من سيعمل على خلق ثقافة حوار أوروبية جديدة
تاريخ النشر: 1st, September 2024 GMT
رغم أن أوروبا في حاجة ماسة إلى نظرة استراتيجية جديدة، فإنها تظل مهووسة بسياسة الإجماع، وبالتالي فهي عالقة في مذهب متشدد مُـحـبِـط تروج له الدوائر الرسمية والرأي النخبوي في برلين وباريس.. وهذا يعني أن مستقبلها قد يعتمد على قيام بريطانيا وإيطاليا وبولندا بإنشاء مركز ثقل سياسي جديد.
من الواضح أن حال أوروبا باتت معطوبة على نحو أو آخر.
كانت العلاقة بين فرنسا وألمانيا المحور المركزي للتاريخ الأوروبي لمدة مائتي عام. وبعد الانقطاع الذي أحدثته الحرب العالمية الثانية ــ والذي ترك النخب القديمة في البلدين في حالة من الإذلال التام ــ أصبح الثنائي الفرنسي الألماني الأساس الذي قام عليه المشروع الأوروبي. ولكن الآن أصبح كل من البلدين مشلولا، وصارت الديمقراطية ــ التي شكلت ضرورة أساسية لإعادة صياغة أوروبا بعد الحرب ــ متخبطة. لقد اختار الناخبون الفرنسيون للتو برلمانا معلقا يضم اليمين المتطرف واليسار الثوري ووسطا معزولا عديم التأثير، في حين تظل حكومة الائتلاف غير الشعبية في ألمانيا عالقة في نزاعات مالية لا تنتهي. الأسوأ من كل هذا أن الانتخابات الإقليمية المقرر انعقادها هناك الشهر المقبل من المرجح أن تسفر عن نتيجة على الطريقة الفرنسية. وكما يبدو، لم يَـعُـد الأوروبيون يعلقون آمالا كبرى على محركات التكامل الأوروبي القديمة. ما يزيد الطين بلة أن قادتهم الحاليين يشبهون رسوما كاريكاتورية لتقاليدهم المختلفة. فنجد أن ماكرون (الذي شَـبّـه نفسه ذات يوم بكوكب المشتري) نابليوني النزعة في حبه للمقامرات الضخمة.
لنتذكر هنا دبلوماسيته بعد غزو روسيا لأوكرانيا في عام 2022، والتي سرعان ما انهارت في محاولة عبثية لاسترضاء فلاديمير بوتين. ثم جاء اقتراحه بأن قوات حلف شمال الأطلسي ربما يجب أن تُـنـشَـر في أوكرانيا، ثم أعقب ذلك قراره غير الحكيم بالدعوة إلى انتخابات برلمانية مبكرة هذا الصيف. من ناحية أخرى، كان المستشار الألماني أولاف شولتز على اتصال روحي بإيمانويل كانط الباطني داخله، ويصر على إمكانية تحقيق السلام الدائم. كان شعار حملته الانتخابية الأوروبية السيئة التقدير هو «تأمين السلام». عندما ألقى خطابا بمناسبة الذكرى السنوية الثلاثمائة لميلاد كانط، توقع جمهوره بفارغ الصبر أن يذكر صواريخ توروس التي كانت أوكرانيا تتوسل للحصول عليها. وحسبما كان متوقعا، لم يفعل. وعلى هذا فإن الهوسين الألمانيين ــ السلام والميزانيات المنضبطة ــ أنتجا مزيجا خطيرا يهدد بقطع الدعم الألماني لأوكرانيا في لحظة حرجة، على نحو يُـعَـرِّض السلام والاستقرار المالي في مختلف أنحاء أوروبا للخطر.
لا عجب أن الجميع يريدون تغييرا في القيادة. في الماضي، كانت أوروبا تتألف من أربع ركائز أساسية: فرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، والمملكة المتحدة، وكانت اقتصاداتها ذات يوم متماثلة في الحجم وأعداد سكانها متشابهة. ولكن بعد توحيد ألمانيا في عام 1990، تغيرت النسب، في حين فقدت إيطاليا مصداقيتها بسبب عدم الاستقرار السياسي الدائم، وبريطانيا بسبب الحرب الأهلية التي خاضها حزب المحافظين والتي أدت إلى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
ولكن من الغريب أن بريطانيا وإيطاليا تبدوان الآن في وضع أفضل من فريق برلين وباريس القديم. فإيطاليا لديها حكومة رصينة، ومسؤولة ماليا، وذكية جيوسياسيا، ومؤيدة لأوروبا تحت قيادة رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني. ورغم أنها نشأت من الحركة الاجتماعية الإيطالية الفاشية الجديدة، إلا أنها تخلت عن معظم أيديولوجيتها. على نحو مماثل، تحظى بريطانيا الآن بحكومة عمالية رصينة، ومسؤولة ماليا، وذكية جيوسياسيا، بقيادة رئيس الوزراء كير ستارمر، الذي حل محل جيريمي كوربين ثم طرده هو والدافع المعادي لأوروبا والمعادي للسامية الذي يمثله. ويستفيد كلا البلدين من حقيقة مفادها أن الحكومات السابقة ارتكبت أخطاء فادحة.
هذه أيضا لحظة ملائمة للدول الأصغر حجما. الواقع أن الدنمرك والسويد وبولندا ــ ومن خارج الاتحاد الأوروبي النرويج وسويسرا ــ تُـظهِـر نفسها كدول ديناميكية اقتصاديا ومُـبـدِعة سياسيا واستراتيجيا. وتقدم بولندا، وهي الأكبر والأسرع نموا بين هذه الدول، نموذجا فريدا لأوروبا المستقبل. نظرا لموقعها الجغرافي، بذلت بولندا قصارى جهدها لزيادة الإنفاق الدفاعي؛ وعلى النقيض من القوى الأوروبية الأكبر، فإنها لا تمتلك صناعة دفاعية محلية راسخة تعمل جماعات الضغط التابعة لها باستمرار على عرقلة الجهود الرامية إلى إضفاء الطابع الأوروبي على قدرات القارة العسكرية. بوسع أوكرانيا وسويسرا والنرويج أن تعلم جيرانها الأوروبيين الكثير عن كيفية التكيف مع عالم اليوم المتغير. ويُـنـسَـب لماكرون من الفضل أنه حاول إنشاء اتحاد سياسي أوروبي أوسع، ونجح في جمع زعماء 43 دولة هذا الصيف في قمة في قصر بلينهايم (مسقط رأس ونستون تشرشل). بالنظر إلى المستقبل، يمكننا أن نتخيل إعادة توجيه الشؤون الأوروبية حول ثالوث جديد يضم بريطانيا وإيطاليا وبولندا. مثلها كمثل فرنسا وألمانيا، تشترك هذه البلدان أيضا في كثير من تاريخها. لكنها تشترك أيضا في تقدير الحقائق العالمية الحالية، فضلا عن ثقافة الحوار. فالنشيد الوطني البولندي هو أغنية مسيرة جنرال بولندي في الجيش النابليوني. وكانت لندن مقر الحكومة البولندية في المنفى بعد عام 1940، واضطلع الطيارون والجنود البولنديون بدور حاسم في المواجهات الرئيسية التي دارت في الحرب العالمية الثانية، وأبرزها معركة بريطانيا ومعركة مونتي كاسينو. كما تعيش بريطانيا وإيطاليا وبولندا بثبات في الحاضر: فهي لا تتجادل إلى الأبد حول نقل السلطات إلى المؤسسات الأوروبية أو التكامل النقدي. وهي تحترم تقاليد الحوار.
في إنجلترا في القرن التاسع عشر، سَـخَـر الكاتبان المسرحيان جيلبرت وسوليفان من تصور مفاده أن «كل صبي وكل فتاة/ يولد أو تولد في العالم على قيد الحياة/ إما أن يكون أو تكون ليبرالي أو ليبرالية قليلا/ أو محافظ أو محافِـظة قليلا!». وتغلبت إيطاليا على المعارك بين رجال الدين والمناهضين لرجال الدين. وتمكنت بولندا من النجاة من الانقسام الذي حدث بين الحربين العالميتين بين شخصيتين عسكريتين تحملان رؤى بديلة، المارشال جوزيف بيلسودسكي والجنرال فلاديسلاف سيكورسكي ــ وهي المنافسة التي دامت طويلا والتي ترددت أصداؤها في التوترات الحالية بين الزعيم اليميني المتطرف ياروسواف كاتشينسكي ورئيس الوزراء دونالد توسك.
تتلخص سمة الديمقراطية الناجحة الأساسية في المفهوم الأثيني القديم للصراحة وحرية التعبير: من حق وواجب كل المواطنين التعبير عن أنفسهم بحرية في التجمعات العامة. ويُـقَـدَّم ذات المفهوم في بعض الأحيان على أنه المسؤولية عن قول الحقيقة للسلطة. بعد مرور مئات السنين، أنتج هذا المفهوم ازدهار عصر النهضة، مع مُـعـتَـقَده بأن الأفكار والحجج يجب أن تكون قابلة للاختبار وكذلك قابلة للجدال. وباعتباره المبدأ الوحيد الذي يتعين على الأنظمة الاستبدادية قمعه قطعا، فإن مفهوم الصراحة وحرية التعبير هو المفتاح لإنقاذ الديمقراطية ــ والإنسانية معها.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: بریطانیا وإیطالیا
إقرأ أيضاً:
لهجة أوروبية حادة ضد الاحتلال.. هل يذهب قادة الاتحاد أبعد من ذلك؟
شددت صحيفة "واشنطن بوست" على أن التوبيخ النادر من ألمانيا لدولة الاحتلال الإسرائيلي هذا الأسبوع أبرز استعداد أوروبا المتزايد للضغط على حكومة بنيامين نتنياهو بسبب حصارها وقصفها لقطاع غزة، الأمر الذي يختبر مدى تسامح بعض أقوى حلفاء "إسرائيل".
وأشارت الصحيفة في تقرير لها ترجمته "عربي21"، إلى أنه بعد غارة إسرائيلية قاتلة على مدرسة في غزة حُوّلت إلى ملجأ هذا الأسبوع، قال المستشار الألماني فريدريش ميرز إن إلحاق الضرر بالمدنيين "لم يعد يمكن تبريره بمحاربة إرهاب حماس" - في انحراف حاد عن دفاع ألمانيا الشامل عن إسرائيل خلال الحرب.
وحذر ميرز دولة الاحتلال الإسرائيلي من القيام "بأي شيء لم يعد أصدقاؤها على استعداد لقبوله في مرحلة ما".
أدلى ميرز بتعليقاته في الوقت الذي بدأ فيه الاتحاد الأوروبي مراجعة علاقاته التجارية مع إسرائيل بعد أكثر من عام ونصف من الحرب. وقادت هولندا، الحليف القوي لإسرائيل، الجهود الرامية إلى قيام الاتحاد المكون من 27 دولة بمراجعة العلاقات التجارية.
والثلاثاء، وصفت أورسولا فون دير لاين، رئيسة الهيئة التنفيذية للاتحاد الأوروبي، وهي أيضا مدافعة شرسة عن إسرائيل، توسع الهجوم العسكري الإسرائيلي على غزة بأنه "مُشين".
تدعو بعض دول الاتحاد الأوروبي إلى تعليق كامل للعلاقات التجارية، بينما تحاول دول أخرى النأي بنفسها عن الصور المروعة القادمة من غزة. إلا أن تحركهم الجماعي لم يتجاوز بعد مجرد التلويح بالإصبع، ويقول المسؤولون إن إصدار إجراءات عقابية سيكون أكثر صعوبة وقد يكشف عن انقسامات الاتحاد.
في حين تزايد الإحباط من الحرب على جانبي الأطلسي، إلا أن التصريحات الأوروبية الأخيرة تناقضت مع دفاع إدارة ترامب الصريح المستمر عن إسرائيل - وهو جزء من خلاف أوسع مع واشنطن، بشأن الأمن والتجارة، دفع كلا من الاتحاد الأوروبي وبريطانيا إلى توحيد الصفوف ورسم مسارهما الخاص في بعض الأحيان.
صرح مسؤول أوروبي بأنهم يُطلعون نظراءهم الأمريكيين بانتظام على القرارات المتعلقة بإسرائيل، وأن الجانبين لم يتفقا على النهج المُتبع.
وصف متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إدانة الحلفاء الغربيين بأنها "استعراضية"، ووصف القرار البريطاني الأسبوع الماضي بتعليق محادثات اتفاقية تجارية جديدة مع إسرائيل بأنه "مخيب للآمال للغاية". وتحدث هذا الشخص للصحيفة شريطة عدم الكشف عن هويته لمناقشة الخلافات بين الحلفاء.
وتعليقا على الجهود التي تقودها فرنسا للاعتراف بدولة فلسطينية، قال رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأسبوع الماضي، إن "فرنسا وبريطانيا وكندا ودولا أخرى" تهدف إلى "مكافأة هؤلاء القتلة بالجائزة الكبرى"، حسب تعبيره.
وفشل اقتراح أوروبي لمراجعة العلاقات التجارية في وقت سابق من الحرب، لكن هذا الجهد الأخير يحظى بدعم أغلبية الدول الأعضاء. وقال وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس، الذي كانت بلاده من أشد منتقدي حرب إسرائيل في غزة وشاركت في قيادة اقتراح العام الماضي، إن ما تغير بالنسبة لبعض نظرائه الأوروبيين هو "مستوى العنف" والرأي القائل بأن إسرائيل تشن "حربا من أجل الحرب".
وأضاف لصحيفة "واشنطن بوست": "كان على بعض الدول أن ترى... أمورا تتنافى حتى مع أبسط معاني الإنسانية: منع الطعام عن المدنيين، ورؤية هذه الصور المروعة للأطفال. والعنصر الثاني هو أننا نرى أن الحكومة الإسرائيلية ليس لديها إرادة لاستخدام الدبلوماسية".
ونقل التقرير عن ناتالي توتشي، مديرة معهد الشؤون الدولية في روما ومستشارة السياسة الخارجية السابقة للاتحاد الأوروبي، قولها إن الهجوم العسكري الإسرائيلي، وارتفاع عدد القتلى، والجوع الجماعي، أصبحت "مبالغا فيها" لدرجة لا يمكن للقادة الأوروبيين الارتباط بها أو تجاهلها.
وأضافت: "ثم هناك بالطبع خطة صريحة لإعادة احتلال قطاع غزة، والطرد الجماعي [لسكانه] هناك تأثير تراكمي".
ولفتت الصحيفة إلى أن دعوات المسؤولين الإسرائيليين لإجبار سكان غزة على الخروج، وخطة حكومة نتنياهو "للسيطرة" إلى أجل غير مسمى على جزء كبير من الجيب الفلسطيني، جعلت تأييد أوروبا المستمر للحرب غير مقبول - وحلفاء إسرائيل يشعرون بالاشمئزاز. قالت توتشي: "إن ازدياد الصراحة يجعلهم لا يختبئون وراء أي شيء".
وقال دبلوماسي من الاتحاد الأوروبي، تحدث مع الصحيفة شريطة عدم الكشف عن هويته لمناقشة المداولات الداخلية، إن "السخط ازداد" مع فقدان المسؤولين صبرهم على نتنياهو، وحسابهم للرأي العام، ومشاهدتهم منعطفا مظلما آخر في الحرب - حصار إسرائيلي دام قرابة ثلاثة أشهر على الغذاء والدواء".
وأضاف: "نستمر في رؤية هذه الصور المروعة من غزة. لقد وصلنا إلى نهاية ما يمكننا تحملها. وهذا، في رأيي، مؤشر على شعور أوسع نطاقا في جميع أنحاء أوروبا".
كما أنفق الاتحاد الأوروبي، أكبر مانح دولي للمساعدات للفلسطينيين، مئات الملايين على المساعدات الإنسانية لغزة. لكن إسرائيل احتجزت شاحنات محملة بالمساعدات منذ آذار/ مارس، حيث حذرت الهيئة الرائدة عالميا في أزمات الجوع من أن غزة بأكملها معرضة لخطر المجاعة. ولم يُخفف توزيع بعض الإمدادات في الأيام الأخيرة من حدة الشعور بالقلق.
انتقد مسؤولو الاتحاد الأوروبي الترتيبات التي اتخذتها إسرائيل لتوزيع المساعدات من خلال منظمة خاصة مرتبطة بالحكومتين الإسرائيلية والأمريكية، متجاوزة الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة - وهو نظام شبّهه مسؤولو المساعدات بنوع من التحكم في السكان.
وقال دبلوماسيون أوروبيون، وفق التقرير، إنه لا توجد خطط لدى الاتحاد الأوروبي لتمرير مساعداته عبر هذه الآلية، التي تحولت في أيامها الأولى إلى فوضى وإطلاق نار إسرائيلي، مع عشرات الإصابات ومشاهد لفلسطينيين يائسين عالقين في خلف الأسلاك الشائكة ينتظرون الطعام.
وقالت كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، للصحفيين يوم الأربعاء: "لا يمكن استخدام المساعدات الإنسانية كسلاح. معظم المساعدات التي أرسلتها أوروبا موجودة بالفعل خلف الحدود ولا تصل إلى الناس. لقد كنا واضحين تماما بشأن عدم دعم أي نوع من خصخصة التوزيع".
في حين أن الولايات المتحدة هي الداعم العسكري الأكبر لإسرائيل، إلا أن الأوروبيين يتمتعون بنفوذ كبير كانوا مترددين في استخدامه. الاتحاد الأوروبي هو أكبر شريك تجاري لإسرائيل، وألمانيا هي ثاني أكبر مورد للأسلحة لها.
أقرّ ميرز بأن بلاده كانت أكثر تحفظا في انتقادها لإسرائيل من بعض جيرانها الأوروبيين "لأسباب تاريخية"، فقد أكد القادة الألمان بعد السابع من أكتوبر أن حق إسرائيل في الوجود هو "Staatsräson"، أو مبدأ أساسي من مبادئ الدولة، وربطوه بمسؤولية ألمانيا التاريخية عن الهولوكوست.
الثلاثاء، أكد وزير الخارجية الألماني يوهان فادفول دعمه لإسرائيل، لكنه حذر من أنه لا ينبغي "استغلاله" وأن ألمانيا لن "تُجبر" على التضامن. وألمح إلى التهديد بقطع إمدادات الأسلحة عن إسرائيل بسبب انتهاكات حقوق الإنسان.
وبحسب التقرير، فإن فرنسا تدرس الاعتراف بدولة فلسطينية، وهو ما عارضه نتنياهو منذ فترة طويلة. ودعا رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز إلى تعليق العلاقات مع الاتحاد الأوروبي وفرض حظر على الأسلحة. وفرضت بريطانيا الأسبوع الماضي عقوبات على المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية المحتلة، وانضمت إلى فرنسا وكندا في تحذير إسرائيل بوقف هجومها على غزة.
قال دبلوماسي أوروبي ثان للصحيفة، إنه من الواضح أن إسرائيل تشعر بالضغط، بالنظر إلى "ضغطها النشط للغاية ضد" مراجعة الاتحاد الأوروبي لاتفاقها، الذي يشمل التجارة والحوار السياسي. وقد انتقدت وزارة الخارجية الإسرائيلية قرار الاتحاد الأوروبي هذا الشهر، وقالت إنه "يعكس سوء فهم تام للواقع المعقد".
ستدقق المراجعة فيما إذا كانت مزاعم انتهاكات إسرائيل لقانون حقوق الإنسان تُشكل خرقا لاتفاقها مع الاتحاد الأوروبي. وقد تُجبر النتائج، المتوقعة الشهر المقبل، القادة الأوروبيين على اتخاذ تدابير أكثر صرامة.
وأضاف الدبلوماسي الأوروبي أن بعض الحكومات تعتبر المراجعة بمثابة "إشارة سياسية" لإسرائيل، لكنه أقر بأنه إذا لم تُغير حكومة نتنياهو مسارها "سيستمر الضغط المتزايد من ناخبينا، ومن مواطنينا، للتحرك".
في الوقت الحالي، لا يزال الاتحاد الأوروبي بعيدا عن تحقيق الإجماع اللازم لتعليق العلاقات بالكامل. ومع ذلك، قد تُمرر بعض التدابير الاقتصادية، إذا حظيت بدعم كاف من الدول الأعضاء.
قد تصطدم أي إجراءات عقابية بانقسامات داخل الاتحاد، الذي تختلف دوله الأعضاء الـ 27 اختلافا كبيرا في حساسياتها تجاه الحرب، بدءا من المجر المؤيدة لإسرائيل ووصولا إلى أيرلندا المؤيدة للفلسطينيين.
صرح وزير خارجية بلجيكا، ماكسيم بريفو، في مقابلة مع إحدى المجلات هذا الأسبوع: "رأيي الشخصي هو أنها تشبه إلى حد كبير الإبادة الجماعية. لا أعرف ما هي الأهوال الأخرى التي يجب أن تتكشف قبل أن تُستخدم هذه الكلمة". ودعا إلى فرض عقوبات، لكنه أقر بأن ذلك سيتطلب دعم آخرين لا يشاركونه هذا الرأي.
وعلى الرغم من استعدادهم الآن للتوبيخ واستخدام التهديدات، فإن حلفاء إسرائيل الغربيين يواصلون دعمها عسكريا واقتصاديا، في تحالف يرون أنه يحافظ على مصالحهم في الشرق الأوسط. في الأسبوع الماضي، لم يقدم القادة الأوروبيون سوى دعوات لإجراء تحقيق بعد أن اضطر وفد من الدبلوماسيين الزائرين في الضفة الغربية إلى الفرار من طلقات التحذير الإسرائيلية.
حثت مجموعة من موظفي الاتحاد الأوروبي المجهولين الذين حثوا على زيادة الضغط من أجل وقف إطلاق النار، تحت راية الاتحاد الأوروبي. ورحبت منظمة "موظفو السلام" بقرار التدقيق في اتفاقية التجارة الإسرائيلية، لكنها قالت إن تصريحات الاتحاد الأوروبي بشأن القلق غالبا ما تسفر عن "إجراءات ذات معنى قليلة أو معدومة".
وأضافت في رسالة إلى قيادة الاتحاد: "يأتي هذا القرار الذي طال انتظاره متأخرا بشكل مدمر بالنسبة لآلاف القتلى في غزة".