في السنوات الأخيرة بدأ النقاش يتسع حول أسباب تفضيل مزيد من الأشخاص قضاء معظم الوقت بمفردهم، فقد لوحظ في الولايات المتحدة -على سبيل المثال- انخفاض الوقت الذي يقضيه الشخص مع الأسرة والأصدقاء والزملاء والجيران، من 15 ساعة إلى 10 ساعات فقط في الأسبوع، في الفترة من عام 2012 إلى عام 2021، وفقا لمسح أجراه مكتب الإحصاء الأميركي.

لكن اللافت للنظر أن "تأثيرات هذا الميل المتصاعد للعزلة الاجتماعية على أجسامنا وأدمغتنا"، لم تلق ما تستحقه من الاهتمام والنقاش، حيث يتم الاكتفاء بإلقاء اللوم على الهواتف الذكية، أو وسائل التواصل الاجتماعي، أو جائحة كوفيد، أو انخفاض الثقة بالمجتمع، أو كل ما سبق، "مع أن الافتقار إلى التفاعل البشري له نفس التأثير الكبير على مستويات الطاقة، مثله مثل الافتقار إلى الطعام"، كما تقول الكاتبة المتخصصة في مجال الأعمال جيسيكا ستيلمان، في مقالها على موقع "آي إن سي".

العزلة الاجتماعية والشعور بالوحدة مختلفان

أثرت العزلة الاجتماعية والشعور بالوحدة على الناس من جميع الأعمار والخلفيات الثقافية والاقتصادية في جميع أنحاء العالم (وفقا لمراجعة نُشرت عام 2022، وشملت 113 دولة)، "وشهدت العقود القليلة الماضية، انخفاض عدد الأشخاص الذين أفادوا بوجود شخص مقرب في حياتهم". وفقا لما ما ذكره الجراح العام السابق للولايات المتحدة، فيفيك مورثي، في مقال على موقع "هارفارد بيزنس ريفيو" نُشر في سبتمبر/أيلول 2017.

ورغم أن مصطلحي "العزلة الاجتماعية" و"الشعور بالوحدة" يُستخدمان غالبا باعتبارهما شيئا واحدا، "لكنهما مختلفان"، كما يقول الدكتور مورثي.

فكما يمكن للشخص أن "يعيش بمفرده، دون أن يشعر بالوحدة أو العزلة الاجتماعية"، يمكن لأي شخص أيضا "أن يشعر بالوحدة، حتى أثناء وجوده مع أشخاص آخرين".

فالعزلة الاجتماعية هي "الافتقار لوجود عدد من الأشخاص للتفاعل معهم بانتظام"، أما الشعور بالوحدة، فمن الممكن أن يحدث "حتى في وجود التواصل الاجتماعي".

العزلة الاجتماعية والشعور بالوحدة يُقصّران عمر الشخص بما يصل إلى 15 عاما (بيكسابي) العزلة الاجتماعية والشعور بالوحدة كلاهما سيئ

وفقا للأبحاث، فإن العزلة الاجتماعية والشعور بالوحدة يُقصّران عمر الشخص بما يصل إلى 15 عاما، كما أن الأشخاص الذين يعانون من العزلة الاجتماعية أو الوحدة، قليلا ما يمارسون التمارين الرياضية، وغالبا لا ينامون جيدا، مما قد يزيد من خطر إصابتهم بالسكتة الدماغية (بنسبة 32%) وأمراض القلب (بنسبة 29%) والاكتئاب (بنسبة 26%) والوفاة المبكرة (بنسبة 26%).

كما أشار باحثون في جامعة كاليفورنيا إلى أن بقاء الشخص منفردا معظم الوقت، قد يساهم في انخفاض القدرة على أداء المهام اليومية، "حيث وجد 59% من المشاركين صعوبة في القيام بمهام مثل المشي وصعود السلالم". أيضا، قد تكون العزلة الاجتماعية والشعور بالوحدة سيئين لصحة الدماغ، حيث يرتبطان بضعف الوظيفة الإدراكية وارتفاع الإصابة بألزهايمر (بنسبة 50%).

العزلة تعادل تدخين 15 سيجارة في اليوم

يوضح دكتور مورثي كيف أن التواصل الاجتماعي جزء أساسي متأصل في نظامنا العصبي، يؤدي غيابه إلى ارتفاع هرمون التوتر (الكورتيزول) في الجسم، ومن ثم رفع مستويات الالتهاب، مما قد يلحق الضرر بالأوعية الدموية، ويزيد من خطر الإصابة بالسكري وأمراض المفاصل والاكتئاب والسمنة.

ويحذر مورثي من أن "الشعور بالوحدة وضعف الروابط الاجتماعية، يرتبط بانخفاض في متوسط ​​العمر المتوقع، ويعادل هذا التأثير تدخين 15 سيجارة في اليوم، ويتجاوز تلك التأثيرات المرتبطة بالسمنة"، وفقا لمراجعة نشرت عام 2010 بعد جمع بيانات من 148 دراسة، شملت أكثر من 300 ألف شخص.

الشعور بالوحدة وضعف الروابط الاجتماعية، يرتبط بانخفاض في متوسط ​​العمر (بيكسلز) 8 ساعات فقط من العزلة الاجتماعية لها التأثير نفسه

حذر الخبراء من أن الشعور بالوحدة، قد يشكل خطرا طويل الأمد، ليس فقط على الصحة العقلية، ولكن أيضا على الصحة الجسدية. حيث تُظهر أبحاث -نُشرت عام 2023- أن "تراكم الآثار السيئة للوحدة قد لا يحتاج لسنوات لجني ثماره، بل إن 8 ساعات فقط من العزلة الاجتماعية، لها التأثير المباشر والسلبي نفسه على مستويات الطاقة والمزاج، مثل قضاء 8 ساعات بدون طعام".

وأشارت البيانات الواقعية والقياسات المعملية أن "أجسادنا وعقولنا تتأثر بعدم وجود اتصال اجتماعي، بالطريقة نفسها التي تتأثر بها لعدم وجود طعام".

وقال مؤلفا الدراسة آنا ستيجوفيتش وبول فوربس "لقد وجدنا أوجه تشابه مذهلة بين العزلة الاجتماعية والحرمان من الطعام، حيث تسببت كلتا الحالتين في انخفاض الطاقة وزيادة الشعور بالتعب". فإذا نسيت تناول الطعام طوال اليوم، فسوف تجد نفسك منهكا وغاضبا وغير منتج، وهو نفس ما ينتظرك عندما تهمل التفاعل الاجتماعي.

توصيات لكسر الحلقة المفرغة

لكسر هذه الحلقة المفرغة، حيث نجد أنفسنا "غير اجتماعيين، لأننا مُتعبون معظم الوقت"، ثم نشعر بأننا "مُتعبون، لأننا غير اجتماعيين". يوصي دكتور مورثي بمزيد من التفاعل البشري، الذي يمكن أن يساعد في بناء علاقات صحية، ويُحسّن مستويات الطاقة، في 3 خطوات:

التفاعل البشري يمكن أن يساعد في بناء علاقات صحية ويُحسّن مستويات الطاقة (بيكسابي) بناء روابط اجتماعية قوية وعالية الجودة

فالروابط الاجتماعية القوية ليست بعدد من تعرفهم وتتعامل معهم بشكل روتيني من حين لآخر فحسب، بل إن جودة هذه الروابط هي الأهم.

فقد تكون محاطا بالعديد من الأشخاص ولديك آلاف الاتصالات على مواقع التواصل الاجتماعي، لكنك لا تزال تشعر بالوحدة، وفي المقابل، قد يكون لديك عدد قليل من الأشخاص الذين تتفاعل معهم وتشعر بارتباط كبير بهم.

فالروابط الاجتماعية القوية عالية الجودة يجب أن تكون مبنية على الحب ومستنيرة باللطف والمشاعر الإيجابية التي تعزز الأداء والمرونة، وتتميز بالتجارب المشتركة ذات المغزى، والعلاقات ذات المنفعة المتبادلة، حيث يعطي الأفراد ويتلقون.

إشاعة التواصل ومساعدة الآخرين وقبول المساعدة منهم

فمع أنه قد يبدو من غير المنطقي مساعدة الآخرين عندما تشعر بالوحدة، لكن تقديم المساعدة للآخرين والسماح لنفسك بتلقي المساعدة منهم، يبني علاقة متبادلة متينة ومؤكدة.

ويؤكد دكتور مورثي أن تقديم المساعدة وتلقيها بأريحية "هو أحد أكثر الطرق الملموسة التي نُقيم بها علاقتنا مع بعضنا بعضا".

تقديم المساعدة للآخرين والسماح لنفسك بتلقي المساعدة منهم، يبني علاقة متبادلة متينة ومؤكدة (بيكسلز) إيجاد الفرص للتعرف على الظروف الشخصية لأصدقائك

تزداد الروابط الاجتماعية الحقيقية قوة عندما يشعر الناس بالفهم والتقدير كأعضاء في المجتمع، يعيشون حياة سليمة، كأمهات وآباء وأبناء وبنات وأفراد لديهم شغف التواصل، ويتمتع كل فرد منهم بالقدرة على إيجاد مساحات للمشاركة في التحديات الشخصية، "بدلا من الانسحاب إلى زوايا الوحدة والغضب، ومن ثم الاكتئاب والمرض"، كما يقول دكتور مورثي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الروابط الاجتماعیة التواصل الاجتماعی مستویات الطاقة الشعور بالوحدة من الأشخاص

إقرأ أيضاً:

غازات البطن… أسبابها وطرق علاجها

يمن مونيتور/قسم الأخبار

يعاني العديد من الأشخاص من غازات الجهاز الهضمي، إذ أوضح المعهد الوطني للسكري وأمراض الجهاز الهضمي والكلى في أمريكا على موقعه الإلكتروني إن بعض الأشخاص أكثر عرضة للإصابة بالغازات، إذا كانوا يعانون من ظروف صحية معينة.

أعراض غازات البطن

تختلف أعراض غازات البطن من شخص لآخر، وتشمل التجشؤ، والانتفاخ، وإخراج الغازات.

تسبب أعراض غازات البطن الشعور بالإزعاج لدى الأشخاص، أو تؤثر على أنشطتهم اليومية.

التجشؤ: هو إطلاق الغاز من المعدة عبر الفم. وعادة ما يتجشأ الناس بما يقرب من 30 مرة يوميًا. في بعض الحالات، يتجشأ الأشخاص كثيرًا لأنهم يبتلعون الكثير من الهواء، ويُطلقونه قبل دخوله إلى المعدة.

الانتفاخ: هو الشعور بالامتلاء أو التورم في البطن. قد يشعر بعض الأشخاص أيضًا بعدم الراحة أو الألم في البطن عندما يعانون من الانتفاخ.

تمرير الغاز: أوضحت الدراسات أن بعض الأشخاص يمررون الغازات عبر فتحة الشرج بمعدل يتراوح بين 8 و14 مرة يوميًا،

علاج غازات البطن

قد يوصي الطبيب بإجراء بعض التعديلات على أسلوب الحياة لتقليل أعراض غازات البطن أو منع ظهورها.

ابتلاع كمية أقل من الهواء

قد يساعد ابتلاع كمية أقل من الهواء على تخفيف أعراض غازات البطن، خصوصاً في حال التجشؤ كثيرًا، لذلك قد يوصي الطبيب باتباع النصائح التالية:

تجنب مضغ العلكة ومص الحلوى الصلبة

تجنب شرب المشروبات الغازية واستخدام القش للشرب

تجنب التحدث أثناء الأكل أو الشرب

تناول الطعام ببطء أكثر، والجلوس لتناول الطعام بدلاً من تناول الطعام أثناء التنقل

محاولة الإقلاع عن التدخين

في حال وضع طقم أسنان، التأكد من ملاءمته بشكل صحيح

تغيير النظام الغذائي

لتقليل الغازات، قد يقترح الطبيب إجراء بعض التغييرات على عادات الأكل والشرب أو النظام الغذائي بأكمله. على سبيل المثال، قد يوصي الطبيب بتناول وجبات طعام أصغر وأكثر تكرارًا أو تناول كميات أقل من الأطعمة والمشروبات التي تزيد من أعراض غازات البطن، مثل:

الخضار الصليبية: تشمل البروكلي، والقرنبيط، والكرنب، واللفت، وغيرها، والبقوليات مثل الفاصوليا، والبازلاء، والعدس

الأطعمة أو المشروبات التي تحتوي على الكثير من الألياف، أو الفركتوز، أو اللاكتوز

الحلوى أو العلكة الخالية من السكر أو غيرها من المنتجات التي تحتوي على مواد تحلية بأسماء تنتهي بـ “-ol”

في حال وجود بعض الحالات الصحية، قد يوصي الطبيب أيضًا بتغيير نظام الأكل وعلاج مسببات أعراض غازات البطن، مثل مرض الاضطرابات الهضمية، أو متلازمة القولون العصبي (IBS)، أو عدم تحمل اللاكتوز.

تناول الأدوية أو المكملات الغذائية

في بعض الحالات، قد يوصي الأطباء بأدوية أو مكملات غذائية للمساعدة في تقليل أعراض غازات البطن، ومنها:

الأدوية التي لا تستلزم وصفة طبية

الأدوية الموصوفة لعلاج بعض الحالات الصحية والتي تسبب أعراض غازات البطن، مثل القولون العصبي أو فرط نمو البكتيريا المعوية الصغيرة

المكملات الغذائية أو غيرها من المنتجات للحد من أعراض غازات البطن، مثل منتجات اللاكتيز لعدم تحمل اللاكتوز.

المصدر: سي إن إن

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات مشابهة

  • العزلة الجوية ترفع كلفة السفر في ’’إسرائيل’’ وسط تصاعد الأزمة الأمنية (تفاصيل)
  • بعد مغادرته.. إيلون ماسك يكشف عن وجود اختلاف في الرأي مع إدارة ترامب
  • ذوو الإعاقة في المهرجانات .. بين محاولات الدمج وغياب التهيئة
  • وول ستريت جورنال: إسرائيل تخشى العزلة بسبب محادثات ترامب مع إيران
  • قصف مدفعي وإلقاء قنابل... هذا ما تفعله إسرائيل جنوبًا
  • استشاري اضطرابات الطعام: العزلة والأكل العاطفي وجهان لأزمة نفسية واحدة
  • شراكات مجتمعية لدعم الأشخاص ذوي الإعاقة بصلالة
  • غازات البطن… أسبابها وطرق علاجها
  • عودة البلهاء إلى سدة القرار: من جديد.. السودان يُدفع نحو الجحيم
  • وقفة قبلية ومسيرا شعبيا في مديرية الجراحي بالحديدة