د. منجي علي بدر يكتب: الذكرى 51 لنصر أكتوبر العظيم
تاريخ النشر: 6th, October 2024 GMT
انقضى واحد وخمسون عاماً على انتصار الجيش المصرى فى حرب أكتوبر 1973، وهى حرب العزة والكرامة التى استعادت فيها مصر أرضها وانتصرت على إسرائيل وقضت على أسطورة الجيش الذى لا يُقهر. وعلى الرغم من مرور أكثر من نصف قرن على هذه الحرب، فإن ذكراها العطرة ستبقى عيداً لكل المصريين والعرب تخليداً لقوة إرادتهم وصلابتهم، ولكفاءة قواتهم المسلحة وقدرة المصريين القتالية المتميزة والتى سطرت ملحمةً وطنيةً خالدة فى حفظ تراب هذا الوطن، كما ستظل هذه الحرب تذكرنا دوماً بيوم رفع فيه المصريون رؤوسهم أمام العالم فى واحدة من أقوى وأشرس الحروب التى خاضتها مصر ضد العدو الإسرائيلى وتعد حرب أكتوبر أكبر حرب بعد الحرب العالمية الثانية، فقد قلبت موازين القوى وكيفية إدارة معارك الأسلحة المشتركة، وغيرت الكثير من العقائد والنظريات لدى العسكريين، وخبراء الاستراتيجيات فى العالم.
ونعرض بإيجاز أهم النتائج السياسية والاقتصادية لنصر أكتوبر العظيم:- النتائج السياسية للحرب: وضوح تأثير التضامن العربى حيث انعكس ذلك على المجال الاقتصادى والعسكرى بدرجات متفاوتة وكان أبرزها استخدام النفط العربى كسلاح فى تلك الحرب وإعادة العلاقات بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية، وعلى الجانب الآخر فقد الاتحاد السوفيتى وضعه المميز فى مصر، مع زيادة وتنوع العلاقات مع الجانب الأمريكى، والانفتاح النسبى للحياة السياسية فى مصر.
أهم المكاسب الاقتصادية التى حققها نصر أكتوبر المجيد:
إن نصر أكتوبر هو نتيجة عمل إبداعى بين الإدارة العبقرية والعمل العسكرى العظيم وعلم تم تطبيقه لخدمة أهداف المعركة واقتصاد وطنى كافح بأقل الإمكانيات، وتتمثل أهم المكاسب الاقتصادية فى عودة عائدات البترول الموجودة فى البحر الأحمر وسيناء وحصول مصر على إيراداتها مرة أخرى منذ الانسحاب الإسرائيلى من سيناء، وزيادة عائدات السياحة بالإضافة إلى الاستقرار السياسى واهتمام الدولة بالسياحة، خصوصاً فى جنوب سيناء، واسترداد الموانئ البحرية وانتعاش حركة التجارة الداخلية والخارجية إلى جانب انتعاش حركة الصيد نتيجة استرداد السواحل المصرية، وتطبيق سياسة الانفتاح الاقتصادى عام 1974، وإعادة افتتاح قناة السويس عام 1975 للملاحة الدولية وعودة عائدات قناة السويس للدولة المصرية إذ سجلت عائدات قناة السويس حوالى 10 مليارات دولار عام 2023 وفتح الأبواب أمام مشروعات استثمارية جديدة فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وتنوع الاقتصاد المصرى وثباته أمام الضغوط الدولية.كما تمت إعادة توطين وتنمية مدن القناة وسيناء بجانب تشجيع الاستثمارات الأجنبية والصناعات الوطنية وفتح فرص أمام بناء مدن جديدة، وبانتهاء حرب أكتوبر حافظت مصر على الموارد البشرية.
وتمثل حرب أكتوبر 1973 ملحمة شعب تراكمت لديه قيم خالدة مكّنته من إطلاق قدرات بلا حدود، أبهرت العالم، وأثبتت أن الشخصية المصرية صلبة وقتما يتوقع الجميع لها الانكسار، كما تمثل الشخصية المصرية جوهر التحول والعودة بمصر لمكانتها الريادية بين الأمم، وأن التحولات التى أفرزتها حرب أكتوبر فى سياسة مصر الخارجية قد تحولت مع الوقت إلى ثوابت ومتغيرات رئيسية لا تحيد عنها مؤسسات الدولة بهدف تحقيق المصالح المصرية، ومراعية للقوانين والقواعد التى صاغتها الشرعية الدولية، ما يمكّن متخذ القرار من صناعة القرار الرشيد فى التوقيت المناسب وبما يعلى من المصلحة الوطنية للدولة المصرية.وتستمر مسيرة عطاء الشعب المصرى بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى، وتزداد معها الطموحات والآمال والتحديات، وأصبحت ثورة 30 يونيو علامة فارقة فى تاريخ مصر الحديث، وعنصراً من عناصر بعث الهوية المصرية وتطورها، وباقة أكسجين أسعفت الأمة المصرية فى القضاء على مسلسل الفوضى بنشر المشاعر الوطنية، وإيماناً بمجد ماضيهم وعراقة تاريخهم وحضارتهم وأمل كبير فى مستقبلهم اعتماداً على أسس ثابتة اقتصادياً ومجتمعياً.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: نصر أكتوبر العظيم الجيش المصرى العدو الإسرائيلى الشخصیة المصریة أکتوبر العظیم حرب أکتوبر
إقرأ أيضاً:
إسحق أحمد فضل الله يكتب: (رصف الدخان)
وكل شيء في العالم الآن يتبدل… الحرب وما يتعلق بها… الاقتصاد… المجتمعات… الـ… الـ… ولأن أول الخلق هو اللغة التي تعبر عن هذا، فإن التعبير الآن أبكم.
هل لاحظت أن أول ما يُصاب به من يُفاجأ بشيء كبير هو الخرس؟
……
والآن أبشع ما شهده العالم هو أحداث غزة،
ومائة مليون مسلم مستعدون للقتال، لكن (خرس تنظيم الأمر للقتال هذا هو ما يجعلهم شيئاً يلتهم نفسه).
والسودان الآن فيه ملايين مستعدون لابتلاع التمرد في ضحوة…
والعدو يحرص على ألا يجد الناس لغة تجمعهم.
والعدو يصنع كامل، وما يصنعه كامل الآن…
……
ونحكي حكاية عمرها ربع قرن، وصديق نعرفه أكثر مما نعرف أنفسنا، ما وقع له هو:
قرنق يهبط مطار الخرطوم، والجهة التي تنشط في تفكيك السودان تحشد له استقبالاً أسطورياً،
وصديقنا جالس في مكتبه يشهد ما ينقله التلفزيون…
والحريق يأكل كبده وعيونه والدنيا من حوله،
والرجل يرفع يديه إلى الله سبحانه ويقول:
اللهم لا يكملن شهره هذا.
وكان وصول قرنق في التاسع من يوليو،
وصديقنا كان بعدها عائداً من السقاي، والأستاذ موسى طه مدير ساحات الفداء يتصل به ليقول:
:: فلان… طائرة قرنق اختفت.
والصاعقة تجعل صاحبنا يتوقف خارج الطريق، وقد انفجرت في ذاكرته الدعوة التي رفعها إلى المولى عز وجل:
اللهم لا يكملن شهره هذا.
وصاحبنا المذهول يصرخ في الهاتف:
الليلة يوم كم؟
قال الآخر:
الليلة يوم تسعة وعشرين…
لم يكمل شهره إذن…
والحكاية نستعيدها وملايين السودانيين يجأرون إلى الله صباح مساء أن ينصر جيشنا.
….. ارفع يديك أنت
……
والثقة في الله تجعل ديننا يقتحم الغيب. فمعروف عن ابن تيمية أنه لما واجه جيش المسلمين جيش التتار في شقحب، نظر ابن تيمية إلى جيش التتار – الذي لا يُغلب، والذي اكتسح آسيا ودخل إفريقيا – ابن تيمية يتأمل جيش التتار ثم يصيح:
والله لقد هزمناهم…
والمعركة لم تبدأ.
ويقولون له:
:: قل إن شاء الله..
وهنا يقول الرجل أغرب جملة،
ابن تيمية يصيح:
قد شاء!!!!
الثقة في الله هي هذه.
……
والمثقف الإنجليزي الذي أسلم قال:
كنت أرى المسلمين في إنجلترا وأحادثهم، وأخرج بما يؤكد رفضي للإسلام، فقد كان كل واحد منهم يلجلج في الحديث عن الإسلام وكان الدين هذا شيئاً مخجلاً.
قلت لنفسي: أي دين هذا الذي يخجل أهله منه؟
حتى حدث شيء،
زميل لي في الجامعة – سوداني – يغيب، ثم أعرف أنه ذهب يقاتل في جنوب السودان وأنه قُتل.
عندها قررت أن أعرف هذا الدين بعيداً عن أهله،
وقرأت… وقرأت…
قال: تهت واختلطت حتى قررت أن أنتحر.
( والإنجليزي يحكي معاناته حتى إسلامه ليقدم بعدها أغرب صورة للمسافة بين النفوس وبين الحقيقة )
قال:
استيقظت يوماً بعد أن جرجرت نفسي إلى الإسلام وهي تصرخ،
استيقظت يوماً ووجدت أن الماء – بعد أن أصبحت أربط كل شيء بإله المسلمين – أن الماء قد أصبح له شكل غريب، رائع… والشجرة تحت نافذتي هي شيء حي معجز… وأن الناس والشارع… وكأنني لم أرها قط من قبل.
قال:
كان نفسي كأن صفحة يزدحم فيها الوجود كله، ثم… فجأة… انمحى كل ما فيها.
……
الإنجليزي يحكي قصة إسلامه، وما يلفتنا فيها هو الجملة التي تضرب مثل السكين،
الجملة التي تصف المسلم الذي يخجل من دينه، ثم يظن بعدها أنه مسلم.
هذا ما يقوله كل أهل الفقه،
وما يقوله المسلم الجديد المثقف لأن الفطرة عنده هي التي تتحدث…