أغرب انتخابات رئاسية في تونس بعد الثورة
تاريخ النشر: 2nd, October 2024 GMT
تعيش تونس الأحد المقبل أغرب انتخابات رئاسية في تاريخها الحديث. وجه الغرابة أن هذه الانتخابات لا هي «مطبوخة» ومرتّبة بشكل جيّد على طريقة العقود الخوالي في عهدي الراحلين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي، ولا هي ديمقراطية شفافة كما عاشتها تونس بعد ثورتها عام 2011 وفق أرقى شروط النزاهة مع رقابة محلية ودولية واسعة.
هي انتخابات هجينة ومرتبكة فقيس سعيّد الذي وصل إلى قمة الرئاسة في انتخابات 2019 بفضل سلّم ديمقراطي واضح قرّر أن يكسر هذا السّلم فلا يصعده أحد من بعده، ضاربا عرض الحائط بكل قواعد القانون وأكثرها بداهة.
هذا الدوس غير المسبوق للقانون، والذي وصل في آخر حلقاته حد تغيير القانون الانتخابي أياما قليلة قبل موعد الرئاسيات لسحب صلاحية النظر في سلامة الانتخابات وإجراءاتها من المحكمة الإدارية وتحويلها إلى القضاء العدلي، عقابا لها بعد أن أنصفت هذه المحكمة ثلاثة مرشحين تم استبعادهم دون وجه حق، فضلا عن الزج بالعياشي الزمّال أحد المرشحين الثلاثة الذين قُبلت ترشحاتهم في السجن… كل ذلك دفع مؤخرا مجموعة مرموقة من أساتذة القانون والعلوم السياسية بالجامعة التونسية إلى إصدار بيان يمثل صفعة لكل ما جرى من عبث وتلاعب.
يقول هؤلاء الأساتذة إنه التزاما منهم «برسالتنا التعليمية النبيلة المعليّة لدولة القانون، وانسجاما مع المبادئ التي درّسناها طيلة سنوات وعقود في الجامعة التونسية لأجيال من الطلبة، ومن منطلق الأمانة والنزاهة العلمية والأكاديمية» فإنهم يعتبرون «مشروع تنقيح القانون الانتخابي يمسّ من مبدأ الأمان القانوني واستقرار الوضعيات والمراكز القانونية والثقة المشروعة في التشريع، وخاصة مبدأ الاستشراف إذ لا يجوز تغيير قواعد الرّهان الانتخابي في السنة الانتخابيّة وفق ما تستلزمه المعايير الدّوليّة لنزاهة الانتخابات».
ورأى هؤلاء في تعديل القانون الانتخابي بالشكل المرتجل والمفضوح من خلال برلمان مطيع ومتواطئ «مخالفة صريحة للمبادئ التي تقوم عليها دولة القانون» قائلين إن «الإسراع بختم هذا القانون من طرف رئيس الجمهورية يتنافى ودوره كضامن لعلوية الدستور خاصة في غياب محكمة دستورية» كما أن «انخراطه بوصفه مترشحا للانتخابات الرئاسية في مسار تعديل القانون الانتخابي يمس من نزاهة العملية الانتخابية».
هبّة هؤلاء الأساتذة في وجه «رباعي» يفترض أنه ينتمي إلى العائلة القانونية (رئيس الدولة خبير قانون الدستوري، وزيرة العدل ورئيس هيئة الانتخابات قاضيان، ورئيس البرلمان محام) لها قيمة كبيرة، بل وتاريخية، خاصة وأنها ليست الأولى إذ سبق لهم أن أصدر عدد منهم بيانات للإعراب عن معارضتهم لهذا السجل المفضوح للقانون كما لم يحدث من قبل، فقط لتأمين بقاء سعيّد في منصبه بأي ثمن.
أما الحملة الانتخابية الرئاسية فكانت فاترة للغاية إذ مرت خالية من الاجتماعات الجماهيرية أو المناظرات بين المرشحين الثلاثة فالعياشي الزمال في السجن ويتعرّض لملاحقات قضائية غريبة تعكس رغبة واضحة في التنكيل بالرجل، فيما يبدو زهير المغزاوي محدود الشعبية وسمعته المؤيدة بقوة لسعيّد قبل تغيير جلده فجأة قوّضت مصداقيته، أما حملة سعيّد فمرت ممجوجة بأساليب خبرها التونسيون طويلا في العهود السابقة قبل الثورة.
العام التونسي حاليا متردد بين موقفين أحدهما يدعو إلى مقاطعة هذه الانتخابات والآخر يدعو إلى المشاركة
الرأي العام التونسي حاليا متردد بين موقفين أحدهما يدعو إلى مقاطعة هذه الانتخابات والآخر يدعو إلى المشاركة بكثافة والتصويت للزمّال للتخلّص سلميا من حكم سعيّد.. ولكل من هذين الموقفين منطقه ومحاذيره.
قرار المقاطعة يستند إلى أن كل ما يجري حاليا هو مسخرة حقيقية مبنية على باطل من أساسها (انقلاب سعيّد على الدستور 2021) بحيث من المعيب المشاركة فيها لإضفاء أي شرعية عليها. هذا الخيار على وجاهته المبدئية سيسمح في النهاية لسعيّد بالفوز من الدور الأول، مهما كانت نسبة المشاركة هزيلة، حيث لن يذهب للاقتراع في هذه الحالة سوى أنصاره، علما وأنه سبق في عهد سعيّد أن أقر دستورا وبرلمانا جديدين بنسبة تعتبر قياسية على الصعيد الدولي في ضعفها.
أما قرار التوجّه بكثافة يوم الاقتراع والتصويت لصالح الزمّال فالداعون له، ومن بينهم حتى بعض المعتقلين السياسيين القابعين في السجن حاليا، يحاولون إقناع الناس بأنه الخيار الأسلم والقادر فعلا على الإطاحة بسعيّد. وحتى لو وصلت الأمور إلى حد إلغاء أصوات الزمّال بعد الاقتراع، كما يمكن أن تفعل هيئة الانتخابات، فإن ذلك سيفضح أكثر وأكثر هذه الانتخابات ويحرم سعيّد من فوز سهل، لكن معارضي هذا الخيار يرون أنه من غير المناسب اختيار شخص لا يٌعرف عنه الكثير مع أن وعوده تبدو مطمئنة لاستعادة المسار الديمقراطي.
مهما يكن من أمر، فالأكيد اليوم أن سعيّد يتقدّم إلى هذه الانتخابات بصورة مهزوزة للغاية تجعل من فوزه المتعسّف إن حصل، رغم أنف القانون وأغلب القوى السياسية والاجتماعية والفكرية، تحديا ثقيلا لا أحد يدري كيف يمكن له أن يديره بعد أن فقد تقريبا كل الرصيد الذي أوصله للرئاسة قبل خمس سنوات محمّلا وقتها بأمال سرعان ما تبدّدت بشكل درامي مخيف ومضحك في آن معا.
القدس العربي
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه تونس تونس الانتخابات الرئاسية قيس سعيد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة القانون الانتخابی هذه الانتخابات یدعو إلى
إقرأ أيضاً:
غرامة 500 جنيه لكل من يتخلف عن الإدلاء بصوته في الانتخابات بدون عذر
حدد قانون مباشرة الحقوق السياسية عقوبات لكل من يتخلف عن الإدلاء بصوته في الانتخابات و الاستفتاء بدون عذر.
نصت المادة 56 من قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية على أنه "يعاقب بغرامة لا تجاوز خمسمائة جنيه كل من كان اسمه مقيداً بقاعدة بيانات الناخبين وتخلف بغير عذر عن الإدلاء بصوته في الانتخاب أو الاستفتاء."
وحدد قانون مجلس الشيوخ شروط الفوز في النظام الفردي ونظام القوائم في انتخابات مجلس الشيوخ .
وتنص المادة (25) من قانون مجلس الشيوخ على أنه إذا لم يترشح فى دائرة انتخابية مخصصة للانتخاب بالنظام الفردي، سوى شخص وحيد أو لم يتبق إلا مترشح وحيد، أجرى الانتخاب فى موعده وأعلن انتخابه إذا حصل على (5%) من عدد الناخبين المقيدين بقاعدة بيانات الناخبين فى الدائرة، فإن لم يحصل المترشح على هذه النسبة، أعيد فتح باب الترشح لشغل المقعد المخصص للدائرة.
نسبة 5 %وإن لم يتقدم فى الدائرة الانتخابية المخصصة للقوائم إلا قائمة واحدة، يعلن انتخاب القائمة بشرط حصولها على نسبة (5%) على الأقل من أصوات الناخبين المقيدين بتلك الدائرة.
فإن لم تحصل القائمة على هذه النسبة أعيد فتح باب الترشح لشغل المقاعد المخصصة للدائرة.
وكانت الهيئة الوطنية للانتخابات، موعد انتخابات مجلس الشيوخ، بأن يبدأ تصويت المصريين بالخارج أولا، يومي الجمعة والسبت المقبلين، 1 و2 أغسطس القادم، بينما يصوت المصريين في الداخل يومي 4 و5 أغسطس 2025.
تبدأ فترة الصمت الدعائي للمرشحين بـ انتخابات مجلس الشيوخ كما أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات يوم الخميس 31 يوليو 2025 الساعة الثانية عشر ظهرا بتوقيت كل دولة.
وتقدم 4 مرشحين بطلبات للتنازل عن ترشحهم على المقاعد الفردية، ثلاثة منهم عن دائرة محافظة القاهرة، والرابع عن دائرة محافظة الوادي الجديد، ليصبح إجمالي عدد المترشحين على النظام الفردي424 مترشح، منهم 183 مرشحاً مستقلاً، وعدد 241 مرشحاً عن الأحزاب السياسية.
واعتمد مجلس إدارة الهيئة الوطنية للانتخابات هذه التنازلات على أن تُنشر بصحيفتي الأخبار والجمهورية، وتؤكد الهيئة الوطنية للانتخابات أنها تتابع مع لجان الرصد التي شكلتها بجميع محافظات الجمهورية كافة صور الدعاية الانتخابية لكافة المترشحين.
وتهيب بالجميع الالتزام بضوابط الدعاية الانتخابية وفقاً لقرار مجلس إدارة الهيئة رقم 17 لسنة 2025، فضلاً عن مدونة السلوك الانتخابي الصادرة عن الهيئة والمعلنة على الموقع الإلكتروني الرسمي للهيئة الوطنية للانتخابات.