في غزة ولبنان وإيران، أظهرت إسرائيل أنها قادرة على القيام بأعمال تجسس غير عادية، لكنها تكافح من أجل تحديد أهداف طويلة الأجل، وفقاً لمحللين إسرائيليين وشخصيات عامة تحدثوا لصحيفة "نيويورك تايمز".

وتقول صحيفة "نيويورك تايمز" إن التناقض بين براعة هجمات إسرائيل الأخيرة التي استهدفت عناصر حزب الله وعدم اليقين بشأن استراتيجيتها طويلة الأجل في لبنان هو أحدث مثال على هشاشة الحكم الإسرائيلي، وفقاً لشخصيات عامة ومحللين إسرائيليين.

Like so many of Israel’s actions, the pager attack was a tactical success—but its strategic consequences remain to be seen. Economist https://t.co/PkJ5nzAfXq

— Aniq Naji (@aniqnaji) September 18, 2024 فشل استراتيجي

تبدو إسرائيل قوية من الناحية التكنولوجية، لكنها ضائعة استراتيجياً، إذ إنها قادرة على القيام بأعمال تجسس غير عادية، فضلاً عن تعبيرات قوية عن القوة العسكرية، لكنها تكافح لربط هذه الجهود بأهداف دبلوماسية وجيوسياسية طويلة الأجل.

وقال إيهود أولمرت، رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق: "نرى تطور العقول التكنولوجية لإسرائيل وفي الوقت نفسه الفشل التام للقيادة السياسية في تنفيذ أي تحركات ناتجة".

وأضاف أولمرت: "إنهم منشغلون ومهووسون بمخاوفهم لدرجة أنهم لا يستطيعون فعل أي شيء على أساس استراتيجي أوسع".

وتشير الصحيفة، إلى أن على الرغم من تسلل أجهزة الأمن الإسرائيلية إلى شبكات الاتصالات التابعة لحزب الله وقامت بتخريبها بتفجير أجهزة الاستدعاء وأجهزة لاسلكية أخرى هذا الأسبوع، لكن القيادة الإسرائيلية تبدو غير متأكدة من كيفية احتواء الجماعة على المدى الطويل.

وقامت إسرائيل بعدة مهام واغتيالات سرية داخل إيران، كان آخرها زعيم حماس إسماعيل هنية من خلال التسلل إلى دار ضيافة تحميها المؤسسة الأمنية الإيرانية. وفي الوقت نفسه، تجنبت تقديم التنازلات السياسية اللازمة لإقامة تحالفات رسمية مع معظم خصوم إيران في المنطقة.

Analysis | Hezbollah vows revenge for the deaths of over two dozen members in recent attacks, promising a response that Israel cannot anticipate.

Written by @sfrantzman https://t.co/0PhYkufaOP

— The Jerusalem Post (@Jerusalem_Post) September 19, 2024 حملة عسكرية بطيئة

وأطلقت قوات الكوماندوز التابعة لها سراح عدة رهائن من الأسر من خلال عمليات خاصة معقدة، حتى في الوقت الذي فشل فيه سياسيوها في التوصل إلى اتفاق أوسع لإنقاذ أكثر من 100 آخرين ما زالوا محتجزين في غزة. وبينما قصفت القوات الجوية الإسرائيلية الرائدة عالمياً غزة، ودمرت الكثير من النسيج الحضري في القطاع وقتلت كبار قادة حماس مثل محمد ضيف،

وحتى الآن، لم تصدر الحكومة الإسرائيلية خطة مفصلة وقابلة للتطبيق لمستقبل غزة بعد الحرب.

والنتيجة هي حملة عسكرية بطيئة ومتكررة في غزة يقوم فيها الجنود الإسرائيليون بشكل متكرر بالاستيلاء على جيوب الأرض نفسها ثم الانسحاب منها، دون تفويض إما بالتمسك بالأرض أو الشروع في نقل السلطة إلى قيادة فلسطينية مختلفة.

وجاءت حملات إسرائيل بتكلفة باهظة من خلال قتل عشرات الآلاف من المدنيين في غزة بالإضافة إلى عدة مئات من اللبنانيين في ضرباتها على المقاتلين التابعين لحزب الله، وأثارت بذلك غضباً دولياً، ووجهت اتهامات بالإبادة الجماعية في محكمة العدل الدولية وشوهت مكانتها العالمية دون تدمير حماس بشكل قاطع، ناهيك عن حزب الله.

بالنسبة للبعض، فإن الضبابية في استراتيجية إسرائيل مستمدة جزئياً من صدمة هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول)، إذ كان الهجوم هو أكثر الأيام دموية في تاريخ إسرائيل وربما ترك قادة إسرائيل يسعون لتحقيق انتصارات قصيرة الأجل للتكفير عن هفواتهم في ذلك اليوم، على حساب التخطيط طويل الأجل لمستقبل إسرائيل.

Israel planted explosives in pagers sold to Hezbollah, officials say https://t.co/1pE0ZPaKdC

— The Boston Globe (@BostonGlobe) September 18, 2024

ومع صدمة العديد من الإسرائيليين جراء الهجوم، يخاطر قادتهم بفقدان شعبيتهم وتشويه إرثهم من خلال الترويج لتسويات مثيرة للجدل لإنهاء حروب إسرائيل المختلفة.

مخاطر سياسية

وقال السفير الإسرائيلي السابق في واشنطن إيتامار رابينوفيتش: "يمكن تحقيق نجاحات تكتيكية من قبل محترفين، لكن يجب تحقيق إنجازات واسعة النطاق من قبل القادة.. يجب أن يكونوا قادرين على مخالفة التيار، واتخاذ قرارات غير شعبية ومخاطر سياسية".

بالنسبة لبنيامين نتانياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، يجب إعطاء الأولوية لأمن إسرائيل بأي ثمن، ويجب تشويه سمعة حماس وحزب الله بشكل كامل لاستعادة الشعور بالردع والمناعة الذي فقدته إسرائيل في هجوم حماس قبل التوصل إلى تنازلات دبلوماسية.

لكن بالنسبة لمنتقدي نتانياهو، لا يمكن تحقيق الأمن الحقيقي بدون رؤية دبلوماسية يمكن أن يقبلها حلفاء إسرائيل وحلفاؤها المحتملون، فهم يجادلون بأن العمليات الإسرائيلية الناجحة ضد حماس وحزب الله وإيران لن يكون لها تأثير محدود على المدى الطويل إلا إذا ظلوا منفصلين عن استراتيجية وطنية متماسكة.

U.S. warns Netanyahu against starting a war in Lebanon https://t.co/HhYksgHdjC

— Axios (@axios) September 16, 2024

ووفقاً لمعارضيه، سمح نتانياهو للاعتبارات السياسية وخاصة حاجته لمنع انهيار حكومته الائتلافية الهشة، أن تحل محل القرارات الاستراتيجية التي يعارضها حلفائه في الائتلاف.

وتعتمد قبضة نتانياهو على السلطة على مجموعة من المشرعين اليمينيين المتطرفين الذين يعارضون أنواع التسويات اللازمة للوصول إلى نهاية اللعبة في غزة ولبنان.

Israel expands war goals to include return of residents near border with Lebanon https://t.co/qoGP9ILfAi

— The Guardian (@guardian) September 17, 2024 تحركات غير حاسمة

وهدد هؤلاء المشرعون بانهيار ائتلاف نتانياهو إذا وافق على هدنة في غزة تترك حماس في السلطة. كما يعارضون خطط تسليم السلطة إلى الخصم الفلسطيني الرئيسي لحركة حماس، فتح.

في المقابل، أدت المواجهة في غزة إلى تمديد الحرب على طول الحدود الإسرائيلية اللبنانية، حيث يقول حزب الله إنه سيواصل القتال حتى يتم التوصل إلى هدنة بين إسرائيل وحماس.

وقال نداف شتراوتشلر، وهو استراتيجي سياسي ومستشار سابق لنتانياهو: "على الرغم من أن هذه خطوات تكتيكية، إلا أنها جزء من خطة أكبر"، بعد أشهر من الصراع على طول الحدود الإسرائيلية اللبنانية.

بالنسبة للآخرين، لا تزال التحركات تبدو غير حاسمة، ولا تصل إلى حد النهاية الحاسمة للمأزق من خلال القوة أو الدبلوماسية. من ناحية، تجنب نتانياهو الأمر بغزو بري للبنان. ومن ناحية أخرى، رفض هدنة في غزة يمكن أن تنهي حرب لبنان من خلال الوساطة.

Israel’s double-punch humiliation of Hezbollah is a dance on the edge of an abyss https://t.co/fFTbp4XrkK

— Guardian Australia (@GuardianAus) September 18, 2024

وبالنسبة لأولمرت، رئيس الوزراء السابق، فإن افتقار إسرائيل للاستراتيجية يمتد إلى ما هو أبعد من نتانياهو.

وقال أولمرت إن المشكلة متجذرة في إحجام المجتمع الإسرائيلي ومؤسسته عن معالجة معضلة داخل إسرائيل أو حتى الاعتراف بها في بعض الأحيان، وهي: مسألة السيادة.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: تفجيرات البيجر في لبنان رفح أحداث السودان الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية إسرائيل أساس استراتيجي عدة رهائن الحكومة تكلفة باهظة الضبابية الهجوم نتانياهو رؤية دبلوماسية القرارات الاستراتيجية قبضة غزة تمديد الحرب نتانياهو تفجيرات البيجر في لبنان حزب الله إسرائيل لبنان غزة وإسرائيل من خلال فی غزة

إقرأ أيضاً:

وسائل إعلام إسرائيلية: الولايات المتحدة وإسرائيل قررتا إنهاء عمل اليونيفل في جنوب لبنان

أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن الولايات المتحدة وإسرائيل قررتا إنهاء مهمة قوة الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان (اليونيفل)، واعتبار الطرفين أن التنسيق مع الجيش اللبناني بات كافياً ولا حاجة لاستمرار وجود القوة الدولية. اعلان

أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل اتفقتا على إنهاء مهمة قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)، المنتشرة في الجنوب منذ ما يقارب نصف قرن.

ووفقاً لما نقلته صحيفة يسرائيل هيوم عن مصادر مطلعة، فإن القرار يأتي في ضوء ما وصفته الصحيفة بـ"فعالية التنسيق" مع الجيش اللبناني، واعتبار الطرفين أن استمرار وجود اليونيفيل لم يعد ضرورياً. وأضافت أن واشنطن تسعى كذلك إلى خفض التكاليف المرتبطة بتشغيل القوة الدولية.

وأشارت الصحيفة إلى أن الأسابيع الأخيرة شهدت نقاشات مكثفة على مستوى القيادتين السياسية والأمنية في تل أبيب وواشنطن، تناولت جدوى بقاء هذه القوة، ولا سيما في ظل اتهامات إسرائيلية لها بعدم تنفيذ ولايتها، خصوصاً فيما يتعلق بمنع تسلح حزب الله، وفقاً لما ينص عليه القرار الدولي 1701.

Relatedلن نعود.. سكان الشمال بين الخوف من حزب الله وعدم الثقة في اليونيفيل والغضب من نتنياهواليونيفيل لـ"يورونيوز": الوضع خطر للغاية ولدينا كامل الحق في الدفاع عن النفس إذا لزم الأمراليونيفيل ليورونيوز: التطورات في جنوب لبنان مقلقة وهناك خروقات يومية من جانب إسرائيل

وأوضحت الصحيفة أن تل أبيب كانت ترى في بقاء اليونيفيل، رغم ضعف أدائها، عاملاً أفضل من انسحابها، غير أن هذا التقدير تغيّر مؤخراً عقب ما وصفته بـ"تحسّن ملحوظ" في أداء الجيش اللبناني في مواجهة نشاط حزب الله، وخصوصاً بعد وقف إطلاق النار الأخير في الخريف الماضي.

وتابعت أن الجيش اللبناني بدأ، منذ ذلك الحين، بتنفيذ إجراءات ميدانية وصفتها الصحيفة بـ"الجدية" ضد عناصر حزب الله في الجنوب، ما عزز القناعة لدى صناع القرار في إسرائيل بضرورة مراجعة دور اليونيفيل.

وأشارت الصحيفة إلى أن مهمة اليونيفيل التي يتم تمديدها سنوياً في أغسطس تحت رعاية فرنسية، قد تكون موضع نقاش حاد في الاجتماعات المقبلة، وسط توقعات بأن تطالب باريس بالإبقاء على القوة. ومع ذلك، نقلت الصحيفة عن مصدر مطلع أن حلاً وسطاً قد يُعتمد في نهاية المطاف، يقضي بتقليص تدريجي لمهام القوة الدولية، في وقت يُرجّح أن يكون القرار النهائي بيد الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

وفي سياق متصل، نفّذ الجيش الإسرائيلي قبل أيام غارات جوية واسعة النطاق على الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت، في تصعيد وصف بالأكبر منذ سريان وقف إطلاق النار بتاريخ 27 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، ما أثار مخاوف من انزلاق الأوضاع نحو مزيد من التوتر.

كما أعلنت إسرائيل رفع حالة التأهب في منظوماتها الدفاعية في الشمال، تحسّباً لأي رد فعل محتمل من جانب حزب الله أو تصعيد ميداني قد يشهده الجنوب اللبناني.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • خبير في الشؤون الإسرائيلية: إسرائيل تستعد لهجوم واسع على إيران
  • رأي.. عمر حرقوص يكتب: القوة الأممية في لبنان بين اعتداءات الأهالي والرفض الإسرائيلي
  • البحرية الإسرائيلية تدخل على خط المواجهة.. هجوم نوعي على ميناء الحديدة غرب اليمن
  • هجوم سيبراني يستهدف البنية الرقمية الإسرائيلية بانتحال هوية جهات رسمية
  • فضل الله: الدولة قادرة على حشد عناصر القوة التي تملكها لمواجهة الاعتداءات
  • وسائل إعلام إسرائيلية: الولايات المتحدة وإسرائيل قررتا إنهاء عمل اليونيفل في جنوب لبنان
  • أهدرت عائلته دمه.. من هو ياسر أبو شباب قائد القوة الجديدة في جنوب غزة؟
  • نتنياهو على موعد مع كابوس في تموز .. هل قررت الحاخامية تفكيك إسرائيل؟
  • هجوم جديد من أولمرت: حكومة إسرائيل عصابة إجرام برئاسة نتنياهو
  • هل قررت الحاخامية تفكيك إسرائيل؟