لجريدة عمان:
2025-10-15@09:07:58 GMT

محمد الزبير.. «استعارة الصدق» في الصورة

تاريخ النشر: 28th, August 2024 GMT

لم نصف مصورا بأنّه مصلح أو شاعر، حتى لو كانت صوره تعكس القيم، الحيويّة السائدة في أيامه، المشاعر تجاه القضايا، الأمنيات والرغبة في التغيير. الصور الفوتوغرافية التي أنتجها، وتمّ وصفها -ربّما- بأنّها فنيّة، هي بشكل واضح، غير معلن «وثائقية». ومهما تمادت في حساسيتها، فهناك دليل على الموقف الثقافي فيها من ظاهرة أو أمر ما.

كلّ فنّان يتعامل مع العقل. وفي التصوير يحضر الفيزياء أكثر.

نتوقف عند حسّ الندم والخسارة والتضاؤل لمشاهد الطبيعة في صور هذا الشخص، التي نقلتنا من الحزام الأخضر إلى حزام الصدأ، بينما يحاول هو صياغة طرق جديدة للتصوير الحديث، تدعمه رؤى حديثة لا تضع الانتصار الحديث كلّه للآلة، ولا ترغب في تطهير حديقة قديمة ما من آلة. طرق جديدة بعيدة عن نزعة تصوير التراث الشكلي، الذي يُعاد في كلّ مرّة بشكل احتفالي، ضحل، معززا بالصورة المكررة، المملة. هذا المصّور بالذات التفتَ إلى أن العالم الطبيعي ليس موجودا في عزلة جنة رائعة، أو بعيدًا عن الثقافة الإنسانية والتدخل البشري الجديد. هذا المصوّر قدمّ صوره بطريقة جعلتنا نهتمّ بها، وصار يمكن وصفه بالمصوّر الصادق، القاصد، خلافا للجدل حول كذب الصورة والمصوّر وقصديتهما غير المعلنة، وتعقد ما يحدث في المسافة بين عين المصوّر وعين الناظر في صوره. مصورون قلائل من هذا النوع تظنّ أنّهم قادرون على تحويل الصورة لحضور مادّي، له وزن وكثافة وكتلة، وتوسيع نطاق ما يجعل هذه الصورة مرئيةً للنّاس.

التقيت بمحمد الزبير أوّل مرّة في ديسمبر ٢٠٢٣ في بيت الزبير بمسقط القديمة. نظر إلى كاميرتي وابتسم، قال: لايكا؟! ولم يكن يسأل. سألته: وأنت ماذا تفعل؟ رفع هاتفه الجوّال، قال: أعتمد على هذا! تخفّفت من الكاميرا. قلت له: هيهات، لن يعطيك جودة صورك لجبال عُمان وتدرّج ألوانها بتدّرج طبقاتها في المسافات! فعل ذلك المصور عبدالله الخان عندما صار يصور بهاتفه أوّل مرّة، قال لي: لا أحتاج للكاميرا الآن! سافر مصر وعاد ينظر بأسف شديد في صوره المطبوعة، يهيمن اللون الأخضر عليها. قلت لمحمد الزبير: مثلك لا يتخلّى عن جودة كاميراته الكبيرة، ولا الثقة فيها، فقال: قلّل النّاس -في البداية- من جودة التصوير الرقمي قبالة التصوير الفيلمي، ثمّ أدركوا أهميته واعتمدوه، وهذا ما سيحدث مع الهاتف والكاميرا في يوم ما.. (يضحك). حكيت له أنّّي حضرت ندوة في معرض فوتوكينا في كولن بألمانيا جمعت مصورين شابين، ينتصران للتصوير الفيلمي، وأن الفنّ لا يكون خارجه، ومصورين متقدمين في العمر تركا التصوير الفيلمي نهائيا، وصارا رقميين! في الحالتين يشيدان بالكاميرا لا بالهاتف.

التقينا مرّة ثانية على طاولة مستديرة في حديقة بيته ليلا، جمعت معالي يحي الجابري، ومحمد الفرعي السكرتير التنفيذي لمؤسسة بيت الزبير، والأصدقاء: بشرى خلفان، ومنى حبراس، ومحمد الشحري والدكتور محمد الشحات، وصار الحديث عن كذب المصوّر، ثمّ استدركتُ «أقصد الصورة» وأنا أنظر إليه، لكنّه عالج الموقف بالضحك وتحدّث عن تجربته في الرقابة المجتمعيّة على الصورة والمصورين، وكيف كان يستقبل ذلك ويجعل الموقف في صالح الصورة. وكأنّ الحوار ضمن فعالية (أيام بيت الزبير للسرد، الرواية والسلطة) التي جئنا من أجلها، إلّا أن الرقابة في التصوير تختلف عنها في الكتابة، في اتساع مساحة المراقبين. فبينما تنحصر الثانية في مجتمع القرّاء والسلطة الرسميّة، تتّسع في الأولى لجميع القادرين على المشاهدة. الرقابة في التصوير سابقة على نيّة الشخص لشراء الكاميرا فضلا عن التفكير في التقاط الصور ونشرها، حيث وطأة تلك الرقابة، التي صارت مزيجاً بين النواهي الدينية والتقبّل الاجتماعي، ومعاداة الصورة. كتب ريجيس دبري في كتابه (حياة الصورة وموتها، ١٩٩٢): «كلّ الديانات التوحيديّة بطبيعتها معادية للصورة ومحاربة لها في بعض الأحيان. فهي فائض زينة وإيحائية في أحسن حالاتها وخارج الجوهري دائما»، فينتهي بنا الحال فيها أنّ البصري عنصر خطيئة.

أنظر إلى حالة المرأة مثلا في صور المصورين الخليجيين في الثلاثينيات حتى نهاية السبعينيات، -وهي الفترة التي انشغل الغرب فيها خصوصا أمريكا بهمّ الصورة وتنشيط الاقتصاد- أنظر إلى الزاوية التي فيها المرأة، الشكل الذي تبدو فيه، الحالة والتموضع، وأقول: ما ضرّ لو اقترب أكثر؟! لو مال من هذي الجهة؟! حكيت لهم عن معرض عبدالله الخان الذي نسقت له مع مؤسسة سلطان العويس في دبي عن الإمارات في أرشيف الخان، وكيف تمنيت لو أنّ الخان تحرّك في جهات مختلفة عند تصوير النساء في مجتمع صيادي السمك في الفجيرة بدلا من هذه الجهة الخجولة البعيدة عن وجوه النساء! لو.. لو... ليست قضية رغبة مصور في إطار ما، لكنّها حالة المؤَطّر، ولعلّ هذا ما يحدث عندما يكتب مصور عن مصوّر ويستعرض صوره التي مرّت عليها سنوات طويلة، مثل مغالبة للزمن وتمكين الأمنية!

سألت محمد الزبير عن ذلك، قال: «أصوّر بحرية تامّة إلا عندما تكون هناك امرأة في المشهد، تحضر الرقابة بقوّة، أتردد، أمتنع عن التصوير أو أمنح الكاميرا لامرأة معي، تلتقط الصورة بتوجيهاتي. وقد تكون المرأة في صوري - هي في الأساس- برفقتي؛ فأرتاح من تلك الرقابة» (يضحك). المصور عبدالله محمد الخان، روى لي مرارا: «رأيت نساءً في قرى البحرين يعملن في البحر، يخرجن بالسمك الوفير، لكنّي لم أقوَ مرّة على رفع كاميرتي! طالما تخيّلت أنّي سأكون ضحية تلك الصور». وعلى الرغم من انتشار التصوير اليوم وكثرة نشر الصور عبر مواقع التواصل وغيرها، إلّا أنّ الرقابة واضحة -خصوصا- في إخفاء الوجه، والعورة.

عُدنا للحديث عن كذب الصورة، لكن هذه المرّة عن عدد من المصورين الأجانب الذين زاروا المغرب العربي، مفتونين بالشرق المؤنث، أو منطلقين من أنثروبولوجيا استعماريّة، خدعوا نساء، صوروا أجسادهن شبه العارية، بحجة تصوير وشم صغير في الركبة أو حجج أخرى، أعدوا أماكن للتصوير ما يشبه الأستوديوهات، صوروهن، ثمّ نشروا صورهن على بطاقات بريدية على أنّها الحالة الحقيقيّة لنساء الشرق. كان الكذب في هذه الصور كثيرا.

ليلتها قال محمد الزبير، بعد أن تحدّث مطولا عن سيرته مع الوثائق العُمانية: «ليتنا سجّلنا هذا الحوار».

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: محمد الزبیر

إقرأ أيضاً:

فيلم «فيها إيه يعني» يضع ماجد الكدواني في صدارة إيرادات الأفلام

يواصل فيلم فيها ايه يعني، بطولة الفنا ماجد الكدواني، والفنانة غادة عادل، تصدر إيرادات مرتفعة شباك تذاكر دور العرض السينمائية، حتى وقتنا الحالي، بينما احتل فيلم هيبتا 2، المركز الثاني.

إيرادات فيلم فيها إيه يعني

سجل فيلم فيها إيه يعني، من بطولة الفنان ماجد الكدواني، في شباك التذاكر يوم الجمعة أكثر من 5 ملايين و 911 ألف جنيه، ليصل الإجمالي لأكثر من 30 مليون جنيها في 10 أيام من زمن طرحه.

وحقق فيلم فيها ايه يعني، بطولة الفنان ماجد الكدواني، وفقا لما رصده موقع تحيا مصر، أمس السبت إيرادات بلغت حوالي 3.327.290 جنيهًا، بعدد حضور، ليحافظ بذلك على اهتمام جماهيري واسع منذ انطلاق عرضه.

تفاصيل فيلم «فيها إيه يعني»

وتدور أحداث الفيلم في إطار كوميدي رومانسي، حيث يناقش فكرة إن الحب يمكن أن يدق الأبواب في أي وقت، وأنه لا يوجد سن معين للحب، من خلال قصة رجل وهو محاسب متقاعد يعيش قصة حب قديمة مع سيدة ربة منزل، ولكن تتغير حياتهما عندما يتقابلان مرة أخرى بعد مرور سنوات، وتتوالى الأحداث.

أبطال فيلم «فيها ايه يعنى»

فيلم «فيها إيه يعني» من بطولة ماجد الكدواني، غادة عادل، أسماء جلال، مصطفى غريب، وميمي جمال، ريتال عبد العزيز، وإنتاج ماجيك بينز للمنتج أحمد الجنايني، وسينرجي بلس تامر مرسي، ورشيدي فيلمز، وروزناما، وهو من تأليف مصطفي عباس ومحمد أشرف ووليد المغازي، إخراج عمر رشدي حامد.

اقرأ أيضاًكوميديا رومانسية.. موعد العرض الخاص لـ «فيها إيه يعني» بطولة ماجد الكدواني

بطولة ماجد الكدواني وغادة عادل.. طرح البرومو الرسمي لفيلم «فيها إيه يعني»

«فيها إيه يعني» يضع ماجد الكدواني في صدارة إيرادات الأفلام بهذا الرقم

مقالات مشابهة

  • رسالة من رئيس فيفا إلى رونالدو بعد تحقيقه رقماً قياسياً.. هذا ما جاء فيها
  • هذا ما تعهد به إنفانتينو رئيس الفيفا لغزة وكرة القدم فيها
  • ضبط محطة وقود جمعت أكثر من 85 طن سولار وبنزين في حملة لتموين أسيوط
  • هل الصدق أحد أسباب دخول الجنة؟
  • الفيصل الزبير ينهي موسمه الحالي بالمركز الثاني في الترتيب العام لسباق التحمل ببرشلونة
  • إيرادات فيلم "فيها إيه يعني" آخر ليلة عرض
  • فيلم «فيها إيه يعني» يتربع على عرش إيرادات السينما
  • الفيصل الزبير ينهي موسمه الحالي بالمركز الثاني في بطولة التحدي العالمي
  • فيلم «فيها إيه يعني» يضع ماجد الكدواني في صدارة إيرادات الأفلام
  • عالم روسي يحدد عدد المرات التي تسقط فيها النيازك على الأرض