من سيتحكم بمستقبل الذكاء الاصطناعي؟ الفائز بنوبل للاقتصاد يحذر من انفراد عمالقة التكنولوجيا
تاريخ النشر: 25th, October 2024 GMT
يقول الحائز جائزة نوبل في الاقتصاد عام 2024 سايمون جونسون، وهو أستاذ في معهد ماساشوستس المرموق للتكنولوجيا، إنّ إعطاء قادة الشركات التكنولوجية الكبرى سلطة واسعة تتيح لها اتخاذ قرارات مصيرية بشأن المستقبل سيكون على حساب المصلحة العامة.
ويؤكد الخبير الاقتصادي البريطاني الأميركي، في مقابلة هاتفية مع وكالة فرانس برس، ضرورة أن يستفيد الأشخاص الأقل كفاءة من الذكاء الاصطناعي، مشددا على مخاطر أتمتة العمل، وهو أحد مواضيعه المفضلة إلى جانب العلاقة بين النظام الديمقراطي والازدهار الاقتصادي.
فاز سايمون جونسون بجائزة نوبل في الاقتصاد لعام 2024 إلى جانب الأميركي التركي دارون عجم أوغلو والبريطاني الأميركي جيمس روبنسون.
تتناول أبحاثكم العلاقة بين المؤسسات الديمقراطية والتقدم الاقتصادي، لكنّ قسما كبيرا من السكان بالدول الغربية يتجهون نحو الحركات الشعبوية لأنهم يشعرون أنهم مستبعدون من النمو. كيف تفسر ذلك؟كنت في فرنسا خلال الانتخابات الأخيرة ولست خبيرا في شؤون هذا البلد، ولكن بدا لي أن السكان حتى في المناطق المزدهرة يشعرون بخيبة أمل وإحباط، ولديهم شعور بأن الديمقراطية ليست مُطبّقة. والوضع نفسه سائد في الولايات المتحدة.
يمثل عدم القدرة على تحقيق نتائج في حياة الناس مشكلة، علينا حلّها من خلال إيجاد مزيد من الوظائف ذات الجودة، وهذا أمر أساسي: وظيفة تكون فيها إنتاجية الشخص أعلى، وراتبه أعلى، وظروف عمله وحياته أفضل مما كانت عليه في السابق وأفضل من ماضي والديه… إذا قدّم نظام ما وعودا في هذا الخصوص ولم يفِ بها، فأعتقد أن علينا توقّع خيبة أمل وردودا عكسية.
وللطريقة المُعتمدة في ابتكار التكنولوجيا وتطويرها ونشرها تأثير كبير على نوع الوظائف التي يتم إيجادها. وفي ما يتعلق بالذكاء الاصطناعي، هل سيؤدي إلى زيادة إنتاجية العمال الأقل كفاءة ورواتبهم، أم إنه سينتج أتمتة مفرطة ويتسبب في صرف العمال في المتاجر لاستبدالهم بماكينات أوتوماتيكية؟
مَن المستفيد من الذكاء الاصطناعي في هذا السياق؟ هل هم الموظفون الأكثر تعلّما؟لنكن صادقين، إنّ الذكاء الاصطناعي مفيد بشكل رئيسي لشركات التكنولوجيا الكبرى. ويُنظر إلى مَن يديرون هذه المجموعات على أنهم أبطال اليوم. ولكن أعتقد أنّ علينا أن نسأل أنفسنا ما إذا كان ينبغي لنا أن نعهد بهذا القدر من السلطة إلى عدد قليل من الأشخاص.
إن الرؤية التي تشكل التكنولوجيا حاسمة جدا. لقد تحدثنا إلى أعلى المسؤولين في الحكومة الأميركية وقلنا لهم لا تتركوا كبار الفاعلين في المجال التكنولوجي يسيطرون على ما تم ابتكاره وكيفية استخدامه، وتأثيره على الوظائف، لأن ما سنحصل عليه هو رؤيتهم للمستقبل، ليس لشعبنا ولا لمجتمعنا، بل لثرواتهم الخاصة.
هل هناك بالتالي حاجة إلى مزيد من القوانين الخاصة بالشركات التكنولوجية الكبرى؟
يعتمد النموذج الاقتصادي لـ"ميتا" (فيسبوك وإنستغرام) و"ألفابت" (الشركة الأم لـ"غوغل") وعدد قليل من الشركات الأخرى على الإعلان الرقمي، الذي يسترعي انتباه المستخدمين ويتلاعب بمشاعرهم.
إنه أمر ضار للصحة النفسية، وضار جدا بالأطفال، ومروّع للديمقراطية، لأنّ ما يريدونه هو جعلك غاضبا، وغاضب من الآخرين. علينا أن ندرك أنّ الإعلان الرقمي يشبه التبغ والوجبات غير الصحية.
أنا لا أقترح حظره، ولا أعتقد أن هذا سينجح، ولكن ينبغي فرض ضرائب مرتفعة عليه. نحن (مع دارون عاصم أوغلو) نقترح فرض ضريبة مرتفعة جدا على الإعلانات الرقمية التي تولّد نحو 200 مليار دولار من العائدات الإضافية للولايات المتحدة، وهو مبلغ كبير في المرحلة الحالية. (…) نقترح أن يخصص الكونغرس قسما من هذه الأموال للصحة الذهنية، بما في ذلك صحة الأطفال النفسية.
وبغض النظر عن ذلك، فإن دفع هذه الشركات إلى تغيير نموذجها الاقتصادي والاعتماد بشكل أقل على الإعلانات سيكون مفيدا للكثيرين، على أصعدة عدة وعلى صعيد الديمقراطية. علينا تغيير الوضع والعودة إلى البحث عن أرضية مشتركة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
“هيوماين” ومستقبل الذكاء الاصطناعي
يمثل الإعلان عن خطط “هيوماين” السعودية، التابعة لصندوق الاستثمارات العامة، بتدشين صندوق “Humain Ventures” برأس مالٍ جريء يُقدر بـ10 مليارات دولار، إلى جانب سعيها الحثيث لجذب كبار مستثمري التكنولوجيا الأميركيين، نقطة تحولٍ فارقة في مسيرة التحولات المؤسسية والرقمية الهائلة التي تشهدها المملكة العربية السعودية. هذه المبادرة ليست مجرد استثمار مالي ضخم، بل هي تجسيدٌ عميقٌ لرؤية استراتيجية طموحة تهدف إلى وضع المملكة في صدارة المشهد العالمي للذكاء الاصطناعي، وتحقيق مستهدفات رؤية 2030 بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والتقنية.إن جوهر استراتيجية “هيوماين” يكمن في بناء شراكات استراتيجية عميقة ومستدامة مع أبرز اللاعبين في قطاع التكنولوجيا العالمي. المحادثات الجارية مع شركات بحجم “OpenAI”، و”xAI” التابعة لإيلون ماسك، وشركة رأس المال الجريء العملاقة “Andreessen Horowitz”، لا تعكس طموحاً في الاستحواذ على حصص سوقية فحسب،
بل تُشير إلى رغبة المملكة في استقطاب المعرفة، الخبرة، والتقنيات المتقدمة إلى داخل نسيجها الاقتصادي. تُشكل الاتفاقيات الموقعة مع “إنفيديا” لتوريد رقائق GB300 المتطورة، ومع “AMD” لبناء بنية تحتية حاسوبية ضخمة بقدرة 500 ميغاواط، دليلاً واضحاً على الأولوية القصوى التي تُوليها المملكة لتأسيس بنية رقمية متقدمة تُعد حجر الزاوية لاقتصاد المعرفة. هذه الاستثمارات لا تضمن قدرة المملكة على تطوير حلول الذكاء الاصطناعي، بل تُشكل أيضاً مُحفزاً رئيسياً للابتكار في قطاعات متعددة.تتجاوز خطط “هيوماين” البعد التقني البحت لتُلامس جوهر الأهداف الاقتصادية والاجتماعية لرؤية 2030. التوقعات بأن تُثمر هذه الاتفاقيات عن توفير أكثر من 22 ألف وظيفة نوعية في المملكة، ومساهمة مباشرة بـ 24 مليار دولار في الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2030، تُبرز الأثر الاقتصادي الهائل لهذه المبادرات. هذا يُعزز من استدامة الاقتصاد الوطني وقدرته على مواجهة التقلبات المستقبلية. من خلال صندوق “Humain Ventures” الذي يستهدف شركات ناشئة عالمياً، تضمن المملكة ليس فقط عوائد مالية، بل أيضاً نقل الخبرات، جذب الكفاءات، وتوسيع شبكة علاقاتها في منظومة الابتكار العالمية. وهذا يُعزز من دورها كلاعب رئيسي في المشهد التقني الدولي.في الختام، ما تقوم به المملكة العربية السعودية، من خلال مبادرات “هيوماين” وشراكاتها واستثماراتها الضخمة في الذكاء الاصطناعي، يُعد مثالاً ساطعاً على كيفية تحويل الرؤى الطموحة إلى واقع ملموس. إنه رهان استراتيجي على المستقبل، يُمهد الطريق لتحقيق أهداف رؤية 2030 التنموية الشاملة.
د. بجاد بن خلف البديري – جريدة المدينة
إنضم لقناة النيلين على واتساب