العلاقة بين مقاصد الدين ومقاصد الشريعة هي علاقة عموم وخصوص، وبيان ذلك كالتالي:
الأولى: الشريعة جزء من الدين لا الدين كله، لأن الدين يشمل العقيدة والشعائر والشريعة، بينما الشريعة هي الجزء الخاص بالأحكام والتشريعات والضوابط التي تنظم حياة الناس في عالم الشهادة، وترشد الناس لما يصلح معاملاتهم وسلوكهم اليومي.
وبالتالي فإن مقاصد الدين أوسع من مقاصد الشريعة، كونها تشمل مقاصد العبادات والعقائد والقيم والتشريعات، وبها تتجلى الغايات التي جاء بها الرسل ونزلت بها الكتب، وبمعرفتها يكون المؤمن على بينة من تفاصيل الدين وجزئياته إن ظلت تلك الأهداف والغايات حاضرة في ذهنه على الدوام، وإذا غابت تناقض واضطرب، وفقد البوصلة التي ترشده نحو المسارات الصحيحة. أما مقاصد الشريعة فهي تعني أهداف التشريع وغاية القوانين المنظمة لحياة الناس.
الثانية: المدخل لدراسة مقاصد الدين يختلف عن مدخل دراسة مقاصد الشريعة، فمقاصد الدين مدخلها الآيات التي جاءت معللة مقصد وهدف إرسال الرسل وإنزال الكتب، والآيات التي جاءت معللة مقصد وهدف إرسال نبينا عليه السلام، وإنزال القرآن، أما مقاصد الشريعة فمدخلها استقراء الأحكام القطعية التفصيلية بهدف الوصول إلى كليات جامعة متسقة مع مقاصد الدين، ومع عالمية الرسالة.
أما مقاصد الدين فباستقراء الآيات القرآنية والنظر في الآيات المعللة التي تشير إلى المقاصد والغايات نجد أنها تذكر المقاصد الآتية:
الأول: القسط هو المقصد من إنزال الكتب وإرسال الرسل، يقول تعالى: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ [الحديد:٢٥]، هذه آية واضحة تقول ببساطة إن هدف إرسال الرسل وإنزال الكتب هو إقامة “القسط”، والقسط هو العدل، ومن فرق بينهما قال: إن العدل لفظ يحمل مفهوم المساواة، والقسط يعني النصيب العادل، والقسط ضده الجور، والعدل ضده الظلم.
الثاني: الرحمة هي المقصد من رسالة نبينا عليه السلام، يقول تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء:١٠٧]، وهذه الآية واضحة في أن “الرحمة” للعالمين هي هدف رسالة نبينا عليه السلام، وهي رحمة للعالمين لا للإنسان فقط.
الثالث: التزكية، يقول تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ﴾ [الجمعة:2]. فإنها توضح أن هدفه هو تزكية الناس وتعليمهم الكتاب والحكمة.
الرابع: طمأنينة الإنسان هي المقصد من نزول القرآن، قال تعالى: ﴿طه* مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى* إِلاَّ تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَى﴾ [طه: ١-3]، فالآية تؤكد أن الله لم ينزل القرآن لشقاء الإنسان؛ وإنما هو تذكرة وموعظة للإنسان كي تطمئن روحه في الدنيا والآخرة.
الخامس: التوحيد من أهم مقاصد إرسال الرسل، يقول تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾ [الأنبياء:25]. وقول تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ﴾ [النحل:٣٦]، فهدف بعثة كل نبي هو تحقيق التوحيد والعبودية لله سبحانه، والتوحيد في خلاصته هو تحرير الإنسان عن عبودية ما سوى الله.
السادس: العبادة هي مقصد خلق الجن والإنس، يقول تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات:٥٦]، فالعبودية لله مقصد من مقاصد الخلق.
السابع: الابتلاء هو مقصد الحياة والموت، يقول تعالى: ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ﴾ [الملك:٢]؛ فالاختبار بحسن العمل مقصد من مقاصد الخلق.
الثامن: الاستعمار للأرض من مقاصد خلق الإنسان في الأرض، يقول تعالى: ﴿هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾ [هود:٦١]، فاستعمار الأرض، أي عمارتها، مقصد من مقاصد الخلق، وعمارتها تكون بقيم الحق والخير والجمال.
التاسع: حرية الاختيار، وهو مقصد مرتبط بالابتلاء وعمارة الأرض، إذ لن يكون ابتلاء حقيقي للإنسان إلا إذا مُنح حرية الاختيار، لأن الإكراه يسقط عنه المسؤولية، فحريته هي التي تمنحه المسؤولية في الآخرة، وعبادة الله طوعاً لا كرهاً لا تتحقق إلا بالحرية، ولهذا كانت الحرية هي الأمانة التي تحملها الإنسان وأشفقت بقية المخلوقات من حملها، لما فيها من مسؤولية في الآخرة، يقول تعالى: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً﴾ [الأحزاب:٧٢].
ومنع الله سبحانه الإكراهَ على الإنسان من أي جهة كانت حتى لو كانت من الأنبياء والرسل، ولا يُكره إنسانٌ على أي فكرة كانت حتى لو كان الدين نفسه ﴿لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ البقرة:٢٥٦. ومن يمنع عن الإنسان حريته فهو يقف أمام الأمانة العظمى التي حملها الله سبحانه للإنسان، ويقطع طريق الاختبار للإنسان، ويقف بذلك ضد مقصد الدين من خلق الإنسان.
فهذه أهم مقاصد الدين العامة التي ذكرتها الآيات، ويمكن أن نوزعها على أصول الإسلام الثلاثة، العقيدة والشعائر والشريعة، فتكون كالتالي:
مقاصد العقائد: التوحيد والعبودية.
مقاصد الشعائر: التزكية والتقوى.
مقاصد الشريعة: القسط والرحمة.
ومن تحقق بتلك المقاصد فقد حقق مقصد عمارة الأرض، ونجح في مقصد الابتلاء بحسن العمل، وحقق مقصد الطمأنينة والانسجام مع الكون.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
Δ
شاهد أيضاً إغلاق الأخبار الرئيسيةيا هلا و سهلا ب رئيسنا الشرعي ان شاء الله تعود هذه الزيارة ب...
نرحو ايصال هذا الخبر...... أمين عام اللجنة الوطنية للطاقة ال...
عندما كانت الدول العربية تصارع الإستعمار كان هذا الأخير يمرر...
المنتخب اليمني ............. لماذا لم يكن زي منتخب اليمن الف...
سلام الله على حكم الامام رحم الله الامام يحيى ابن حميد الدين...
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: الیمن 4 سبتمبر مقاصد الشریعة مقاصد الدین یقول تعالى من مقاصد مقصد من
إقرأ أيضاً:
صلاة عيد الأضحى في المسجد النبوي
أدّى جموع المصلين بالمسجد النبوي اليوم، صلاة عيد الأضحى، يتقدمُهم صاحب السموّ الملكي الأمير سلمان بن سلطان بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينة المنورة، وسط منظومة متكاملة من الخِدمات، وفّرتها الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد النبوي؛ لينعم المصلون بالطمأنينة والخشوع.
وعقب الصلاة، استهلّ فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور صلاح بن محمد البدير خطبة عيد الأضحى، موصيًا المسلمين بتقوى -الله تعالى-، وأداء الواجبات والعبادات، واجتناب ما نهى عنه من المحرمات، والثبات على التوحيد الخالص، واتّباع أصوله الراسخة، وقواعده الراسية، محذرًا من طُرُق الضَّلال، والبِدعِ المُحدثة التي تقودُ المرء إلى الخسران والتهلُكة.
وحثّ الشيخ الدكتور صلاح البدير على المداومة على ذِكرِ الله تعالى، وحمده، والثناء عليه جلّ وعلا، تكبيرًا، وتسبيحًا، وتهليلًا، وحمدًا كثيرًا على ما أنعم وتفضلّ به على عباده من نعم، أعظمها نعمة توحيد وإفراده بالعبادة، مبينًا أن -الله تعالى- مهّد قواعد الدين بالتوحيد وأسّسه، وجعل البيت الحرام قيامًا للناس، وطهّره من الأرجاس وقدّسه، وصانه من الأوثان والأصنام وحرسه، فما أراده أحدٌ بسوء إلا أذلّه الله، وأرداه وأهلكه.
أخبار قد تهمك أمير منطقة جازان ونائبه يؤديان صلاة عيد الأضحى 6 يونيو 2025 - 8:28 صباحًا أمير المنطقة الشرقية ونائبه يؤديان صلاة عيد الأضحى 6 يونيو 2025 - 8:17 صباحًاوهنأ إمام وخطيب المسجد النبوي المسلمين بيوم النحر، مذكرًا أن الله جل شأنه بوّأ الله نبيّه وخليله إبراهيم -صلّى الله عليه وسلّم- مكان البيت الحرام، وأمره ببنائه على الملة الحنيفيةِ البيضاء، وتطهيرِهِ من الملة الغاويةِ العوجاء، قال جل في علاه: “وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ”.
وأضاف: أوصى ربنا تبارك وتعالى إبراهيم عليه الصلاة والسلام، بالتوحيد الخالص الذي هو أصل الأصول ومنبعها، ودائرة شمسها ومطلعها، داعيًا إلى الثبات على التوحيد حتى الممات، وملازمة أصوله الراسخات، وقواعده الراسيات، واتباع السُّنن، محذرًا من البدع المُهلكات، والعبادة بالمحدثات والمخترعات، أو أن يلوذ المرءُ عند الحاجة إلى الأموات، ويقصدهم عند الرغبات والرهبات، أو رجاء شفاء من رفات، أو التبرّك بالقبور، والاستغاثة أصحابها، وسؤالهم سدَّ الفاقات، وإغاثة اللهفات، وشفاء الأمراض والعاهات، وأن يرفعوا إلى الله وحده الحاجات والرغبات والدعوات، ويحذروا من التشبّه بأهل الدجل والخزعبلات والخرافات، فقال جلّ وعلا “إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ”.
وتابع فضيلته الخطبة، داعيًا المسلمين إلى الحذر من إتيان السحرة والكهنة والعرافين، والمُنَجِّمين والمشعوذين الدجالين، أو الذين يدّعون علم المغيبات، ومعرفة ما يستقبل من الأمور الخفيّات، فيضربون بالحَصى، ويَزجُرُون بالطَّيرِ، وينظرون في الفنجال، ويقرأون الكفّ، ويخطون في الأرض تمويهًا وكذبًا ودجلًا، وعدم سؤالهم أو تصديقهم أو الإصغاء إلى أباطيلهم، مستشهدًا بالحديث الذي رواه أبو هريرة -رضي الله عنه-، أن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: “من أتىٰ كاهنًا أو عرّافًا فصدّقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد” أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي.
وقال الشيخ الدكتور صلاح البدير: أيها المسلمون أن من جلائل نِعمِ الله تعالى أن جعل بلادكم المملكة العربية السعودية حِصنُ الإسلام، ودوحة السلام، بلدًا آمنًا، ووطنًا ساكنًا، وأن من أجلّ مفاخره ومآثره، أن استرعاهُ الله على الحرمين الشريفين، وخصّه بخِدمة ضيوف الرحمن والمشاعر المقدسة حتى أضحى تاجًا لرأس المكارم التي يقصُرُ عن المتباهين نوالها، ويعجزُ المتطاولون مرامها.
وذكر إمام وخطيب المسجد النبوي ما كان يلقاهُ الحجاج من عناء ومشقة في أزمنة مضت عند مجيئهم لأداء الفريضة، إذ كان طريق الحج قبل الدولة السعودية طريقًا غير آمنة، أولها مخاوف، وآخرها متآلف، فقيْض الله الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله- فأيّد الله به الإسلام، ونشر عدله في الأنام، وضرب بسيفه رقاب الظلمة، وبسط بحكمته الأمن في ربوع المملكة، وأمّن الطرق والمسالك، وصان الحجيج من المخاوف والمهالك، ثم سار أبناؤه البررة من بعده على أثره وإرثه الطيب الصالح، وهاهم حجاج بيت الله الحرام وزوار مسجد سيد الأنام -صلّى الله عليه وسلّم- يتفيؤون في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، ظِلال التوحيد والوحدة، والأمن والسلام والإسلام، وينعُمون بمشاريع التنمية والتعمير والتطوير التي ليس لها في سابق الأزمان مثيل ولا نظير في ظلِّ حكم رشيدٍ ظاهر، وأمنٍ وافر، واستقرارٍ باهر، وعدلٍ سائر، وخير زاخر.
وحضّ فضيلته على شُكر الله تعالى على جزيل المِنحِ والمواهب، لتزيد بشكره النعم وتدوم، داعيًا العباد إلى مُلازمة طاعة الله ورسوله، وولاة أمور المسلمين، وأن يحافظوا على الصلوات الخمس المفروضات، ويؤدون الواجبات ويبتعدون عن المناهي المحرمات، ويحذروا من الجماعات المنحرفة، والحزبيات الضيقة، والتنظيمات الإرهابية، وملازمة الوسطية والاعتدال.
وذكر أن الرحمة صفة المحسنين الأبرار، وسمة المتواضعين الأطهار، مبينًا أن ديننا دين الرحمة يدعو العبد ليكون رحيمًا لنفسه ولغيره، ولا يسْتأثر بخيره، وأن يرحم الجاهل بعلمه، والمحتاج بجاهه، والفقير بماله، والكبير باحترامه، والصغير برأفته، والعُصاة بدعوته وأهل البيت بعطفه، والقرابة بلطفه، والزوجة بدنوّه، والوالدين بحنانه، والناس بأدبه وسموّه، فأقربُ الناس من رحمة الله أرحمُهم بخَلْقه.
وأوضح الشيخ صلاح البدير أن الأضاحي من سُنن الإسلام وشعائره العظام، فمن قوِيَ على ثمنها ووجد سعة فالأولى به عدم تركها، ولا يُجزئ في الأضحية إلا الأنعام، وأفضلها البَدَنة، ثم البقرة، ثم الشاة، ثم شركٌ في بدنة، ثم شركٌ في بقرة، والشرك في البدنة والشركُ في البقرة والشاة الواحدة يُجزئ كل واحدٍ منها عن الرجل وأهل بيته، ولا تضحوا إلا بالثنايا فأكبر والثنيّ من الإبل: ما أتم خمس سنين، والثنيّ من البقر: ما أتم سنتين، والثنيّ من الماعز: ما أتم سنة ويجزئ الجذَعُ من الضأن وهو ما أتم ستة أشهر وأفضلها أحسنها وأسمنُها وأعظمها وأكملها وأطيبها، وأكثرها ثمنًا، وجِّهوا مذبحها إلى القبلة، وسمُّوا وكبِّروا، وكُلوا وأهدوا وتصدَّقوا، والأولى أَنْ يذبحها المضحي بِنَفْسِهِ، إِلَّا أَنْ لَا يُحْسِنَ، فَيُوَلِّيَهَا غَيْرَهُ، وَالأفضل أَنْ يَشْهَدَهَا إِنْ لَمْ يَذْبَحْهَا بِنَفْسِهِ، مضيفًا أن من ضَحَّى قَبْلَ صلاة العيد، فَإِنَّمَا ذَبَحَ بِنَفْسِهِ، ولا أضحية له، وَمَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَقَدْ تَمَّت أضحيته، وَأَصَابَ سُنَّةَ الْمُسْلِمِينَ.
وختم فضيلته خطبة عيد الأضحى، مذكرًا العباد أن هذا يومُ التسامح، ويوم التصافح، والتصالح، فتصافَحوا، وتسامحوا، وتصالحوا وتراحموا، وكونوا عبادَ الله إخوانًا، سائلًا الله تعالى أن يعيد هذه الأيامَ المباركة أعوامًا عديدة، وأزمنةً مديدة، ونحن في صحةٍ وعافية، وحياةٍ سعيدة.
وقد أديت الصلاة في محافظات ومراكز وقرى المنطقة كافة.