيذ الخط الرابع بمترو الأنفاق
  • ترامب يهدد فنزويلا: التحرك على الأرض سيبدأ قريبا جدا
  • ترامب: سنستهدف شحنات المخدرات الفنزويلية البرية قريبا
  • تكنولوجيا روسية صديقة للبيئة تعيد تدوير نفايات الرخويات لتنقية المياه
  • أوقاف الدقهلية تشارك في ندوة تثقيفية بعنوان «معًا نبني وطنًا أقوى» بمجمع الإعلام
  • الرئيس الإيراني بزشكيان يلتقي بوتين في تركمانستان قريباً
  • المحكمة الدستورية ترفض طعنًا بعدم دستورية مادة التقاعد المدني
  • خرافة الزئبق الأحمر بالمغرب.. العلم يفكك الأسطورة
  • بومرداس.. وفاة شخص في انحراف وانقلاب شاحنة لنقل الخرسانة