رسالة وأهداف عدة.. ماذا وراء هجمات الميليشيات العراقية على إسرائيل؟
تاريخ النشر: 23rd, September 2024 GMT
الهجمات التي نفذتها الميليشيات العراقية على إسرائيل خلال الساعات الماضية لا تعتبر جديدة عند قياسها بحوادث سابقة، لكنها تختلف من ناحية التوقيت والغايات، حسبما يقول خبراء ومراقبون لموقع "الحرة" من جميع الأطراف.
وفي حين يقول الخبراء إنها تحمل أهدافا لا تنفصل عن الوضع الذي يعيشه حزب الله في لبنان، يشيرون في المقابل إلى أنها "قد تكون جزءاً من عمليات الإسناد" التي أخذت شكلا جديدا خلال الأشهر الماضية لما يعرف بـ"وحدة الساحات".
وتم تنفيذ الهجمات، التي أعلنت إسرائيل اعتراضها، تحت غطاء "المقاومة الإسلامية في العراق"، وهو تجمع ميليشيات تم الإعلان عنه والكشف عن مهمته خلال حرب إسرائيل في غزة، المستمرة منذ قرابة عام.
وكان آخر هذه الهجمات، صباح الاثنين، إذ قالت الميليشيات إنها "استهدفت بطائرة مسيرة قاعدة مراقبة للواء جولاني الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة" وفق تعبيرها. وذلك بعد 5 هجمات مماثلة تم تنفيذها في يوم واحد، استهدفت مواقعا داخل إسرائيل وفي منطقة غور الأردن، وفق بيانات نشرتها على تطبيق "تلغرام".
ولم تسفر أي من الضربات التي تم تنفيذها من مسافة بعيدة عن إصابات، وفقا للناطق باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي. وأوضح في بيان الاثنين، أن الهجوم الأخير كان عبارة عن طائرة مسيرة وتم اعتراضه بطائرات حربية.
ولم يقدم أدرعي أي تفاصيل إضافية عن طبيعة التعاطي مع هذه الهجمات، خاصة أنها تتزامن مع تصعيد كبير في جنوب لبنان وصلت آخر تطوراته خلال الساعات الماضية إلى حد تنفيذ الجيش الإسرائيلي أكثر من 300 ضربة جوية.
ويعتقد فيليب سميث، الباحث في جامعة ماريلاند، المتابع لنشاطات وكلاء إيران في منطقة الشرق الأوسط، أن "الهدف من الحملة التي بدأتها الميليشيات العراقية هو توجيه رسالة لإسرائيل".
وربما تكون الحملة أيضا وفق حديثه لموقع "الحرة" جزءا "من محاولة صرف انتباه إسرائيل عن حزب الله اللبناني وإظهار قدراته الأكبر".
كما لا يستبعد سميث أن تكون "الهجمات تصب في إطار محاولة استعراض القدرات الموجهة للجمهور الداخلي".
"تسجيل موقف أم إسناد"؟وسبق أن نفذت "المقاومة الإسلامية في العراق" سلسلة هجمات ضد القوات الأميركية في العراق وسوريا تخطت حاجز 170 هجوما، مما دفع "البنتاغون" لاتخاذ سلوك مشابه أسفر عن مقتل قادة كبار.
وخلال الأشهر الثلاثة الماضية خفّت حدة تلك الهجمات على نحو كبير، وفي حين أنها لم تنقطع عادت الآن لتتجدد ضد إسرائيل.
ويرى الباحث العراقي في شؤون الحركات الإسلامية المسلحة، رائد الحامد، أن "الفصائل العراقية تحاول الآن لعب دور معين في إطار ما أعيد تسميته مؤخرا بجبهات الإسناد".
ويقول لموقع "الحرة" إن "المقاومة الإسلامية في العراق" تريد من خلال هجماتها الحالية "تسجيل موقف"، مستبعدا أن يكون لضرباتها "تأثير على إسرائيل، سواء في البنية التحتية والأهداف العسكرية أو أي شيء آخر".
وكان لافتا خلال الأيام الماضية اتجاه قادة ميليشيات عراقية لإبداء الدعم اللامحدود لحزب الله اللبناني، حتى أن قسما منهم نشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي دعوات للتطوع من أجل القتال إلى جانبه ولتجهيز "الاستشهاديين" على حد تعبيرهم.
ويعتبر الباحث العراقي الحامد أن كل ما سبق لا يخرج عن إطار "الاستهلاك الإعلامي"، مشيراً إلى أن أمين عام "كتائب سيد الشهداء" المدعو "أبو آلاء الولائي" تحدث عن تطويع الآلاف في نهاية عام 2021 لطرد القوات الأميركية من العراق، وهو ما لم يحصل حتى الآن.
وعاد الولائي، قبل يومين، ليعلن استعداده لزج مئة ألف مقاتل للقتال إلى جانب حزب الله في لبنان. ويتابع الحامد في تعليقه على ذلك بقوله إن "الأمر مجرد تصريحات إعلامية".
من جهته، يوضح الكاتب والباحث العراقي جاسم الشمري، أن الغرض من الهجمات التي تنفذها الميليشيات العراقية على إسرائيل هو "التهديد"، ولمنعها من "احتمال الدخول إلى جنوب لبنان أو تنفيذ ضربات قوية فيه".
ويقول الشمري لموقع "الحرة": "الفصائل العراقية متأكدة أن المعركة قادمة بين إسرائيل وحزب الله، بالتالي ربما ما تفعله الآن محاولة لمنع أو تأخير الهجوم الكبير".
ماذا عن إسرائيل؟وغالبا ما تستخدم الميليشيات العراقية المسيرات الانتحارية في هجماتها ضد إسرائيل.
وتسلك عملية عبور تلك المسيرات، قبل وصولها إلى إسرائيل، إما المناطق الغربية الواقعة على حدود الأردن أو المثلث العراقي السوري الأردني، كما يشير الباحث العراقي رائد الحامد.
ويضيف الحامد أن هذا النوع من السلاح "يبدو متواضعا وليس ذا قدرة تدميرية عالية، بسبب المسافة البعيدة واضطرار مشغلي الطائرات لعدم تحميلها بزنات عالية من المتفجرات".
ويؤكد على ما سبق الباحث السياسي الإسرائيلي، يوآف شتيرن، بقوله إن "إمكانية المسيرات التي تطلقها الميليشيات محدودة بسبب المسافة البعيدة".
وبينما يعتبر شتيرن أن الهجمات تشكل "مصدر إزعاج لإسرائيل" يستبعد أن تسفر عن "تغيير المعادلة الأكبر"، على حد تعبيره لموقع "الحرة".
ويضيف: "قد نرى استمرارا لهذه الهجمات، لكن دون رد فعل قوي وملموس من إسرائيل".
ولا تعتقد إسرائيل الآن أن عليها تركيز الكثير من الموارد من أجل إيقاف "مصدر الإزعاج"، وفق الباحث السياسي الإسرائيلي.
وإضافة إلى أنها تتزامن مع حالة تصعيد إسرائيلية كبيرة ضد إسرائيل، وجاءت الهجمات التي نفذتها الميليشيات العراقية بعد يومين فقط من مقتل مسؤول كبير في "كتائب حزب الله" العراقي في العاصمة السورية دمشق.
القيادي يدعى "أبو حيدر الخفاجي" ونعته الجماعة المدعومة من إيران بشكل رسمي ونسبت المسؤولية لإسرائيل.
وقد يكون من الممكن تسويق حملة الهجمات الجديدة من قبل "المقاومة الإسلامية في العراق" باعتبارها ردا على ما حدث "الخفاجي"، بحسب الباحث فيليب سميث.
أما في ما يتعلق بالموقف الإسرائيلي، يرى سميث أنه "لن يكون من المستغرب أن ترد إسرائيل على الهجمات. وربما بشن غارة جوية".
ويرجح الباحث سيناريو آخر بأن "إسرائيل قد تتجاهل ما حصل، خاصة أنه حصلت هجمات متكررة في السابق وكانت فاشلة أو تم اعتراضها".
وحاول موقع "الحرة" الحصول على تعليق من الجيش الإسرائيلي عبر تطبيق واتساب، دون أن يتمكن من ذلك حتى موعد النشر.
"أهدف داخلية وخارجية"
ونادرا ما تصدر الحكومة العراقية بيانات تعلّق فيها على الضربات التي تنفذها الميليشيات ضد إسرائيل، على عكس الإدانات التي كانت تصدرها عندما تتعرض القوات الأميركية لأي هجوم.
ويقول الباحث السياسي جاسم الشمري إن حملة الهجمات الجديدة "ربما تحرج الحكومة العراقية أمام الولايات المتحدة الأميركية".
ويتصور أن هدف الحملة بالدرجة الأولى "تخفيف الضغط عن حزب الله"، وفي الدرجة الثانية "ربما لها غايات سياسية منها إحراج حكومة محمد شياع السوداني، التي بدأ اللغط حولها من أجل تقديم الاستقالة".
ويشير الباحث العراقي الحامد إلى حديث انتشر قبل أيام عن زيارة أجراها قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني إسماعيل قاآني إلى بغداد، ولقائه قادة الفصائل العراقية.
يقال حسب بعض التقارير، كما يقول الحامد، أن "قاآني حث الفصائل العراقية على إسناد حزب الله اللبناني في حال التصعيد الإسرائيلي".
ويعتقد الباحث أن "الفصائل العراقية ترتبط في معظمها ببيعة شرعية مع المرشد الإيراني خامنئي، بالتالي هي ملزمة بتنفيذ التعليمات".
وفي ما يتعلق بموقف الحكومة العراقية يبدو أنها "إما عاجزة عن اتخاذ إجراء ضد الفصائل أو أنها منسجمة مع ما تفعله، لاسيما أنها تمثل الإطار التنسيقي الذي يتكون معظمه من أجنحة سياسية لفصائل إيران"، وفق تعبير الحامد.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: المقاومة الإسلامیة فی العراق المیلیشیات العراقیة الفصائل العراقیة العراقیة على على إسرائیل ضد إسرائیل حزب الله
إقرأ أيضاً:
ماذا يعني تجنيد إسرائيل لمرضى نفسيين في جيشها؟
أشارت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أن الجيش توجّه لجنود يعانون من اضطرابات نفسية للمشاركة في العمليات القتالية في قطاع غزة. في كتابها الصادر عام 2012، بعنوان: "كأنه كان جرحًا مستترًا"، تشير الباحثة الإسرائيلية عيريت كينان إلى أنّ الاعتراف بالاضطرابات النفسية وصدمة الحرب في صفوف الجنود بدأ يظهر بعد حرب أكتوبر/ تشرين الأوّل 1973.
وبدأ المجتمع الإسرائيلي والجيش يتعامل بشكل جادّ من الاضطرابات النفسية للجنود كأنها إصابات يطلق على من يعانيها بالجرحى، كما الجنود الذين يتعرّضون لإصابات جسديّة بمراحل مختلفة.
تأسّست في إسرائيل هيئات مدنية وحكومية وعسكرية تعالج الجنود الذين يعانون من اضطرابات نفسية وحالة صدمة، وما بعد الصدمة، والأخيرة تم الاعتراف بها مؤخرًا في أدبيات الجيش الإسرائيلي العلاجية، واعتبرت حالة ما بعد الصدمة جرحًا نفسيًا يرافق الجنود الإسرائيليين، ويؤثر على حياتهم العملية والشخصية. وأصبح التصنيف النفسي للأفراد عاملًا في الإعفاء من الخدمة العسكرية، أو الاستمرار بها، أو الالتحاق بصفوف الاحتياط في الجيش الإسرائيليّ.
هذه المقدّمة هامة لفهم المعلومة التي بدأنا بها المقال، والتي تتحدّث عن توجّه الجيش لجنود يعانون من اضطرابات نفسية للمشاركة في الخدمة العسكرية، وهو يدلّ على حالة الأزمة التي يعاني منها الجيش الإسرائيلي في مسألة تجنيد جنود للعمليات العسكرية في قطاع غزة وجبهات أخرى.
إعلانفي هذا الصدد، هنالك حاجة لمقال منفرد لتحليل أسباب الاضطرابات النفسية لدى الجنود، هل هي نابعة من قتل المدنيين الفلسطينيين والأطفال خاصة، أم بسبب موت رفاقهم في الوحدات العسكرية، أم حالة الخوف التي تعتريهم؛ بسبب العمليات العسكرية في قطاع غزة؟، هذا سؤال يحتاج للكثير من التمحيص والتحليل، وهو ليس سياق هذا المقال.
جهود الجيش لتجنيد جنود في الخدمة العسكرية في خضم العدوان على غزة، دفعه ذلك إلى اتخاذ قرار بوضع شروط أصعب على التحرّر من الخدمة العسكرية؛ بسبب الحالات النفسية.
تفيد معطيات الجيش أن واحدًا من ستة جنود يتسرّبون من الخدمة العسكرية ولا يكملون خدمتهم الإلزامية لمدة ثلاث سنوات، 50% من أسباب ذلك تعود لمشاكل نفسية تظهر في الفحص الطبي الذي يجرَى للجنود، ففي العام 2023 وصل عدد الجنود الذين تسرّبوا من الجيش بسبب مشاكل نفسية إلى حوالي 16.5%.
لم يلتفت الجيش لهذه الظاهرة في السابق، وكان متساهلًا مع التصنيف الطبي العسكري حول المشاكل النفسية التي تسمح للجنود بعدم إكمال الخدمة العسكرية.
ولكن بسبب الحرب على غزة والنقص الحاد في الجنود، قرَّر الجيش وضع قيود وشروط قاسية على التصنيف الطبي الذي يسمح للجنود بالإعفاء من الخدمة، كما توجّه لجنودٍ خدموا في الحرب على غزة ويعانون من مشاكل نفسية، للخدمة مرّة أخرى في الجيش.
تؤكد هذه الحالة حاجة الجيش للجنود بأي ثمنٍ، وفقط بعد الضغط الاجتماعي على الجيش تراجع عن قراره بتجنيد الجنود ذوي الاضطرابات النفسية والذين خدموا قبل ذلك في الحرب، وكان الجيش يحضّر مسارات خاصة لتأهيلهم للعمل العسكري في غزة، ولكنه تراجع عن ذلك لأسباب عديدة، أهمها الضغط الشعبي عليه، وإظهاره بأنه يتخلّى عن تجنيد المتدينين اليهود (الحريديم)، وفي المقابل يزيد العبء على جنود خدموا في الحرب وصُنفوا كجنود ذوي اضطرابات نفسية، وهم يعتبرون كجنود جرحى، حسب التّصنيف الطبي العسكري.
إعلانتكشف هذه القضيّة- على الرّغم من تراجع الجيش عنها- عن حاجة الجيش للجنود، فمعدّل التزام جنود الاحتياط يصل في بعض الوَحدات إلى 50%، والفرق العسكريّة الخمس الفاعلة في قطاع غزّة لا تعمل بكامل عديدها العسكريّ من الجنود، وهنالك عبء كبير بدأ يظهر في صفوف الجنود النظاميين الذين يتواجدون في الجبهات المختلفة.
ومن أجل عدم الكشف عن الأزمة المستفحلة في منظومة الاحتياط، يحاول الجيش إرسال أوامر استدعاء قليلة، مما يؤكد أن نسبة عدم الالتزام هي أكبر من النسبة المعلنة.
وتشير معطيات الجيش إلى أن 85% من قوات الاحتياط التزمت بالخدمة في العام 2024، وأدّى ذلك إلى ارتفاع 1500% في عدد الأيام التي خدم بها الجنود والضبّاط خلال العام الماضي، حيث وصل معدّل عدد الأيام للجنود إلى 136 يومًا، وللضبّاط إلى 168 يومًا.
يدرك الجيش معضلة قوّات الاحتياط، لذلك استدعى وحدات قليلة من منها في هذه المرحلة لاستبدال القوات النظامية في سوريا، ولبنان والضفة الغربية، والتي ستنتقل للقتال في قطاع غزّة.
التوجه لجنود ذوي اضطرابات نفسية، وتعقيد شروط التحرّر من الخدمة؛ بسبب مشاكل نفسية يكشفان عن جانب آخر من أزمة الجيش التي ظهرت في الحرب على غزة، وهي أزمة تتطور مع غياب الشرعيّة الاجتماعية عن العمليات العسكرية في غزة.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline