دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى مراجعة برنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي حال شكل عبئًا على المصريين، فيما توقع خبراء اقتصاد أن تراجع مصر بعض البنود الاتفاق، سواء عن طريق إعادة جدولة مواعيد تطبيقها أو البحث عن بدائل جديدة لتنفيذها، على رأسها البند المتعلق بخفض عجز الموازنة من خلال رفع أسعار الوقود؛ لأن استمرار زيادة الوقود يؤثر سلبًا على التضخم.

وجاءت هذه الدعوات تزامنًا مع انطلاق الاجتماعات السنوية لمجموعة البنك وصندوق النقد الدوليين، في واشنطن حتى 26 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، التي ستشارك فيها مصر بوفد رفيع المستوى يضم محافظ البنك المركزي حسن عبد الله، وعدد من وزراء المجموعة الاقتصادية، وفق ما نقلته وسائل إعلام محلية.

وكانت مصر قد أبرمت اتفاقًا مع صندوق النقد الدولي، في ديسمبر/كانون الأول عام 2022، للحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار مقابل تنفيذ برنامج للإصلاح الاقتصادي يركز على أربعة محاور رئيسية، تشمل تطبيق نظام سعر صرف مرن، وتنفيذ سياسة نقدية لخفض معدلات التضخم، وإلغاء دعم برامج الإقراض، وخفض نسبة الدين العام إلى إجمالي الناتج المحلي، وزيادة مساهمة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي وتقليص الاستثمارات الحكومية، بحسب الموقع الرسمي لصندوق النقد.

أتمت مصر تنفيذ بعض من هذه الإصلاحات، وصرفت شريحتين من القرض قوامهما حوالي 700 مليون دولار، لكنها أجلت تنفيذ باقي الإصلاحات المتعلقة بمرونة سعر الصرف بسبب أزمة نقص النقد الأجنبي في البلاد، مما أدى إلى توقف صرف باقي الشرائح لأكثر من عام، حتى وقعت مصر في فبراير/شباط الماضي، صفقة تطوير منطقة رأس الحكمة وحصلت على تدفقات ضخمة بلغت 35 مليار دولار، مما دعاها لاستكمال البرنامج مع صندوق النقد، وتحرير سعر الصرف في مارس/أذار الماضي. في المقابل رفع الصندوق قيمة القرض المقدم لمصر إلى 8 مليارات دولار، وصرف الشريحة الثالثة من القرض بقيمة 820 مليون دولار.

ومنذ استئناف برنامج الإصلاح الاقتصادي، اتخذت الحكومة المصرية عدة قرارات ضمن الإصلاح الهيكلي شملت رفع أسعار الوقود ثلاث مرات آخرها الجمعة الماضية، وسبقها زيادة أسعار الكهرباء والقطارات ومترو الأنفاق. وكان من المقرر إجراء المراجعة الرابعة لاتفاقية القرض في الشهر الماضي من أجل صرف مبلغ 1.2 مليار دولار لمصر، قبل أن يتم إرجائها إلى ما بعد انتهاء الاجتماعات السنوية للصندوق هذا الشهر، وفقا لرئيس الوزراء مصطفى مدبولي.

وقبل إجراء المراجعة، قال الرئيس المصري، في تصريحات الأحد، إن مصر نجحت في تنفيذ برنامج للإصلاح الاقتصادي عام 2016، وقت استقرار الأوضاع الإقليمية والدولية، إلا أن البرنامج الحالي يُطبق في ظل ظروف إقليمية ودولية شديدة الصعوبة أثرت على الأوضاع الاقتصادية في المنطقة، وتسببت في فقدان مصر ما بين 6-7 مليارات دولار خلال الشهور العشرة الماضية، وقد تستمر هذه التحديات لعام مقبل، مطالبًا بوضعها في الاعتبار ومراجعة موقف البرنامج مع صندوق النقد حال تسببه في ضغط لا يتحمله الناس، على حد قوله.

وقال أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة القاهرة، هشام إبراهيم، إن مصر لن تعدل اتفاقها مع صندوق النقد الدولي بشأن برنامج الإصلاح الاقتصادي، لكنها ستحاول مراجعة بعض بنود الاتفاق، بهدف تخفيف الضغط على المواطنين، خاصة في ظل تداعيات الأوضاع الإقليمية على الاقتصاد المصري.

وفي تقريره بشأن صرف الشريحة الثالثة من القرض لمصر، أوصى صندوق النقد بالحفاظ على نظام سعر صرف مرن وخفض معدل التضخم ووضع الديون على مسار هبوطي وتخارج الدولة من المشروعات، بحسب وسائل إعلام محلية.

ويرى إبراهيم، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، أن البند المتعلق بالسيطرة على عجز الموازنة يحتاج إلى مراجعة للتوصل لبدائل جديدة لخفض هذا العجز بعيدًا عن استمرار رفع أسعار الوقود لتقليل فاتورة الدعم، لافتًا أن الحكومة حرّكت أسعار الوقود مرتين منذ الاتفاق على القرض مع صندوق النقد، بينما المواطنين غير قادرين على تحمل أية زيادة جديدة في الأسعار مستقبلًا.

ووفق تصريحات صحفية لرئيس الوزراء مصطفى مدبولي، فإن الحكومة تعتزم تحريك أسعار الوقود تدريجيًا حتى نهاية عام 2025، ولكنها قد تتوقف عن مراجعة الأسعار خلال الشهور الست المقبلة.

واقترح هشام إبراهيم، عدة توصيات بديلة لخفض عجز الموازنة بعيدًا عن زيادة أسعار الوقود، أبرزها المضي قدمًا في تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية لزيادة إيرادات الموازنة العامة، والإسراع في توقيع اتفاقيات جديدة في مجال اكتشاف وإنتاج الغاز الطبيعي لزيادة موارد البلاد من منح توقيع هذه الاتفاقيات، وزيادة حجم الإنتاج المحلي من الغاز لخفض فاتورة الاستيراد لسد احتياجات قطاع الكهرباء علاوة على زيادة حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة، كما اقترح الإسراع في التوصل لاتفاقيات استثمارية ضخمة في المناطق المطروحة بالبحر الأحمر مثل رأس جميلة، ورأس بناس لتدبير تدفقات جديدة على غرار رأس الحكمة.

وجمعت الحكومة المصرية 30 مليار دولار من برنامج الطروحات الحكومية خلال الفترة من مارس/أذار عام 2022 وحتى يونيو/حزيران عام 2024، وذلك من خلال تنفيذ 33 عملية طرح فعلي للتخارج الكلي أو الجزئي من شركات مملوكة للدولة، وفق لبيانات رسمية.

وأشار أستاذ التمويل، إلى تداعيات زيادة أسعار الوقود على المواطنين، سواء ارتفاع أسعار المواصلات والمنتجات الأساسية نتيجة زيادة سعر النقل، مما سينعكس بشكل مباشر على قراءة معدل التضخم خلال الشهر الحالي، موقعًا أن ترتفع بمعدل أعلى من الشهر الماضي. واستبعد إصدار الحكومة حزمة حوافز اجتماعية لدعم رواتب العاملين بالدولة وأصحاب المعاشات خلال الفترة الحالية، وأن يتم ذلك خلال مارس/أذار المقبل وقت الإعداد لموازنة العام المالي.

من جانبه، قال الخبير الاقتصادي، النائب السابق لرئيس مجلس إدارة المنطقة الاقتصادية لقناة السويس لشؤون الاستثمار والترويج، إبراهيم مصطفى، إن التوترات الجيوسياسية في المنطقة وتراجع موارد البلاد قد تكون "مبررات قد تساعد في التوصل لاتفاق مع صندوق النقد لمد فترة تنفيذ بنود برنامج الإصلاح".

المصدر: CNN Arabic

كلمات دلالية: الاقتصاد المصري الحكومة المصرية صندوق النقد الدولي عبدالفتاح السيسي برنامج الإصلاح مع صندوق النقد أسعار الوقود

إقرأ أيضاً:

آي صاغة: الذهب يتألق مع تصاعد التوترات الجيوسياسية وتراجع الدولار

ارتفعت أسعار الذهب في الأسواق المحلية والعالمية خلال تعاملات اليوم الخميس، مدفوعة بتزايد جاذبية المعدن الأصفر كملاذ آمن، في ظل تصاعد التوترات بين إيران وإسرائيل، وتراجع الدولار الأمريكي، بالتزامن مع ترقب المستثمرين لمؤشرات جديدة بشأن مسار السياسة النقدية الأمريكية، بحسب تقرير صادر عن منصة «آي صاغة».

أوضح سعيد إمبابي، المدير التنفيذي لمنصة«آي صاغة» لتجارة الذهب والمجوهرات عبر الإنترنت، أن أسعار الذهب قفزت في السوق المحلية بقيمة 55 جنيهًا، ليسجل جرام الذهب عيار 21 نحو 4720 جنيهًا، مقابل 4665 جنيهًا في بداية تعاملات أمس.

الذهب يرتفع بفعل توترات الشرق الأوسط وآمال خفض الفائدة الأمريكيةأسعار الذهب والدولار وحالة الطقس اليوم الخميس | أخبار تهمكجولد بيليون: الذهب عند أعلى مستوى خلال أسبوع بسبب توترات الشرق الأوسط

كما ارتفعت الأوقية بالبورصة العالمية بنحو 27 دولارًا لتسجل 3380 دولارًا.


أضاف، أن سعر عيار 24 سجل نحو 5394 جنيهًا، وعيار 18 نحو 4046 جنيهًا، وعيار 14 نحو 3147 جنيهًا، بينما وصل سعر الجنيه الذهب إلى 37760 جنيهًا.


يذكر أن أسعار الذهب ارتفعت بالأسواق المحلية بقيمة 10 جنيهات خلال تعاملات أمس الأربعاء، حيث افتتح سعر جرام الذهب عيار 21 التعاملات عند مستوى 4665 جنيهًا، واختتم التعاملات عند مستوى 4675 جنيهًا، في حين ارتفعت الأوقية بالبورصة العالمية، بقيمة 29 دولارًا، حيث افتتحت التعاملات عند مستوى 3324 دولارًا، واختتمت التعاملات عند 3353 دولارًا.


ويأتي هذا الارتفاع وسط حالة من الترقب في الأسواق، إذ أشارت تقارير إعلامية، أبرزها من قناة NBC، إلى أن إسرائيل تدرس توجيه ضربة عسكرية محتملة لإيران، وهو ما دفع المستثمرين إلى الإقبال على الذهب كأحد أبرز أدوات التحوط في أوقات الأزمات. 


وأضافت تصريحات للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، تتضمن تهديدات بفرض رسوم جمركية جديدة، المزيد من التوتر على المشهد الاقتصادي العالمي، ما عزز من ارتفاع المعدن النفيس.

وقال إمبابي إن الذهب استفاد أيضًا من التراجع الملحوظ في الدولار الأمريكي، بعد صدور بيانات التضخم الأمريكية التي أظهرت تباطؤًا نسبيًا في وتيرة ارتفاع الأسعار، وهو ما قد يمنح الاحتياطي الفيدرالي مساحة للمناورة باتجاه خفض أسعار الفائدة في وقت لاحق من العام.


وتشير بيانات مؤشر أسعار المستهلك الأمريكي إلى ارتفاع التضخم السنوي في مايو إلى 2.4%، بما يتوافق مع توقعات السوق، في حين استقر معدل التضخم الأساسي عند 2.8%، وهو ما اعتبره مراقبون دليلًا على انحسار الضغوط التضخمية، ما يعزز موقف الأعضاء داخل مجلس الاحتياطي الفيدرالي الداعين إلى تبني سياسة نقدية أكثر تيسيرًا.


في الوقت نفسه، تترقب الأسواق صدور بيانات مؤشر أسعار المنتجين الأمريكي في وقت لاحق اليوم، وسط توقعات بأن يسجل المؤشر زيادة سنوية بنسبة 2.6%، مقارنة بـ 2.4% في أبريل، مع استقرار المعدل الأساسي عند 3.1%، وتُعد هذه البيانات حاسمة في تحديد توجهات البنك المركزي الأمريكي خلال اجتماعه المقبل يومي 17 و18 يونيو.


وعلى الجانب الأوروبي، أصدر البنك المركزي الأوروبي تقريره السنوي حول العملة الموحدة، مشيرًا إلى أن احتياطات البنوك المركزية من الذهب بلغت نحو 36 ألف طن، وهو مستوى يقترب من ذروة ما قبل نظام بريتون وودز، في إشارة إلى استمرار البنوك المركزية في تعزيز مقتنياتها من الذهب، وهو ما يدعم استقرار الأسعار على المدى القريب.


وفي ضوء هذه المستجدات، يظل الذهب مدعومًا بجملة من العوامل الداعمة، بدءًا من التوترات الجيوسياسية وتراجع الدولار، وصولًا إلى توقعات بخفض أسعار الفائدة الأمريكية بواقع 50 نقطة أساس قبل نهاية العام، ما يعزز النظرة الإيجابية تجاه المعدن الأصفر خلال الفترة المقبلة.

طباعة شارك أسعار الذهب آي صاغة المعدن الأصفر سعر الأوقية سعر الجنيه الذهب مال واعمال اخبار مصر البنوك المركزية الذهب عيار 21

مقالات مشابهة

  • سر دموع عبد الفتاح الجريني على الهواء في «صندوق الذكريات» بـ«آخر الأسبوع»
  • اختيار مصر ضمن 7 دول للاستفادة من برنامج صندوق الاستثمار في المناخ
  • اختيار مصر للاستفادة من برنامج صندوق الاستثمار في المناخ CIF لخفض الانبعاثات بالقطاع الصناعي بقيمة مليار دولار
  • نواب يكشفون عن توقعاتهم لمعدلات النمو في مصر خلال الفترة القادمة.. ويؤكدون: الإصلاح الاقتصادي يسير بخطى ثابتة
  • صندوق النقد: مراجعة برنامج غانا بعد الصعود التاريخي لعملتها المحلية
  • برلماني: معدل النمو الاقتصادي في مصر سيرتفع خلال المرحلة القادمة
  • وكيل موازنة النواب: أتوقع وصول معدل النمو في مصر إلى 4 % أو أكثر حال استقرار الأمور
  • السيسي يدعو إلى توسيع الاعتراف بالدولة الفلسطينية
  • بعد قصف إسرائيل لإيران… أسعار الوقود ترتفع بشكل كبير في تركيا
  • آي صاغة: الذهب يتألق مع تصاعد التوترات الجيوسياسية وتراجع الدولار