شبكة انباء العراق:
2025-06-02@02:45:51 GMT

ثعلبية الإنسان .. شفرة من الحيونسانية !!

تاريخ النشر: 7th, September 2024 GMT

بقلم : حسين الذكر ..

في غياهب تاريخ القرية وكذا المدينة ، ظلت حكايات الثعلب وابن آوى وغيرهما، وما قرب إليها في التحايل والحكمة الخبيثة – إن جازت التسمية – تدور رحاها وتتناقلها طيات الألسن وبطون الكتب من ظهر جيل لغرز جيل آخر ، في تعبير واضح ؛ للبحث عن تبرير خطايا الانسان ، ورميها على كائن غيره ، فالثعلب المزعوم لا يعمل أكثر من الحصول على حصته ، وغنيمته التي يعيش عليها ويتواصل مع أجياله ومفرداته من خلالها ، وأي طريق للعيش متاح في عرف الطبيعة – لا سيما النتشوية منها – في غاية يرخص لها ، ويباح على مذبح طريقها كل شيء ، فلم الثعلب يقع فريسة التعليم والتحريض تحديداً؟
لم أرَ الثعلب ولا مرة في حياتي وجهاً لوجه إلا في التلفاز ومخرجاته وتوابعه .

منذ الصغر أحمل عنه فكرة سيئة جراء الضخ الموجه ضده ، مع أني على يقين أنه ليس وحيداً في ميدان الدنس الذي أشاركه فيه ببعض أفكاري الاستبطانية ككائن يمتلك غريزة الأنا المتكدسة والمزدحمة والمتخمة بالأماني الضالة والشاردة ؛ لذا أعطف عليه أحياناً كحيوان جميل المنظر ، ويعد أحد تحف السماء التي لا أستطيع إدراك كنه تحفياتها المشرعة فوق الإحصاء ، بل أعقد من الإدراك في ظل مدارك ما زالت متحيونة ، وإن نطقت بها، وتبجحت في حروفها وأقلامها ومدادها وصناعتها الراقية حد الاستهجان .
سمعت مؤخراً صديقي يشتكي من فقد دجاجاته المدجنات اللواتي لطالما عبّرتُ عن إعجابي بجمالهن وروح التدجين التي يتحلَّيْن بها ، والتعايش السلمي معهن كجزء من براءة الآخر ، والذي نحتاجه لنناغي ونغازل ضميرنا الذي مات منه الكثير ، ولم يتبقَ إلا جزء غير ثعلبي كما يزعمون ، مع أني أشك في تلك النتيجة والدليل : قال لي آخر مرة رأيته فيها متهجماً : ( لقد أكل الثعلب بعض دجاجاتنا ، وأرعب الأطفال وأبكاهم صباحاً ، وما يزالون يئِنون تحت ويل تلك الكارثة الحزينة ، على الأقل بالنسبة إليهم ) . فقلت له : ( يا أخي كيف تتهمون الثعلب ؟ لقد ولى زمن الثعالب الحيوانية ، وها هم قوم الاحتيال يدورون في مدننا في الأرض وبقاعها ، يُسخّرون كل ما في المعمورة لتلك الغريزة والعقدة الثعلبية بلا هوادة ولا حياء وخشية ..) .
فقال : ( لقد صورت كاميرة الحديقة المشهد ، وقد رجعت إليه ، فهو من سرقهن وأكلهن ، وسأنتقم منه حتماً ، ويمكنك ان تشاهد الفلم معي ) ..
بينما استسلمت للدليل مع تأكدي أن ثمة حيوان غير ناطق فعلها بهذه الطريقة المحكمة التي لا تقوى ثعالب البشر على أن تأتي بمثلها بالدقة والخفة والسرية ذاتها، لكني حاولت أن أغطي على زميلي ومرافقي الحيواني الأرضي ؛ كي أجد له عذراً في متاهات طريق لم ندرك أنا وإياه وبقية المخلوقات كنه الحدث حتى الحين .
لم أنم تلك الليلة ، فقد أثرت بي كلمات صديقي ، وتغلغلت حداً أثرت على أفكاري التي حاولت جاهداً فيها حماية الثعلب ، وتبرير أفعاله حتى المشينة منها ؛ كونها أقرب لسلوك كثيرٍ من الناس ، ولا غرابة فيها ، إلا أن حكاية دموع الأطفال وحفلة شواء الدجاجات وتمزيقهن ظلت تقلقني حتى اقتنعت بضرورة المحاسبة ، بل قتل الثعلب بأية صورة ممكنة ؛ لإنهاء مسلسل الاغتيال الدجاجي المعهود منه ، والمدرج على طول صفحات القصص والأفلام ، لا سيما الحدائقية والغابية بينها .
بلغ الأرق مدارك الفجر حينما بدأت العصافير تزقزق ، والديك يصدح بجمال صوته من على سطوح جيراننا ، ومنافذ حديقتنا ، متغلغلاً بأعماقي كأنه يريدني أن أنسى ، وأنام صابراً على ضحية الدجاج والمأتم الثعلبي .
رفضت أحاسيسي إيماءات الديك ، وظل الصخب الحزين يدق نواقيسه في الضمير والمحايا لدرجة تصاعدت وتيرة الحقد حداً غير مسبوق ، وغضب لم يبق للنعاس أثراً ما ، فأخذني منولوج حزين يتحاور مع النفس عن ذلك الثعلب القاتل الذي اختار أكثر مدخراتنا وداعة ، وأكثرها جمالاً وبساطة ومسالمة .
فكرت ملياً في الأسباب والبواعث الثعلبية لانتهاج هذا الدرب الشائن ، ولماذا الدجاج بالذات ؟
هل كونها مسالمة ؟ أم أن لحمها أكثر وأشهى طعماً من لحم البشر و بقية المخلوقات التي تجود بها الطبيعة ؟
لم أبلغ قمم التسليم بحل وإجابة ما سوى أن النوم بدأ يطرق أبواب عيني ، ويثقل جفني ، ويزح مصدات الكرى لدي.
في المنام قال لي الثعلب : لا ترهق نفسك سيدي ، فإن لم آكلها أنا سيأتي ثعلب آخر من صنوف الثعالب المتخمة بها إنسانيتك المزعومة ، ثم هجم علي محاولاً نهش أنفي وأذني وعيني .
ويحك ماذا تفعل ؟ أخذت أصرخ بكل قواي الهستيرية لعل أحداً يحمي حواسي ، إنه يستهدف عقلي وإدراكي ، لكن أحداً لم يسمع أويُجِبْ ، كأن الخلائق قد غادرت المكان إلى الأبد .
بقيت أعاني الحرب الثعلبية محاولاً الخلاص بأية صورة ، لم يعد لمذبحة الدجاج أي أثر في ناموسي ومنطقي ، فانقلاب هذا الكائن على غريزته وسلوكياته المعتادة جعلني أفكر ألف مرة بكيفية الخلاص ، لو كان دجاج العالم كله في حضني لقدمته هديته له ، بل أشويه له على طبق إنساني مفعم بتوابل الشهوة والحيازة والغلبة التي أعانيها وتختلجني حد الصراع .
لم تفد كل توسلاتي وتعهداتي بعدم ذكر الثعلب بسوء ، لكن أحداً لم يرحمني من بني جنسي ، فقد تركوني أسير تلك الليلة تحت رحمته ومخالبه وشناعة نزقه وشراسة هجماته .
في نهاية المطاف ، وبينما كنت أحاول وأتوسل بكل ما أوتي لدي ؛ كي يتم إنقاذي من أسنان الثعلب الصاكة على رقبتي ، والخانقة كالجيثوم على روحي ، والقاطعة أنفاسي ، مع قنوط حالي ، وردت فعل أي إنسان آخر يمكن له أن ينقذني في ظل تعتيم ثعلبي تام على جريمته .
وبينما كنت أنزع اللحظات الأخيرة ، وأكاد أستسلم لنزواته ، وإذ بالقدر يبعث دجاجة تسير بالقرب منا ، كان له سبق الشرف حينما تركني الثعلب طوعاً ، وربما شرفاً أو زهداً ، وولى مهرولاً خلف الدجاجة ، منقضاً عليها ، عاضاً إياها بكل قساوته واشتهائه ، بينما كنت أسترد أنفاسي مستمتعاً بحيلة الثعلب ، وهو يلتهم فريسته ، بينما نهضت سعيداً جداً بتلك الضحية التي نابت عني في غياهب الدهر حتى شكرت السماء ، ودعيت لأهل الأرض .

حسين الذكر

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات

إقرأ أيضاً:

مارلين مونرو: أسطورة الإغراء والغموض التي لا تنطفئ

 

في الأول من يونيو، يحتفل العالم بذكرى ميلاد واحدة من أكثر النجوم شهرة وإثارة في تاريخ السينما، مارلين مونرو. النجمة التي لم تكن مجرد وجه جميل أو جسم فاتن، بل كانت رمزًا للأنوثة المعقدة، والألم المختبئ خلف ابتسامة ساحرة، وحكاية غموض لا تنتهي.

ميلاد الأسطورة

ولدت مارلين مونرو عام 1926 باسم نورما جين بيكر في ظروف صعبة. طفولة مضطربة بين دور الأيتام، وأماكن الرعاية، وشابتها صراعات نفسية عديدة، لكن تلك الطفلة البسيطة سرعان ما تحولت إلى أيقونة لا تُنسى، بعد أن اكتشفها مصور أمريكي خلال فترة عملها كعاملة مصنع أثناء الحرب العالمية الثانية. مع تغير اسمها إلى مارلين مونرو، انطلقت نحو عالم هوليوود، وحولت نفسها إلى أسطورة تفيض بالأناقة، الجاذبية، والموهبة.

في أوج النجومية… والرحيل المفاجئ

رغم الشهرة العالمية، لم تخلُ حياة مارلين من التعقيدات والآلام. تزوجت ثلاث مرات، منهم اثنان من أشهر نجوم هوليوود، لكنها لم تجد الاستقرار الذي كانت تبحث عنه. في أغسطس 1962، رحلت مارلين في ظروف غامضة، عن عمر 36 عامًا فقط، بعد أن كانت في أوج عطائها الفني. خبر وفاتها صدم الجميع، وأشعل موجة من التكهنات والنظريات التي لا تزال تتردد حتى اليوم.

هل كانت وفاة مارلين انتحارًا كما أُعلن؟ أم أن هناك مؤامرة دبرت لإسكاتها؟ قصص لا تنتهي من التساؤلات والشكوك حول النهاية التي لم تُحسم، لتبقى هذه الغموض جزءًا لا يتجزأ من أسطورتها.

مارلين مونرو في الفن: سرديات متعددة

لقد أثار الغموض المحيط بحياة مارلين وفاتها اهتمام السينمائيين والكتاب، الذين لم يتوقفوا عن تناول قصتها من زوايا مختلفة، محاولين كشف أسرارها أو إعادة تشكيل صورتها عبر أعمال فنية متنوعة.

1. Blonde: الوجه الآخر للأسطورة

أحدث إنتاج سينمائي يتناول حياة مارلين من منظور مختلف، فيلم "Blonde" الذي تقوم ببطولته الممثلة الكوبية آنا دي أرماس. يقدم الفيلم قصة سيرتها الذاتية عبر نظرة أكثر عمقًا وحساسية، كاشفًا عن الجانب الإنساني وراء بريق النجومية. الفيلم مُرتقب أن يصدر في 28 سبتمبر 2025، وينتظر عشاق السينما هذا العمل بشغف كبير، خاصة بعد النجاحات التي حققتها آنا دي أرماس في أدوارها الأخيرة.

2. My Week with Marilyn: أسبوع في حياة النجمة

من بين الأفلام التي صنعتها هوليوود لاستكشاف حياة مارلين، يأتي فيلم "My Week with Marilyn" كواحد من أجمل الأعمال التي تعكس الجانب الإنساني والحساس للنجم الراحل. بطولة ميشيل ويليامز، الذي حصل عن دورها على ترشيح للأوسكار، يسلط الفيلم الضوء على أسبوع واحد قضته مارلين أثناء تصوير فيلم "الأمير وفتاة الاستعراض" في إنجلترا عام 1956. الفيلم لا يظهر فقط النجمة، بل الأنثى المرتبكة، الخائفة، والبحثة عن ذاتها.

3. Say Goodbye to the President: أسرار العلاقات الرئاسية

من الأعمال الدرامية التي لا تخلو من الإثارة والغموض، فيلم "Say Goodbye to the President" الذي يتناول العلاقة الغامضة بين مارلين مونرو والرئيس الأمريكي جون كينيدي وشقيقه روبرت. الفيلم الصادر عام 1988 يستعرض الأيام الأخيرة في حياة مارلين، حيث تتشابك السياسة مع الغموض في قصة مشحونة بالتوترات.

أسطورة لا تموت

مارلين مونرو لم تكن فقط ممثلة أو رمزًا للإغراء، بل كانت تجسيدًا للصراعات الإنسانية، وبين الأضواء والظلال. شكلت صورتها الأيقونية مصدر إلهام لا ينضب للسينما، الموسيقى، الموضة، والفن التشكيلي، ولا تزال تُستحضر قصتها في كل عمل فني جديد.

قصتها تذكير بأن الشهرة ليست دائمًا بريقًا مشرقًا، بل قد تخفي وراءها حكايات حزينة، أسرار مظلمة، وأحلامًا محطمة. ومع ذلك، يبقى اسم مارلين مونرو متلألئًا، يحكي عن امرأة صنعت أسطورة بنفسها، وصارت إلى الأبد رمزًا للأناقة، الجمال، والغموض.

 

مقالات مشابهة

  • أعمال الحج التي يجب أداؤها في المناسك
  • هذا هو عقاب هارفارد والجامعات التي خانت طلابها
  • من مكة إلى الكرامة… الرصاصة التي أصبحت جيشًا
  • مارلين مونرو: أسطورة الإغراء والغموض التي لا تنطفئ
  • الحصيني يكشف سبب العاصفة المفاجئة التي ضربت الإسكندرية
  • الشرطة الفرنسية تقف متفرجة بينما يتجه زورق مهاجرين إلى بريطانيا
  • الروبل الروسي بين العملات الثلاث الأولى التي ارتفعت مقابل الدولار في مايو
  • أونروا: المساعدات التي ترسل لغزة سخرية من المأساة الجماعية
  • تحرير 146 مخالفة للمحلات التي لم تلتزم بقرار الغلق
  • وول ستريت جورنال: أميركا تخسر تفوقها الصناعي العسكري بينما تتقدم الصين بثبات