كتب- محمد سامي:
خاضت القوات الجوية المصرية معاركها في حرب أكتوبر المجيدة بكفاءة واقتدار منذ البداية وحتى النهاية، ونجحت القوات الجوية في تنفيذ الضربة الجوية التي فتحت الطريق نحو النصر، وأيضًا في إبرار أبطال الصاعقة والمظلات لتنفيذ عملياتهم خلف خطوط العدو باستخدام الطائرات الهليكوبتر.

بالإضافة إلى ذلك، كان للقوات الجوية دور آخر في عمليات الاستطلاع، حيث قامت برصد تحركات العدو وتصويرها، مما جعلها مصدرًا مهمًا لجمع المعلومات عن مواقع العدو وتحركاته.

وتتميز الاستطلاع الجوي بأنه يتيح إمكانية استكشاف مساحات شاسعة في زمن قصير ومن زوايا متعددة، مما يساهم في دراسة الموقف والأوضاع الجارية في مسرح القتال وإجراء المقارنات بين القوات على مر الزمن.

أحد أبطال الاستطلاع الجوي خلال حرب أكتوبر هو الفريق مجدي شعراوي، الذي كان نائبًا لقائد سرب الاستطلاع الجوي في قاعدة بلبيس الجوية خلال تلك المعركة التاريخية. التقى فريق شعراوي ليكشف لنا أسراره عن تلك الفترة الهامة من تاريخ مصر، ولتسليط الضوء على براعة الطيار المصري في معركة المنصورة الجوية، التي تعتبر من أهم المعارك الجوية في التاريخ، حيث تجسد مهارات الطيار المصري، وتُدرس حتى اليوم في العلوم العسكرية على مستوى العالم.

أكد الفريق مجدي شعراوي في حديثه مع "مصراوي"، أن معركة العبور العظيمة لم تكن البداية، بل كانت نهاية مرحلة، حيث بدأت حرب أكتوبر بعد الخامس من يونيو 1967 مباشرة. لم يأتِ نصر أكتوبر فجأة، بل كان هناك مؤشرات تدل على هذا النصر.

كان أول تلك المؤشرات في الأول من يوليو خلال معركة "رأس العش"، حيث خاضت قوات الصاعقة المصرية معركة شرسة ضد عدو متفوق وتغلبت عليه، محققة الهدف الرئيسي من المهمة وهو التمسك بشرق بورسعيد.

المؤشر الثاني كان في 14 و15 يوليو عندما قامت القوات الجوية باستخدام بقايا الطائرات المتبقية لتوجيه ضربة مركزة على قوات العدو المتواجدة شرق القناة، وبالتحديد في منطقة القنطرة شرق. أما المؤشر الثالث، فقد تحقق في 21 أكتوبر 1967، عندما تمكنت القوات البحرية من إغراق المدمرة الإسرائيلية إيلات.

كانت هذه الأحداث بمثابة استيقاظ للروح المعنوية للمقاتل المصري، ورسالة قوية للعدو بأننا هنا، وأن النصر بات في متناول اليد. تبع ذلك عمليات الاستنزاف التي أدت إلى استنزاف قوى العدو على جميع الأصعدة، مما أثر سلبًا على موقفه وسعى إلى وقف إطلاق النار.

وعن حرب 1973، قال شعراوي: "عند اكتمال استعداداتنا وتوافر الأسلحة اللازمة، كان قرار الحرب موجودًا. تم التخطيط بعناية لاختيار الوقت المناسب، ونوعية السلاح، وتحديد الأهداف." وأوضح أنه كان هناك في العمق أهداف استراتيجية كان على القوات الجوية تدميرها، مثل مراكز القيادة والرادارات، وقد نجحت القوات الجوية في هذه المرحلة، مما أذن ببدء المرحلة التالية والتي تمثلت في إطلاق المدفعية، التي استهدفت بعض الأهداف في العمق القريب وغلق الحد الأمامي. وبنجاح تلك المرحلة، تلتها مرحلة عبور القوات وإنشاء الكباري على الجبهة الشرقية للقناة، وكل هذه المراحل كانت تحت حماية القوات الجوية وقوات الدفاع الجوي، بالإضافة إلى جهود الأفراد المتخصصين في الإعاقة الإلكترونية.

وأشار الفريق مجدي شعراوي إلى أن دوره خلال حرب أكتوبر كان نائبًا لقائد سرب الاستطلاع الجوي في قاعدة بلبيس. بدأ هذا السرب نشاطه في عام 1968، واستمر في مراقبة تنفيذ اتفاقية الانسحاب بعد عام 1973. كانت مهمة السرب جمع معلومات حول العدو في البحر والبر والجو.

وذكر أن السرب قام بتصوير خط بارليف أثناء جميع مراحل إنشائه، مما ساعد على توجيه الهجمات ضد النقاط الحصينة بخط بارليف. في البداية، كان عدد الطيارين في السرب 6، حتى بلغ العدد 24 طيارًا، وكانت مهمتهم هي توثيق كل مظاهر التخطيط على الجبهة. قامت القوات الجوية بتسليم المعلومات موثقة بالصور، واستخدمت كاميرات روسية كانت محدودة القدرة، حتى تمكنت من استقدام كاميرات أفضل تقدم صورًا أدق، وتم نقل المعلومات لتحليلها والتصرف بناءً عليها.

وعن معركة المنصورة الجوية، أكد شعراوي أنها كانت ملحمة حقيقية ستظل تُدرس في التاريخ العسكري لعقود طويلة. وأوضح أن مفتاح النصر في هذه المعركة كان المقارنة بين الطائرات: حيث كان هناك طائرات تطير لمدة 3 ساعات مقابل طائرات بالكاد تطير لنصف ساعة، وطائرات تطلق صواريخ لمسافات طويلة مقابل طائرات تطلق صواريخ لمسافات قصيرة. ورغم التفوق العددي لطيارات العدو، كان نجاح المعركة يعتمد على كفاءة الأطقم الأرضية في تجهيز الطلعات بسرعة، حيث لم يستغرق تجهيز الطائرة أكثر من 6 دقائق فقط. وهذا زاد من عدد الطلعات الجوية، مما جعل العدو يشعر وكأنه يقاتل 160 طائرة بدلاً من 24.

أما عن تدريب أطقم الاستطلاع الجوي في القواعد المختلفة أثناء فترة الإعداد للحرب، أوضح الفريق مجدي شعراوي أن تلك الفترة كانت تتطلب من الطيارين والأطقم المعاونة العمل لمدة 8 ساعات يوميًا فقط بين تناول الطعام والنوم، بينما كانت بقية اليوم مخصصة للتدريب النظري أو الطيران.

نظرًا لاختلاف مهام سرب الاستطلاع، كان لديهم تجهيزات خاصة على الأرض، مثل معامل تحميض الصور وأجهزة استخراج المعلومات إلكترونيًا. وقد كان كل ما يشغلهم في ذلك الوقت هو الاستعداد للحرب.

اختتم شعراوي حديثه بتوجيه التحية لجيل أكتوبر، معبرًا عن تقديره للشهداء والمقاتلين الذين واجهوا التحديات، ووجه رسالة للشباب بضرورة فهم التحديات الحالية، وأكد على أن العلم هو مفتاح الحياة الآن وفي المستقبل، وأن ذخيرة الوطن الحقيقية هي شبابه.

المصدر: مصراوي

كلمات دلالية: الهجوم الإيراني حكاية شعب حسن نصر الله سعر الدولار الطقس أسعار الذهب الانتخابات الرئاسية الأمريكية الدوري الإنجليزي محور فيلادلفيا التصالح في مخالفات البناء سعر الفائدة فانتازي خط بارليف الاستطلاع الجوي نصر أكتوبر حكاية شعب الاستطلاع الجوی القوات الجویة حرب أکتوبر

إقرأ أيضاً:

قائد الجيش اللبناني: استمرار الاحتلال العائق الوحيد أمام استكمال انتشار القوات

أكد قائد الجيش اللبناني العماد رودلف هيكل ان قواته نفذت انتشارا واسعا ومهما في جنوب الليطاني بالتنسيق الوثيق مع قوات اليونيفيل.

وشدد قائد الجيش اللبناني في تصريحات له على أن  استمرار الاحتلال الإسرائيلي هو العائق الوحيد أمام استكمال انتشار القوات اللبنانية.

وبين قائد الجيش اللبناني ان التواصل مستمر مع السلطات السورية بشأن أمن الحدود باعتباره بالغ الأهمية لاستقرار البلدين.

وفي وقت سابق؛ أكد قائد الجيش اللبناني العماد رودلف هيكل أن قوات الاحتلال تواصل خرقها الفاضح لجميع القرارات الدولية باحتلالها أجزاء من الأراضي اللبنانية ، الأمر الذي يعرقل الانتشار الكامل للجيش في الجنوب .

جاء ذلك خلال الكلمة التي ألقاها قائد الجيش اللبناني بمناسبة عيد المقاومة والتحرير.

وقال هيكل : أيها العسكريون، في عيد المقاومة والتحرير، نقف أمام مناسبة تاريخية بإنجازاتها، متمثلة بتحرير الجزء الأكبر من أرضنا، بعد عقود من احتلال العدو الإسرائيلي، وهو إنجاز وطني يحمل رمزية كبيرة عبر استعادة معظم أراضي الجنوب، بفضل صمود اللبنانيين وثباتهم.

وأضاف : نستعيد بكل اعتزاز تضحيات الشهداء التي جعلت هذا الإنجاز ممكناً، وظلت ماثلة أمامنا، تمدنا بالقوة والعزيمة أمام المحن والشدائد.

وتابع : وبات من الواضح والمؤكد، أن صمودكم هو أحد أهم أسباب استمرار لبنان ووحدة اللبنانيين وسلامة أمنهم، وظهر ذلك جلياً في عملكم المكثف، بهدف بسط سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية، وتطبيق القرارات الدولية بالتنسيق الوثيق مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان – اليونيفيل، ولجنة مراقبة وقف الأعمال العدائية، والانتشار في الجنوب ومواكبة عودة الأهالي إلى قراهم وبلداتهم».

وزاد : العدو يصرّ على انتهاكاته واعتداءاته المتواصلة ضد بلدنا وأهلنا، ويواصل احتلال أجزاء من أرضنا، ويعرقل الانتشار الكامل للجيش في الجنوب، ما يمثل خرقاً فاضحاً لجميع القرارات الدولية ذات الصلة».

وأتم قائد الجيش اللبناني كلمته بالقول : أنتم تعطون بإرادتكم وتضحياتكم المثال الرفيع والمشرف في التفاني المطلق من أجل لبنان، وتبقون الأمل حياً في نفوس اللبنانيين، وترسخون الثقة المقدرة من جانب الدول الشقيقة والصديقة بدور الجيش وكفاءته واحترافه.

قائد الجيش اللبناني: نواجه تحديات على رأسها تهديدات إسرائيل واعتداءاتهاالجيش اللبناني: سقوط مسيرة إسرائيلية بأطراف بلدة ميس الجبلالجيش اللبناني يعلن سقوط مسيرة إسرائيلية جنوبي البلادأحمد سنجاب: القوات الدولية تساهم في دعم المجتمعات المحلية بالتعاون مع الجيش اللبناني طباعة شارك لبنان الجيش اللبناني قائد الجيش اللبناني جيش الاحتلال اليونيفيل

مقالات مشابهة

  • قائد الجيش اللبناني: استمرار الاحتلال العائق الوحيد أمام استكمال انتشار القوات
  • نص كلمة قائد الثورة حول آخر مستجدات العدوان على غزة والتطورات الإقليمية والدولية
  • القوات المسلحة الأردنية والإمارتية تواصلان تنفيذ الإنزالات الجوية على قطاع غزة .. صور
  • “الأحرار الفلسطينية” تأسف لتماهي دول عربية مع العدو الصهيوني في تجميل وجهه بالإنزال الجوي للمساعدات
  • قائد الجيش السُّلطاني العُماني يشارك في الاجتماع الـ 23 لقادة القوات البرية لدول الخليج
  • عطل في أنظمة المراقبة الجوية يعطل المجال الجوي في لندن مؤقتًا .. فيديو
  • هآرتس: إسرائيل تمنع القوات الجوية المشاركة في إسقاط المساعدات من السماح للصحفيين بتصوير الدمار الهائل في غزة
  • الخط الأول على الجبهة وتعرض للحصار 130 يوما.. بطولات لطفي لبيب في حرب أكتوبر
  • يبدأ العمل بها 1 أكتوبر.. سبب إنشاء المحاكم العمالية بالمحافظات واختصاصاتها
  • صدم سيارة وتعدى على قائدها.. ضبط سائق ميكروباص «الاتجاه المعاكس» في حدائق أكتوبر