بحيرة الحبانية في العراق.. من وجهة سياحية مهمة إلى بركة راكدة
تاريخ النشر: 14th, August 2023 GMT
عمل محمد في متجره الصغير في المدينة السياحية القريبة من بحيرة الحبانية في وسط العراق لسنوات، لكنه لم يشهد عاماً مثل 2023 إذ طال الجفاف الذي يضرب العراق البحيرة، وأثر سلباً على جذب السياح.
في أكثر أيام شهر أغسطس (آب) حراً، لم يكن المكان الذي يضم شققاً سياحية وفندقاً، يهدأ في الماضي خصوصاً في أيام عطلة نهاية الأسبوع.
لكن يوم الجمعة هذا لم يأت سوى عدد قليل من الزبائن إلى متجر محمد.. أما الشاطئ الذي ازدادت مساحته مع تراجع منسوب المياه، فبدا خالياً، ولم يعد المكان سوى ظل لما كان عليه في الماضي، حينما كان واحداً من أفضل المنتجعات السياحية في الشرق الأوسط بعد تأسيسه في العام 1979.
يروي محمد من أمام دكانه الذي يبيع فيه المرطبات والمياه وملابس ومعدّات السباحة لسياح لم يأتوا هذا العام لفرانس برس أنه "خلال العامين الماضيين، كان هناك عمل وحركة"، لكن "الآن لا يوجد مياه، هذا عام جفاف".
ويضيف الشاب البالغ من العمر 35 عاماً والذي فضل عدم إعطاء اسمه كاملاً أنه "بسبب قلة المياه، توقف العمل وتوقفت الحركة، لا يأتي أحد.. إذا عادت المياه، يعود الناس".
وبالفعل، فإن مياه البحيرة التي تبعد نحو ساعة ونصف في السيارة عن بغداد، تراجعت عشرات الأمتار.
يوضح مدير الموارد المائية في محافظة الأنبار جمال عودة سمير أن "البحيرة تحتوي الآن على 500 مليون متر مكعب من المياه" فقط، مقابل "قدرة استيعابية قصوى هي 3,3 مليار متر مكعب"، مضيفاً أنه في العام 2020، كانت البحيرة ممتلئة إلى حدها الأقصى.
بعد الظهر، خلت المدينة السياحية في الحبانية تماماً إلا من بضعة كلاب شاردة ونوارس حلقت فوق ما تبقى منها، ووضعت مظلات متفرقة على الشاطئ بينما بدت الشقق السياحية المحيطة خالية.
قبيل غروب الشمس ومع تراجع درجات الحرارة قليلاً، افترشت عائلات قليلة الأرض الموحلة، منهم من جاء من مدينة الفلوجة المجاورة، وآخرون من بغداد.. استمع البعض إلى الموسيقى، فيما طها آخرون اللحم والدجاج على الفحم، ودخنوا النرجيلة، بينما لعب الأطفال في بقعة واحدة لا تزال المياه جارية فيها.. أما في مواقع أخرى، فالمياه ضحلة وموحلة، ولا تصلح للسباحة.
جاء قاسم لفتة من مدينة الفلوجة المجاورة إلى البحيرة لقضاء وقت مع عائلته وأولاده.
يقول الرجل البالغ من العمر 45 عاماً والذي يعمل تاجراً أنه في السابق: "كنا نأتي إلى هنا وكان الوضع أفضل، كانت المياه أعلى، ووضع المكان أفضل"، لكن هذه السنة "هي الأسوأ، بسبب قلة المياه وانخفاض مستوى البحيرة".
وناشد الدولة "أن تهتم بالمكان، لأنه المتنفس الوحيد ليس فقط لأهل الأنبار بل للمحافظات الجنوبية وبغداد أيضاً".
ويعود هذا الوضع المأساوي لواقع أن العراق يعيش عامه الرابع من الجفاف، ويعد من الدول الخمس الأكثر تأثراً ببعض تداعيات التغير المناخي وفق الأمم المتحدة.
وفي زيارة إلى العراق الأسبوع الماضي، حذر المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك من أن ما يشهده العراق من جفاف وارتفاع في درجات الحرارة هو بمثابة "إنذار" للعالم أجمع.
أما المخزون المائي في العراق، فهو "الأدنى في تاريخ الدولة العراقية الحديثة منذ مطلع عشرينات القرن الماضي"، كما قال المتحدث باسم وزارة الموارد المائية خالد شمال في وقت سابق.
في الحبانية، ساهم تراجع الأمطار وارتفاع درجات الحرارة في انخفاض المنسوب المتأثر أيضاً بتراجع نهر الفرات الذي ينبع من تركيا ويعبر في سوريا ويغذي البحيرة.
وبحسب مدير الموارد المائية في الأنبار، فإن تراجع منسوب البحيرة ونهر الفرات يعود إلى "قلة الإطلاقات المائية من دول المنبع مثل تركيا وسوريا"، ولذلك اضطرت الوزارة "إلى سحب المياه من بحيرة الحبانية لتعزيز الحصص المائية في محافظات الوسط والجنوب".
وتقول السلطات العراقية إن السدود التي تبنيها الجارتان تركيا وإيران تعد سبباً رئيسياً في تراجع منسوب نهري دجلة والفرات على الأراضي العراقية.
يعمل صداع صالح محمد في إدارة المنتجع منذ 25 عاماً. ولحظ أنه "منذ أكثر من عام، بدأت البحيرة بالانخفاض".
وأضاف صالح، مدير قسم التدقيق والرقابة الداخلية في المدينة السياحية أنه "لا يمكن المقارنة" مع السنوات السابقة، "ففي مثل هذه الأوقات، تكون الحبانية ممتلئة، سواء السكن أو الشاطئ".
لكن "حالياً، أصبح ارتياد السياح للحبانية ضعيف جداً جداً"، كما قال.. وفي العام 2020، وعلى الرغم من الحجر الصحي المرتبط بجائحة كورونا، سجلت الشقق السياحية 9 آلاف حجز، لكنها حالياً لم تتجاوز 3 آلاف منذ مطلع العام، وفق المسؤول.
وتابع بحسرة "البحيرة أصبحت عبارة عن بركة ماء راكدة لا تصلح لا للشرب ولا للسباحة".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي ثريدز وتويتر محاكمة ترامب أحداث السودان مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة التغير المناخي العراق بيئة
إقرأ أيضاً:
لماذا تراجع الأجانب عن شراء العقارات في تركيا؟ ولماذا يشتري الأتراك في أوروبا؟
الكاتب التركي: ناكي بكير – ترجمة موقع تركيا الان – بينما بدأت موجة شراء الأجانب للعقارات في تركيا بالانحسار، استمرت وتيرة شراء الأتراك للعقارات في الخارج بكامل سرعتها خلال الربع الأول من هذا العام أيضًا. وقد تجاوزت كمية العملات الأجنبية التي أخرجها الأتراك إلى الخارج لشراء العقارات تلك التي جلبها الأجانب إلى تركيا لنفس الغرض. ومع تبدل الاهتمام المتبادل في الاستثمارات العقارية، انقلب التوازن بشكل كامل.
وكان تدفق الأجانب إلى شراء العقارات في تركيا – لا سيما الروس والأوروبيين المهتمين منذ فترة طويلة بالمدن الساحلية، إلى جانب مواطني دول الشرق الأوسط الذين جذبتهم ميزة الحصول على الجنسية التركية – قد أصبح خلال العقد الماضي مصدرًا مهمًا للعملات الأجنبية وساهم بشكل ملحوظ في ميزان الحساب الجاري لتركيا. غير أن هذا التوجه بدأ في التراجع منذ عام 2023، في حين تسارع توجه الأتراك نحو شراء العقارات في الخارج، واستمر هذا الاتجاه بقوة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2024.
انخفاض في شراء الأجانب وارتفاع في شراء الأتراك
أظهرت بيانات ميزان المدفوعات الصادرة عن البنك المركزي أن مشتريات الأتراك للعقارات في الخارج بلغت 144 مليون دولار في يناير، و190 مليون دولار في فبراير، وارتفعت إلى 227 مليون دولار في مارس. في المقابل، بلغ حجم مشتريات الأجانب للعقارات في تركيا 132 مليون دولار في يناير، و134 مليون دولار في فبراير، و149 مليون دولار في مارس، وهو ما يقل عن حجم العملات الأجنبية التي أخرجها الأتراك إلى الخارج لنفس الغرض. وتؤكد هذه الأرقام أن اهتمام الأتراك بشراء العقارات خارج البلاد يزداد قوة، في حين يتراجع اهتمام الأجانب بتركيا.
وفي الفترة ما بين يناير ومارس، انخفضت استثمارات الأجانب في العقارات التركية بنسبة 47.9% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، لتصل إلى 415 مليون دولار، بينما ارتفعت مشتريات الأتراك في الخارج بنسبة 17.1% لتسجل 561 مليون دولار، متجاوزة بذلك استثمارات الأجانب في تركيا. ووفقًا لسعر صرف الدولار الرسمي لدى البنك المركزي، فإن قيمة الأموال التي أخرجها الأتراك لشراء عقارات في الخارج بلغت نحو 20.3 مليار ليرة تركية.
يُذكر أنه خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الماضي، اشترى الأجانب عقارات في تركيا بقيمة 796 مليون دولار، بينما بلغت مشتريات الأتراك في الخارج 479 مليون دولار، ما أدى إلى تحقيق صافي دخول للعملات الأجنبية بقيمة 317 مليون دولار. أما خلال الفترة نفسها من هذا العام، فقد حدث العكس، حيث سجل الميزان العقاري بين الجانبين صافي خروج للعملات الأجنبية بقيمة 146 مليون دولار.
عام 2023 شكّل نقطة تحوّل
شهدت الاستثمارات العقارية المتبادلة بين الأتراك والأجانب تحولًا جذريًا في التوازن، خاصة اعتبارًا من عام 2023، حيث بدأت المؤشرات في الاتجاه المعاكس. ووفقًا لبيانات البنك المركزي التركي، فقد كانت استثمارات الأجانب في العقارات التركية تتراوح بين 2 و3 مليارات دولار سنويًا خلال الفترة من 2006 إلى 2012، ثم تجاوزت حاجز 3 مليارات دولار لأول مرة في عام 2013، و4 مليارات في 2014، ثم 5 مليارات في 2018، وبلغت ذروتها التاريخية في عام 2022 عند 6.3 مليار دولار.
لكن هذا الارتفاع لم يستمر، حيث انخفضت استثمارات الأجانب بشكل حاد اعتبارًا من عام 2023، لتتراجع إلى 3.6 مليار دولار، أي ما يقارب النصف مقارنة بالعام السابق، واستمر التراجع في 2024 ليصل إلى 2.8 مليار دولار فقط.
في المقابل، كانت مشتريات الأتراك للعقارات في الخارج تتراوح ما بين 213 و371 مليون دولار سنويًا حتى عام 2022، لكنها قفزت إلى 628 مليون دولار في ذلك العام، ثم تضاعفت إلى 1.8 مليار دولار في 2023، ووصلت إلى 2.2 مليار دولار في 2024، ما يشير إلى نمو مطرد.
ويتوقع أنه في حال استمرار وتيرة التراجع في شراء الأجانب للعقارات خلال الربع الأول من هذا العام، فقد ينخفض إجمالي مشترياتهم إلى ما دون 1.5 مليار دولار بنهاية 2024. في المقابل، إذا استمرت وتيرة النمو الحالية في مشتريات الأتراك، فمن المرجح أن تتجاوز 2.5 مليار دولار خلال نفس العام، متفوقة بذلك بفارق كبير على استثمارات الأجانب في تركيا.
حصة الأجانب في المبيعات العقارية تراجعت إلى 1.4%
أظهرت إحصاءات مبيعات العقارات حتى نهاية مارس، الصادرة عن معهد الإحصاء التركي (TÜİK)، أن حصة الأجانب في مبيعات العقارات في تركيا تراجعت مجددًا إلى مستويات 1%، بعد سنوات من الارتفاع. فقد ارتفع عدد العقارات المباعة في عموم تركيا خلال شهر مارس بنسبة 5.1% مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، ليصل إلى 110,795 وحدة، في حين انخفض عدد العقارات المباعة للأجانب بنسبة 11.5% ليبلغ 1,574 وحدة فقط.
وفي الفترة ما بين يناير ومارس، بلغ إجمالي مبيعات العقارات 335,784 وحدة، اشترى الأجانب منها 4,578 وحدة فقط. وبينما ارتفع إجمالي المبيعات بنسبة 20.1% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، تراجعت مبيعات العقارات للأجانب بنسبة 19.5%.
وكانت حصة الأجانب من مبيعات العقارات في تركيا قد وصلت إلى 4.5% في عام 2022، ثم انخفضت إلى 2.9% في عام 2023، وتراجعت إلى 1.6% في عام 2024، قبل أن تسجل انخفاضًا إضافيًا إلى 1.4% فقط خلال الربع الأول من هذا العام.
152 مليار ليرة خلال ثماني سنوات
تُظهر السجلات الإحصائية المتعلقة باستثمارات الأتراك العقارية في الخارج البيانات منذ بداية عام 2017. ووفقًا لهذه المعطيات، اشترى الأتراك عقارات بقيمة إجمالية بلغت 6 مليارات و577 مليون دولار في دول مختلفة خلال الفترة الممتدة من يناير 2017 وحتى مارس 2025، أي خلال 8 سنوات و3 أشهر.
وعند تحويل هذا المبلغ إلى الليرة التركية وفق متوسط سعر صرف الدولار المعتمد من البنك المركزي خلال هذه الفترة، فإن القيمة الإجمالية التي دفعها الأتراك لشراء عقارات خارج البلاد تصل إلى نحو 152.3 مليار ليرة تركية.
وعند النظر إلى التطورات السنوية:
اقرأ أيضاانخفاض جديد في قيمة الليرة التركية أمام الدولار واليورو