النزوح المتكرر.. حكايات من قلب المأساة في غزة
تاريخ النشر: 7th, October 2024 GMT
عبدالله أبوضيف (رفح)
أخبار ذات صلةاضطر 1.9 مليون شخص من بين مليوني شخص إلى النزوح مرات عدة في قطاع غزة، والذي يواجه أكبر أزمة إنسانية منذ عام كامل.
وحسب مدير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا» في الأراضي الفلسطينية المحتلة، أندريا دي دومينيكو، فإن أحدث التقديرات تشير إلى نزوح 1.
ومنذ بدء الحرب قبل عام، تحملت العائلات عبء النزوح المتكرر الذي طال الأطفال وأسرهم، ومنهم الأم نيفين التي عاشت وما تزال تعيش حتى الآن رحلة نزوح مؤلمة مع ابنها عبد الرحمن البالغ من العمر 10 أشهر، أول طفل يصاب بشلل الأطفال في غزة منذ 25 عاماً.
وتقول نيفين لـ«الاتحاد» إنها كانت تتمنى أن يكبر عبد الرحمن ويعيش حياة طبيعية، يلعب ويركض مثل الأطفال الآخرين لكن الحرب جعلت منه شاهداً على معاناتها، بعدما أصبح غير قادر على الحركة أو الحديث وسط نقص حاد في الرعاية الطبية التي يحتاجها.
وبعد تدهور حالته، نقلت نيفين ابنها إلى أحد المراكز الطبية المتبقية في دير البلح، حيث طلب الأطباء عينة لإرسالها خارج غزة، ورغم ضغوط النزوح المتكرر بقيت الأم متمسكة بطفلها الصغير، تصارع لإيجاد علاج له في ظل تصاعد العنف والدمار، وتنقلت العائلة 5 مرات منذ اندلاع الحرب من دير البلح إلى مخيم جباليا لتتفادى القصف بحثاً عن أمان بعيد المنال.
ويقول عز الدين، خال عبد الرحمن الذي يعيش في جباليا: «لم نكن ندرك أن هناك ما هو أسوأ من الحرب، حتى جاء المرض ليحرم عبد الرحمن من حقه في طفولة طبيعية».
وذكرت منظمة الأمم المتحدة أن «الأطفال في غزة لا يعانون فقط النزوح، هم الآن ضحايا لأزمات صحية متفاقمة، وهناك ما لا يقل عن 19 ألف طفل يعيشون بعيداً عن ذويهم وسط نقص حاد في الغذاء والدواء».
وفي المستشفى الإماراتي الميداني في مدينة رفح، وجد فريق العمل طفلة مجهولة الهوية لا يتجاوز عمرها ثلاثة أسابيع بجوار مسجد بعد غارة جوية أسفرت عن مقتل عشرات الأشخاص، أطلق عليها العاملون اسم «ملاك» تيمّناً بالأمل الذي يحملونه لها في ظل الأوضاع الصعبة.
وأصبح كل طفل، وكل عائلة نازحة، يواجهون واقعاً قاسياً في غزة، حيث يشكل الأطفال نسبة كبيرة من المتضررين.
تقول أمل أبو ختلة، ممرضة أطفال حديثي الولادة في المستشفى: «أطلقت على الطفلة اسم (ملاك) لعلها تنعم بشيء من الأمان وتظل تذكاراً لصمود غزة، والقصة تتكرر، والألم يزداد، لكن الأمل لا يزال معلقاً بقدرة الأمهات والأطفال على الاستمرار رغم المآسي».
بدورها، تقف سعاد، وهي أمٌ لثلاثة أطفال، حائرة وهي تجمع بعض الأغراض الضرورية على عجلٍ قبل مغادرة منزلها في حي الشجاعية، تقول وهي تمسك بيد ابنها الأصغر، الذي لم يتجاوز عمره 5 أعوام: «هذه هي المرة الخامسة التي ننزح فيها منذ بداية الحرب، لقد أصبحنا خبراء في حزم الحقائب خلال دقائق»، وبمرارةٍ تحكي عن المرات التي نزحوا فيها تاركين وراءهم كل شيء بحثاً عن مكان آمن.
تقول: «أطفالي لا يعرفون معنى الاستقرار، كلما اعتادوا على مكان، اضطررنا لمغادرته، ابني الأكبر عمره 12 عاماً ومع ذلك لا يعرف معنى الاستقرار أو الأمان، في كل مرة تغادر فيها العائلة يكون المكان التالي أكثر ازدحاماً وصعوبة، فالملاجئ المؤقتة والمخيمات لا توفر الخصوصية، ناهيك عن نقص الاحتياجات الأساسية، خاصة الماء والغذاء والدواء».
وأضافت الأم: «كان حلمي أن أرى أطفالي يكبرون بسلام، لكن الحرب حرمتهم من طفولتهم، اليوم هم مشغولون فقط بالهروب والبقاء على قيد الحياة، حتى اللعب لم يعد له طعم، يعرفون فقط كيف يركضون بحثاً عن المأوى».
ويمثل الأطفال حوالي نصف سكان غزة، ما يعني أن الحرب تطال جيلاً بأكمله.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: النزوح غزة قطاع غزة فلسطين إسرائيل الأمم المتحدة أوتشا عبد الرحمن فی غزة
إقرأ أيضاً:
الشوا: الاحتلال يستغل المساعدات لترسيخ النزوح وإذلال الغزيين
قال أمجد الشوا، مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، إن هناك مشاهد إنسانية قاسية في قطاع غزة لا تستطيع أي كاميرا أو عدسة أن توثقها بالكامل، خاصة في مراكز توزيع المساعدات التي يشرف عليها الاحتلال الإسرائيلي، أو في المخيمات التي تأوي عشرات الآلاف من الأسر الفلسطينية في ظروف إنسانية مأساوية.
وأوضح الشوا، خلال مداخلة مع الإعلامي محمد رضا، على قناة القاهرة الإخبارية، أن القصف الإسرائيلي المتواصل لم يترك بنية تحتية سليمة، وتسبب في دمار واسع لمنازل المواطنين ومراكز الإيواء، مما زاد من معاناة المدنيين، خاصة النساء والأطفال الذين يبيتون جوعى، ولا يجدون أحيانًا حتى شربة ماء صالحة للشرب، وسط نقص حاد في الأدوية، ومشاهد يومية للمرضى والجرحى يتمنون الموت لتخفيف آلامهم.
وأشار إلى أن نزوح السكان ما زال مستمرًا بشكل يومي، لا سيما من أحياء مدينة غزة التي تتعرض لقصف لا يتوقف، مضيفًا: «هذه الأوجاع لا يمكن لأي كاميرا أن توثقها؛ فمحاولات النوم تتبدد تحت أصوات الانفجارات والدمار، في واقع كارثي غير مسبوق».
وتعليقًا على الآلية الجديدة التي تشرف عليها الولايات المتحدة وإسرائيل لتوزيع المساعدات، قال الشوا إنها «آلية فاشلة باعتراف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نفسه»، مشيرًا إلى أن إصرار الاحتلال على استمرارها يعود إلى أهداف أمنية وسياسية تهدف إلى فرض النزوح القسري على الفلسطينيين، لا سيما من شمال غزة إلى جنوبها.
وأضاف أن الاحتلال يستخدم نقاط توزيع المساعدات كمصائد؛ لإذلال الفلسطينيين، حيث يُجبر المدنيون على المرور في ممرات محاطة بالأسلاك الشائكة وتحت حراسة مسلحين أجانب وجنود الاحتلال، ما يمثل إهانة واضحة، بل ويتعرض بعضهم لإطلاق النار خلال محاولتهم الحصول على الغذاء.