وسائل التواصل الاجتماعي بين فضاءات الحرية وهدم الأوطان
تاريخ النشر: 17th, September 2024 GMT
تواصل الثورة التقنية والاتصالات تحديها لكثير من مفاهيمنا التقليدية ومنظومات القيم والأخلاق والأعراف المرتبطة بمفاهيم الحرية التي نشأت عليها مختلف الأجيال البشرية قبل انبثاق هذه المنصات والتطبيقات والتي فرضت نفسها واقعا جديدا لا عودة عنه. وليس من قبيل المبالغة أن القادم سيكون أكثر تعقيدا وغموضا في التعامل معه بأدواتنا الإنسانية الحالية لاسيما مع دخول حقبة الذكاء الاصطناعي لتشكل هي الأخرى انعطافة بشرية هائلة نحو تسليم التفاصيل الإنسانية إلى الآلة.
ورغم ذلك يلاحقنا السؤال، إلى أين تأخذنا هذه التحولات الغرائبية في المسير البشري نحو المستقبل وماذا تفعل بنا هذه التطبيقات وكيف تشكل (وتضيع) وقتنا ووعينا وعلاقاتنا مع الذات والآخر سلبا وإيجابا. لقد كتب الكثير حول هذا الوضع ولم يكن مفاجئا أن يوجه الروائي البرازيلي الشهير امبرتو ايكو نقدا قاسيا لهذه الحالة (1932 – 2016) معتبرا أن «أدوات مثل تويتر وفيسبوك تمنح حق الكلام لفيالقٍ من الحمقى، ممّن كانوا يتكلمون في البارات فقط بعد تناول كأس من النبيذ، دون أن يتسبّبوا بأي ضرر للمجتمع، وكان يتم إسكاتهم فوراً، أما الآن فلهم الحق بالكلام مثلهم مثل من يحمل جائزة نوبل. إنه غزو البُلهاء».
على ذات الخط ، يرى الفيلسوف والأكاديمي الكندي «الان دونو» في كتابه «نظام التفاهة» (The Banality System) وفقا لترجمة الدكتورة مشاعل عبد العزيز الهاجري أن الأمر «قد تطور حتى صار يكتسح جميع المجالات، وصارت التفاهة نظاما يحتفى به، واستطاع التافهون أن يبنوا عالما جديدا يقتل الإبداع والتميز، ويشرع التفاهة والتخلف».
وفي العبور نحو فضاءات الحرية والتعبير عن الرأي في تلك المنصات يدوي السؤال حول الحدود التي يمكن أن ننطلق منها أو نقف عندها. الشاهد في راهن الوضع العام أن هناك جانبا مشرقا وواسعا بإمكانية الاستفادة الهائلة من محتوى هذه المنصات والتطبيقات رغم الجدل المستمر حول محتواها. بيد أن تلك المنصات أصبحت سلاحا كذلك لدى البعض ومعول هدم لآخرين ومنطلقا خطيرا لبث الكراهية والعنف والتحريض والتشهير وضرب استقرار الأوطان.
والمتابع للقضايا العالمية لربما يلاحظ الاستغلال البشع لهذه الوسائل في إرهاب الآخرين من جانب كافة الأطياف الأيديولوجية وراياتها البغيضة سواء من التنظيمات الإرهابية في الشرق الأوسط أو حركات اليمين المتطرف وخطاباتهم العنصرية ضد الآخر المختلف في الغرب أو ما يحدث من تطرف سياسي عنصري ضد الأقليات في بعض الدول الآسيوية وغيرها، وتشترك جميعها في أن خطاباتها التي تنضح حقدا وكراهية واستخفافا بالقيم والحياة الإنسانية وكرامتها، نجدها تستغل ذات المنصات في توسعة جبهات أنشطتها ومد نفوذها وإيصال خطاباتها العنيفة وبكل السبل للمغرر بهم.
وحينما يصل الانحدار الفكري والعقائدي لهذا الدرك من الخطورة بحجة حرية التعبير والرأي، فلا يمكن أن نتوقع من الدولة المسؤولة أن تقف مكتوفة الأيدي أمام هذا المد من الفكر العنيف الذي يضرب استقرار الأوطان ويهدم مكونات السلم الأهلي ويعبث بقدسية الأمن والأمان والذي من دونهما لا يمكن أن تستقيم دولة أو أن يكون لها وجود حقيقي على مؤشرات التنمية والعمران والتمدن والحضارة، ولا غرو أن نجد نحو تسع دول عربية قد تصدرت مؤشر الدول الفاشلة لعام 2024 (https://fragilestatesindex.org/) من بين 179 دولة، بعد أن نجحت خطابات الكراهية والفرقة والمذهبية والتناحر والعنف في مختلف منابرها الإعلامية التقليدية والإلكترونية في تفتيت وضرب استقرارها ونسف سنوات البناء والتنمية وتضحيات الشعوب التي استغرقت عقودا من الزمن جراء شيوع ثقافة المحاصصة الطائفية والمناطقية والإقصائية والوقوع فريسة سهلة لمخططات التفتيت وسماسرة الحروب ووكلاء الخراب.
وفي الغرب نفسه بكل مؤسساته الديموقراطية والبرلمانية وما يتشدق به صباح مساء حول الحريات، نلاحظ أن دولة بعراقة المملكة المتحدة لم تتردد في اتخاذ إجراءات استثنائية مباشرة لاحتواء تحركات وخطابات اليمين المتطرف في بريطانيا لإثارة الشارع البريطاني ضد المسلمين بعد مقتل طفلتين، والترويج بأن القاتل كان مسلما، بل والشروع الفوري في عقد محاكمات مباشرة (لا تتجاوز أربعة وعشرين ساعة) وصدور أحكام قاسية ضد من تسول له نفسه الخروج عن القانون بحجج حرية التعبير والرأي حينما يؤدي هذا المسلك إلى إزهاق الأرواح وإتلاف الممتلكات وتخريبها. وطالبت بعض الأصوات مثل الكاتب البريطاني جوناثان فريدلاند في صحيفة الجارديان بتاريخ 9 أغسطس 2024 بأن تسعى الحكومة البريطانية لمقاضاة «إيلون ماسك» نفسه الذي يراه الكاتب طرفا في التحريض على ضرب الاستقرار في البلاد حيث أخذ يروج أن «الحرب الأهلية قادمة إلى بريطانيا لا محالة» في منصة أكس.
تعكس مثل هذه المنصات ومالكيها والكثير من الجهات المغرضة والأفراد المغرر بهم، وجود إمكانيات كبيرة لضرب استقرار المجتمعات ومن أماكن بعيدة وهو أمر يفرض تحديات أمنية لا يمكن تجاهلها وبالتالي تقتضي المسؤولية أن تكون الأوطان محصنة قدر المستطاع من هذا المد المعقد، والعمل على تنظيم قطاع وسائل التواصل الاجتماعي خاصة ما يتعلق بالخطابات الداعية إلى الفتنة وضرب الاستقرار، وتعزيز الاستفادة الإيجابية منه وإثراء المحتوى المحلي بما يعكس حضارية هذا البلد وثراءه وتراثه وإبداعات شبابه وتقديم قدوات جديرة بالظهور والتقدير والدعم.
يحيى العوفي كاتب ومترجم عماني
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
بعد طرح فيديو كليب خطفوني.. عمرو دياب يتصدر تريند المنصات الموسيقية
تصدر الفنان عمرو دياب، تريند موقع يوتيوب، فضلا عن تصدره قائمة الأعلى استماعا عبر عدد من المنصات الموسيقية، وذلك عقب طرحه فيديو كليب أغنية خطفوني» بالأمس بالتعاون مع ابنته جانا.
وتم تصوير فيديو كليب أغنية «خطفوني» في الساحل الشمالي تحت إشراف المخرج الكبير طارق العريان، في أجواء صيفية وبدأت جانا الغناء ليظهر بعدها عمرو دياب في الكليب بعدة إطلالات مبهجة تتناسب مع الأجواء الصيفية.
وأغنية خطفوني، من كلمات الشاعر الغنائي تامر حسين، ألحان عمرو مصطفى، وتوزيع أسامة الهندي، وتقول كلماتها الآتي:
«خطفوني عينيه خطفوني
I’m like a movie، his eyes will never leave me
I need attention، but you’re too precious
Oh، I should leave you، but I find it hard to go
خطفوني عينيه خطفوني
You’re so annoying، you know just how to talk to me
I need attention، but you’re too precious
I know I should leave you، but I find it hard to go
انت حبيبي حبيبي حبيبي
كل ما فيك يا حبيبي حبيبي
أغلى الناس عندي ف ترتيبي
والباقي يجي بعدين
انت حبيبي حبيبي حبيبي أنا
قبل لُقانا ما يجي ب كام سنة
ياللي عيونك دول خدوني وخطفوني وراموني
خطفوني عينيك خطفوني
وراموني في نار وسابوني آه
وقوام قوام نظرة وسلام
ناديتك لَقيتك مِجنني
خطفوني عينيك خطفوني
وراموني في نار وسابوني آه
وقوام قوام نظرة وسلام
أنا قلبي دا إتاخِد مني
دانا ياما ياما كان
كان قلبي يا حبيبي خالي
ياما ياما كان
ممنوع عليه سهر الليالي
كل دا زمان
يا حبيبي كل كل دا زمان
ولا دول ولا دول
انت اللي مالي مالي عيني
دولا ولا دول
إتدارى جوه نن عيني
يا حبيبي قول
هتعيش معايا كِده على طول
خطفوني عينيك خطفوني
وراموني في نار وسابوني آه
وقوام قوام نظرة وسلام
ناديتك لَقيتك مِجنني
خطفوني عينيك خطفوني
وراموني في نار وسابوني آه
وقوام قوام نظرة وسلام
أنا قلبي دا إتاخِد مني
I can’t escape from the mess that I made، but
there must be a way just to save me from this pain
I guess I’m a fool for this love that I can’t contain، no I can’t contain it
If it’s not you then who?
If it’s not you then who?
Huh، If it’s not you then who?
If it’s not you then who?
Jana lets go
انت حبيبي حبيبي حبيبي
You can try، but I don’t think you’ll leave me
I wanna little bit of mess and chaos oh
انت حبيبي حبيبي حبيبي أنا
You look my way، and I break
يا حبيبي أنا
ياللي عيونك دول خدوني وخطفوني وراموني
خطفوني عينيك خطفوني
وراموني في نار وسابوني آه
وقوام قوام نظرة وسلام
I know I should leave you، but I find it hard to go
خطفوني عينيك خطفوني
وراموني في نار وسابوني آه
وقوام قوام نظرة وسلام
أنا قلبي دا إتاخِد مني».
اقرأ أيضاً«Just You».. انتهاء تصوير ثالث حكايات مسلسل «ما تراه ليس كما يبدو»
يحتل المركز الأخير.. تراجع إيرادات فيلم «ريستارت» بدور العرض السينمائي