الشباب في الهدي النبوي الشريف
تاريخ النشر: 14th, September 2024 GMT
الاحتفال بمولده صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم لا يقتصر فقط على كبار السن، بل ينبغي أن يكون الشباب في مقدمة المحتفلين، فقد أولاهم صاحب الذكرى صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه مكانة كبيرة، وليس أدل على ذلك حينما جعل الشباب سيدي أهل الجنة، حينما قال : (الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة)، والناس في الجنة شباب، لمكانة هذه الفترة الزمنية عند الناس، فالكل يتمنى أن يكون من فئة الشباب، لكونها ترمز للقوة .
((سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: منهم شاب نشأ في عبادة ربه))، فلننظر أي منزلة جعلها النبي صلى الله عليه واله وصحبه وسلم للشاب الطائع لربه المؤدي ما عليه من فرائض والمجتنب للحرام.
من أبرز ما يدل على عنايته صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم بالشباب أن اختار منهم قادة للجيوش التي يكون فيها كبار الصحابة – رضي اللهم عنهم أجمعين، لتوفر القوة والنشاط فيهم.
كما كان النبي -صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم- يدعو الشباب إلى ممارسة الرياضة، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل شارك النبي صلى الله عليه وآله وسلم بنفسه الشباب في ذلك، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سَلَمَةَ بْنَ الأَكْوَعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى نَفَرٍ مِنْ أَسْلَمَ يَنْتَضِلُون، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «ارْمُوا بَنِي إِسْمَاعِيلَ، فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا ارْمُوا، وَأَنَا مَعَ بَنِي فُلاَنٍ» قَالَ: فَأَمْسَكَ أَحَدُ الفَرِيقَيْنِ بِأَيْدِيهِمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «مَا لَكُمْ لاَ تَرْمُونَ؟»، قَالُوا: كَيْفَ نَرْمِي وَأَنْتَ مَعَهُمْ؟ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «ارْمُوا فَأَنَا مَعَكُمْ كُلِّكُمْ» وهو ما يدل على حرصه صلى الله عليه وآله وسلم على تعليم الشباب حتى أصبح أكثر الناس رواية للحديث هم الشباب: بلغ من اهتمام النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالشباب، وحرصه على تعليمهم أن صار الشباب هم أكثر الصحابة رواية للسنة النبوية، فمن حمل إلينا معظم هذا الدين، كانوا من الشباب، لم تتجاوز أعمار معظمهم الثلاثين من العمر عند وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.
من خلال ما ذكرنا تتبين لنا مكانة الشباب عند سيدنا رسول الله، وهنا يحق لنا أن نسأل عن مكانته صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم عندهم؟!
كل شاب محب لرسوله الكريم، ما عليه إلا أن يجعله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أمامه في كل عمل يعمله، فهو إن عصى الله وشاهده رسول الله، فهل سيكون عنه راضياً؟ ان اقترب لفعل الحرام، وتذكر أن رسول الله يعرض عليه فعله، هل سيكون مسرورا بذلك؟
خلاصة محبته صلى الله عليه واله وصحبه وسلم تتمثل في اتباع هديه الذي هو القرآن، فكما قالت السيدة عائشة رضي الله عنها، عندما سئلت عن خلقه الشريف،: «كان قرآنا يمشي على الأرض».
وكمال محبته صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، إظهار الفرحة بمولده الشريف، ولهذا ينبغي على الشباب أن يكونوا في مقدمة الفرحين بمولده، المتبعين لسنته .
نبارك لكل المسلمين ولادة سيد المرسلين الذي يصادف يوم غد الأحد، نسأل الله تعالى أن يوفقنا لإظهار محبته قولا وفعلا، وألا يكون حظنا من ذلك فقط تعليق الزينة وحضور الموائد ورفع الشعارات، ففيها الخير إن اقترنت باتباعه في ما أمر واجتناب ما نهى عنه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.
كل عام وأنتم بخير ونصر الله أهل فلسطين ومن نصرهم بما نصر به المرسلين وحفظهم بما حفظ به الذكر المبين، انه قوي متين وهزم عدوهم ومن تحالف معهم عليهم من أهل الشر في الأرض أجمعين.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
يهدم ما كان قبله.. خطيب المسجد النبوي: الحاج الموفق من عمر وقته بهذه الطاعات
قال الشيخ الدكتور عبدالمحسن بن محمد القاسم، إمام وخطيب المسجد النبوي، إن أيام العشر من ذي الحجة، اجتمعت فيها أُمهات العبادة - من الصَّلاة، والصدقة، والصيام، والحج، والنحر.
يهدم ما كان قبلهوأوضح “ القاسم” خلال خطبة الجمعة الأولى من شهر ذي الحجة اليوم من المسجد النبوي بالمدينة المنورة، أن من أعلام أيامها حج بيت الله الحرام، أحد أركان الإسلام، وأصل من أصوله العظام، تُمحى به الذنوب والخطايا.
واستشهد بما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "الحَج يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ" (رواه مسلم)، وهو طهرةً للحاج من أدران السيئات، قال - صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ حَجّ لله فَلَمْ يُرفُث، ولَمْ يَفْسُقُ رَجَعَ كَيوم ولَدَتْهُ أُمُّهُ" (متفق عليه)، منوهًا بأن الحاج الموفّق منْ عمر وقته في هذه الأيام المباركة بالطَّاعات.
وتابع: وتزود فيها من الصالحات، وتعرّض فيها لنفحات الرحمات، وشكر فيها ربِّه على النعم المتواليات، ودعا للقائمين على خدمة الحجيج والمعتمرين، فالعباد لهم سعي حثيث إلى الله، وليس لهم حظّ عن رحالهم إلا في الجنة أو النار، وكل ساعة من العمر إن لم تقرب المرء من ربّه أبعدته.
وأكمل : الأيام العشر من ذي الحجة فيها يوم عرفة، وهو ملتقى المسلمين المشهود، يوم كريم على المسلمين، مستدلًا بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم- "مَا مِنْ يَوْمِ أَكثرَ مِنْ أَنْ يُعتق اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عرفة" (رواه مسلم)، مشيرًا إلى أن يوم عرفة، يومُ دعاءٍ ورجاءٍ وخشوعٍ، وذُلٍ وخضوعٍ للواحد الأحد.
دعاء يوم عرفةواستدل بما قال ابنُ البرّ- رحمه الله-: “دعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ مُجَابٌ كُلَّهُ فِي الْأَعْلَبِ”، منوهًا بأن في العشر من ذي الحجة أحدُ عيديّ المسلمين، ففيها يوم النحر، أعظمُ الأيَّامِ عند الله، وأشدُّها حُرمةً، وقال النبي – صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع في خطبته يوم النحر: "أَلَا إِنَّ أَحْرَمَ الأيام يومُكُمْ هَذَا"(رواه أحمد).
وأشار إلى أنه أفضل أيام المناسك وأظهرها، وأكثر شعائر الإسلام فيه، وهو يوم الحجّ الأكبر الذي قال الله تعالى فيه: "وَأَذَان مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَومَ الحَج الأكبر" وفيه أكمل الله لهذه الأمة الدين.
وبين أن في نفوس المسلمين خلال أيام العشر من ذي الحجة حنينٌ لحجِّ بيت الله الحرام، لافتًا إلى أن من فضل الله على عباده أنه لم يُوجبه إلا على المُستطيع، كما أن مَنْ عَزمَ على حجّه ولم يستطِع نال ثوابه.
صيام التسعة الأولىونوه بأنه يُستحبُّ في العشر المباركة صيامُ التِّسعة الأولى منها، قال النووي- رحمه الله-: “مُسْتَحَبٌ استحبابًا شَدِيدًا”، فقال- صلى الله عليه وسلم- عن صيامِ يومِ عرفة "يُكَفِّرُ السَّنة الماضية والباقية" (رواه مسلم).
ونبه إلى أن الأفضل للحاج أن لا يصومه، تأسّيًا بفعل النبي- صلى الله عليه وسلم-، مشيرًا إلى أنه يُستحبُّ في أيام العشر من ذي الحجة الإكثار من ذكر الله، امتثالًا لقول الله جلّ شأنه: "وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومات".
واستطرد: كما دعا إلى ذلك النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- في قوله: "فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التهليل والتكبير والتحميد" (رواه أحمد)، منوهًا بأن التكبير المطلق في كل وقت من شعائر عشر ذي الحجة.
يشرع التكبيروأفاد بأنه يُشرَعُ التكبير المقيّد عقب الصلوات المفروضة، من فجر عرفة، وللحُجّاج وغيرهم – إلى عصر آخر أيام التشريق، ومما يُستحبّ فعله في العشر من ذي الحجة، تلاوة كتاب الله العظيم، فأجرها مضاعفٌ.
ولفت إلى أن الصدقة من أبوب السعادة، وخير ما تكون في وقتِ الحاجة وشريف الزمان، وفي أيام النحر والتشريق عبادة مالية بدنية قرنها الله بالصلاة، فقال سبحانه: “فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ”، والله سبحانه، حثّ على الإخلاص في النحر.
وواصل: وأن يكون القصد وجه الله وحده، لا فخر، ولا رياء، ولا سمعةً، ولا مُجرَّدَ عادة، فقال سبحانه: "وَلَن يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُم"، وقد "ضحى النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بِكَبْشَيْنِ أَملحين أقرنين، ذَبحهما بيده". (متفق عليه)