(نجوم في الحرب)
سلسلة حوارات يجريها:
محمد جمال قندول
وزير المعادن محمد بشير أبو نمو لـ(الكرامة):
“قذيفة” أصابت منزلي وقتلت شخصين …
(الإطاري) أشعل الحرب
قلت لأهلي خوفًا من الشظايا والذخيرة الطائشة(……).
(…..) هذا ما خسرته فى الحرب ..
فى هذا الموقف شعرتُ بالأسى وخيبة الأمل..
لم أتوقع حربًا بهذا الدمار والشمول والتوسع.

.
واجهت الموت أنا وأُسرتي وانجانا الله..
ربما وضعتهم الأقدار في قلب النيران، أو جعلتهم يبتعدون عنها بأجسادهم بعد اندلاع الحرب، ولكنّ قلوبهم وعقولهم ظلت معلقةً بالوطن ومسار المعركة الميدانية، يقاتلون أو يفكرون ويخططون ويبدعون مساندين للقوات المسلحة. ووسط كل هذا اللهيب والدمار والمصير المجهول لبلاد أحرقها التآمر، التقيتهم بمرارات الحزن والوجع والقلق على وطن يخافون أن يضيع.
ثقتي في أُسطورة الإنسان السوداني الذي واجه الظروف في أعتى درجات قسوتها جعلني استمع لحكاياتهم مع يوميات الحرب وطريقة تعاملهم مع تفاصيل اندلاعها منذ البداية، حيث كان التداعي معهم في هذه المساحة التي تتفقد أحوال نجوم في “السياسة، والفن، والأدب والرياضة”، فكانت حصيلةً من الاعترافات بين الأمل والرجاء ومحاولات الإبحار في دروبٍ ومساراتٍ جديدة.
وضيف مساحتنا لهذا اليوم هو وزير المعادن محمد بشير أبو نمو، الذي كان متواجدًا بمنزله في حي الأملاك لحظة اندلاع الحرب:
أين كنت أول يوم الحرب؟
كنت في منزلي بحي الأملاك بحري، أرتب لدعوة افطار رمضاني كبير لدعوة كل قيادات حركة تحرير السودان بالعاصمة.
كيف علمت بنبأ اندلاع الحرب؟
سمعت إطلاق نار متقطع حوالي التاسعة صباحًا ومن ثم توسعت المعارك تدريجيًا.
هل كنت تتوقع الحرب؟
نعم.. المؤشرات كانت واضحة ولكن لم أتوقع حربًا بهذا الحجم والدمار والشمول والتوسع.
شعورك حينما اندلعت الحرب؟
شعورٌ بالأسى وخيبة الأمل، بعد تواصل جهود مضنية لمنع اندلاع الحرب بواسطة الكثير من القيادات السياسية.
مأساة عايشتها أيام الحرب؟
المأساة التي عشتها هي في اليوم الثاني من الحرب، تعرض منزلي لقذيفة أصابت غرفةً طرفية في البيت للحراسات والضيوف أدت إلى استشهاد شخصين من الأقرباء أحدهما من الحراسات الخاصة والآخر ضيف مقيم معنا أتى من دارفور لعلاج ابنته، والشخصان بالمصادفة أبناء ل(أولاد عمومتي) .
المستفاد من درس الحرب؟
لا أرى فائدة تذكر للحرب، ولكن إن كانت هنالك ثمة فائدة فقد وحدت الشعب السوداني تجاه عدو اتفقوا على مقاتلته في كل أركان السودان.
عادة فقدتها مع الحرب؟
كنت منتظمًا قبل الحرب فى ممارسة رياضة المشي، بعد الحرب ما عاد هنالك انتظام يذكر في هذا المجال.
ماذا خسرت في الحرب؟
الكثير جدًا ككل السودانيين، أرواحًا ومالًا وممتلكات.
ما هي الإجراءات الاحترازية التي قمت بها فور علمك باندلاع الحرب؟
أغلقت الأبواب الخارجية والداخلية وجمعت أهلي في الغرف وطلبت منهم الانبطاح على الأرض وخاصة الأطفال وذلك خوفًا من الشظايا والذخيرة الطائشة.
دور الإطاري فى اشعال الحرب؟
لا شك لي في ذلك لأنها كانت معلنةً من قياداتهم كتهديد ونفذها لهم “حميدتي”.
هل واجهت الموت؟
نعم.. إذا استشهد شخصان من داخل البيت فمؤكد أني وأُسرتي قد واجهنا الموت ولكن سلمنا والحمد لله.
كيف خرجت من الخرطوم؟
أخليت منزلي في اليوم الثاني للحرب بعد تعرضه للقذيفة وانتقلت إلى بيت أحد الزملاء لفترة ثلاثة أيام، ثم انتقلت إلى منزل أحد أفراد الأُسرة ووفقت في ترحيل أسرتي الصغيرة فى نفس يوم وصولي للمنزل الثاني إلى القاهرة بالبص، وبعد يومين أصبح المنزل غير آمن ورحلنا مع من تبقى معي من الأسرة إلى “الكدرو” فى ضيافة أحد الأصدقاء ومكثنا هناك حوالي الأسبوع، ثم توزعنا بعد ذلك جزء من الأسرة ذهب إلى أم درمان وذهبت أنا مع أحد أفراد حراستي إلى شندي ومكثت أسبوعين في ضيافة أحد الأصدقاء الأعزاء هناك، ومن ثم واصلت إلى بورتسودان وشرعت في ترتيبات لاستئناف العمل ، ونجحنا فى نقل مقر الوزارة والأذرع التابعة لها إلى هنا في بورتسودان والحمد الله العمل يمضي هنا.
كيف تقرأُ راهن الأحداث السياسية في مقبل الأيام؟
راهن الأحداث في مقبل الأيام لصالح حكومة وشعب السودان فإنّ الميليشيا إلى الزوال.
ماذا فقدت في الحرب؟
أشياءً كثيرةً منها الخاص والعام، بالنسبة للخاص فقدتُ أعزاء من الأُسرة كانوا ضحايا لهذه الحرب اللعينة، وكل مستلزمات منزلي وبعض الوثائق المهمة، أما المفقودات على المستوى العام فهي كثيرة: “المنزل الحكومي تدمر جزئيًا، والوزارة احترقت بكاملها مع مقتنياتٍ لا تُعوض أهمها مكتبة هيئة الأبحاث الجيولوجية، والسيارات الحكومية الخاصة بالوزارة والأذرع التابعة لها نهبت بالعشرات”.
هل سيعود الوطن قريبًا؟
نعم حتمًا ومتفائلون، جيشنا وقواتنا المشتركة وكل الأجهزة الأمنية قدمت بطولاتٍ رائعة ومازالت تقدم بشكل يومي، وهذا مهر الحرية وإنقاذ الوطن من الغزو والتقسيم.
حجم التآمر الدولي على السودان؟
حجم التآمر كبير والمحيّر جدًا هو هذا السؤال: لم كل هذا الحقد والبغضاء من دول كنا نحسبهم أشقاءً وأصدقاء ولنا عليهم أيادٍ بيضاء؟

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: اندلاع الحرب

إقرأ أيضاً:

الإمارات.. جهود بارزة لدعم القطاع الزراعي في السودان

أحمد مراد، أحمد عاطف (أبوظبي)

أخبار ذات صلة «الفارس الشهم 3» تبدأ حفر آبار مياه في غزة «الاتحاد» تستقبل وفداً من كبار ممثلي وسائل الإعلام الصينية

عصفت الحرب الدائرة في السودان، منذ أبريل 2023، بغالبية القطاعات الحيوية، حيث يُعد القطاع الزراعي الأكثر تضرراً، في ظل تعرض البنية التحتية الزراعية للتدمير الكامل، جراء تصاعد العمليات العسكرية في المناطق التي تمثل القلب النابض للإنتاج الزراعي، خصوصاً الجزيرة وسنار ودارفور وكردفان، ما فاقم معاناة السكان.
وتسببت الحرب في تداعيات كارثية طالت معظم جوانب القطاع الزراعي السوداني، إذ تُشير بعض التقديرات إلى خروج نحو 60 % من مساحة الأراضي المستخدمة عن دائرة الإنتاج. علماً بأن السودان يمتلك 170 مليون فدان صالحة للزراعة، وكان المستخدم منها قبل الحرب 40 مليوناً فقط.
ويُعد مشروع الجزيرة الذي يمتد على مساحة 2.3 مليون فدان واحداً من أكثر المشاريع الزراعية تضرراً من الحرب، مما تسبب في خسائر اقتصادية واجتماعية فادحة، نظراً لكونه أكبر مشروع في العالم يروى بنظام الري الانسيابي، ويشكل مصدر الدخل الأساسي لأكثر من مليون أسرة سودانية.
وفي دارفور، تبدو الأوضاع أكثر كارثية، وأكثر تعقيداً، حيث يعتمد نحو 85 % من سكان الإقليم على الزراعة، وقد أجبرت العمليات العسكرية غالبيتهم إلى الفرار والنزوح بعيداً عن أراضيهم الزراعية. 
كما تُعد سنار والنيل الأزرق وشمال وغرب كردفان أكثر الولايات المتضررة من الحرب، حيث شهدت انخفاضاً ملحوظاً في المساحات المزروعة، ولم تسجل ولايتا شمال وغرب كردفان أي إنتاج زراعي في موسم المحاصيل الصيفي لعام 2023.
وبحسب تقديرات منظمة الأغذية والزراعة العالمية «الفاو»، فإن إنتاج السودان من الحبوب تراجع بنسبة تزيد على 60%، موضحة أن أكثر من 1.8 مليون أسرة سودانية تعمل في الزراعة والرعي، وبات غالبية المزارعين يجدوا صعوبة في الوصول إلى الأراضي والمواد الأولية.
وتسبب اتساع رقعة الحرب على امتداد نحو 70% من مناطق السودان في تعطيل عجلة الإنتاج الزراعي والصناعي، لا سيما مع فقدان 85% من قدرات شبكات الري.

دعم الإمارات
منذ اندلاع النزاع في السودان، في أبريل 2023، تحرص دولة الإمارات على دعم جميع القطاعات الحيوية في البلاد، ومن بينها القطاع الزراعي، حيث وقعت اتفاقية مع منظمة الأغذية والزراعة «الفاو» لتقديم تمويلاً قدره 5 ملايين دولار يوجه لمشروع تخفيف المجاعة ودعم أصحاب المشروعات الزراعية الصغيرة والأسر الرعوية المتأثرة بالحرب.
ويوفر المشروع مساعدات طارئة في مجال المحاصيل والماشية والخدمات البيطرية لنحو 275 ألف أسرة من صغار المزارعين والرعاة الضعفاء، ويستفيد منه نحو مليون و375 ألف شخص.
كما يهدف إلى الحد من الخسائر في الثروة الحيوانية من خلال التطعيم الوقائي ضد الأمراض العابرة للحدود، ويستهدف مليوني رأس من الحيوانات، ويستفيد منه نحو 600 ألف شخص، 25% منهم من الأسر التي تعيلها النساء.

تراجع حاد
شددت الباحثة في الشؤون الأفريقية، نسرين الصباحي، على أن تداعيات الحرب في السودان لم تقتصر على المشهدين السياسي والإنساني فحسب، بل امتدت لتضرب بشدة القطاع الزراعي الذي يُعد أحد أهم ركائز الاقتصاد السوداني، إذ يعتمد عليه ملايين السكان في حياتهم اليومية.
وأوضحت الصباحي، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن تدهور القطاع الزراعي في السودان جاء نتيجة مباشرة لعدة عوامل تراكمية أفرزها النزاع المسلح، أبرزها موجات النزوح الجماعي التي ضربت المجتمعات الريفية، والتي تُعد الحاضنة الأساسية للنشاط الزراعي في البلاد.
وأشارت إلى أن النساء والفتيات اللاتي يُمثلن عماد القوة العاملة الزراعية في كثير من مناطق السودان، هن الأكثر تضرراً من النزاع، ليس فقط بفعل العنف والنزوح، بل أيضاً نتيجة تحملهن لأعباء جديدة، أبرزها محاولة تأمين الغذاء في بيئات صارت غير صالحة للإنتاج الزراعي بفعل الدمار وانعدام الأمن.
وقالت الباحثة في الشؤن الأفريقية، إن التقارير الأممية تُظهر أرقاماً مرعبة، إذ بلغ عدد النساء والفتيات النازحات داخل السودان نحو 5.8 مليون، ضمن أكثر من 12 مليون نازح داخل السودان وخارجه، وكثير من هؤلاء كانوا في الأصل من سكان المناطق الزراعية، مما يعني فقداناً جماعياً للأيدي العاملة، وانهياراً للقدرة الإنتاجية في قطاعات الزراعة والرعي، لا سيما في مناطق مثل دارفور وكردفان والنيل الأزرق.
وأضافت أن المرأة السودانية في الأرياف أصبحت مضطرة للعب أدوار متعددة، في ظل غياب الرجال بسبب الحرب أو النزوح أو القتل، من الزراعة والرعي إلى رعاية الأطفال وتأمين الغذاء والمأوى، وهو ما يجعل النساء يتحملن العبء الأكبر في مجتمع منهك أصلاً اقتصادياً واجتماعياً.
ونوهت الصباحي بأن استمرار النزاع وتصاعد المعارك، خصوصاً في مناطق الإنتاج الزراعي الأساسية، يُهددان بإدخال السودان في مرحلة انعدام أمن غذائي غير مسبوق، مشددة على أهمية تقديم الدعم الإنساني والإغاثي العاجل، وإعادة التفكير في سبل تأهيل المجتمعات الزراعية المتضررة، مع التركيز على خدمات الدعم النفسي والصحي للنساء اللواتي تحولن من ضحايا مباشرة للحرب إلى خط الدفاع الأول في مواجهة الجوع والانهيار الاقتصادي.

ضربة قاصمة
قالت الباحثة في الشؤون الأفريقية، نورهان شرارة، إن القطاع الزراعي السوداني كان يمثل ما بين 30 و%35 من الناتج المحلي الإجمالي، ويُعد مصدر رزق لنحو %60 من القوى العاملة. ومنذ اندلاع الحرب، تلقى القطاع ضربة قاصمة، حيث تشير التقارير الدولية والمحلية إلى أن السودان فقد معظم موارده الطبيعية والبشرية، مع نزوح نحو 12 مليون شخص داخل وخارج البلاد، كثير منهم من المزارعين الذين كانوا يشكلون العمود الفقري للمواسم الزراعية.
وأضافت شرارة، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن البيانات تشير إلى أن البنية التحتية الزراعية تعرضت لانهيار شبه كامل، مما أدى إلى انخفاض الإنتاج الوطني من الحبوب بنسبة لا تقل عن %60، في ظل انقطاع الإمدادات الأساسية من بذور وأسمدة، بسبب تفاقم الأوضاع الأمنية في مناطق الزراعة الأساسية مثل الجزيرة والنيل الأزرق وكردفان.
وأكدت أن السودان يقف على حافة المجاعة، وفقاً لتصنيف الأمن الغذائي المتكامل (IPC)، حيث يعاني نحو 18 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي الحاد، ورغم وصول بعض المساعدات الإغاثية، فإن المستقبل يبدو قاتماً، مشيرة إلى أن معالجة الانهيار الكارثي للقطاع الزراعي لن تكون سريعة أو سهلة، بل ستتطلب سنوات من العمل، وتمويلاً دولياً ضخماً، وأهم من كل ذلك استقراراً سياسياً حقيقياً يؤسس لإعادة بناء ما دمرته الحرب في الريف السوداني.

مقالات مشابهة

  • للحرب وجوه كثيرة
  • وزير المالية السوداني: وقف الحرب أولا وشعبنا سيحكم نفسه بنفسه
  • الكتابة في زمن الحرب.. هكذا يقاوم مبدعو غزة الموت والجوع
  • الإمارات.. جهود بارزة لدعم القطاع الزراعي في السودان
  • شاهد بالفيديو.. الفنان محمد بشير يصلح لسيدة سودانية ثوبها بعد أن سقط منها أثناء تفاعلها معه في الرقص على أنغام إحدى أغنياته
  • شاهد بالفيديو.. الفنان شريف الفحيل ينهار ويفتح النار على المطرب محمد بشير لهذا السبب!!! (عمايلك زبالة) والجنس اللطيف يتصدى ويرد: (دي غيرة وروح شريرة منك ما اكتر)
  • رائحة الموت لم تفارقنا.. سكان غزة في ذكرى مرور 600 يوم على الحرب
  • دمار كبير في القطاع الصناعي سببه الحرب في السودان
  • السولار الصناعي... بابٌ مفتوح على الموت
  • وكيلة وزارة المعادن: الوثائق الروسيه تحتوي على قاعدة بيانات قوية لاستعادة كل الوثائق والتقارير الجيولوجية التي فقدت في الحرب