أكد معالي عمر سلطان العلماء، وزير دولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بعد، أن دولة الإمارات العربية المتحدة أدركت الإمكانات التحويلية للذكاء الاصطناعي منذ عام 2017، فشرعت في رحلة استكشاف وتطبيق فريدة من نوعها، مستلهمة رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله”، والتي ارتكزت على 3 محاور رئيسية هي الجرأة والاستباقية في تبني هذه التقنية الجديدة وأهمية التعلم من الخبرات القائمة، والاعتراف بالدور المحوري للذكاء  الاصطناعي في المستقبل، والسعي لتطبيقها بحيث تكون دولة الإمارات من أسرع الدول في هذا المجال.

جاء ذلك، خلال جلسة جمعت معاليه مع منتسبي الدورة الثانية من البرنامج الدولي للمدراء الحكوميين من 31 دولة، ضمن زياراتهم الميدانية إلى عدد من الجهات الحكومية والمشاريع الوطنية في دولة الإمارات للتعرف على أبرز التجارب والنماذج الناجحة في القطاعات الاستراتيجية، ومجالات الإدارة المؤسسية وتطوير الخدمات وبناء القدرات وتأهيل القيادات الحكومية.

وهنأ معاليه المنتسبين باختيارهم في هذا البرنامج الذي يسعى إلى تأهيل كفاءات حكومية عالمية قادرة على التعامل مع متغيرات المستقبل.

 

مقاربة فريدة

وقال معالي عمر سلطان العلماء: ” لقد انتهجت دولة الإمارات مقاربة فريدة لا تنظر إلى الذكاء الاصطناعي باعتباره أداة للربح، بل محفزاً لتعزيز جودة الحياة، واستقطاب واستبقاء المواهب، وفي المحصلة الارتقاء بجودة حياة المجتمع”.

وتحدث معاليه عن مدى ارتباط مستقبل الذكاء الاصطناعي بمستقبل العالم ككل، مشيراً إلى أن دولة الإمارات تحرص على البقاء في طليعة هذه الثورة التكنولوجية من خلال الاستثمار المستمر في البنية التحتية وتنمية المواهب. وقال: “لقد مكنت الاستثمارات المبكرة في قدرات الحوسبة الفائقة دولة الإمارات من تدريب نماذج اللغات الكبيرة الخاصة بها وجذب شراكات عالمية، منها استثمار مايكروسوفت في شركة G42. والآن، ينصب تركيزنا على بناء القدرات الداخلية، وتلبية الاحتياجات المحلية الفريدة لنماذج اللغة العربية”، مؤكداً أن دولة الإمارات تدرك أهمية التعاون العالمي في التعامل مع المشهد المتطور للذكاء الاصطناعي، وتتبنى نهجاً قائماً على تبادل المعرفة والعمل الجماعي لمضاعفة الفوائد والحد من التحديات التي تفرضها التكنولوجيا التحويلية.

وفي سياق الحديث عن واقع تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي، أشار معالي عمر سلطان العلماء إلى أن تقدمها السريع، وإن كان يعد بإحداث ثورة في مختلف القطاعات وما يترتب على ذلك من الارتقاء بجودة الحياة، فإنها تنطوي أيضاً على تحديات محتملة من أبرزها سوء الاستخدام، إضافة إلى الجهل بماهية هذه التقنيات على مستوى اتخاذ القرار، مشيراً إلى أن دولة الإمارات تعاملت مع هذا التحدي بشكل استباقي من خلال مبادرات عدة منها تنظيم برنامج تدريبي لمدة 8 أشهر لكبار المسؤولين الحكوميين في مجال الذكاء الاصطناعي، بالشراكة مع جامعة أكسفورد، تم من خلاله بناء قدرات كادر من الخبراء القادرين على التعامل مع تطبيقات الذكاء الاصطناعي وما ينشأ عنها من تحديات. كما تهدف برامج مثل “مخيم الإمارات للذكاء الاصطناعي” إلى تبسيط التكنولوجيا وتعزيز فهم الجمهور لها، ومكافحة المفاهيم الخاطئة التي تغذيها روايات الخيال العلمي والصور النمطية السائدة.

 

تطور متسارع

 

وفي ختام الجلسة استعرض معاليه أبرز الدروس المستفادة من تجربة دولة الإمارات في تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي، مؤكداً أن التطور المتسارع للذكاء الاصطناعي يتطلب التعلم والتكيف المستمرين، وأشار إلى ضرورة الدراسة المتأنية واتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة الآثار الاقتصادية للذكاء الاصطناعي، بما في ذلك تكلفة تدريب النماذج المعقدة والأهمية المتزايدة لموارد الطاقة كعنصر أساسي لتبني هذه التقنية. مشيراً إلى أن نهج دولة الإمارات والتزامها بالتنظيم المسؤول والتعاون الدولي، يشكل نموذجاً عالمياً يحتذى لتسخير طاقات وإمكانات الذكاء الاصطناعي من أجل تحسين المجتمع.

يذكر أن البرنامج الدولي للمدراء الحكوميين تم تطويره بالتعاون بين مكتب التبادل المعرفي الحكومي في وزارة شؤون مجلس الوزراء ومركز محمد بن راشد لإعداد القادة المنضوي تحت مظلة المكتب التنفيذي لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.

ويهدف البرنامج إلى تطوير المهارات القيادية لقيادات الصف الأول والثاني من الوزراء ووكلاء الوزارات والمدراء في الدول المشاركة في البرنامج، بما يمكنهم من تطوير أدوات ونماذج وأساليب عمل حكومية تستفيد من تجارب دولة الإمارات الناجحة في تطوير الأداء الحكومي، الأمر الذي يمكن المنتسبين من بناء نماذج مستقبلية كفيلة بتمكين حكوماتهم وتعزيز جاهزيتها للمستقبل، والارتقاء بمستوى العمل الحكومي.

ويطلع منتسبو البرنامج خلال زياراتهم الميدانية على أفضل الممارسات الإماراتية في قطاعات الاقتصاد والتجارة وريادة الأعمال والتعليم والفضاء واستشراف المستقبل والتعاون الدولي والذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي وتمكين الشباب وغيرها.

وينتمي المشاركون في البرنامج الدولي للمدراء الحكوميين إلى 31 دولة وهي: أذربيجان، ومنغوليا، وإقليم كردستان العراق، والعراق، وبرمودا، وإثيوبيا، وجورجيا، والمالديف، وإمارة أندورا، وقيرغيزستان، ومصر، وبربادوس، ورومانيا، وكوستاريكا، ومدغشقر، وسيشل، وكازاخستان، وأوزبكستان، وفيجي، ورواندا، والسنغال، وكولومبيا، وباراغواي، والبرازيل، وتركمانستان، وغيانا، وبروناي، ومالطا، وزيمبابوي، وصربيا، ودولة الإمارات.


المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

تشوية لسياسة "التعمين".. لماذا؟

 

 

 

حيدر بن عبدالرضا اللواتي

haiderdawood@hotmail.com

 

في الوقت الذي تعمل فيه الجهات المعنية على تشغيل العُمانيين وتدريبهم وتأهيلهم للعمل في مُختلف القطاعات الاقتصادية المتاحة، ورفع نسب "التعمين" للكوادر المؤهلة في التخصصات المطلوبة، نجد اليوم هناك بعض الدول تحاول تشويه أمر هذا المطلب الوطني والسيادي من خلال طرح فكرة تجميد "التعمين" في الشركات التي تمَّ تأسيسها من خلال الاستثمارات الأجنبية للعمل في هذه المنطقة، وبعضهم قدموا في الأصل عمالًا في بعض المهن، وأصبحوا اليوم مستثمرين من الدرجة الأولى.

منذ حوالي شهر مضى تطرح في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي رسائل ومناشدات عديدة من المواطنين موجهة للمسؤولين في الحكومة بعدم قبول أي شرط يُقيدّنا بتشغيل عمالة وطنية في تلك الشركات في حال الاتفاق بشأن الاتفاقيات التجارية الثنائية؛ حيث إنَّ ذلك سيؤدي إلى مضاعفة أفراد تلك الدول في المؤسسات التجارية العاملة في السلطنة، والذي سوف يزيد تحكمهم في مصير العُمانيين وفي تقرير كل أمر صغير أو كبير مستقبلًا. كما إن ذلك سوف يؤدي إلى تراجع فرص تأهيل العُمانيين في هذه المؤسسات، مع العلم بأن تحكّم أبناء هذه الدولة مستمر في المؤسسات التجارية الحالية التي يزداد عددها سنوياً، والتي تدخل في مختلف مجالات الإنتاج السلعي. وهذا يؤدي في نهاية الأمر إلى التبعية للدول الأجنبية، وزيادة التحويلات المالية السنوية إلى دولهم، وبالتالي يُقلل من بقاء السيولة في السوق الداخلي وإدارة الأموال بصورة مطلوبة.

ويرى الكثير من الناس أن طلب أي دولة تجميد سياسة "التعمين" في اتفاقية التجارة الحرة يُعد نوعًا من الوصاية على حركة سوق العمل العُماني؛ فحين تسعى دولة لضمان دائم لعمالتها داخل قطاعات حيوية في دولة أخرى فإنَّ ذلك يشكّل سابقة خطيرة تمسّ بسيادة القرار الوطني. وأن خطورة هذا الطرح لا تكمن فقط في مضمونه؛ بل في ما يفتحه من أبواب لتقويض قدرة الدولة على تطوير كوادرها وتمكين مواطنيها وخلق اعتماد مزمن على العمالة الأجنبية.

نعلم أن الاستثمار الأجنبي في أي دولة يريد أن يكون حرًا في إطار الاقتصاد الحر حتى في تعيين العاملين لديه من أجل تقليل التكلفة لأي منتج مصنع أو خدمة جديدة، ولكن كل دولة لها قوانين خاصة بها، خاصة فيما يتعلق بتشغيل نسب مُعينة من العمالة الوطنية في تلك المؤسسات، وعُمان لا تحيد عن هذا الأمر أيضًا.

ولكن من ناحيتي لا أرى بأن طلب تجميد التعمين سوف يخلق فوضى في السوق العُمانية كما يُشير البعض، ولا توجد هناك أدلة موثوقة بذلك، أو وجود تحريض بخلق مشاكل في السوق العُماني من خلال قضايا التوظيف أو سياسات "التعمين"، ولكن هناك احتمالات بأن يؤدي ذلك إلى خلق بعض التوترات الدبلوماسية في جوانب تجارية مُحددة، ويمكن تجنبها من خلال وضوح السياسات التي تعمل بها البلاد.

لقد مرّ العالم ببعض المشاكل التي نتجت عن وجود عمالتها في الدول الأخرى خلال العقود السابقة، وفي حالات معينة؛ حيث استخدمت مسألة العمالة الوطنية أو السياسات الاقتصادية كوسيلة لتوتر العلاقات أو لتحسين موقف معين داخليًا، لكن غالبًا ما تكون تلك حالات محدودة وتُحل عبر الحوار والاتفاقات الثنائية أو الدولية.

وفي العلاقات الدولية هناك حلول لحل مثل هذه الخلافات، وتعمل الدول على حلها بشكل دبلوماسي لتفادي التصعيد. وعلينا أن ننظر إلى هذه القضايا والأمور بشكل موضوعي، لأنَّ الحكومات تسعى عادةً لحماية مصالحها الوطنية، وأنَّ النزاعات المتعلقة بالعمالة والسياسات الاقتصادية تُعالج غالبًا من خلال الحوار والاتفاقات، مع ضمان عدم التأثير سلبًا على العلاقات الثنائية.

إنَّ حجم التجارة الخارجية لسلطنة عُمان مع دول العالم في ازدياد سنويًا، وأن نوعية المشاريع الاستثمارية الأجنبية تزداد هي الأخرى؛ حيث تستورد عُمان العديد من المنتجات والسلع مثل الإلكترونيات، والأدوية، والملابس، والمواد الغذائية وغيرها من العالم، وأي طلب بتجميد سياسة "التعمين" سوف يؤدي إلى تراجع الطلب من تلك الدول، بجانب أن مثل هذا الطلب سوف يؤدي إلى تراجع الطلب في تأسيس مشروعات مشتركة في مجال الطاقة والبنية التحتية وفي قطاع النفط والغاز والطرق الطرق والموانئ وفي القطاع السياحي والصناعي والتكنولوجي بالاضافة إلى مشاريع الزراعة والثروة الحيوانية وتطوير قطاعات الغذاء.

وجميع هذه المشاريع تعد جزءًا من جهود تعزيز التَّعاون الاقتصادي بين الدول، خاصة وأن السنوات الأخيرة شهدت زيادة في حجم الاستثمارات والمشاريع المشتركة بين عُمان وتلك الدول، وبالتالي فإنَّ وجود العمالة الوطنية بجانب العمالة الوافدة هو أمر سيادي، ولا يمكن لأي دولة طرح تصور باستبعاد العمالة الوطنية للعمل في بلادها.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • آبل تتجنب الضجة وتكشف عن تطورات تدريجية في مجال الذكاء الاصطناعي خلال WWDC 2025
  • تشوية لسياسة "التعمين".. لماذا؟
  • سامسونج إلكترونيكس مصر تحصد جائزة عن برنامج سامسونج للابتكار خلال قمة الذكاء الاصطناعي بإفريقيا في أوغندا
  • ابي خليل وصحناوي قدما اقتراح قانون حول إنشاء الهيئة الوطنية للذكاء الاصطناعي
  • الذكاء الاصطناعي يسرّع وتيرة العمل ويعيد تشكيل سوق الوظائف عالميًا
  • هل يجوز للذكاء الاصطناعي كتابة الأبحاث العلمية؟ العلماء منقسمون
  • ميتا تبحث استثمار مليارات الدولارات في شركة ناشئة للذكاء الاصطناعي
  • Gemini يتصدر قائمة أكثر تطبيقات الذكاء الاصطناعي جمعًا للبيانات
  • الذكاء الاصطناعي يساعد العلماء في تقدير أعمار جديدة لمخطوطات البحر الميت
  • درونات الذكاء الاصطناعي تحرس أقدام الحجاج.. ثورة تقنية في موسم الحج!