لبنان وانتهاء مرحلة الردّ وردّ الردّ
تاريخ النشر: 27th, August 2024 GMT
مع الفقرة الأخيرة في خطاب السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله مساء 25 آب/ أغسطس 2024، أكد نهاية مرحلة التصعيد الحاد الذي نجم عن اغتيال الشهيد السيد فؤاد شكر (الحاج محسن)، رئيس هيئة أركان المقاومة الإسلامية، الجناح العسكري لحزب الله. وقد ألمح إلى أن الكيان الصهيوني اكتفى بدوره بما أسماه الردّ الاستباقي، على الردّ الذي أطلقه حزب الله في عملية ضرب كل من موقعيّ غاليلوت وعين شيمرا.
وكان الوضع من 23 تموز/ يوليو 2024 إلى 25 آب/ أغسطس 2024 ينتظر تصعيدا، بعد الردّ الذي وعد به حزب الله على جريمة الاغتيال التي جاءت إلى جانب أهميتها الكبرى، باستشهاد السيد فؤاد شكر، خرقا لقواعد الاشتباك، من خلال ارتكابها في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت، فضلا عن استفزازها الذي يتطلب حتمية الردّ، وبالمستوى القريب لها مكانا وموقعا وأهمية.
بالفعل، بعد انتظار مروّع ومكلف، بالنسبة إلى الكيان الصهيوني كما بالنسبة إلى حالة القلق والتلهف لدى الرأي العام عموما، عربيا وإسلاميا وعالميا، وفي لبنان وغزة على الخصوص، نفذ حزب الله وعده بإطلاق 340 صاروخا ومئات المسيّرات فجر 25 آب/ أغسطس، ضاربا في غاليلوت، اعتبر كل من حزب الله أن عمليته المركبة المزدوجة، أدّت مهمتها المطلوبة في الردّ على الاغتيال، كما اعتبر العدو أن الرد الاستباقي للكيان الصهيوني كاف للردّ على الردّ، الأمر الذي سمح بالإعلان بأن مرحلة وعد الردّ على اغتيال الشهيد السيد فؤاد شكر، ومرحلة الردّ على الردّ، بأنهما كافيتان بتحقيق الأهداف المطلوبة في تلك المرحلة، التي توجب إغلاق الملفمركز الاستخبارات العسكرية "أمان"، وفي عين شيمرا، القاعدة العسكرية الجوية في ضاحية تل أبيب، ومحيطها على التتالي.
وكان الجيش الصهيوني قد أحسّ ببعض التغييرات قبيل إطلاق "عملية الأربعين"، فشنّ هجوما واسعا قبل نصف ساعة، سماه الردّ الاستباقي. وقد شمل إلى جانب القصف الصاروخي والمدفعي، تدخّل مائة طائرة حربية.
اللافت للنظر أن جبهتيّ القتال في ذلك اليوم، تجنبتا قتل المدنيين مثلا. وقد اعتبر كل من حزب الله أن عمليته المركبة المزدوجة، أدّت مهمتها المطلوبة في الردّ على الاغتيال، كما اعتبر العدو أن الرد الاستباقي للكيان الصهيوني كاف للردّ على الردّ، الأمر الذي سمح بالإعلان بأن مرحلة وعد الردّ على اغتيال الشهيد السيد فؤاد شكر، ومرحلة الردّ على الردّ، بأنهما كافيتان بتحقيق الأهداف المطلوبة في تلك المرحلة، التي توجب إغلاق الملف. ولكن السيد حسن نصر الله هدّد بأن أي تصعيد من جانب جيش الكيان الصهيوني، سيعيد فتح الملف، واعتبار وعد الردّ على الاغتيال، ما زال في مرحلته الأولى، ولم يستكمل بعد.
هنا سيحتاج الوضع إلى بضعة أيام قادمة، حتى يطمئن الذين هجروا بيوتهم في جنوب لبنان بأن وضع التصعيد والانتظار، والمواجهة في الردّ والردّ المضاد على الاغتيال الآثم الإجرامي، قد طُوي، وعاد وضع إسناد المقاومة في غزة إلى سابق عهده.
المعركة التي خاضها حزب الله بالردّ على اغتيال الشهيد فؤاد شكر؛ انتهت بهزيمة نتنياهو الذي أراد أن يذهب بالوضع إلى الحرب الإقليمية، بما يتضمن انتصارا جديدا لغزة ولمحور المقاومة كذلك
وقد عبّر أبو عبيدة عن تقدير المقاومة العالي لردّ حزب الله، واعتبره تأكيدا على استمرار اشتعال جبهات المقاومة، مما قد يؤدي إلى دخول الوضع في مرحلة جديدة، اسمها استمرار اشتعال كل جبهات المقاومة.
ومن ثم تقول المحصلة إن المعركة التي خاضها حزب الله بالردّ على اغتيال الشهيد فؤاد شكر؛ انتهت بهزيمة نتنياهو الذي أراد أن يذهب بالوضع إلى الحرب الإقليمية، بما يتضمن انتصارا جديدا لغزة ولمحور المقاومة كذلك، ومن ثم يجب أن يعيد حساباته كل من يتحدث عن صفقات تحت الطاولة.
هذا وإن الموقف الصحيح في تقدير الموقف، في قراءة هذه الجولة من المواجهة العسكرية، عبّر عنه أبو عبيدة باسم المقاومة في غزة، بتقديره العالي لـ"عملية الأربعين" والدخول من بعدها في مرحلة "اشتعال الجبهات".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه التصعيد حزب الله لبنان غزة لبنان غزة حزب الله الاحتلال تصعيد مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة تكنولوجيا سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة على اغتیال الشهید السید فؤاد شکر على الاغتیال المطلوبة فی على الرد حزب الله
إقرأ أيضاً:
بين خيارين
أن يضعك العدو بين خيارين لا ثالث لهما سلوك إجرامي دأب عليه المجرمون والطغاة عبر التاريخ مهما اختلفت عناوينهم ومسمياتهم وأزمنتهم وأمكنتهم، فالعدو لا يترك أي متنفس لخيار وسط فيه مساحة للسلام والأمن والإستقرار، ولا حتى المتبادل، ولا يقابل أي جهود ومساع ونوايا حسنة بخيار بين الخيارين، فخياراته دائما بين السلة والذلة، والكرماء الشرفاء الأخيار لا يقبلون الذلة ولا يساومون أبدا، وأشباه الرجال يقبلون فورا بالذلة والعبودية والخنوع والإستلام.
يردد التاريخ ومعه الزمن هتاف الأسلاف الأباة الأحرار: «هيهات منا الذلة» بكل شموخ واعتزاز، وتعزفه أيقونة الحرية والسيادة والإستقلال نشيدا لا يقبل التنازلات والإنبطاح، ويترجمه خلفهم بقبضاتهم وصيحاتهم ودمائهم وتضحياتهم وانتصاراتهم التي تعلو ولا يعلى عليها شيء أبدا، وفي مقدمتهم أمة «حزب الله» الأسياد، فخر الزمان، وعز الحاضر، وتاج الحرية.
من المعلوم أن الإتكاء على الدولة اللبنانية والتلطي خلفها لحماية الوطن والشعب لا يجدي نفعا، فما بالك بحكومة جاءت من الخارج في مهمة مفضوحة لتجريد لبنان من كرامته وحريته وسيادته واستقلاله، وسلبه مجده وعزه ونصره وتضحياته.
حزب الله والمقاومة الإسلامية اللبنانية الذين قدموا عشرات آلاف الشهداء والجرحى وجمهورها الكريم العابر للطوائف والمذاهب والأحزاب والجماعات والعابر للبنان والمنطقة برمتها لن يسمحوا أبدا بتمرير قرار نزع السلاح المقاوم، وتسليم لبنان وأرضه وشعبه للعدو الإسرائيلي وأدواته، لأن ذلك يعني تسليم ما بقي من كرامة للعرب والمسلمين والمجاهدين والمقاومين والأحرار.
لذا يجب عدم التهادن في مواجهة هذه القرارات العدوانية حتى لا تتطور الأمور لتحركات مباغتة ومفاجئة بالإنتشار الأمني المعادي في مناطق المقاومة، والتطور أكثر لمداهمتها على حين غرة، فقرار الزج بالجيش اللبناني والقوى الأمنية في مواجهة المقاومة وجمهورها جدي وعاجل، والدفع للسير بلبنان في ركاب التطبيع أكثر عجلة وجدية.
صحيح أن الجيش اللبناني ضعيف لا يستطيع الوقوف أمام الإحتلال الإسرايلي، ولا حماية بلده وشعبه، لكن إذا ما حُرِّك الجيش والأمن في مواجهة الداخل اللبناني وضرب بعض طوائفه ومكوناته فسيتنمر ويتوحش، ويحظى بكل الدعم والإسناد، وسيغدوا بطلا شجاعا مقداما مغوارا، وستعزف له أناشيد التمجيد والتبجيل من الرياض حتى واشنطن، ويصفق له ويطبل، ويهلل ويكبر، ويدعى له في كل المنابر بما فيها الحرمين الشريفين، وسينعت حينها بكل صفات الجهاد والمقاومة والتحرير والوطنية والعروبة، فينبغي التنبه من الإطمئنان لهذا المبرر والواقع المعهود، فالمعادلات والوقائع تتغير سريعا، وتحمل مفاجآت كبيرة.
كذلك إذا لم يحرك الشارع ويسبق إليه فستموت الديمقراطية والحرية، وتحظر التظاهرات، وتمنع التجمعات السلمية وتجرم، وتقام الحواجز في كل مكان، أو في أحسن الأحوال سيسبق أدوات الخارج لتحريكه في الإتجاه المعاكس لإبراز موقف شعبي داعم للقرار وضاغط في تنفيذه، ولإظهاره كمطلب وطني شعبي يقف الشعب خلفه ويصطف حوله، وليس مطلبا خارجيا، ولا إملاءات مفروضة من أحد.
بكل تأكيد هناك جمهور كبير للمقاومة في كل المكونات والطوائف يرفض هذا القرار جملة وتفصيلا، ويأبى التفريط بالسيادة والكرامة، والإنبطاح والتبعية، والتعبير الشعبي بالرفض المطلق للقرار وصانعيه سيهز أركان الداخل والخارج المتواطئ والعميل، ويسقط القرار وكل المتساوقين معه داخليا وخارجيا.
لا نحبذ ترك الحبل على الغارب بما يوحي ويفيد أن هناك شبه فوضى وتفلت في البنية التنظيمية، بل يجب الحفاظ على هذا الجمهور القوي المقاوم حتى لا يشعر بالإستضعاف والخذلان والهوان، ويصاب باليأس والإحباط.
صحيح أن آمال وأطماع العدو كبيرة وأهدافه خطيرة، فهو إن لم ينجح في تنفيذ هذه القرارات سريعا ومباشرة، يسعى لتحقيق أهدافها ومفعولاتها في إشعال فتيل الحرب والفتنة الداخلية والأهلية في لبنان، وضرب الدولة والجيش والطوائف والمكونات ببعضها البعض بما يفضي لتحقيق هذه الغايات والأهداف القذرة مستقبلا.
وصحيح -أيضا- أن الوضع السياسي اللبناني مختلف عن غيره من البلدان العربية، فهو معقد ومتشابك ومحكوم بالتوافق، لكن ينبغي عدم التعويل على شيء من ذلك أبدا، فالتوجه قائم على قدم وساق لتجاوز كل التوافقات والميثاقيات والإتفاقيات والمرجعيات، وسيتم القفز على اتفاق الطائف، والدستور، والتوافق، والشراكة ما لم يكن هناك قوة رادعة توقف هذا التهور السريع.
والأكثر صحة -وهو ما ينبغي تيقنه والتعامل معه بجدية- أن وراء قرار نزع السلاح جهد وإرادة وعمل منظم ومخطط، وأنه مطروح للتنفيذ، وأنه ليس كلاما في الهواء ولا حبرا على ورق، وأن قرار دفع الجيش وقوى الأمن وجماعات أخرى لنزع سلاح المقاومة والإشتباك معها جدي وحاسم، لذا ينبغي التنبه الجاد والعمل الدؤوب والتحرك العاجل لتفادي ما لا يمكن تفاديه فيما بعد بأكبر الخسائر