خلال 4 أشهر.. كيف غيرت الحرب حياة السودانيين؟
تاريخ النشر: 14th, August 2023 GMT
يئن السودان تحت وطأة ظروف معيشية وإنسانية بالغة الصعوبة، فمنذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع منتصف أبريل الماضي، قتل الآلاف وهُجّر الملايين، وسط تدهور كامل للبنية التحتية في البلاد.
وتقول مديرة قسم العمليات والمناصرة في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إديم وسورنو، التي زارت السودان أخيرا، إن “الوضع مقلق بشكل خاص في الخرطوم وكذلك مناطق دارفور وكردفان”.
وأضافت أن 80 بالمئة من المستشفيات في أنحاء البلاد لا تعمل، وأن 14 مليون طفل في السودان، أي نصف أطفال البلاد، بحاجة إلى دعم إنساني.
ويقول المحلل السياسي السوداني البشير دهب لموقع “سكاي نيوز عربية”، إنه “منذ 15 من أبريل الماضي وإلى الآن تزداد الأوضاع الإنسانية والأمنية في السودان سوءا يوما بعد يوم، فبينما تواجه القوات المسلحة قوات الدعم السريع في مدن العاصمة وولايات درافور وكردفان، يواجه السودانيون يوميا معاركهم من أجل لقمة العيش في ظل ظروف بالغة التعقيد”.
وأسفرت الحرب في السودان، التي تتركز في الخرطوم وضواحيها وفي إقليم دارفور غرب البلاد وبعض المناطق الجنوبية، عن مقتل نحو 3900 شخص على الأقل، ودفعت أكثر من 4 ملايين آخرين إلى النزوح عن منازلهم، وفق الأمم المتحدة.
مصانع خارج الخدمة
وبحسب دهب، خرجت 80 بالمئة من المصانع الحكومية في الخرطوم تماما عن الخدمة، بينما تعرض مخزون استراتيجي سلعي كبير للنهب والدمار، وفقد آلاف الموظفين والعمال مصدر رزقهم، في ظل ارتفاع أسعار المواد الغذائية بجانب انهيار كبير للقطاع الصحي وندرة الأدوية.
ويشير إلى أن “هذا غيض من فيض مقارنة بتدهور الوضع الأمني، خاصة في ولايات درافور وكردفان، مع نشوب مواجهات إثنية وقبلية دامية، إذ تعد تلك المناطق الأكثر هشاشة في السودان اجتماعيا وأمنيا”.
وذلك “إلى جانب موجات نزوح كبيرة داخل البلاد في مناطق آمنة نسبيا، لكنها تواجه أصلا مشكلات خدمية واقتصادية كبيرة”، وفق دهب.
وضع كارثي
رغم توالي المبادرات الإقليمية والدولية الرامية لوقف الحرب أو إيصال المساعدات الإنسانية على الأقل، فإن الصراع في السودان يتوسع يوما بعد يوم، وفقا لدهب.
كانت المواجهات الدامية تتركز في البداية في مدن العاصمة الثلاثة (الخرطوم، بحري، أم درمان)، مما أدى إلى إحداث دمار كبير في البنية التحية.
بعد أسابيع من اندلاع المعارك، تجددت صراعات أكثر دموية في مدن دارفور خاصة الجنينة، في أشبه ما يكون بحرب أهلية أكثر من كونها مواجهات بين الجيش والدعم السريع، وفق دهب.
يقول المحلل السياسي إن “السودانيين يتطلعون جميعا إلى صوت الرحمة وسط أصوات القذائف الصاروخية وزخات الرصاص، وهذا ما يفسر التفاؤل الشعبي الكبير في مباحثات جدة، إذ يعلق عليها السودانيين آمالا عريضة في إحداثها اختراق لأن الظروف الاقتصادية لم تعد تطاق”.
للمفارقة، أصبح مواطنو دولة وصفت ذات يوم بأنها سلة غذاء العالم العربي، أحوج ما يكون لمساعدات الغذاء والدواء، فضلا عن حاجة ماسة لحل جذري وشامل للأزمة السودانية، بحسب دهب.
مخاطر خارجية
ومع بروز جبهة مواجهات بين الحكومة الإثيوبية وقوات متمردة عليها في الحدود الشرقية للسودان، تظهر مخاوف أمنية كبيرة في الشرق الذي كان يوصف بعروس السودان المتكئة على البحر الأحمر، تنذر باندلاع صراع فيه.
ويرى دهب أن “الوضع المعيشي والصحي والأمني في السودان يزداد سوءا وخطورة، ولم تعد هناك طبقة وسطى الآن فمعظم السودانيين يخوضون معركة البقاء (الغذاء والدواء) في ظل اقتتال الجيش والدعم السريع”.
سكاي نيوز
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: فی السودان
إقرأ أيضاً:
نقابة أطباء السودان تستبعد القضاء على الكوليرا في ظل استمرار الحرب .. حمدوك يخاطب العالم… و«أطباء بلا حدود» تحذِّر من ازدياد الإصابات
الشرق الأوسط: تفشى وباء الكوليرا وغيره في الخرطوم و6 ولايات سودانية بشكل واسع ومخيف، وتحول لكارثة إنسانية تهدد حياة الآلاف، في ظل تراجع مريع للخدمات الصحية والعلاجية، وشُح مياه الشرب النقية، وتلوث بيئي ناتج عن الحرب المستمرة للسنة الثالثة على التوالي. وذكرت مصادر رسمية أن عدد الإصابات في أسبوع واحد تخطَّى 2700، بينها 172 حالة وفاة.
وقال رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، إنه أجرى اتصالات بكثير من الجهات الإقليمية والدولية ذات الصلة بالمجال الصحي والإنساني، وأطلعها على الأوضاع الكارثية في البلاد، ولا سيما تفشي الكوليرا وأوبئة أخرى في الخرطوم وبعض الولايات.
وأوضح -وفقاً لصفحته الرسمية على منصة «فيسبوك»- أن الأوبئة تحصد الأرواح يومياً في ظل «نظام صحي منهار تماماً»، وأنه حضَّ الجهات والمنظمات الإنسانية على «التدخل الفوري لإنقاذ السودانيين، وبذل كل ما يمكن لاحتواء الكارثة الصحية».
وكشفت منظمة «أطباء بلا حدود» عن تفشي الكوليرا بصورة كبيرة في ولاية الخرطوم، وقالت إنها تعمل مع وزارة الصحة لتعزيز جهود الاستجابة لتفشي المرض. وناشدت أيضًا الجهات المانحة والأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية: «للارتقاء بجهود تعزيز المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية في الخرطوم على وجه السرعة، للحد من تفشي المرض».
ووفقاً لمنصتها على الإنترنت، أكدت المنظمة وجود 13 فريق عمل في ولاية الخرطوم، تدعم منها 7 فرق «لضمان عملها بكامل طاقتها، وبأمل توسيع قدراتها».
وقال المتحدث باسم نقابة أطباء السودان، ونقيب الأطباء السودانيين السابق في كندا، الدكتور سيد محمد عبد الله لـ«الشرق الأوسط»، إن الأعداد الرسمية للإصابات تتراوح بين 600 و700 حالة أسبوعياً، وهي الحالات التي وصلت إلى المستشفيات، وهناك كثير من الإصابات والوفيات في المنازل. وآخر إحصائية تضمنت وفاة 360 شخصاً، وأضاف: «نعتقد أن العدد أكبر بكثير. والإصابات تزداد بصورة متسارعة».
وأرجع عبد الله ازدياد حالات الإصابة: «إلى الوضع المادي الصحي المتدهور الذي تعيشه البلاد جراء الحرب»، وقال: «إن تفشي الوباء بالصورة الكارثية الحالية يرجع إلى قصف محطات الكهرباء، ما أدى لتعطل محطات المياه، واضطرار المواطنين لشرب مياه غير صحية من النهر مباشرة، إلى جانب تردي أوضاع البيئة، وفشل نظام الصرف الصحي الذي يؤدي لتكاثر الذباب الناقل للكوليرا».
ووفقاً للمتحدث باسم نقابة الأطباء، فإن وزارة الصحة السودانية أعلنت عن الكوليرا رسمياً في أغسطس (آب) 2024، وأن 24880 إصابة سُجلت خلال 4 أشهر، وكان أول ظهور وبائي في مدينة كوستي بولاية النيل الأبيض، بعد ضرب محطات الكهرباء، واضطرار الناس للشرب من مياه نهر النيل مباشرة، ومصادر المياه الأخرى غير النظيفة، فضلاً عن سوء التغذية الذي يتسبب في إضعاف مناعة الناس.
وقال عبد الله إن 90 في المائة من الإصابات تتركز في ولاية الخرطوم، مع وجود حالات كثيرة في 6 ولايات أخرى هي: سنار، والجزيرة، وشمال كردفان، والجزيرة، ونهر النيل، والشمالية.
وكانت نقابة الأطباء السودانيين قد وجَّهت «نداءً عاجلاً للمنظمات الإنسانية، ولا سيما منظمة الصحة العالمية و(اليونيسيف)، والضمير العالمي، لتدارك الكارثة، وتقديم العون للمواطنين بكافة السبل، بما في ذلك الإسقاط الجوي»، وقال عبد الله: «إن أعضاء النقابة من الأطباء يعملون في ظروف قاسية، ولا تتوفر لهم المعينات اللازمة لمواجهة انتشار الوباء، بما في ذلك الرواتب؛ لكنهم صامدون في تقديم العون للمواطنين».
واستبعد القضاء على الكارثة ومواجهتها في ظل استمرار الحرب، وأضاف: «طالبنا منذ البداية بوقف الحرب، وحذَّرنا من انهيار النظام الصحي، وانتشار الأوبئة الكثيرة، بما في ذلك الملاريا وحمى الضنك، وأمراض سوء التغذية»، وتابع: «إن ثلثي سكان البلاد بحاجة للغذاء».
وحذَّر من تفاقم الأزمة الصحية في موسم الأمطار الذي يتوقع أن يؤدي لازدياد معدلات الإصابة بالكوليرا والحميات، مثل الملاريا وحمى الضنك التي قد تنتج من انتشار البعوض، في ظل تردي الوضع البيئي وانعدام التوعية وتكدس النازحين. وقال: «من الصعوبة بمكان تقديم الخدمات الصحية مع استمرار القتال، بما في ذلك إيصال العاملين في المجال الصحي والمعينات الطبية».
ونقلت تقارير صحافية أن 45 شخصاً توفوا بالكوليرا في ولاية الجزيرة، و3 بولاية نهر النيل، و57 بولاية شمال كردفان، و246 في الخرطوم، وذلك وفقاً لما نسبته «سودان تريبيون» لنقابة الأطباء.
وكشف اجتماع «مركز عمليات الطوارئ الاتحادي»، أن عدد الإصابات بلغ 2729 خلال أسبوع، مع 172 حالة وفاة، وإن 90 في المائة منها حدثت في ولاية الخرطوم، خصوصاً في محليات: كرري، وأم درمان، وأم بدة، وشمال كردفان، وسنار، والجزيرة، والنيل الأبيض، ونهر النيل.
وذكر الاجتماع أن عدد الإصابات بحمى الضنك بلغ 12886، بينها 20 حالة وفاة، وأن 6 ولايات سجلت 54 إصابة بالحصبة مع حالتي وفاة، وإن الالتهاب السحائي انتشر في 6 ولايات، وبلغت الإصابات 134، و12 حالة وفاة، وثلاثة أرباع الإصابات تقريباً لولاية الجزيرة، وأن ولاية كسلا (شرق) سجلت 91 في المائة من الإصابات بالتهاب الكبد الوبائي.