الجديد برس:

بعد انكسار مشروعها التوسعي في محافظة المهرة اليمنية، خلال السنوات الماضية، تعود السعودية من جديد وتعيد المحافظة إلى سيناريو غامض ومشبوه يحمل الكثير من الفوضى، غايتها في ذلك السعي مجدداً لتحقيق حلمها الاستراتيجي القديم المتجدد، المتمثل في مد أنبوب نفطها عبر المهرة إلى بحر العرب، وتقوية نفوذها على جيرانها، وتأتي التحركات الجديدة للرياض ضمن صراعها الكبير مع أبوظبي لتوسيع السيطرة والنفوذ في المحافظات اليمنية ذات الثروات والمواقع الاستراتيجية.

هذه المرة تعود السعودية إلى محافظة المهرة اليمنية على ظهر الأزمة الاقتصادية التي تعصف بأبناء المحافظة في معيشتهم، مستغلة الوضع المعيشي الصعب، الذي خلقه التحالف منذ تسع سنوات، لتفتح باب التجنيد لأبناء المهرة، فيما يبدو أنه مسعى لتشكيل فصائل مسلحة موالية للرياض، على غرار التشكيلات التابعة للإمارات وللسعودية أيضاً في المحافظات الأخرى- جنوباً وشرقاً- وهي خطوة تحمل الكثير من الخطورة، إذ تهدد النسيج الاجتماعي المهري الذي ظل أكثر ترابطاً، قياساً ببقية المحافظات التي يسيطر عليها التحالف.

مشروع التجنيد الذي تعود السعودية من خلاله إلى المهرة، هو خارج أُطر المؤسسات الرسمية، العسكرية والأمنية، وهو ما يعني أن المحافظة ستصبح بؤرة للفوضى، وهي طريقة فعّالة لتسهيل السيطرة على المحافظة، خصوصاً بعد ما أثبته أبناؤها من صمود خلال السنوات الماضية، منذ أن دخلت القوات السعودية المهرة عام 2017م، حيث رفضوا وجودها وصعّدوا اعتصاماتهم السلمية المطالبة برحيلها، وكسروا المشروع التوسعي للرياض، وها هم الآن يرفضون المشروع الجديد الهادف إلى تحويل المهرة ساحةً للاقتتال والتخريب من خلال عملية تجنيد مشبوهة، إلا أن أهدافها وخطورتها واضحة لدى المهريين الذين أبدوا رفضهم لهذه التحركات ودعوا إلى عودة الاعتصامات والنزول إلى الساحات، وخوض مرحلة جديدة من النضال ضد أي خطوة تسلبهم السيادة على أرضهم.

لجنة لاعتصام السلمي في محافظة المهرة حذرت من التحركات السعودية المتمثلة في فتح باب التجنيد، خارج الأطر الرسمية والمؤسسات الأمنية والعسكرية، حيث وصف المتحدث الرسمي للجنة الاعتصام السلمي في المهرة، علي بن محامد، في منشور على منصة إكس، المحاولة السعودية بـ”المريبة والمشبوهة” التي تستهدف النسيج الاجتماعي في المحافظة، مشيراً إلى أنها تستغل الأوضاع الاقتصادية للبلاد، مؤكداً أن ذلك يستوجب أن يقف أبناء المهرة بشكل جاد أمام هذه المخططات والأجندات التي قال إنها تستهدف أمن واستقرار المحافظة.

من جانبه، قال رئيس الدائرة الأمنية في لجنة الاعتصام السلمي بالمهرة، مسلم رعفيت، إن هناك مخططاً سعودياً يستهدف المهرة بفتح باب التجنيد وتشكيل ما اسماها بالمليشيات خارج نطاق المؤسسات العسكرية والأمنية، مهدداً بالعودة إلى الساحات لمواجهة الدور السعودي الذي وصفه بالمشبوه.

ليس أمام أبناء المهرة سوى الاعتماد على أنفسهم، وتصعيد نضالهم ضد مخططات احتلال محافظتهم والسيطرة على مواقعها وثرواتها، إذ أن من يفترض أنهم معنيون بحماية سيادة البلاد- مجلس القيادة الرئاسي والحكومة- بعيدون عمّا يحدث، وبمعنى أدق: متواطئون وعاجزون عن منع أي مخطط، فولاؤهم ليس لليمن حسب ما تظهره مواقفهم من التحركات السعودية والإماراتية في المحافظات المسيطر عليها من التحالف، والتي تؤكد أن ولاءهم فقط لمن يمولهم ومن منحهم صفة الشرعية ليوصلوه إلى غاياته وأطماعه.

*YNP / إبراهيم القانص

المصدر: الجديد برس

إقرأ أيضاً:

التحركات المصرية في غزة بين البعد الإنساني والمبادرات السياسية.. وخبير: لها دور محوري باحتواء الأزمة

  شهدت القضية الفلسطينية، وبخاصة الأوضاع المأساوية في قطاع غزة، تطورات متسارعة، حيث يدور في كواليس المفاوضات والتحركات الإقليمية والدولية، وتلعب مصر دورا محوريا في محاولة احتواء الأزمة، سواء من خلال المسار الإنساني أو السياسي، في ظل تعقيدات المشهد وغياب الإرادة السياسية من قبل الأطراف المعنية.


وفي هذا الصدد، قال الدكتور طارق فهمي أن دخول المساعدات الإنسانية والشاحنات إلى قطاع غزة يمثل خطوة بالغة الأهمية، جاءت كنتيجة مباشرة لتحركات مصرية مكثفة خلال الأيام الماضية، وأكد أن هذا الإنجاز لم يكن وليد الصدفة، بل نتيجة تنسيق سياسي ودبلوماسي واسع النطاق، يعكس التزام مصر بمسؤولياتها الإقليمية والإنسانية تجاه الشعب الفلسطيني.


وأضاف فهمي- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن الجمود في مفاوضات غزة يعود بدرجة أساسية إلى غياب الإرادة السياسية الحقيقية لدى الأطراف المعنية بالصراع. ولم يعد الموقف مرهونا فقط بمواقف حركة حماس أو الحكومة الإسرائيلية، بل أصبح رهينا بمدى توافر نية جادة للدفع نحو اتفاق شامل ونهائي، يأخذ في الاعتبار احتياجات الشعب الفلسطيني ومتطلبات الأمن الإقليمي.


وأكد فهمي أن الجهود المصرية لا تقتصر على الجانب الإنساني المتمثل في إدخال المساعدات، بل تمتد لتشمل مسارا سياسيا متكاملا، يهدف إلى استئناف المفاوضات وتحقيق هدنة شاملة، وأضاف أن المفاوضات في مراحل سابقة كانت قريبة من تحقيق اتفاق نهائي، خاصة في ضوء الرد الأخير لحركة حماس، الذي أعاد التأكيد على نقاط تم طرحها في جولات التفاوض السابقة، مثل الترتيبات الأمنية، والخرائط، والانسحابات، 

وآلية إدخال المساعدات.
الضغط المصري ومواجهة السياسات الإسرائيلية
وشدد على أن دخول المساعدات الإنسانية خلال الأيام الأخيرة يعكس نجاح التحرك المصري المنضبط والمسؤول، في وجه السياسات الإسرائيلية المتشددة. 
 

وأوضح أن فتح إسرائيل لبعض المسارات لدخول المساعدات لم يكن نابعا من رغبة ذاتية، بل جاء نتيجة ضغوط سياسية ودبلوماسية مارستها القاهرة، بهدف كبح ما وصفه بالمخطط الإسرائيلي الإجرامي في غزة.
 

واختتم: "الهدنة المؤقتة التي أعلنتها إسرائيل في مناطق محددة من قطاع غزة لا تعني وقفا دائما لإطلاق النار، بل تعد خطوات إنسانية مرحلية، ونجاح هذه الهدن على المستوى الميداني قد يمهد الطريق نحو التوصل إلى هدنة شاملة لمدة 60 يوما، تشكل قاعدة للعودة إلى مسار التفاوض السياسي".
 

جدير بالذكر، أن الدور المصري في الأزمة الفلسطينية، وخاصة في غزة، يعكس التزاما استراتيجيا طويل الأمد، لا يقتصر على تقديم مساعدات إنسانية، بل يشمل قيادة جهود سياسية تهدف إلى إحلال السلام ورفع المعاناة عن المدنيين.
وبالفعل الحل في غزة لن يكون عسكريا أو إنسانيا فقط، بل لا بد من إرادة سياسية حقيقية تفتح آفاق التسوية الدائمة والشاملة، وفي ظل هذا الواقع، تظل مصر طرفا فاعلا ووازنا، يحمل ثقله السياسي والإنساني من أجل استقرار المنطقة بأسرها.
 

طباعة شارك القضية طارق فهمي سياسي

مقالات مشابهة

  • تفاصيل الإتفاق الذي أفضى للإفراج عن الشيخ الموالي للحوثيين محمد الزايدي في المهرة
  • مرصد الأزهر يحذر من تيك توك: منصة تجنيد خطيرة للقُصّر في إسبانيا
  • محافظ الوادي الجديد يشارك بحفل ختام برنامج أهل مصر لأبناء المحافظات الحدودية
  • ليبيا.. اشتباك مسلح بين عائلتين يسفر عن قتلى ومخاوف من صراع ميليشيات
  • فضيحة مدوية.. شاهد ما الذي كانت تحمله شاحنات المساعدات الإماراتية التي دخلت غزة (فيديو+تفاصيل)
  • القاهرة وبكين.. تحالف اقتصادي يصوغ خريطة النفوذ الجديد
  • التحركات المصرية في غزة بين البعد الإنساني والمبادرات السياسية.. وخبير: لها دور محوري باحتواء الأزمة
  • جدل سعودي إماراتي حول الاعتراف الفرنسي بفلسطين.. والشيخة جواهر: تنافس غبي
  • الأحمد لـ سانا: أكد السيد الرئيس ضرورة المضي في العملية الانتخابية في كل المحافظات السورية، ورفض التقسيم الذي ينبذه جميع السوريين
  • انسحاب قبلي من المهرة بعد اتفاق مع التحالف بشأن الشيخ الزايدي