أزمة المياه في أربيل والسليمانية.. ثروة النفط تُهدر بينما يعطش المواطنون
تاريخ النشر: 10th, September 2024 GMT
10 سبتمبر، 2024
بغداد/المسلة: تواجه مدينة أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، نقصاً مزمناً في المياه، حيث تعاني الأحياء الأكثر فقراً من شح شديد في الإمدادات المائية.
وعلى الرغم من الثروة النفطية الهائلة التي يمتلكها الإقليم، إلا أن سوء الحوكمة والفساد يفاقمان من حدة هذا النقص، ما يجعل تحسين خدمات المياه حلماً بعيد المنال.
أحد أسباب تفاقم أزمة المياه هو التأثير المتزايد لتغير المناخ على الزراعة، مما دفع الكثير من سكان المناطق الريفية إلى الهجرة نحو المدن.
وفي أربيل، تعتمد بعض الأحياء على محطة إفراز التي تستمد مياهها من نهر الزاب الكبير، إلا أن ذلك لا يكفي لسد احتياجات المدينة المتزايدة، مما دفع السلطات إلى حفر الآبار بعمق يصل إلى 700 متر تحت الأرض. ومع ذلك، جفت بعض الآبار المحفورة على عمق 500 متر، مما زاد الوضع سوءًا.
أمام هذا الواقع، يلجأ سكان العديد من المناطق إلى شراء المياه من الشاحنات لملء خزاناتهم المقامة على الأسطح، ما يعكس عدم كفاءة النظام الحكومي في توفير حلول مستدامة للمشكلة.
ويشير الكاتب وينثروب رودجرز في مقال نشر بموقع “عرب دايجست” إلى أن نقص المياه أصبح موضوعًا حساسًا يتم استغلاله سياسيًا من قبل أحزاب المعارضة لإحراج الحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم.
ورغم الضغط الشعبي المتزايد، إلا أنه لم يتم تنفيذ أي استثمارات جديدة تهدف إلى تحسين أو تنويع مصادر المياه في أربيل، ما يعني أن الأزمة قد تتفاقم أكثر في السنوات القادمة. ويتوقع رودجرز أن سكان أربيل سيواجهون أوضاعًا أسوأ بحلول عام 2025 إذا استمر الوضع على ما هو عليه.
من جهة أخرى، تبدو السليمانية، ثاني أكبر مدينة في الإقليم، في وضع أفضل نسبيًا بفضل سد دوكان الذي يوفر المياه لسكانها. لكنهم يواجهون تحديات أخرى تتعلق بجودة المياه، حيث أعلنت السلطات المحلية في أغسطس الماضي عن إصابات بالكوليرا نتيجة لتلوث مجاري الأنهار، ومن بينها نهر تنجيرو، الذي يعد من أكثر المجاري المائية تلوثاً في العراق.
في قضاء دربندخان، نظم السكان اعتصامًا لمدة شهر في عام 2023 مطالبين بتحسين نوعية مياه الشرب، ولكن دون تحقيق نتائج ملموسة رغم الوعود التي تلقوها.
يرى رودجرز أن غياب الإرادة السياسية لدى القادة العراقيين والكرد يقف وراء فشل حل مشكلات المياه، مؤكداً أن الثروة النفطية الهائلة كان يمكن أن تخصص ولو بجزء بسيط لتحسين البنية التحتية المائية، بما في ذلك إعادة تدوير المياه المستعملة. لكن الفساد وقلة الاهتمام يحولان الموارد بعيدًا عن معالجة هذه القضايا الحيوية.
وفي حين تضمن النخب الغنية وصولاً موثوقًا إلى المياه والكهرباء والخدمات الأخرى، يعاني المواطنون العاديون من تدهور الخدمات الأساسية. ومع أن الكثيرين يستطيعون التكيف مع هذا الفشل، إلا أن المياه تظل حاجة لا يمكن الاستغناء عنها.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: إلا أن
إقرأ أيضاً:
النفط الأسود.. خريطة تهريب تبدأ من مصانع وهمية وتنتهي على ظهر ناقلات مجهولة
29 يوليو، 2025
بغداد/المسلة: كشفت شركة تسويق النفط العراقية “سومو” عن تورط 11 ناقلة بحرية، سبع منها معروفة لديها وأربع لا تزال مجهولة الهوية، في عمليات تهريب واسعة للنفط الأسود عبر مينائي أم قصر وخور الزبير، وصولاً إلى المياه الإقليمية العراقية، في واحدة من أضخم فضائح التهريب التي يشهدها القطاع النفطي في البلاد.
وتمثل هذه المعطيات تحولاً خطيراً في بنية الاقتصاد غير الرسمي في العراق، حيث بات النفط الأسود، لا النفط الخام، هو المحرك الخفي لشبكات التهريب، مدعوماً بفجوة تسعيرية تتيح هوامش ربح مذهلة، فالعراق ينتج سنوياً ما يقارب 18 مليون طن من النفط الأسود، ويصدر منها رسمياً 12 مليون طن، بينما تُستهلك الكميات المتبقية أو تُهرّب بأساليب منظمة تبدأ من المصانع وتمر عبر الصهاريج وتنتهي على متن الناقلات.
ويكمن جوهر المشكلة، بحسب الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، في ما سماه بـ”الاقتصاد الزائف للمصانع الوهمية”، إذ تستلم المصانع الإنشائية، لاسيما مصانع الطابوق والإسمنت، أكثر من 9 ملايين لتر يومياً من النفط الأسود بأسعار مدعومة تصل إلى 100 ألف دينار للطن لمصانع الطابوق و150 ألفاً للإسمنت، وهو ما يمثل فقط 20% من السعر العالمي، الأمر الذي يفتح شهية المهربين لتصريف الفائض عبر الموانئ.
وتتكشف خيوط هذا الاقتصاد الخفي في تواطؤ متعدد الطبقات، حيث تتحرك الناقلات بحرية تامة في المياه الإقليمية، دون رقابة جدية، وفي ظل غياب منظومة شاملة لتتبع مسارات الوقود المدعوم. كما أن العدد الفعلي للمصانع، وفق ما يؤكده المرسومي، يتجاوز الألف، في مقابل مصانع وهمية تعمل كغطاء فقط لتسلم الحصص النفطية المدعومة.
وتفرض هذه المعطيات تحديات كبرى على سياسات دعم الطاقة في العراق، إذ تتحول آليات الدعم الحكومي إلى مورد ضخم لشبكات تهريب دولية تتقاطع مصالحها مع مؤسسات داخلية مستفيدة من استمرار الفوضى. وتتطلب المعالجة مراجعة جذرية لمنظومة التسعير والدعم، وتطوير آليات التتبع الرقمي لمنتجات الطاقة، ومساءلة الجهات الملاحية والجمركية التي تغض الطرف أو تشارك بصمت.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts