أوروبا على حافة الجفاف.. ندرة المياه وتغير المناخ يهددان القارة العجوز
تاريخ النشر: 17th, October 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تواجه أوروبا أزمة متصاعدة فى ندرة المياه، حيث يؤثر هذا التحدى على خمس أراضى الاتحاد الأوروبي، ويعانى نحو ثلث سكان القارة من تأثيراته سنويًا. ووفقًا لتقرير الوكالة الأوروبية للبيئة، فإن الضغط المتزايد على الموارد المائية يهدد قطاعات حيوية مثل الزراعة والصناعة، فيما تعانى ما يصل إلى ثلثى المسطحات المائية من حالة بيئية سيئة.
تُعد أوروبا أسرع قارة فى العالم من حيث ارتفاع درجات الحرارة، ويعود ذلك جزئيًا إلى قربها من القطب الشمالي. إذ يؤدى ذوبان الجليد إلى كشف الأرض الداكنة التى تمتص الحرارة، مما يزيد من تسارع الاحترار العالمي. ونتيجة لهذه الظاهرة، شهدت أوروبا زيادة كبيرة فى الأحداث المناخية المتطرفة، بما فى ذلك الفيضانات والجفاف، التى أصبحت أكثر تواترًا وفتكًا. يؤدى الضغط المتزايد على إمدادات المياه إلى تهديد الصناعات الكبرى مثل المنسوجات والزراعة، التى تعتمد بشكل كبير على المياه. وتواجه هذه القطاعات تحديات كبيرة فى ظل ارتفاع درجات الحرارة وتزايد فترات الجفاف.
إلى جانب ندرة المياه، يعانى الاتحاد الأوروبى من تلوث واسع النطاق لمسطحاته المائية. وفقًا لتقرير الوكالة، فإن ما يقرب من ثلثى المياه السطحية، مثل البحيرات والأنهار، ليست فى حالة بيئية جيدة. وتتصدر دول مثل السويد وألمانيا وبولندا قائمة الدول الأكثر تضررًا نتيجة هذا التلوث. أحد الأسباب الرئيسية لتدهور جودة المياه فى أوروبا هو الزئبق المنبعث من محطات الطاقة التى تعمل بالفحم، وكذلك المبيدات الحشرية المستخدمة فى الزراعة، والتى تصل إلى مصادر المياه.
هذا التلوث يعمق أزمة المياه، ويضع النظام البيئى الأوروبى فى خطر. فى يوليو الماضي، وفى ذروة أزمة إمدادات المياه خلال الصيف، كتب وزراء البيئة فى ٢١ دولة من دول الاتحاد الأوروبى خطابًا إلى المفوضية الأوروبية، طالبوا فيه باتخاذ "إجراءات ملموسة" لتعزيز الأمن المائى وزيادة القدرة على الصمود أمام التحديات البيئية المتزايدة. تفاقمت الأزمة بشكل خاص فى جنوب أوروبا، حيث اضطرت دول مثل إيطاليا واليونان وإسبانيا إلى فرض قيود مشددة على استهلاك المياه. فى بعض المناطق الإسبانية، اضطر السكان إلى تقنين استهلاكهم لضمان توفير المياه للسياح والمزارعين، فى حين شهدت الجزر اليونانية والإيطالية حصصًا يومية صارمة.
وتُعد الزراعة القطاع الأكبر استهلاكًا للمياه فى الاتحاد الأوروبي، حيث تستخدم نحو ٥٩٪ من إمدادات المياه، مقارنة بـ ١٣٪ للأسر والخدمات. وعلى الرغم من الإجهاد المائى المرتفع، إلا أن استهلاك المياه للرى الزراعى زاد بنسبة ٨٪ منذ عام ٢٠١٠ فى جنوب أوروبا. وتشير هذه الأرقام إلى الحاجة الماسة لتغيير الممارسات الزراعية لتقليل استخدام المياه والتكيف مع تحديات المناخ المتزايدة. كما يُعد تحسين إدارة الموارد المائية جزءًا أساسيًا من الحلول الممكنة لتخفيف آثار الأزمة.
مع استمرار ارتفاع الضغوط على الموارد المائية، من المتوقع أن تتفاقم الأضرار الاقتصادية المرتبطة بالأحداث المناخية. فى عام ٢٠٢٢، تسببت موجات الجفاف والحرائق فى أضرار تقدر بنحو ٤٠ مليار يورو فى الاتحاد الأوروبي. ووفقًا لتقديرات مركز الأبحاث المشترك التابع للمفوضية الأوروبية، فإن الأضرار المباشرة الناجمة عن الفيضانات قد تزيد بمعدل ستة أضعاف بحلول عام ٢١٠٠.
لتجاوز هذه التحديات، قدّر تقرير منفصل نشرته هيئة المياه الأوروبية الحاجة إلى استثمار ٢٥٥ مليار يورو فى البنية التحتية للمياه على مدار السنوات الست المقبلة. هذا الاستثمار ضرورى لضمان امتثال الدول الأوروبية لمعايير الاتحاد الأوروبى المتعلقة بالنظافة وإمدادات المياه. بينما تواجه أوروبا تحديات متزايدة تتعلق بندرة المياه وتغير المناخ، يبدو أن الحل يكمن فى الاستجابة السريعة من خلال تحسين إدارة الموارد المائية، والاستثمار فى البنية التحتية، وتعديل السياسات الزراعية لتقليل استهلاك المياه. بدون تحرك عاجل، ستظل القارة الأوروبية عرضة لأضرار بيئية واقتصادية كبيرة فى المستقبل القريب.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: أوروبا الاتحاد الأوروبي المياه الفيضانات الجفاف الموارد المائیة استهلاک ا
إقرأ أيضاً:
بسبب الوضع الكارثي في غزة.. المفوضية الأوروبية تقترح تعليق تمويل الشركات الإسرائيلية الناشئة
قدّمت المفوضية الأوروبية توصية بتعليق تمويل شركات إسرائيلية ناشئة ضمن برنامج "هورايزن" احتجاجًا على الوضع الإنساني في قطاع غزة، مما أثار رفضًا حادًا من إسرائيل التي اعتبرت القرار غير مبرر. اعلان
اقترحت المفوضية الأوروبية يوم الاثنين 28 تموز/يوليو تعليق تمويل شركات إسرائيلية ناشئة في إطار مبادرة "هورايزن" للبحث العلمي، وذلك بسبب الأوضاع الإنسانية الكارثية في قطاع غزة. وتأتي هذه الخطوة في ظل تصاعد المخاوف من تفشي مجاعة في القطاع الذي دمرته الحرب، وسط دعوات من عدة دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي لاتخاذ إجراءات ملموسة ضد إسرائيل.
وأوضحت المفوضية في بيان أن "رغم إعلان إسرائيل هدنة إنسانية يومية واحترامها بعض التزاماتها، فإن الوضع في غزة لا يزال خطيرًا". وأضاف البيان أن التعليق المقترح هو إجراء محدد الهدف ويمكن الرجوع عنه في المستقبل. من المقرر أن تناقش الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي هذا الاقتراح يوم الثلاثاء، حيث يحتاج إلى موافقة أغلبية الدول لكي يدخل حيز التنفيذ.
يواجه الاتحاد الأوروبي صعوبة في اتخاذ قرارات موحدة بشأن النزاع في غزة بسبب الانقسام الحاد بين دول تدعم إسرائيل وأخرى تميل إلى دعم الفلسطينيين. وفي هذا السياق، عرضت مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، مجموعة من الخيارات لمعاقبة إسرائيل بعد تقرير للمفوضية الأوروبية خلص إلى أن إسرائيل انتهكت المادة الثانية من اتفاق التعاون المبرم مع الاتحاد والمتعلقة بحقوق الإنسان.
Related لمواجهة الرسوم الجمركية الأميركية.. المفوضية الأوروبية تجهز قائمة تعريفات بقيمة 72 مليار يورودموع لا تجفّ في غزة: وداع مؤلم لضحايا الغارات الإسرائيلية الأخيرةبين التجويع والإنكار: إسرائيل تصعّد تهديداتها وتنفي حدوث مجاعة في غزةوعلى صعيد آخر، أعلن الاتحاد الأوروبي أنه أبرم اتفاقًا مع إسرائيل يسمح بدخول مزيد من المساعدات الإنسانية إلى غزة، مشيرًا إلى أن إسرائيل اتخذت خطوات لتنفيذ بعض التعهدات، إلا أن المزيد من الجهود لا يزال مطلوبًا.
ويُعد التعليق الجزئي لمشاركة إسرائيل في مبادرة "هورايزن" من الإجراءات المحدودة التي يمكن للاتحاد الأوروبي اتخاذها، لكنه يُعد رسالة تحذيرية لإسرائيل بأن التكتل مستعد لاتخاذ إجراءات أكثر صرامة إذا لم يتحسن الوضع في غزة. ويشمل المقترح وقف تمويل الشركات الإسرائيلية الناشئة العاملة في مجالات مثل تكنولوجيا الطائرات المسيّرة، والأمن السيبراني، والذكاء الاصطناعي.
وتحتل إسرائيل، إلى جانب فرنسا وألمانيا، المراتب الأولى في قائمة الدول التي تتمتع بأكبر عدد من الشركات الناشئة المتنافسة على التمويل في عام 2024.
إسرائيل: لن نرصخ لأي ضغوطفي المقابل، رفضت وزارة الخارجية الإسرائيلية توصية مفوضية الاتحاد الأوروبي باستبعاد إسرائيل من أحد مكونات برنامج "هورايزن"، ووصفتها بأنها "خاطئة ومؤسفة وغير مبررة".
وجاء في بيان الوزارة: "في وقت تخوض فيه إسرائيل حربًا ضد إرهاب حركة حماس الجهادي، فإن أي قرار من هذا النوع لا يخدم سوى تعزيز حماس، وبالتالي يُضعف فرص التوصل إلى وقف إطلاق النار وإطار لإطلاق سراح الرهائن".
وأكدت الوزارة أنها ستعمل على منع اعتماد هذه التوصية من قبل مجلس الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، معربة عن أملها في أن "يكون هذا هو المآل الفعلي". وشددت على أن إسرائيل "لن ترضخ لأي ضغوط تمس بمصالحها الوطنية".
من جهة أخرى، يرزح قطاع غزة، تحت حصار تفرضه إسرائيل منذ اندلاع الحرب إثر الهجوم غير المسبوق الذي شنته حركة حماس على الأراضي الإسرائيلية في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.
وأعلنت إسرائيل الأحد 27 تموز/يوليو استئناف إسقاط المساعدات من الجو، فيما فرضت "تعليقًا تكتيكيًا" يوميًا محدودًا على عملياتها العسكرية لأغراض إنسانية في بعض مناطق القطاع. يوم الاثنين، دخلت شاحنات محملة بمواد غذائية إلى غزة، لكن وكالات الإغاثة حذرت من أن كميات أكبر من المساعدات ضرورية لمنع حدوث مجاعة.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة